«غرفة جراحة هجينة» بتقنيات متقدمة تجري عدة عمليات جراحية في آن واحد
12:00 م - الثلاثاء 17 أبريل 2012
تظهر مشاكل القلب عادة دفعة واحدة: فها هي الشرايين تأخذ بالانسداد، وها هو صمام القلب يتعطل بشكل ما، وقد يضطرب إيقاع دقات القلب. وهكذا فإن بعض الأشخاص قد لا يحتاجون إلى الخضوع إلى نوع واحد من العلاج، بل إلى الخضوع إلى اثنين أو أكثر من أنواع العلاج.
قبل عدة سنوات فقط، كان ينبغي للمرضى المعانين من عدة مشاكل قلبية الخضوع إلى عمليات قلب متعددة يجريها اختصاصيون يعملون في مواقع مختلفة من نفس المستشفى، ففي مختبر القسطرة مثلا يقوم طبيب القلب المختص بإدخال دعامة للشرايين لفتح وتوسيع واحد منها، بينما يقوم طبيب جراح آخر في وقت لاحق بانتزاع صمام القلب، أو علاجه.
وقد تمتد لساعات، الفترة ما بين الانتقال من وسط معقم تماما إلى وسط آخر غير معقم، ثم بالعكس. وفي بعض الأحيان قد تتطلب هاتان العمليتان زيارتين منفصلتين إلى المستشفى.
غرفة عمليات متطورة
ويبدو أن هذا المنطلق المجزأ آخذ في التغير وذلك بفضل الابتكارات الحديثة في تصاميم المستشفيات. وبدأ ذلك بتصميم «غرفة العمليات الجراحية الهجينة» hybrid operating room، التي توضع فيها جميع المعدات الأجهزة الطبية المطلوبة للتصوير والمسح التشخيصي، ولإجراء العمليات التي لا تحتاج إلا لتدخل جراحي ضئيل، والعمليات الجراحية التقليدية، فإن هذه الغرف تسمح لأطباء القلب وإخصائيي الفسلجة الكهربائية، والإخصائيين الآخرين العمل معا في نفس الحيز أو الموقع الطبي.
ومع تزايد ظاهرة انتقال الاختصاصيين نحو المرضى، فإن هذه الردهات المصممة وفق تقنيات متقدمة تسمح للأطباء بعلاج المصابين بأمراض خطيرة وتوسيع خيارات العلاج المتاحة للعناية الطبية.
وتتوافر «غرفة العمليات الجراحية الهجينة» حاليا في المراكز الطبية الأكاديمية بالدرجة الرئيسية، إلا أن هناك توجها لنشرها في المراكز الأخرى.
ويقول الدكتور بيتر زايمتباوم، مدير قسم الطب الإكلينيكي في مركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي التابع لجامعة هارفارد وعضو هيئة تحرير «رسالة القلب»، إن «بعض العمليات التي كانت تتطلب في الماضي إجراء شق كبير، إضافة إلى فترات طويلة من التخدير يمكن إجراؤها الآن بوسائل تدخل جراحي طفيف لأن غرف العمليات أصبحت مجهزة بالمعدات التي نحتاجها للتحول نحو إجراء أي عملية جراحية تتطلب الحاجة تنفيذها».
أما الدكتور أرفيند أغنيهوتري، الجراح في القلب في مستشفى ماساتشوستس العمومي التابع لجامعة هارفارد، فيعتقد وجود مزايا إضافية، إذ إن «غرفة العمليات الجراحية الهجينة» تسمح لنا بأن نذهب ونرجع عائدين بين عملية للقلب المفتوح وعمليات جراحية تعتمد على متابعة الطبيب لصور إجرائها»، أي تلك العمليات التي يجري فيها رؤية القلب من الداخل بتوظيف سلك مرن يسمى القسطرة التي توضع داخل الأوعية الدموية.
