ملكة الـ«فينتاج» كارمن هايد: كيف تمزجين القديم بالعصري .. وتتألقين؟

ملكة الـ«فينتاج» كارمن هايد: المرأة العربية لا تزال تتخوف من «الفينتاج» لإيحاءاته المرتبطة بالملابس المستعملة
ملكة الـ«فينتاج» كارمن هايد: المرأة العربية لا تزال تتخوف من «الفينتاج» لإيحاءاته المرتبطة بالملابس المستعملة

كل قديم في عصره جديد، وبقليل من الاهتمام والاحترام يمكن أن يترجم في عصرنا إلى تميز وتفرد. هذا ما انتبهت إليه سيدة الأعمال كارمن هايد وترجمته من خلال موقع متخصص في أزياء «فينتاج» فاخرة تعبق بالتاريخ والأناقة والفن.


كارمن هايد التي دخلت مجال الموضة من باب العلاقات العامة في بيوت أزياء كبيرة على رأسها «إيف سان لوران» و«سيلين»، التقطت بحسها وبحكم اختلاطها بأوساط الموضة، أنه في وقت تسود فيه الأزياء الجاهزة والصراعات الموسمية، هناك حاجة ماسة إلى موقع على الإنترنت خاص بموضة الـ«فينتاج» يخاطب امرأة لا تمتلك الوقت للتسوق في المحلات، لكنها تمتلك كل الإمكانيات فضلا عن عين ثاقبة لتصيد القطع الفريدة.

البداية لم تكن سهلة، فقد تزامن انطلاق موقعها «أتولييه ماير دوت كوم» (AtlierMayer.com) في عام 2008 مع الأزمة المالية، لذا بقي سرا من أسرار الموضة، قبل أن يتردد اسمه كثيرا في الآونة الأخيرة، بسبب ظهور مجموعة من الشهيرات بفساتين مميزة من موقعها وعلى رأسهن مادونا، وداني مينوغ، وإيما واتسون .. كارمن تقول إنها استوحت اسم الموقع من اسم جدتها كلوديا ماير التي كانت خياطة متخصصة في الـ«هوت كوتير» في فيينا الثلاثينات من القرن الماضي، وعنها ورثت حب الموضة، لهذا عندما فكرت في تأسيس شركة خاصة بها، قررت أن تكون على شكل صالون جدتها لكن بطريقة تناسب إيقاع العصر.

وهذا ما نجحت فيه إلى حد كبير، بحيث يمكن التسوق من الموقع بمعاينة القطعة من كل الجوانب وبكل تفاصيلها، أو من محلها القريب من منطقة «ماربل آرش» وتحديدا في «47 Kendel street».

في هذا المحل الذي تختلط فيه الروائح العطرة مع بريق خيوط الذهب والأقمشة المترفة والفساتين والإكسسوارات الفريدة، كان اللقاء مع ملكة الـ«فينتاج»، كما يطلق عليها حاليا في أوساط الموضة اللندنية، كارمن، التي تكلمت عن البداية والأحلام وزيارتها الأخيرة إلى دبي وكيف يمكن استعمال الـ«فينتاج» بطريقة عصرية.

«أتولييه ماير» .. مشروع كبير بدأ من فكرة بسيطة، هل شعرت بالخوف خصوصا أن الانطلاقة تزامنت مع بداية الأزمة المالية؟
- أي مشروع جديد يثير الخوف، لكن لا يمكن أن نترك الخوف يتحكم فينا، وإلا فإننا لا يمكن أن نتقدم خطوة إلى الأمام. أما عن الفكرة فهي فعلا بسيطة، لكنها ثمرة عشقي لاقتناء قطع الـ«فينتاج» الفاخرة، ورغبتي الملحة في اكتشاف ودخول مجال جديد على الإنترنت.

فبعد أن أصبحت زوجة وأما لطفلين، لم يعد لدي الوقت الكافي للتسوق في المحلات، لهذا بدأت بالتسوق على مواقع الإنترنت، الأمر الذي أثارني وحفزني على المزيد من البحث.

