12:00 ص - الخميس 22 ديسمبر 2011
ربما لا تخلو حياة أحد منا من بعض الأسرار التي نخفيها عن الآخرين، فهذه طبيعة بشرية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا نحتفظ دائما بتلك الأسرار ونخفيها عن الغير؟
أحيانا يخفي الناس ما لديهم من أسرار بنوايا حسنة وهي
- حتى لا يزعجوا الغير بمشكلاتهم.
- للانتقال من الماضي والاندماج مع الحاضر.
- لحماية الخصوصية لديهم.
قد يخفون أسرارهم خوفا
في أغلب الأحيان يكون الدافع وراء كتمان سر ما هو الخوف من رد فعل الغير ورفضهم للشخص إذا عرفوه على حقيقته؛ حيث يدور بين الشخص ونفسه هذه التساؤلات:
- فتقول الزوجة: هل سيظل زوجي متمسكاً بي إذا علم أنني كنت على علاقة بشخص قبله؟
- يقول الصديق: هل سيتجنبني أصدقائي إذا اكتشفوا أنني مريض بمرض معدٍ؟
- يقول الابن: هل سيصفح والداي عني إذا علما بالذنب الذي ارتكبته؟
- يقول مرتكب الجريمة: هل سيعفو القانون عني إذا كشفت جريمتي؟
يمكن أن تكون تلك الأسرار شيئاً ضاراً جداً، فمن يحمل عبئها يظل يعمل جاهدا لخلق صورة مزيفة عن نفسه أمام الغير، وهذا يترك أثرا سيئاً على صحته النفسية والاجتماعية.
إخفاء الأسرار بدافع الخجل
تلجأ الأسرة أحيانا إلى إخفاء مشكلات يعاني منها أحد أفرادها ليس خوفا أو بنية حسنة، بل خجلا من إظهارها أمام الغير معتقدة أن مثل هذه الموضوعات شيء مشين يسيء بسمعة من يعاني منه، ومنها:
- وجود شخص بالعائلة يعاني من الإدمان.
- مصاب بمرض نفسي.
- مصاب بإعاقة.
الآثار السلبية لكتمان الأسرار
- يصيب الشخص بحالة من الصمت.
- الشعور بالقلق الدائم.
- توجيه اللوم للنفس.
- الوقوع في شرك الشبهة.
- عدم تكوين علاقة قوية مع أحد خوفا من التقرب حتى لا ينكشف سره.
- خلل في علاقة الفرد بأسرته وبالمحيطين به.
إخفاء الحقيقة أو تقليصها عمل مدمر للذات
الصمت وإخفاء الحقائق يفقدنا تعاطف الآخرين معنا، لأننا عندما نخفيها نمنع الغير من التعرف على ملابساتها، فقد يكون السر نتيجة لشيء خارج عن إرادتنا مما يجعل الغير يساندوننا ويبحثون معنا عن حل.
فمثلا إذا كانت الأم تعاني من سرطان الثدي ولا تخفي ذلك، ستحصل من المحيطين بها على الرعاية والاهتمام الكبيرين ومراقبة ما تحتاج إليه من أشياء مادية ودعم معنوى ونفسي مما يمنحها القوة والصبر على مرضها، لكنها إن أخفت هذه الحقيقة ستفقد كل ما سبق وتتدهور حالتها وقد تموت فجأة حينها سيغضب من كانوا حولها غضباً شديداً منها ومن أنفسهم وتظل هذه الذكرى نقطة سوداء تؤلمهم طوال حياتهم إحساسا منهم بالذنب على ما فرطوا في حق أمهم.
إخفاء الحقيقة يؤدي إلى مضاعفة المسئولية والقلق لكل أفراد العائلة
فإذا كانت هناك فتاة على سبيل المثال لديها والدان يعانيان من الإدمان، فمن الطبيعي أنها ستساعدهما على إخفاء هذه المشكلة عن الغير، ويتضمن ذلك إنقاذها من عواقب ما تفعل من سلوك.
الحقيقة أنه لا يمكن لفرد واحد من أفراد العائلة أن يمحو أو يخفي المشكلات عن الغير، فعندما ينمو الأولاد ولديهم هذا الشعور بالمسئولية يميلون إلى تكرار هذا النمط في علاقاتهم المستقبلية، حيث يحاولون التغيير أو إنقاذ شركائهم من الانخراط في سلوك مؤذ لكل منهم ولعلاقتهم ببعضهم البعض.
تقودنا الأسرار العائلية إلى التساؤل حول مشاعرنا مما يؤدي إلى حالة من انعدام الأمن الذي قد يسيطر علينا لعصور
عندما ينشأ الفرد داخل بيئة يقال له من ناحية أن مشكلة شخص ما لا تتطلب الاهتمام، بينما من ناحية أخرى يطلب منه أن يبذل قصارى جهده لمساعدة شخص آخر، ويقوده ذلك إلى حالة من التناقض والتشويش حيث يتساءل لماذا أفرق بين مشكلة ومشكلة أخرى وبين شخص وشخص آخر؟ أليس علينا مساعدة الجميع والاهتمام بهم أو التصرف السلبي مع الجميع؟
وهذا يسبب حالة من عدم الشعور بالأمان من أن يواجه نفس الفرد مشكلة ذات يوم ولا يدرك حينها هل سينظر الناس إلى مشكلته بعين الاهتمام أم سيتركونه يعاني وحيدا دون أن يمدوا له يد العون لأنها أصبحت وجهات نظر.
كيف تتعافى من أسرار ماضيك؟
بالرغم من أهمية اكتشاف طرق للتحرر من أسرارك العائلية، عليك الحذر لأنها قد تنطوي على مخاطر معينة، فمثلا لا يجب على الزوجة أن تخبر زوجها بسرها إذا كانت متأكدة أن كشف السر سيؤدي إلى أذى نفسي أو عاطفي له أو لها.
إذا كانت الفرصة مازالت سانحة تحدث إلى والديك
الوالدان هما مصدر الحنان والدفء، لذا حاول التحدث إليهم بما يقلق مشاعرك من أسرار تكتمها حتى يبحثا معك عن الحل أو على الأقل قد قمت بتقسيم الحمل على جبهتين وهذا عمل صحي.
معرفة أن رد فعلك نحو أسرارك العائلية شيء مفهوم
من الصحي أن تقوم بعمل تواصل بين ما تشعر به من قلق وما تواجه من صعوبات في علاقة حميمة تمر بها كشخص بالغ لتنمو في أسرة تأوي الأسرار، ومن أحد أفضل الطرق للقيام بذلك التحدث مع الأصدقاء الذين نشأوا في أسر مثل أسرتك، وستعلم حينها أن صمتهم نتج عن مشكلات مشابهة، وهذا يساعدكم في التعاون معا على حل تلك المشكلات التي عانيت منها في ماضيك.