ولكي نتمكن من تصور ما تعنيه «غرفة العمليات الجراحية الهجينة» هذه، لشخص ما يحتاج للخضوع لعدة عمليات في القلب، تخيل بعض العمليات التالية التي تجرى هناك:
- الدعامة/ الصمام
يذهب رجل ما إلى المستشفى لأنه يعاني آلاما في الصدر. ويكتشف الأطباء أنه يعاني في نفس الوقت انسدادا جزئيا في شريان تاجي، ومن تضيق الصمام الأورطي aortic valve stenosis. وفي «غرفة العمليات الجراحية الهجينة»، يقوم طبيب القلب بإدخال دعامة للشرايين بهدف استعادة تدفق الدم في الشريان المسدود. ثم وبعد ذلك يقوم جراح القلب فورا بوضع صمام بديل للصمام المتضرر.
- جراحة متعددة للأوعية
تذهب امرأة إلى المستشفى وهي تعاني انسدادا جزئيا في أحد الشرايين التاجية وانسدادا كليا في شريان تاجي آخر. وفي هذه الحالة، يتم العمل وفق توليفة من المنطلقات لإعادة تدفق الدم نحو عضلة القلب. ويقوم طبيب القلب بإدخال دعامة للشرايين داخل الشريان التاجي لفتحه، ثم يقوم جراح القلب بصنع مجاز مواز للشريان المسدود لكي يتم تدفق الدم عبر الوعاء الجديد.
- عمليات التدخل الجراحي الضئيل
الكثير من الناس يشكون من مشاكل تتطلب جراحة تقليدية. إلا أنه يمكن اليوم إجراء عمليات بديلة هي عمليات التدخل الجراحي الضئيل.
وأحد الأمثلة هنا هو استبدال الصمام الذي يجرى الآن بهذه العمليات، بل وحتى من دون عمليات بل بطريقة مماثلة لطريقة إزالة تضيق الشرايين (وهذه الطريقة التي تسمى استبدال الصمام بواسطة القسطرة transcatheter valve replacement لا تزال تجريبية وهي لا تزال في طور التقييم، كما أن نتائجها لم تتوافر حتى الآن). وتتطلب طريقة التدخل الجراحي الضئيل نظما ومعدات فائقة للتصوير والمسح الرقمي التي تتوافر في «غرفة العمليات الجراحية الهجينة».
- الخفقان
إن أحد المنطلقات لعلاج عدم انتظام دقات القلب هو عملية القطع بالقسطرة catheter ablation. وهذا ما يتطلب إدخال قسطرة إلى القلب يركب على رأسها مصدر للطاقة.
وتوجه القسطرة بحيث تدمر (تقطع) المواقع التي تصدر منها تلك النبضات التي تتسبب في حدوث عدم الانتظام في إيقاع القلب. وعلى الرغم من أن هذه العملية هي طريقة تدخل جراحي ضئيل، فإنها قد تتسبب أحيانا في انخفاض ضغط الدم بشكل خطير، الأمر الذي يتطلب دعما مؤقتا من أجهزة تنظيم الدورة الدموية.
ويقول الدكتور كمال خباز، رئيس جراحة القلب في مركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي التابع للجامعة هارفارد، إن «أغلب العمليات داخل (غرفة العمليات الجراحية الهجينة) تكون مهيأة لخدمة أي حالة مرضية).
ويضيف: «في جراحة القلب الهجينة، تتوحد منطلقات متعاونة تقود إلى خفض خطر المضاعفات وتقلل فترة النقاهة وتحسن من النتائج».
ولكن، ولكي نقيم النتائج الخاصة بالطرق الهجينة، فإن هناك حاجة لإجراء أبحاث حولها. وكما هو الحال مع أي عملية جراحية كبيرة، فإن المرضى قد لا يكونون مهيئين للخضوع لمثل هذه العمليات الهجينة دفعة واحدة. ولذا، فإن عليهم استشارة أطبائهم قبل ذلك.