ولأني لم أجد أي موقع متخصص في موضة الـ«فينتاج» في أوروبا على وجه الخصوص، بينما تظل المواقع الأميركية ضعيفة من حيث التصوير والخدمات، فكرت في أن أقدم خدمة متميزة تتخصص في الـ«فينتاج» لكن بطريقة جديدة.

لكن ماذا عن إطلاق الشركة في ذروة الأزمة الاقتصادية؟
- كان تحديا كبيرا، علما بأننا ما زلنا لم نخرج منها تماما، لكن حتى في الأزمات هناك فرص يجب اقتناصها والاستفادة منها، وهذا ما أرى أن مجال الـ«فينتاج» أتاحه، فالطلب عليه في تزايد، والناس أصبحت تريد موضة مختلفة ومتميزة، إلى حد أن هناك استعدادا للاستثمار في قطع فريدة لا تعترف بزمن بدلا من قطع موسمية. الناس لا تزال تصرف على الموضة، مع فارق مهم وهو أنهم الآن أكثر حذرا كيف يصرفونها وعلى ماذا.

ترددين دائما أنك كنت سعيدة في عملك كمديرة علاقات عامة، كيف جاءت النقلة إلى مجال الأعمال؟
- لو لم أكن أعشق عملي لما بقيت فيه لعقد من الزمن، فأنا أؤمن بأن أي شخص يحب عمله يمكن أن يبدع فيه أكثر. لكن لا بد من التطور والتغيير، فبعد عملي مع «إيف سان لوران»، و«سيلين»، و«فوغ» و«تومي هيلفيغر».. شعرت بأن الوقت قد حان ليكون لي عمل خاص بي، يتيح لي خلق التوازن في حياتي، لا سيما بعد أن رزقت بطفلين. أنا لا أقول إني حققت هذا التوازن، لكني على الأقل أتحكم في رؤيتي وأشبع رغبتي الخاصة.

حتى قبل تأسيس موقع «أتولييه ماير»، تعتبر كارمن هايد من الأسماء المعروفة في مجال الموضة بلندن، كيف كان دخولك هذا المجال؟
- أدين بالكثير لجدتي، كلوديا ماير، فقد كانت خياطة متخصصة في الـ«هوت كوتير» في فيينا، وعملت هناك منذ فترة الثلاثينات، الفترة التي شهدت انتعاشا في النمسا. وأنا طفلة كنت أقضي إجازاتي الصيفية في معملها الخاص، ألعب بالأقمشة وأتابع البروفات على الملابس بفضول وانبهار.

كانت جدتي تتخصص في أزياء المساء والسهرة، وكانت تتوفر على أرشيف غني من أقمشة من شتى الأنواع، وكان المكان بالنسبة لطفلة مثلي بمثابة دكان حلوى يضج بالألوان والحلاوة.

وفي مناسبات كثيرة كانت تأخذني معها إلى عروض الأزياء. بعد وفاتها منذ بضع سنوات، أردت من خلال «أتولييه ماير» أن أحيي ذكراها، وأن أعيد إلى الأذهان صورة المعامل في فيينا، حيث كانت تباع أزياء منفذة بحرفية عالية ولها تاريخ.

يبدو من كلامك، بل وحتى فكرة الموقع، أن الماضي يعني لك الكثير؟
- أنا أهتم بالأناقة أكثر مما أهتم بالموضة، لأن الأولى تبقى إلى الأبد، والثانية تتغير حسب تغير الفصول والمواسم. تخصصي في الـ«فينتاج» لا يعني أنني أفكر كثيرا في الماضي، وإلا فإن الحاضر يصبح ثانويا، وهذا خطأ.

كذلك إذا فكرت أن الـ«فينتاج» أفضل مما هو متوفر في الحاضر، فإني أيضا أصبح قطعة «فينتاج»، بمعنى أنه لا علاقة لي بالعصر الذي أعيش فيه، وهذا أخطر.

أؤمن بأن لكل فترة موضة خاصة بها ونكهة متميزة، كل ما علينا هو أن نجد لنا مكانا متميزا في الحاضر، وهذا ما أحاول أن أقوم به: أن أترجم الماضي بلغة الحاضر.. ومن هنا جاءت فكرة «أتولييه ماير» التي تجمع موقع إنترنت، بموضة عالمية، مترفة وتحترم البيئة، أي كلها عناصر وليدة العصر الذي أعيش فيه.

