جون بول جوتييه .. والوداع الأخير لآخر تشكيلة من تصميمه لدار «هيرميس»

في آخر تشكيلة من تصميمه لدار «هيرميس» رقصت الجلود والجياد
في آخر تشكيلة من تصميمه لدار «هيرميس» رقصت الجلود والجياد

إذا كان هناك أدنى شك أن مصمم دار «شانيل»، كارل لاجرفيلد كان يريد أن يؤكد أنه الأب الروحي للموضة بتقديمه عرضا دراميا، فإن حاجة جون بول غوتييه إلى عرض رنان يخلف أصداء لا يمكن نسيانها بسرعة كانت أكبر. فهذا كان عرضه الأخير لواحدة من أهم دور الأزياء الفرنسية، «هيرميس»، بعد سبع سنوات من الإبداع والعطاء.


وهكذا أنهى شقي الموضة الفرنسية بعرضه هذا أسبوع باريس ودورة الموضة الطويلة، ويا له من عرض. فقد كان يستحق أن يبرمج للنهاية، لأنه جعل كل وسائل الإعلام العالمية تؤجل رحيلها وتبقى في العاصمة الفرنسية خصيصا لمتابعته، من جهة، ولأنه لم يخيب الآمال من جهة ثانية، لا سيما أنه جعل الحضور المتعب والمنهك بعد تسعة أيام من العروض المتتالية، يشعر فجأة بالانتعاش ويتذكر مباهج الموضة وجمالياتها.

المتعارف عليه في لغة الموضة أن اللحظة الأولى أحيانا تكون أبلغ من أي كلام، وهذا ما تأكد لنا مساء يوم الأربعاء الماضي، فعندما أزيح الستار عن الجهة التي صوبت إليها عدسات المصورين، ترقبا لخروج العارضات، ظهرت في الخلفية حلبة مبهرة مضاءة بثريات فخمة من الكريستال، فيها ثمانية فرسان يمتطون خيولا، يتسابقون ويلعبون في أجواء تستحضر أشهر مدرسة ترويض خيول في فيينا.

وعلى نغمات موسيقى إسبانية بدأت تخرج عارضات في أزياء جلدية وقبعات «بوليرو» وفي أيدي بعضهن سياط طويلة. كان مظهرهن مزيجا من «زورو» ومروضات خيول، يمشين في إيقاع سريع ومثير يشد الأنفاس، توالت فيه بنطلونات وتايورات وفساتين من الجلود الطيع الذي يحاكي الحرير في ملمسه، وأحزمة تأخذ خطوطها من إكسسوارات الفروسية مثل السروج، كان أجملها أحزمة تلتف على الصدر لتصل إلى العنق وأخرى عريضة كانت تعطي المظهر إطلالة عصرية وجريئة، راقية وشقية في الوقت ذاته، حتى لن ننسى أنها دار «هيرميس»، لكن بلمسات جوتييه.

لم ينس طبعا حقائب اليد التي اشتهرت بها الدار وتعتبر من أغلى حقائب اليد وأكثرها شعبية. الجلد ظهر في تايورات مفصلة ببنطلونات، بكل أشكالها الضيقة والواسعة، إلى جانب صديرات سميكة تحمي الصدر وتزينه في الوقت ذاته.

لم يكن غريبا أن يعود جون بول غوتييه إلى جذور الدار وإرثها المتمثل في الاعتماد على الجلود وصناعة السروج وكل ما يتعلق بالفروسية، لكن الجديد أنه أضفى عليها أنوثة وحسية والكثير من الحب.

هذا على الأقل ما أكده غوتييه في آخر عرضه بقوله إنها «قصة حب»، مضيفا: «ككل قصص الحب كان لا بد أن تكون لها نهاية»، مشيرا إلى طيه فصلا غنيا في مسيرته الفنية، عبارة عن سبع سنوات قضاها مع «هيرميس»، ونجح في حقنها بجرعة قوية من الأنوثة والرقي.

خطوطه لها كانت واضحة دائما لا تخلو من شقاوة وحسية، هما جزء من بصمته الوراثية، إذ لا ننسى أنه هو الذي صمم لمادونا الكورسيه المشهور في الثمانينات الذي أطلقه إلى العالمية، مما جعل الجميع يستغرب اختياره كمصمم للدار في عام 2003، على أساس الاختلاف الواضح بين الأسلوبين. لكنه عرف كيف يتأقلم بسرعة مع الدورين، فهو لم يتنازل عن شخصيته الشقية، التي نفس عنها من خلال خطه الخاص، وحافظ على شخصية «هيرميس» البورجوازية باحترام إرثها.

في الموسم المقبل، سيقدم كريستوف لومير، مصمم دار «لاكوست» السابق أول تشكيلة له لدار «هيرميس».