نصائح لإتقان مهارات الاستماع إلى الآخرين

الاستماع مهارة ذات تأثير قوي وفعال على من حولنا، فهو بمثابة تيار فكري يوصل فكر وعقل شخص إلى شخص آخر.


وبالاستماع يتفهم كل منا الآخر، ونحل مشكلاتنا، وينتشر الاحترام بين البشر، وتندمج مبادئنا ومعتقداتنا، لذلك علينا الاهتمام الواعي بهذه المهارة وتعلم الطرق الصحيحة لإتقانها وتأديتها على أكمل وجه.
 
عزيزي القاريء عليك الاعتراف بأنك تحاول قراءة المقالات التي تمنحك نصائحا معينة لتستمع إلى الغير بشكل أفضل. وربما التحقت بدورة تدريبية تهدف من خلالها لوضع أساسات هذه المهارة وتأديتها بحامس حتى تصبح شيئا مثمرا بالنسبة لك ولغيرك.
 
نقوم بكل هذه المحاولات حتى لا نكون من الأشخاص الذين يقاطعون غيرهم ويتعدون على حريتهم الحوارية أو يحكمون عليهم بطريقة غير حيادية بسبب عدم قدرتهم على الاستماع المتأني.
 
والمشكلة التي تواجهنا هي عدم إدراكنا ما علينا عمله حتى نستمع بشكل أفضل، وربما لا تؤدي الدورات التي تعلمناها ما نهدف إليه ولا تحقق شيئا يذكر، لكن لا تلقي باللوم على نفسك فإذا لم تقدر على إتقان الاستماع فهذا ليس خطأك وحدك.
 
هناك ثلاثة أشياء تمنعنا من أن نكون مستمعين جيدين أو غير قادرين على قيادة متطلبات الوصول إلى جودة الاستماع، ونفتقد إلى تمييز الاستماع حيث يعود هذا إلى اختلافنا تجاه مثيراتنا العاطفية وتنقية مواقفنا بخصوص الاستماع بوجه عام، وبراعتنا في البقاء على اتصال بكليهما.
 
وينصحنا الخبراء دائما في كثير من المقالات والدورات التدريبية التي نتناولها ما يفوق أهمية على الاختلاف الذي يعتمد على انفعالاتنا الداخلية ومحاولتنا لتنقية الكلام الذي نستمع إليه وهو أن نكون أكثر انفتاحا، لانقاطع أحدا ونشجع الآخرين على التحدث وغيرها من النصائح.
 
ومن الاقتراحات الخاصة بمهارة الاستماع عدم الحكم على من يتحدث، حيث يعتقدون أننا إذا لم نحكم على غيرنا سنصبح مستمعين جيدين لكن هل هذا صحيح؟! الكثير والكثير من المعتقدات والنصائح التي تصيبنا بالارتباك والتشوش مما يؤثر على قدرتنا الاستماعية.
 
وحتى يصبح الاستماع شيء هادف ومثمر وتصبح هناك لغة حوار فعال بين المتحدث والمستمع هيا بنا نتعرف على الطرق العلمية والعملية لإتقان هذه المهارة الهامة:
 
خصص وقتا لنفسك من أجل التركيز:
إذا كنت تشعر أنك مشغول أو مشوش، خذ نفسا عميقا عدة مرات، حتى تصفي ذهنك ويتضح أمامك كل شيء ومنها تصل إلى التركيز بشكل كامل ويصبح ذهنك حاضرا خلال الحوار، ويمكن أن تقول هذه العبارة بصوت مرتفع: "أنا الآن مركز جدا".
 
لا تعدد المهام التي تقوم بها في وقت واحد:
اعلم أن عقلك لا يمكنه التركيز التام على شيء واحد بينما تفكر في أو تفعل شيئا آخر، فإذا كنت بمكتبك لا تقم بعمل مسح شامل على محتويات مالديك من أعمال، وقم بمراجعة قائمة المهام التي يجب عليك القيام بها ولا تجيب أبدا على الهاتف إلا إذا كنت تتوقع مكالمة عاجلة مع إعلام الشخص أنك مشغول، كما أن السماح بوجود أشياء دخيلة تؤكد أنك غير منظم الأفكار وغير مستعد وليس لديك ارتباط بما تسمع.
 
اجعل عيونك متصلة بعيون من تسمع بشكل منتبه يتمتع بالاسترخاء:
تركيز عيونك على من تتحدث إليه يشعره باهتمامك به بينما يشير عدم التواصل بالعين عكس ذلك، فالنظر بعيدا أو كسر هذا النوع من التواصل يشعر من يتحدث بعدم الارتياح.
 
بالنسبة للمحادثات التي تجرى على الهاتف، حاول إغماض عينيك عندما لا تكون مضطرا إلى تدوين ملاحظات، وبهذا سوف تندهش من مهاراتك السماعية بدون التعرض للمشوشات المرئية التي تشتت انتباهك بعيدا.
 
كبح رغبتك في التحدث:
دع من يتحدث ينهي كلامه أولا قبل أن تقوم بالرد عليه، وهذا بواسطة التوقف لمدة ثلاث ثوان حتى تتأكد أن المتحدث قد أنهى حديثه وخاصة خلال المحادثات الحساسة والمتوترة.
 
