النجمة المتمردة ليندسي لوهان تقدم تشكيلة هادئة لدار «أنجارو»
منذ بداية الأزمة المالية العالمية وعالم الموضة يتهيأ لمواجهتها بشتى الطرق، مرة بأزياء تستوحي خطوطها من موسيقى الهيب هوب أو الروك أند رول أو من بريق الثمانينات أو من أميرات طروادة ومرة بتقصير أو زيادة طول التنورات والفساتين وغيرها من الأساليب، التي من شأنها أن تضعف مقاومة المرأة وتدفعها للشراء.
«ديور» مثلا سلك طريق الترف، «لانفان» تبنى أسلوب الدرابيه للف الجسد بطريقة أنثوية ساحرة تخاطب سيدات الأعمال بقدر ما تخاطب المرفهات، «بالنسياجا» و«بالمان» حولا العادي إلى غير عادي.. وهكذا.
إلا أن اللافت أيضا استعانة بعض بيوت الأزياء بنجوم ونجمات شهيرات لتلميع صورتهم وجذب الأنظار إليهم.
والمقصود هنا ليس مجرد استضافتهم لتحلية المقاعد الأمامية، بل كمصممين يدلون بدلوهم في مجال الأناقة وما يمكن أن يؤثر على ثقافة الشارع عموما.
وليس أدل على هذا من دار «إيمانويل أنجارو» العريقة، التي تثير الكثير من الجدل والاهتمام منذ إعلان استعانتها بالنجمة ليندسي لوهان كمصممة لماركتها التي ظلت تعاني كثيرا من تراكم الغبار منذ تقاعد مؤسسها أنجارو في عام 2004.
والجدل المثار حول هذا الأمر ليس لأنها أول نجمة تقوم بهذا الدور بل لأنها تقوم به لدار فرنسية عريقة قدمت «الهوت كوتير» سابقا.
فعديدات هن من دخلن عالم تصميم الأزياء أو الإكسسوارات، بدءا من جينيفر لوبيز وجيسيكا سيمبسون إلى ميشا بارتون ومادونا وغيرهن، لكن حتى الآن لم تدخل أي واحدة من باب واسع مثل دار «إيمانويل أنجارو».
فضلا عن كل هذا، فإن ليندسي لوهان لم تبد سابقا أي مواهب في هذا المجال رغم أنها طرحت بنطلونات مطاطية من «الليكرا»، طبعا هذا إذا استثنينا أنها تحب الموضة وتتابعها كمستهلكة.
لهذا كله فإن السؤال الملح على الحضور الذي أسعفه الحظ وحصل على دعوة هو: هل ستنجح النجمة المثيرة للجدل في هذه المهمة؟
الكل في قاعة اللوفر كان مترقبا ومتربصا في الوقت ذاته، مع العلم أن لوهان ليست المسؤولة الوحيدة عن هذه التشكيلة بل هي نتاج تعاونها مع المصممة الإسبانية الأصل، إيستيريلا آرشز التي درست وتخرجت في معهد «سانت مارتنز للموضة» الشهير بلندن ولها خطها الخاص، الذي ستعرضه أيضا في باريس في آخر يوم من الأسبوع، الخميس.
أي إنها هي المصممة الفنية بينما سيكون دور ليندسي مجرد مستشارة فنية.
بداية العرض كانت مبشرة، حيث ذكرت الحضور بلمسات المؤسس أنجارو من حيث الألوان الصارخة ومزجه بينها بشكل رائع وغريب، مثل قميص أزرق مع بنطلون بنفسجي، وقميص وردي مع بنطلون بلون المستردة، لكن بعد فترة توالت فساتين ضيقة جدا وقصيرة جدا، لا شك أنها تليق بمثيلات النجمة الشابة من محبات الاستعراض والرقص في النوادي الليلية إلى ساعات الفجر الأولى، هذا عدا أنها تحتاج إلى جسم نحيل أقرب إلى الأنوركسيا لتستطيع الواحدة الدخول فيه.
ويبدو أن إيستريلا، التي منحت ثلاثة أسابيع فقط، حسبما يقال، لكي تنجز هذه التشكيلة، انتبهت إلى أن هناك شرائح أخرى عليها مراعاتها، ومن ثم كانت البنطلونات الواسعة والتنورات الفضفاضة التي تبدو وكأنها سراويل حريم وفساتين منسابة من الشيفون.