لقد عملت مع أمثال الراحل إيف سان لوران، وغيره، ما هي الذكريات التي ستظل محفورة في ذهنك مدى الحياة؟
- كنت جد محظوظة بالعمل مع إيف سان لوران، وكانت فترة مهمة تتبعت فيها تحول الدار من شركة خاصة إلى شركة تنضوي تحت مجموعة كبيرة. في هذه الفترة أيضا عملت مع مصممين مهمين توالوا الدار من أمثال ألبير إلبيز وهادي سليمان قبل أن تشتريها مجموعة «غوتشي» ويتسلم توم فورد زمامها.

عملت مع هذا الأخير لمدة عامين، وكانت هذه هي الفترة التي شهدت ازدهار موضة شراء المجموعات التجارية الكبيرة أسهم بيوت الأزياء، وكان الأمر مثيرا ونقطة تحول تاريخية في عالم الموضة وثقافتها.

بعدها التحقت بالعمل مع «سيلين» التابعة لمجموعة «إل في إم إتش» وعملت مع المصمم الأميركي مايكل كورس، الذي كان إنسانا مرحا. ولن أنسى أنني قضيت هناك فترة ممتعة. لكن بعد ست سنوات مع «إيف سان لوران» وخمس سنوات مع «سيلين»، بدأت أشعر بأن وقت التغيير قد حان.

ما هي المزايا والمخاطر التي يمثلها تأسيس شركة بمالك الخاص مقارنة بالعمل للآخرين؟
- أكثر من رائعة، لأن لا أحد يتحكم فيك، وتحصدين ما تزرعين. المخاطر تكمن في أنك لست مدعومة بمجموعة كبيرة، مما يعني أنك ستتقدمين ببطء عوضا عن أنك تقفزين لتتجاوزي بعض المراحل.

ماذا تعلمت من عملك كمديرة علاقات عامة وساعدك في عملك الجديد؟
- العلاقات العامة مثل العمل الدبلوماسي، وهذا عنصر يحتاج أن يتعلمه أي واحد منا، وممارسته طوال الحياة وفي كل المجالات.

بحكم زيارتك إلى العالم العربي مؤخرا، وعودة إلى الـ«فينتاج» ماذا كان انطباعك؟ وهل لاحظت أن الكلمة لا تزال تثير صورا سلبية في أذهان البعض، كونها ترتبط في الذهن بالملابس المستعملة؟
- أثار انتباهي حجم الإقبال على الإكسسوارات، وخصوصا إكسسوارات «شانيل» أكثر من الإقبال على الأزياء، ربما لأن الفكرة لا تزال جديدة، أو هي - كما تقولين - ليست جديدة.

لكن بالنسبة لي، فإن الكثير من القطع الجديدة التي نهفو إليها مستلهمة من قطع قديمة أو هي نسخة منها، والنسخ في الكثير من الأحيان لا ترقى إلى مستوى الأصل. الأمر لا يقتصر على الأزياء أو الإكسسوارات، بل أيضا على البيوت، السيارات، قطع الأثاث .. وغيرها. فالمصممون دائما يعودون إلى الماضي لتقديم الجديد، ولأن المنتجات المترفة أصبحت متوفرة لشرائح أكبر من الناس إلى حد الاستنساخ، فإن الأنيقات العارفات يفضلن الحصول على قطع مميزة تنطق بالفخامة والتفرد، ومن هنا يردن القطعة الأصلية، لا النسخة العصرية، لأنها تبقى قطعا نادرة محملة بالتاريخ.

صحيح أن هذا المفهوم لم ينتشر بعد، ولم يصل إلى كل الناس، لكنه سينجح؛ بدليل أن الصين بدأت تتلهف عليه، بعد أن أصيبت بالتخمة من المنتجات العصرية والسريعة التي تغرق الأسواق من كل حدب وصوب.

أفهم أن بعض الناس ما زالوا يتخوفون على أساس أن القطعة استعملت في السابق، لهذا أحاول أن أحل هذه العقدة، من خلال استعانتي بخبراء في التنظيف وفي علم الـ«فونغ شواي»، يعملون على خلق التوازن والتخلص من أي طاقة سلبية قد تكون عالقة بالقطعة، كما أنها تصل شبه جديدة.