لا تقاطع أبدا الشخص في منتصف حديثه:
لا يجب مقاطعة كلام  الشخص المتحدث أبدا خلال حديثه ما لم يكن هناك سبب قهري مثل ملاحظة أن الحوار قد انحرف عن موضوع الحديث أو أن الشخص يطيل الحديث بدرجة تزيد عن الحد، مع مراعاة المقاطعة بأسلوب مهذب حتى لا تسبب له الإحراج.
 
اطرح أسئلة ذات صلة بموضوع الحديث:
عندما تطرح أسئلة تتعلق بموضوع الحوار تبرز اهتمامك بمن يتحدث واحترامك له، كرر ما سمعته مرة أخرى فتكرار ما سمعته من أكثر وسائل الاستماع فاعلية حيث تثبت أنك تستمع بنشاط واهتمام، وبهذا قد حصلت على اهتمام واحترام من يتحدث.
 
الاعتراف بأن لدينا مثيرات انفعالية:
لا تقلق عزيزي القاريء فكل منا يملك شيء من المثيرات الإنفعالية وهذا ليس بجديد أو غريب إنما هو شيء طبيعي ومعتاد، وإذا لم يكن لديك تلك المثيرات فهذا يعتبر شيء جديد ومتميز ويستحق النظر إليه، وعندما نعترف بالحقيقة يصبح لدينا القدرة على مواجهتها والتحكم بها.
 
وبهذا علينا أن نحاول جاهدين الاستماع إلى الغير بدون أن نترك العنان لتلك المشاعر في التحكم بقراراتنا وحكمنا على الأمور وتشكيل رأي عام.
 
تحديد تلك المثيرات الانفعالية:
أسهل طريقة لتحديد مثيراتنا الانفعالية هي ملاحظة أنفسنا عند الاستماع إلى شخص آخر، فبمجرد تغيير استعدادنا الداخلي وتحويله إلى الاهتمام بالاستماع إلى المتحدث فنحن قد قمنا فعليا بتنشيط تلك المثيرات مقابل القدرة على تصفيتها لتصبح أكثر حيادية.
 
ولتحقيق هذا الهدف اتبع الخطوات التالية:
- عليك إيجاد هدف مريح ينعكس على المحادثات التي ستجريها.
 
- قم بعمل قائمة تحتوي على جوانب عقلية وجسمانية تحدد انفعالاتك والسبب الذي أدى إلى حدوثها.
 
لماذا تمثل هذه الخطوة أهمية؟
لأننا لا يمكننا التحكم في تنقية مشاعرنا إذا لم نعرف مثيراتنا العاطفية، وبمعنى آخر لا يمكن وضع خطة للاستماع بشكل أفضل حتى نعرف ما الذي نعمل معه عندما يتعلق الأمر بكوننا مستمعون ممتازون وهذا يعود أيضا إلى مثيراتنا العاطفية.
 
(هذه الأشياء هي أساس القدرة السماعية والمدخلات الرئيسية لعملية تنقية انفعالاتنا)، فالتحكم في مثيراتنا  الانفعالية  بعيدا عن عملية تصفية تلك المشاعر خلال المحادثات تمثل هذه الخطوة أهم عنصر في كيفية تنفيذ تعاليم الاستماع الجيد.
 
فقد علمنا وحددنا ما لدينا من مثيرات عاطفية في أول خطوتين، والآن نريد أن نقوم بعمل عام ومتبادل، وهو التخلص من تلك المثيرات وتجنبها حتى نبعد عن الرؤية خلال حواراتنا مع الآخرين، فهذه هي الطريقة التي نتحكم ونحدد بها عملية تصفية مشاعرنا. وقد يبدو هذا الكلام غامضا إلى حد ما، لذلك هيا نحدد طريقة العمل بشكل أكثر وضوحا.
 
أولا كبح المثيرات:
أثناء محادثاتنا،عندما نشعر أننا أصبحنا مثارين وبدأت كلمات المتحدث تبدو مستفزة لنا، علينا القيام باختبار سريع لما يحدث بداخلنا.
 
هدفنا هو تحديد الكلمة، العبارة أو التعبير الذي أصبح خلال تلك اللحظة شيئا يسبب تشتيت انتباهنا نحو المتحدث.
 
تعزيز وتنشيط الحوار:
عندما نصل إلى المستوى الذي نصبح به مسيطرين على ما لدينا من مثيرات عاطفية، فقد أصبحت لدينا سلطة على كلا الجانبين في وقت واحد.
 
يجب التحكم في هذا الشيء الذي يزعجنا عن طريق إبعاده عن الحوار والتركيز، وبهذه الطريقة نحن ندير كل كلمة أو عبارة بالحوار بعيدا عن عملية تصفية مشاعرنا، ونتجاهلها بطريقة فعالة.
 
اعتنق وتقبل الحقيقة بأن الاستماع أهم بكثير من التحدث:
هل تعلم أننا نقضي 80% من يومنا في مواقف يتطلب منا خلالها أن نستمع لكي:
- نتخذ قرارات.
 
- نأخذ تعليمات.
 
- نقدم المعلومات الهامة والتعزيز اللازم. هذه العناصر تجعل من الاستماع أكثر مهارة يتم استخدامها بصفة يومية وبهذا يصبح من المهم أن نستمع أكثر مما نتحدث.
 
جعل التحكم في عملية تصفية الانفعالات عادة وليست شيئا عرضيا غير مألوف، لذا عليك أن تنفذ هذه الخطوات كل يوم، ربما لا تتقنها وتخطيء أكثر من مرة في البداية، لكن مع الإصرار والمداومة سوف تصبح ماهرا في ذلك.