هل الالتحاق بكليات النخبة يستحق تكلفته المرتفعة؟
في وقت يسارع فيه مئات الآلاف من الطلبة إلى ملء طلبات الالتحاق بالجامعات قبل انقضاء الموعد النهائي للتقديم، قد يكون من الجيد أن نسألهم: هل المكان الذي ستقضي فيه السنوات الأربع المقبلة من حياتك بهذا القدر من الأهمية؟
زاد الاقتصاد المتراجع ومصاريف الجامعات الباهظة فقط من الأسئلة المطروحة حول ما إذا كانت الجامعات الراقية الأميركية ذات التكلفة المرتفعة تحدث أي فرق؟ هل خريجو هذه الكليات يجنون المزيد من المال أو يحصلون على مستوى دراسي أفضل أو تكون لهم اتصالات أفضل أو يشعرون برضا أكبر عن حياتهم أو عن عملهم على الأقل؟ سيقول لك الكثير من مستشاري الكليات إن عليك أن تجد ما يناسبك، لكن يمكن لهذا أن يبدو ساذجا حتى بالنسبة إلى أكثر الآباء والطلبة هدوءا.
لا يمكن العثور على إجابات لمثل هذه الأسئلة في المعلومات التي تنشر في تصنيفات مجلة «يو إس نيوز آند وورلد ريبورت» الإخبارية الأميركية سنويا، التي تركز على معطيات محددة مثل متوسط درجات اختبار القبول في الكليات أو معدلات رفض الكلية للطلبات.
يبتعد ذوو الاحتياجات الخاصة عن جمع مثل هذه المعلومات إلى حد ما نتيجة صعوبة قياس رضا الخريجين بعد خروجهم خلال فترة تتراوح بين 5 و10 سنوات. فضلا عن ذلك فإلى أي مدى يمكن قياس نجاح المرء أو جودة حياته على أساس الجامعة الأم التي التحق بها في مقابل استعداده وذكائه ومثابرته؟
حاول علماء الاقتصاد والاجتماع تناول هذه الأسئلة، لكن بحثهم، رغم تجنبه بعض الأمور، يشير إلى أن كليات النخبة الأميركية قد تحدث فرقا فيما يتعلق بالدخل واختبارات تحديد المستوى في كليات الدراسات العليا، لكن ماذا عن السعادة في الحياة؟ هذا سؤال ليوم آخر.
من بين أكثر الأبحاث التي يستشهد بها كثيرا في هذا الأمر ورقة بحثية لعلماء اقتصاد من مؤسسة «راند» وجامعتي بريغهام يونغ وكورنيل. اكتشفت هذه الورقة البحثية «دليلا قويا يقوم على العائد الاقتصادي الكبير للالتحاق بمؤسسة تعليمية خاصة للنخبة، وأن هناك بعض الأدلة التي تشير إلى ازدياد هذه الميزة بمرور الوقت».
وجد الباحثون من خلال تصنيف الكليات بحسب درجة الإقبال عليها الذي يتبعه دليل الكليات «بارونز»، أن خريجي أكثر الكليات التي يقبل عليها الطلبة يحصلون على متوسط دخل سنوي أكبر من دخل خريجي أقل الجامعات الحكومية من ناحية الإقبال بنسبة 40 في المائة، بحسب حسابات تمت بعد 10 سنوات من تخرجهم في المدرسة الثانوية.
كذلك اكتشف هؤلاء الباحثون في ورقة بحثية أخرى أن «الالتحاق بكلية خاصة للنخبة يزيد من احتمال الالتحاق بكلية للدراسات العليا، خاصة في جامعة بحثية كبيرة».
ومن الأمور الأساسية التي ينبغي التنويه عنها أن هذه الدراسات، التي تتبعت أكثر من 5 آلاف خريج جامعي لأكثر من عقد من الزمان، أصبحت تعود إلى عشر سنوات مضت. بالطبع تخطى إجمالي مصاريف هذه الكليات التضخم خلال تلك الفترة. ولن نتحدث عن زيادة مصاريف الكليات الحكومية.
