مادة «بيسفينول إيه» في زجاجات الرضاعة البلاستيكية .. تؤثر على القدرة على الإنجاب
كشف بحث جديد عن أن مادة كيميائية توجد في الزجاجات المصنوعة من البلاستيك وعلب المشروبات الغازية والكثير من المنتجات الأخرى المنتشرة، قد تؤثر سلبيا على الحيوانات المنوية لدى الرجال.
وأظهرت الدراسة، التي شملت ما يزيد على 200 عامل بمصنع صيني، أن هؤلاء الذين يتعرضون لمادة «بيسفينول إيه» (BPA)/ (bisphenol A)، أكثر احتمالية للإصابة بضعف وقلة عدد الحيوانات المنوية لديهم. وتعد الدراسة، التي نشرت في دورية الخصوبة والعقم، الأولى في تقديم دليل على أن المادة الكيميائية قد تؤثر سلبا على قوة الحيوانات المنوية في البشر.
وصرح دي كون لي، عالم الأمراض الإنجابية في قسم الأبحاث في كايزر برماننت في أوكلاند بكاليفورنيا، الذي أجرى البحث بتمويل من المعهد الوطني للأمن والصحة المهنية «يضيف هذا الاكتشاف دليلا بشريا إضافيا على أن مادة (بيسفينول إيه) سيئة. ويجب أن يحاول العامة تجنب التعرض لهذه المادة قدر الإمكان».
ويعد هذا البحث الثالث في سلسلة من التقارير التي نشرها لي بخصوص تأثير التعرض لمادة «بيسفينول إيه» بين عمال المصانع الصينيين. وقد كشف البحثان الماضيان عن أدلة على أن التعرض لمادة «بيسفينول إيه» له علاقة بالضعف الجنسي لدى الرجال ومشكلات أخرى جنسية.
مادة ضارة
وتوجد مادة «بيسفينول إيه» في آلاف من المنتجات الاستهلاكية، تتنوع ما بين المواد اللاصقة للأسنان، إلى عبوات المواد المحفوظة، وهي منتشرة في كل شيء لدرجة أنه تم اكتشافها في تحليل البول لأكثر من 90 في المائة من سكان الولايات المتحدة.
وتتزايد المخاوف من تلك المادة مع تراكم الأدلة، التي ظهرت في البداية في حيوانات التجارب، على أن لها صلة في آثار صحية، منها العقم وزيادة الوزن وتغييرات السلوك والبلوغ المبكر ومرض السكري.
وبعد تأكيد طويل على أن مادة «بيسفينول إيه» آمنة، غيرت وكالة الغذاء والدواء الأميركية من موقفها في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث أعربت عن مخاوفها من مخاطر صحية تتعلق بالمادة، خاصة في نمو الأجنة والأطفال والشباب.
وفي الوقت ذاته، تعهد الكثير من المصنعين بإخراج مادة «بيسفينول إيه» من صناعة زجاجات الأطفال الرضع، وزجاجات المياه، ومنتجات أخرى، وبدأ عدد من السلطات القضائية في الولايات المتحدة في حظر استخدام مادة «بيسفينول إيه» في صناعة منتجات الأطفال.
تحاليل وفحوصات
وفي الدراسة الجديدة، اكتشف لي وزملاؤه أن هؤلاء الذين تم اكتشاف نسب من «بيسفينول إيه» في تحليل البول لديهم أكثر عرضة للإصابة بضعف الحيوانات المنوية، من ناحية تركيزها وعددها وعدد الأحياء منها وحركتها الطبيعية وقدرتها على الحركة. لكن لم يتم اكتشاف صلة بين مادة «بيسفينول إيه» وصغر حجم الحيوانات المنوية أو تشوهها.
وصرح ستيفن هينتغز، من مجلس الكيمياء الأميركي، بأن العمال الذين شملتهم الدراسة قد تعرضوا لمستويات من مادة «بيسفينول إيه» أعلى بكثير مما يتعرض له أي أميركي.
وقال هينتغز في تصريح «ما يهم المستهلك معرفته هو أن الهيئات الحكومية حول العالم راجعت الأبحاث العلمية التي أجريت على مادة (بيسفينول إيه)، ومن بينها مراجعة هيئة الأمن الغذائي الأوروبية مؤخرا لـ800 دراسة، وقد توصلت إلى أن التعرض لجرعات قليلة من بيسفينول إيه لا يشكل خطرا على صحة الإنسان.
أما هذا البحث الذي شمل عمالا صينيين يتعرضون إلى نسب عالية من (بيسفينول إيه) فهو ذو أهمية قليلة للمستهلكين الذين في المقابل يتعرضون لنسب ضئيلة فقط من المادة».
وقد اعترف لي بأن العديد من الذين خضعوا للبحث عملوا في مصانع تنتج مادة «بيسفينول إيه» أو تستخدمها لصناعة الراتنغ، مما يعرضهم لمستويات أكبر بكثير مما يتلقاه أي شخص عادي.
لكنه قال إنه اتضح أن مادة «بيسفينول إيه» تؤثر على الحيوانات المنوية لدى التعرض لمستويات مساوية لتلك التي يتعرض لها الشعب الأميركي. وأضاف قائلا «كلما زاد تعرض المرء لتلك المادة، ازداد ضعف حيواناته المنوية».
وقال لي إن الدراسة شملت عددا غير كاف من الأشخاص لتحديد ما إذا كان تأثير المادة قد أدى إلى إصابة أي من الرجال بالعقم. لكن كان تأثير المادة كافيا ليجعلها تتمكن من التسبب في العقم، سواء بمفردها أو مع وجود عوامل أخرى يمكنها أن تؤثر سلبا على الحيوانات المنوية.
إضافة إلى ذلك، يشير الاكتشاف الذي وصل إليه البحث إلى أنه قد توجد آثار صحية سلبية أخرى لمادة «بيسفينول إيه»، مثل زيادة خطورة الإصابة بسرطان البروستاتا.