لقد سمعت انك تعاملت مع أنيقات لا يعلى عليهن مثل الملكة رانيا العبد الله، ومادونا، ونيكول كيدمان، وإيما واتسون.. وغيرهن، هل لك أن تقولي لنا قصة تعاملك مع الملكة رانيا؟
- بحكم عملي في العلاقات العامة، كانت لي علاقة بمناسبات السجاد الأحمر، وكانت الملكة رانيا العبد الله من النساء المفضلات لدي؛ لأنها فعلا ملكة بكل معنى الكلمة، وهذا ما نحتاجه في وقتنا. فهي قدوة، كونها إنسانة وأما وامرأة عاملة تتميز بالذكاء، تقوم بالكثير من المشاريع الخيرية وتسهم في بناء بلدها بشكل كبير، وأنا مدينة لها ولأولادها، لمساعدتهم لي في مشروع خيري خاص بحماية الأطفال قمت به منذ بضع سنوات. أيضا أعشق أسلوبها وأناقتها، لأنها عصرية وعملية في الوقت ذاته، أي قد تكون سفيرة رائعة لـ«أتولييه ماير».

كيف توفقين بين عملك وحياتك الخاصة؟
- ليس بالأمر السهل، وما زلت أحاول أن أحقق المعادلة الصعبة، كما لا أزال أحاول أن أتعلم القيام بكل شيء على أحسن وجه، والتخلص في الوقت ذاته من إحساسي بالذنب كوني لا أتمتع بالوقت الكافي لإعطاء كل شيء حقه بالكامل.

من هي متسوقة «أتولييه ماير» المثالية؟
- أي امرأة تريد التميز وتهتم بالقطع الفريدة التي يكون لها حكاية أو تاريخ.

حصلت مؤخرا في نيويورك على جائزة أفضل «شركة جديدة» في مجال الأعمال، كيف تشعرين بهذه الجائزة؟
- أشعر بأنني سعيدة للغاية، لأن الناس فهموا فكرة «أتولييه ماير» وما أقوم به. إننا ما زلنا في أول الطريق لكني أحلم بأن نكون في يوم من الأيام الموقع الذي تتسوق منه المرأة العارفة بقطع «فينتاج» فاخرة. في العام المقبل سأسافر إلى البحرين، وبيروت، ومصر.. لأعرف بالشركة ثم بعدها سأسافر إلى هونغ كونغ.

حلمك الحالي..
- أن أتوفر على أسطول من الدراجات الهوائية لتوصيل الطلبات في لندن.

تتوفرين على الكثير من قطع الـ«هوت كوتير» الأصلية لـ«بالنسياجا»، و«ديور»، و«شانيل».. وغيرها، كيف تقترحين استعمالها في الحياة اليومية؟
- من المهم جدا أن لا تلبس المرأة قطع «فينتاج» من رأسها إلى أخمص قدميها، تماما كما لا يجب أن تلبس أزياء موقعة من بيت أزياء من الرأس إلى القدمين. أقترح عليها أن تمزج قطع «كوتير من الفينتاج» مع قطع عصرية، فهذا يعطي نتائج باهرة. بعبارة أخرى: اخلطي الـ«فينتاج» بالعصري.

ونصائحي للمرأة العربية
- حافظي على أسلوبك ولا تحاولي تغييره، لكن جربي قطعا جديدة بين الفينة والأخرى.

- حتى إذا لم تكوني من عاشقات الـ«فينتاج»، يمكن أن تلعبي بقطعة واحدة مثل حقيبة يد، أو جاكيت، أو قطعة مجوهرات.

- البسي القطعة ولا تجعليها تلبسك.

- فكري في الصورة الأكبر عندما تلبسين الفينتاج، وأطلقي لخيالك العنان، فمثلا يمكنك استعمال أقراط أذن كبروش، أو تنورة طويلة كفستان قصير تشدينه بحزام وهكذا.

- بالنسبة للمبتدئات، أنصحهن بالبدء بالإكسسوارات، أو حقيبة يد، أو حزام، أو إيشارب، أو قبعة، أو قطعة مجوهرات.. قبل أن ينتقلن إلى الفساتين.