على سبيل المثال تعدت مصاريف جامعة برينستون هذا العام 50 ألف دولار، بينما بلغت مصاريف جامعة روتجرز، جامعة الولاية التي تقع آخر طريق نيو جيرسي تورنبايك، نصف هذا المبلغ.
وتقترب مصاريف جامعة بنسلفانيا من جامعة ولاية بنسلفانيا الحكومية. من أجل القيام بهذا الأمر، علينا أن ننحي جانبا الطلبة الملتحقين بكليات النخبة، التي تغطي المعونات المالية الجزء الأكبر من نفقات تعليمهم إن لم يكن كلها.
وعلى الرغم من الفجوة الكبيرة في المصاريف بين الكليات الخاصة والحكومية، يقول إريك إيد، أحد مؤلفي هذه الورقة البحثية، عن دخل خريجي كليات النخبة، إنه لم يجد أي دليل في 2010 يقنعه بضرورة مراجعة الاستنتاج الذي توصل إليه عام 1998.
يقول الأستاذ إيد، رئيس قسم الاقتصاد في جامعة بريغهام يونغ:
«التعليم استثمار على المدى الطويل. قد يكون من المؤلم أن تدفع الأموال الآن، حيث يتردد الكثيرون في الاستدانة بسبب التراجع الاقتصادي. لكن في رأيي ينبغي أن يفكروا في مستقبل أولادهم على المدى البعيد».
لكن يظل أحد عيوب ذلك البحث، هو صعوبة فصل تأثير المؤسسة عن القدرات الوراثية والصفات الشخصية للخريج؛ بمعنى أنه إذا تم قبول طالب في كلية من كليات النخبة، لكنه اختار أن يلتحق بكلية أخرى ذات مستوى أقل، هل سيحصل على الدخل نفسه على المدى الطويل؟ عام 1999 فحص علماء اقتصاد من جامعة برينستون ومؤسسة أندرو ميلون البيانات نفسها التي استخدمها إيد وزملاؤه، لكنهم عملوا عليها بطريقة مختلفة، حيث عقدوا مقارنة بين طلبة في كليات تشهد الإقبال الأكبر وطلبة كليات «تبدو ذات مستوى مشابه»، استنادا إلى درجات اختبارات القبول وكذلك الطبقة الاجتماعية لمن التحقوا بكليات أقل في المستوى سواء بإرادتهم أو بسبب رفض الكليات الراقية طلباتهم. وتبين أن دخول خريجي المجموعتين متشابهة، وربما كان الاختلاف لصالح خريجي الكليات ذات المصاريف الأقل والأقل رقيا.
الاستثناء الوحيد هو أن أبناء الأسر المحرومة إذا التحقوا بالكليات التي تشهد الإقبال الأكبر، فإنهم يحصلون على دخل أكبر بمرور الوقت. لا يتكهن كل من ستيسي بيرغ ديل وآلان كروغر، مؤلفي الورقة البحثية، بالسبب، لكنهما يستنتجان أن «هؤلاء الطلبة على ما يبدو يستفيدون من الالتحاق بكليات النخبة بشكل أكبر». بطبيعة الحال، يعد الدخل والالتحاق بكليات الدراسات العليا مؤشرين ضمن مؤشرات كثيرة تدل على نجاح الخريجين بعد التخرج.
في بداية العام الحالي، سعى اثنان من أساتذة العمل والتعليم من جامعة بين ستيت بالاشتراك مع عالم اجتماع من جامعة كليرمونت للدراسات العليا بكاليفورنيا للتحقق مما إذا كان خريجو كليات النخبة أكثر شعورا بالرضا بصفة عامة عن عملهم، من الذين التحقوا بكليات ذات مستوى أقل.
