أهلاً بعودة الماضي .. الحواجب الكثيفة تعود إلى عرش الموضة

بين الماضي السحيق والحاجة إلى المساحيق .. الحواجب الكثيفة هي المطلوبة حاليا
بين الماضي السحيق والحاجة إلى المساحيق .. الحواجب الكثيفة هي المطلوبة حاليا

إذا كانت الموضة تعكس الحالة الاقتصادية ، وتعتبر أن طول الفساتين يزيد قصرا كلما انتعشت الأوضاع وطولا كلما عمت حالة من التقشف ، فإن الحواجب أيضًا يمكن أن تكون قراءة للاقتصاد .. فهي الأخرى تصبح رفيعة في أوقات العز وكثيفة في أوقات عدم الثقة.


إنه العهد الإليزابيثي الأول ، مثلا غابت الحواجب ومحيت تقريبا كذلك في العشرينات من القرن الماضي ، بينما أصبحت رفيعة جدا ، فيما زادت كثافتها في الثمانينات والوقت الحالي.

والملاحظ أنه منذ أن بدأ الإنسان الصيد وهو يصنع أدوات تارة من عظام الحيوانات وتارة أخرى من أخشاب الأغصان ، ليس لحماية نفسه من عوامل الطبيعة القاسية والمخاطر التي تحيط بها فحسب ، بل أيضا بحثا عما يجمله ويزينه.

وكان الشعر ولا يزال على رأس أولوياته على مر الأزمنة والحضارات. فمرة يتخلص منه نهائيا ومرة ​​يطوله ويخاف عليه وكأنه شمشون يمكن أن يفقد قوته وسطوته في حال ما فقد خصلة من خصلاته. ولم يقتصر اهتمامه هنا على شعر الرأس ، بل امتد إلى الحواجب.

فالعديد من رسومات المصريين القدامى تشير إلى أنهم كانوا يحلقون شعر الرأس والحواجب تماما ليعيدوا رسمها من جديد بالأصباغ.

نفس الأمر كان متبعا في اليابان ، أما في العهد البيزنطي ، فكان العكس صحيحا ، حيث تم رسم حاجب إضافي أسفل الحاجب ، بينما كان الأصلي يشذب ليصبح رفيعا حتى لا يغطي على المرسوم أو يتضارب معه.

وظل الاهتمام مشتعلا في العهد الإليزابيثي الأول ، ولم تخفت موضة حلق الشعر ، بل انتقلت عدواها إلى نساء البلاط. فقد كن يقلدن إطلالة الملكة إليزابيث بحلقهن شعر رأسهن من الأمام للحصول على جبهة عالية ، بينما كنت تتخلص من حواجبهن إما بحلقها وإما بصبغها بلون أشقر قريب من لون بشرتهن ، وإما بإخفائها باستعمال بودرة بيضاء.

فالجمال في تلك الحقبة كان يتطلب هذه الطقوس الجمالية ، التي تبدو غريبة في حقب أخرى ، منها العصر الباروكي ، الذي جاء ليحتفل بكل ما هو لافت وكبير.

وكان من الطبيعي أن يشجع على عودة موضة الحواجب الكثيفة ، مما يجعل العديد من النساء ، اللواتي سبق أن تخلصن من حواجبهن بحماس كبير ، في مأزق.

فشعر الحواجب لا ينمو بسرعة في أحسن الحالات ، ولا ينمو إطلاقا في أسوئها ، ولم يجد هؤلاء حلا سوى اللجوء إلى جلد الفئران واستعماله كحواجب اصطناعية.

لكن هل أوقف الأمر الأجيال الأخرى على الانتباه إلى نزوات الموضة وتغيراتها التي يمكن أن تجعلهن يلجأن إلى الفئران ؟! أبدا.

فموضة الحواجب لا تزال تتذبذب بين الرفيع والكثيف من فترة إلى أخرى ، بغض النظر عما إذا تسببت من مشاكل على المدى البعيد.

إنه العشرينات من القرن الماضي ، مثلا ، كانت الحواجب الرفيعة هي المطلوبة ، على غرار حواجب غريتا غاربو ومارلين ديتريش وغيرهما من نجمات السينما الصامتة ، وتميزت في الثلاثينات بحواجب مرسومة بشكل مقوس مسحوب إلى أعلى من الجوانب.

وفي الأربعينات ، وتحديدا بعد 1947 ، تاقت المرأة إلى استرجاع أنوثتها بعد سنوات الحرب العالمية وتقشفها. وتزامنت هذه الرغبة بإطلاق «كريستيان ديور» موضة «ذي نيو لوك» الأنثوي ، الذي يفتح الباب أمام شكل جديد للحواجب.

فقد تميزت بكثافتها عند بداية العين لتعلو عند منتصفها وتصبح رفيعة في آخرها وهو المظهر الذي تبنته نجمات مثل إليزابيث تايلور ، بمساعدةري هيبورن ، وغيرهما.

في السبعينات ، انتشرت موضة الروك آند رول التي ترافقت مع ظهور موضة الأحذية «البلاتفورم» العالية وفساتين الجيرسيه الضيقة وألوان النيون.

وتلتها موضة الثمانينات التي شهدت منافسة للمرأة للرجل في مجالات العمل ، وتمثلت في ظهور التايور العالي الأكتاف والشعر المنفوخ والحواجب الكثيفة.

ولم تختف هذه الموضة في التسعينات ، لكنها أخذت منحى جديد على يد بعض العارضات مثل كريستين ماكمينامي ، التي ارتأت أن تحلق النصف الخارجي من الحواجب للتميز عن العارضات الأخريات ، وكان لها ما أرادت ، إذ اشتهرت أكثر بعد ذلك.

وفي بداية الألفية ، وإثر نصيحة من كارين روتفيلد ، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» الفرنسية ، صبغت العارضة لارا ستون حواجبها باللون الأصفر البلاتيني الباهت لتحقق ضربتها وتلفت الانتباه أنهم.

وهو نفس المظهر الذي تبنته خبيرة الماكياج العالمية بات ماغراث في عرض كل من «بالنسياجا» و «برادا» في عام 2009 و «جيفنشي» في عام 2010 ، لكن من الصعب القول إن ما يناسب خشبات المسرح يناسب أرض الواقع.

فالمرأة العادية تريد أن تعزز جمالها لا أن تثير جدلا ، والموضة الحالية التي تحتفل بالحواجب العريضة مرحب بها من قبل معظم النساء اللواتي بالغين في نزع شعيراتها ، لسبب واضح لا علاقة له بجمالها ، بل فقط أصبح شبه مستحيل بالنسبة إليهن تنميتها مرة أخرى.

في هذه الحالة ، فإن تقنية الماكياج الدائم «التاتو» هي الحل على أن تتم معالجتها بخبرة متمكنة لتكون ترسمها بشكل جيد وبطريقة عصرية خفيفة تبدو وكأنها شعيرات صغيرة وليس مجرد خط كثيف. الحل الآخر هو قلم التحديد ، لكنه يحتاج إلى خبرة وصبر بشكل يومي.

همسة:

- إذا كنت تستعملين قلم التحديد أو البودرة وغيرها لرسم الحواجب وملئها ، فإن القاعدة هي اختيار بدرجة واحدة أقل من لون الشعر إذا كان هذا الأخير بنيا ، وبدرجة أغمق إذا كان أشقر.