دار «بولجاري» الإيطالية للمجوهرات تستعرض تاريخها في قلب باريس
حين يكون الطقس سيئا وثلجيا، والسماء مدلهمة في باريس، يهرع الناس إلى ارتياد صالات السينما الدافئة والمعارض التي تنقلهم، على جناح السحر، إلى عوالم الفخامة والجمال والبريق والذكريات. ولهذا يشهد المعرض الاستعادي للصائغ «بولغاري»، والمقام في فضاء القصر الكبير، حاليا وحتى 12 من الشهر المقبل، إقبالا من عشاق المجوهرات، خصوصا التي ارتبطت بأسماء شهيرة وزينت أعناق وأنامل الأميرات وسيدات المجتمع ونجمات السينما والغناء.
يقع القصر الكبير في قلب الشانزليزيه، غير بعيد عن جادة مونتين، ومتاجر كبار الصاغة الفرنسيين والعالميين. لذلك يبدو المعرض المكرس للصائغ الإيطالي وكأنه نوع من التحدي السافر، كمن جاء يبيع الماء في «حارة السقايين»، لكن الرهان يستحق المشاهدة، خصوصا أن مناسبة المعرض هي الاحتفاء بمرور 125 عاما على تأسيس هذه الدار الإيطالية الشهيرة في دنيا الصياغة والتصميم. كما أنها فرصة لتعريف الباريسيين، لأول مرة، بتطورها التاريخي المرتبط بأحداث ومناسبات وزيجات عالمية.
وتم ترتيب القطع المعروضة حسب تسلسلها الزمني، منذ أول متجر افتتحه «بولغاري» في فيا سيستينا، في العاصمة روما، عام 1884، مرورا بأكثر من 600 قطعة من الفضيات والمجوهرات التي جعلت من صاحبها الصائغ الأول في العالم في ميدان الأحجار الكريمة وتعدد ألوانها.
يتوقف المعرض عند فترة الستينات من القرن الماضي، حين حقق مصممو الأزياء ما يشبه الثورة في مظهر المرأة العصرية. وكان لا بد لمصممي مكملات الزينة من أن يواكبوا تلك الثورة، ويبدعوا حليا تناسب الأجيال الشابة وتخرج عن التصاميم التقليدية للذهب الأصفر وأحجار الماس البيضاء. وفي السبعينات، لم يتردد «بولغاري» في طرح مجوهرات مستوحاة من الـ«بوب آرت»، ويمضي في المزيد من الجرأة، مرحلة بعد مرحلة.
ليست المجوهرات الرائعة هي وحدها ما يلفت أنظار الزائر، بل الحكايات المرافقة لكل قطعة. فهذان القرطان المرصعان بالياقوت والماس كانا من مقتنيات الممثلة الإيطالية الشهيرة آنا مانياني. أما العقد الذي يزن 106 قراريط من الماس فقد زين جيد الممثلة كلوديا كاردينالي التي استعارته أثناء حضورها مهرجان «كان» السينمائي عام 1961. إن كل حلية معروضة تجاورها صورة الفنانة التي تقلدتها في زمن مضى. والكثير من المعروضات تخرج إلى الجمهور العريض للمرة الأُولى، بعد أن كانت مخبأة في الأدراج أو في خزائن البنوك، وراء الأبواب المصفحة.
وبالطبع، يتوقف الزوار طويلا أمام مجموعة المجوهرات التي صممها «بولجاري» وتزينت بها نجمة هوليوود إليزابيث تايلور، المرأة التي كان لها عشقان: الرجال والمجوهرات. ويزيد من الإثارة الأسلوب الفريد والحيوي في العرض، بحيث يشعر المتفرج وكأنه يسافر في الزمن ويدخل الأماكن الحميمة التي صنعت التاريخ الفني للقرن العشرين.
ولأن «بولجاري» هو رائد ما يسمى بالمدرسة الإيطالية في الصياغة، فإن هذا المعرض يقام برعاية القصر الرئاسي في إيطاليا، ويأتي وكأنه تحية مستترة إلى الفرنسية الأُولى، الإيطالية الأصل، كارلا بروني ساركوزي.