الديكورات الشرقية .. تعود لأن الجيل الجديد يحن إلى ماضيه
بينما يراه البعض ترفا، يراه البعض الآخر العتبة الأساس للحصول على شخصية مميزة للبيت، بعد أن كاد يضيع بين «التقاليع» الغربية والطرز الحديثة.
هذا هو الديكور الشرقي الذي عرف انتعاشا في السنوات الأخيرة، كون الجيل الجديد يحن إلى ماضيه المجيد، والغرب يعشقه ويتفنن فيه إلى حد أن البعض يعيد الفضل في انتعاشه إليهم.
المشكلة التي كانت تعوق انتشار هذا الطراز اعتقاد البعض أنه لا يتناسب مع الطراز العصري، وبالتالي يفضلون الاستغناء عنه، لكن هذا الاعتقاد تغير، حسبما تقول المهندسة، عبير علي، مصممة ديكور وباحثة في مجال العمارة والفنون.
وتضيف أن «منازلنا أصبحت متجردة من هويتنا وتراثنا الشرقي الأصيل في مفهومه، أي ليس بتقليد الماضي أو النقل الصريح لعمارته وتخطيطه أو تبسيط عناصره، ولكن بإحياء روحه وفلسفته إما عن طريق الاختزال الفني لخصائصه المعمارية، أو عن طريق تطبيق مقوماته في الإنشاء والتصميم والتخطيط بما يتناسب مع الحاضر والمستقبل. فالعمارة والديكورات الشرقية تمثل حالة من الانتماء للجذور».
جدير بالذكر أن عبير تعودت أن تضيف لمسات شرقية إلى معظم أعمالها، بغض النظر عن الطراز المستخدم لباقي الديكورات. وتؤكد أن التصميم ليس مجرد حل جمالي، بل هو حل اجتماعي داخل البيت.
ففي التصميم الداخلي الجمال وحده لا يكفي ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار بكل من التراث والبيئة والسمة الفردية والجماعية التي تجمع بين الأصالة والتجديد والمعاصرة.
وتصر على أن البيت الشرقي ليس مجرد شكل أو مجموعة عناصر معمارية وزخارف فقط، ولكنه حالة وجدانية ونمط حياة، لهذا قبل أن نختار تصميم البيت يجب أن نعرف جيدا ما هو العالم الذي ينتمي إليه هذا التصميم، هل يشبه عالمنا الداخلي ويعبر عن هويتنا الشخصية وما نؤمن به من معتقدات وعادات وتقاليد أم لا.
وتتابع: «مهمة المصممين اليوم أن ينهلوا من التراث بحثا أن العناصر التي يمكن الاستعانة بها، والتي تخدم وظيفيا حاجة ملحة تفتقر إليها منازلنا، كما أن عليهم دراسة مختلف التقنيات التي تمكنهم من تطويع هذه العناصر لصالح واقعنا».
كل شيء في الحياة تطور، وما كان يناسبنا في الماضي قد لا يلائم بيوتنا في الوقت الحاضر، ولذلك نحاول أن نجمع بين القديم والحديث مع الالتزام بالأصول والروح العربية الشرقية.
المهم هنا هو الفكر الذي يوظف هذه الخامات الحديثة ويدمجها داخل الحالة الروحية للتصميم الشرقي، فالفكر التصميمي هو الذي يحدد عناصر الجمال فيه، علما بأنه يمكن أن نضيف إلى البيت قطعة أثاث حديثة بسيطة، مع مراعاة التجريد والبساطة في تصميمها.
فالتجريد رافد أساسي في التصميم الإسلامي الشرقي، وليس بالضرورة أن تكون القطع مطعمة بالصدف أو مليئة بالزخرفة، بل على العكس يمكن تجنب كل هذا.
وتؤكد عبير أهمية الإضاءة التي يمكن اختيارها بوحدات عربية التصميم شرقية الملامح ذات خطوط لخلق الترابط بين العصري والأصيل، كأن تكون مصنوعة من النحاس أو الزجاج الملون، وأن تكون باللون الأصفر وليس الأبيض، سواء كانت إضاءة مباشرة أو غير مباشرة لتناسب سحر التراث الشرقي العربي الجميل.
وأيضا الوسائد يمكن إضافتها بلون مناسب وتكون موتيفاتها ذات طابع شرقي، كما يمكن استخدام الإكسسوار والأقمشة ذات الزخارف العربية من الأحجار الكريمة بألوانها الثرية.
وتنتقد الفنانة التشكيلية عزة الصبروتي، صاحبة غاليري «ما شاء الله» بالإسكندرية، غياب اللمسات العربية عن أغلب البيوت العصرية. وتزيد حدة انتقادها بالنسبة للستائر وقطع الأثاث التي أصبحت في تقديرها نسخا مشوهة من الذوق الغربي. تعلق: «إذا ذهبنا إلى الصين أو إلى إيران فستغمرنا بيوتهم بهويتهم وتراثهم بشكل واضح وصريح، الأمر الذي لا نراه كثيرا في بيوتنا».
وتؤكد عزة ضرورة أن يرتبط ديكور المنزل وتصميمه بالبيئة المحيطة به، فمثلا «الكليم» قطعة فنية غاية في البساطة تلائم البيئة العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص، فهو لا يتسبب في التلوث ولا في رفع درجة حرارة المنزل بعكس السجاد الذي يسهم في تراكم الأتربة في المنزل.
وترى أيضا أن الديكورات الشرقية عموما مرنة ويسهل تطويعها، بحكم أنها غنية بالألوان.
وتشير إلى ميزة مهمة في اختيار ديكور البيت على الطراز الشرقي والعربي وهي أنه يمكن تصميم واختيار كل قطعة على حدة، في حين لا توجد هذه الميزة عند اختيار الأثاث على الطراز الأوروبي، حيث يجب اختيار أثاث الحجرة بالكامل دفعة واحدة.
من أبرز الموتيفات المستخدمة في قطع الأثاث ذات الطراز العربي السمكة المحورة المستوحاة من الفن الإسلامي، والأشكال والخطوط المتشابكة من العصر المملوكي، وزهرة اللوتس التي كانت تنقش على جدران المعابد الفرعونية، والمثلث بأشكاله الذي يميز البيوت النوبية المصرية.
ويمكن أيضا الاستعانة بإكسسوارات مثل السبح القديمة، والأحجار الكريمة، والأقراط المصرية ومنحوتات الغزلان والخيول والجمال والطيور، التي يتم تعليقها أو وضعها لتضيف أجواء عربية أصيلة.
وتشير إلى أن التصميم الشرقي الأنيق لا يعتمد على الترف والإسراف في الزينة بل على معادلة خاصة قوامها التناسق والموازنة والتناسب بين العناصر المختارة من أثاث وتحف ومواد طبيعية وأقمشة وألوان ومن خلال تناغمها، تقدم المطلوب وتولد ذلك البعد الأنيق والمريح للمكان بلمسة بسيطة وخطوط سلسة وهادئة.