وأوضح العلماء الثلاثة في مجلة علمية عن بحث العمل في أبريل (نيسان) قائلين:
«يغفل التركيز على دخل خريجي الجامعات، خاصة جامعات النخبة، مجموعة من الملامح الأخرى المتعلقة بالوظيفة».
وبالعمل على عينة من نحو 5 آلاف من حاملي الشهادات العليا عامي 1992 و1993، الذين تم تتبعهم لمدة عشر سنوات، توصل العلماء إلى أن «معدل الرضا عن الوظيفة ينخفض قليلا كلما ارتفعت مكانة الكلية».
ومن إحدى الفرضيات التي اقترحها العلماء أن توقعات خريجي كليات النخبة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالدخل، قد تكون أعلى، وبالتالي هم معرضون بشكل أكبر للإصابة بالإحباط، بينما تقل توقعات خريجي الكليات الأقل تنافسية.
مع ذلك قال سكوت توماس، أحد مؤلفي الورقة البحثية، وهو عالم اجتماع وأستاذ الدراسات التربوية بجامعة كليرمونت إنه على طلاب المرحلة الثانوية وآبائهم التشكك قليلا في أي محاولة لتعميم تلك الاختيارات الشخصية. ويوضح توماس قائلا في مقابلة: «المكانة مفيدة، لكنها مكلفة أيضا. السؤال هو هل التكلفة أقل من القيمة المضافة؟».
كانت إجابته التي قال عنها إنها تثير جنون الأسر هي:
«على حسب»، فعلى سبيل المثال، والكلام لتوماس، قد يرى طالب يريد الحصول على راتب جيد فور تخرجه، وعلى هذا الأساس اختار دراسة مادة عملية مثل إدارة الأعمال أو الهندسة، أن تحليل فائدة التكلفة في صالح كلية حكومية.
يضيف توماس:
«سيجد الطلبة الذين ينتمون إلى أسر أقل ثراء أنفسهم في مواقف لا تتعلق فيها الكلية بـ (العثور على الذات) بقدر ما تتعلق باكتساب المهارات وإقامة علاقات تقود مباشرة إلى سوق العمل».
ويشير إلى أن كلية حكومية، خاصة إن كانت كبيرة، بالنسبة إلى هذا الطالب، ستكون بها مجموعة كبيرة من الطلبة الشغوفين، لكنها بالتالي يمكن أن تلعب دورا غير متكافئ في تحديد من يحصل على وظائف بولاية في مختلف المجالات. قد لا تعجب شبكة خريجي كليات النخبة بأصل أحد المتقدمين لوظيفة من خريجي جامعة آيفي ليغ.
في النهاية يتفق بعض الباحثين مع التصنيف، وأحيانا حكمة المستشارين. قد يكون مدى استغلال المرء لما تقدمه مؤسسة تعليمية من علم أهم على المدى الطويل من الفخر والاعتزاز بوضع ملصقها على زجاج السيارة الخلفي في أكثر المناطق ثراء في الدولة.
قد يكون تخصص الطالب في هذا التحليل ومدى اتساقه مع مواطن قوى الأقسام في جامعة أكثر أهمية من المركز الذي تحتله تلك الجامعة في إفادات خبراء الإحصاء بمجلة «يو إس نيوز».
يقول ألكسندر مكورميك، موظف سابق في اختبارات القبول بجامعته الأم دارموث كوليدج: «كل ما نعرفه من دراسة تجارب طلبة الجامعة والنتائج تشير إلى أن التنوع داخل الكليات أكبر من التنوع بينها». ويعمل ألكسندر حاليا أستاذ تربية مشاركا بجامعة إنديانا في بلومينغتون.
ويضيف ألكسندر:
«بالنظر إلى عقلية التصنيف التي تحدد من يشغل المركز الخامس أو الخمسين، المفارقة هي أن جودة تخصص الأحياء في الكلية التي تحتل المركز الخمسين قد تتجاوز هذا التخصص في الكلية التي تحتل المركز الخامس».