حصى المسالك البولية .. وعلاقتها بنمط الحياة العصرية
12:00 م - الأربعاء 9 نوفمبر 2011
لم ينعكس نمط الحياة المعاصرة؛ عصر الوجبات السريعة والتغذية غير المبرمجة وقلة الحركة، في ظاهرة انتشار البدانة التي امتدت من الكبار إلى الأطفال والأجنة، وإنما انعكس أيضا بشكل كريستالات تتجمع في المسالك البولية للبشر وتتحول إلى حصى.
هذا ما رصده في الأقل الكثير من الأطباء المختصين بالمسالك البولية في ألمانيا وأثبتوه من خلال دراساتهم وإحصائياتهم، فحياة الرفاهية المعاصرة في البلدان الغربية حولت المسالك البولية للألمان إلى «مصانع» حصى صغيرة، قد تظهر أعراضها في الحال، أو تتأخر لأشهر أو سنوات وتبقى صامتة، لتتسبب لاحقا بآلام لا يمكن للمريض أن ينساها بسهولة.
حصى المسالك البولية
البروفسور توماس كنول، رئيس قسم الحصى في نقابة أطباء المسالك البولية الألمان، وصف تفاقم ظاهرة حصى المسالك البولية بأنها «متلازمة حياة الرفاهية». وقال كنول، أمام مؤتمر أطباء المسالك البولية الألمان ببريين، إنه من المتعذر تبرئة حياة الرفاهية المعاصرة من ظاهرة الحصى المتفشية في البلدان الصناعية.
وأضاف كنول أن 10 في المائة من المرضى زوار عيادات الأطباء والمستشفيات هم من المعانين من حصى المجاري البولية. وهناك نسبة 33 في المائة من مرضى عيادات المسالك البولية ممن شكوا مرة واحدة في حياتهم على الأقل من ظاهرة الحصى، سواء كانت في الكليتين أو المثانة.
ومن يعيش ألم نزول الحصى الصغيرة عبر الحالب سيتمنى لو أنه اعتنى أكثر بتغذيته وعاداتها. وعادة ما تقول النسوة المعانيات من حصى الحالب إن ألم نزول الحصى أعظم من ألم نزول الطفل (المخاض).
وإذا كانت الحصى تصيب البشر سابقا في عمر يزيد على الخمسين، فإن حصى القرن الـ21 تتكون في مرحلة المراهقة، مع صعود ظاهر في نسبة الحصى بين الأطفال أيضا، وخصوصا بين البدينين منهم.
تشكل حصى أوكزالات الكالسيوم بين 70 و75 في المائة من مجموع الحصى التي تصيب المسالك البولية، تليها حصى الفوسفات بنسبة 10 في المائة والحصى المتكونة من بقية المواد بنسب أقل.
وتنشأ معظم هذه الحصى بسبب اضطراب آلية التخلص من البول ومحتوياته عبر المسالك البولية، لكن نسبة غير صغيرة تنشأ عن اضطراب الاستقلاب (التمثيل الغذائي) في الأمعاء الدقيقة وبسبب عمليات أخرى أكثر تعقيدا مثل التهابات المسالك البولية والعوامل الوراثية وغيرها.
غذاء صحي
توماس هيرمان، الأستاذ في جامعة هانوفر، والمتخصص في العمليات الصغرى في المسالك البولية، يتفق مع زميله كنول في تفسير ظاهرة زيادة مرضى الحصى بالعلاقة مع الحياة المعاصرة.
ويرى هيرمان أن نشوء الحصى يعتمد على التغذية، وخصوصا كثرة الشحوم واللحوم الحيوانية والتغذية غير المبرمجة. ويرى ترابطا مهما بين البدانة ونشوء الحصى، وخصوصا بين المرضى الذين يشي تاريخ حياتهم الصحية بوجود ميل وراثي في العائلة للإصابة بحصى المسالك البولية.
وحسب رأيه فإن الدليل الدامغ على هذه العلاقة، واستنادا على تجربته الطبية، هو أن بإمكانية الطبيب تخليص المريض من الحصى الصغيرة عن طريق خفض وزنه، وزيادة حركته، ومنحه بعض الأدوية التي توسع مجاري البول.
بمعنى التخلص من الحصى عن طريق توفير نفس الشروط التي أدى نقصها إلى نشوء هذه الحصى. ومثل هذه الممارسة الطبية معروفة منذ عقود، وخصوصا تقنين الأكل، وحذف المواد التي تحتوي على أوكزالات الكالسيوم والفوسفات منه.
وينصح كنول كل ألماني بشطب اللحوم مرتين في الأسبوع من قائمة الطعام، والإكثار من تناول الخضراوات والفواكه. كما ينصح بشرب الكثير من الماء، وخصوصا في الصيف، محذرا في ذات الوقت من تعاطي الكحول بدعوى التعويض عن الماء. وقال إن الكحول يعقد الموضوع لأنه يتدخل في عملية استقلاب المواد وقد يبعث الاضطراب في عملية الهضم في الأمعاء الدقيقة.
وتجري في ألمانيا سنويا 1.2 عملية صغيرة وكبيرة لإخراج الحصى من المسالك البولية، لكن 80 في المائة من الحصى الصغيرة تخرج بشكل طبيعي مع البول، أو بمساعدة الأدوية.
وعلى الإنسان هنا، أي بعد العملية أو بعد التخلص من الحصى الأولى، أن يلتزم ببرنامج تغذية وحركة وشرب ماء معين، وإلا فإن الحصى ستعاود الظهور مجددا. ويقول البروفسور كنول إن 50 في المائة ممن لا يلتزمون بالبرامج بعد الحصوة الأولى، يعانون التجربة مرة واحدة، و25 في المائة منهم يعانون تجربة عودة الحصى مرتين.
باختصار فإن أهم عوامل تجنب الإصابة بحصى المسالك البولية هي التغذية السليمة والحركة وشرب الماء، وهي نفس شروط عدم تكرار الإصابة بالحالة.