في آخر العرض خرجت كل من ليندسي وإيستريلا آرشز لتحية الجمهور، ولم يكن من الصعب التكهن بأنهما لم تكونا راضيتين.
الأولى، ربما لأنها لم تكن تتوقع أن عالم الموضة عالم قاس وليس مجرد لعبة، والثانية لأنها لم تمنح الوقت الكافي لإنجاز تشكيلة يمكن أن تضيف إليها شيئا، وربما أيضا لأن ليندسي سرقت كل الأضواء منها، وكأنها هي التي أنجزت كل شيء.
وتجدر الإشارة إلى أن إيستريلا، المصممة الفنية لهذه التشكيلة، تبلغ من العمر 35 سنة، وتقدم تشكيلة تحمل توقيعها منذ عامين تقريبا في باريس، كما سبق لها العمل مع بيوت أزياء مثل «نينا ريتشي»، «كاشاريل»، «حسين تشالايان»، «بوتشي» و«برادا»، مما يعني أنها تمتلك ما تفتقده ليندسي من خبرة.
بعد كل الضجة التي سبقت العرض، والجدل حولها، فإن النتيجة هي أنها تشكيلة لا بأس بها بالنظر إلى الوقت القياسي الذي أنجزت فيه، ولا شك أن إيستريلا ولوهان يمكنهما تحسينها في المواسم المقبلة فيما لو أعطيتا الفرصة.
الطريف في الأمر أن منير مفرج، الرئيسي التنفيذي للدار، صرح قبل العرض بأسابيع في لقاء أجرته معه «ويمنز وير دايلي» بأن «الخلطة بين ليندسي وإيستريلا وأنجارو مثل الديناميت في قوتها»، وهو محق إذا كانت القوة التي يتحدث عنها هي الجانب الإعلاني.
فقد تكون فكرة مفرج بسيطة جدا وهي أن الدعاية وتسليط الضوء على الدار التي عانت طويلا، هي كل ما تحتاجه، لأن مجرد اسم ليندسي لوهان وحده يكفل حضورا إعلاميا مكثفا وتأجيج الاهتمام بالماركة التي راوغها الحظ منذ عدة سنوات.
قبل الثنائي إيستيريلا وليندسي، كان مفرج قد أثار ضجة أخرى باختياره مصمما شابا في بداية العشرينات من عمره من كولومبيا هو إيستيفان كورتزار، الذي قدم ثلاث مجموعات فقط، وقبله أيضا استعان ببيتر دانداس، الذي التحق أخيرا بدار «إيمليو بوتشي» الإيطالية.
ويبدو أن مفرج لا يخاف المجازفة، فهو الذي كانت له الشجاعة باستبدال كارل لاجرفيلد، الذي كان مصمم دار كلوي في عام 1997، بالمصممة ستيلا ماكارتني التي لم تكن لها أية خبرة تذكر حينها، بحكم انها كانت حديثة التخرج في معهد «سانت مارتنز».
نجحت مغامرته في ذلك الوقت رغم كل التكهنات بالعكس، وربما يفاجئنا هذه المرة أيضا بإظهار الجانب الإبداعي للنجمة الشقية، وبأن بداخلها مصممة تتوق للخروج إلينا بأفكار رائعة.
ورغم ردود الأفعال السلبية التي تلت العرض بين الحضور، فإن ما يشفع لليندسي أنها اعترفت لعدة مجلات وصحف بأن دورها يقتصر على الاستشارة الفنية، وأن دورها يتركز على أن تأخذ الدار إلى المستقبل، وإلى وجهة شابة، وبالتالي ستجتهد لتعطي هذه المهمة كل طاقتها «لأن أكون في هذه المكانة، وأن أعمل مع دار أزياء باريسية يجعلني مختلفة تماما عن كل ما يطرحه النجوم».
مما لا شك فيه أن الدار تعاني منذ تقاعد مؤسسها من حظها العاثر في عدم توفقها بمصمم يمكن أن يعيد لها أمجاد الماضي، وينفض الغبار لتظهر مرة أخرى على منصات العروض متألقة، لكن السؤال هو ما إذا كانت ليندسي هي ذلك الشخص، طبعا بمساعدة إيستريلا آرشز، وما إذا كان منير مفرج سيصبر عليهما طويلا حتى تتوصلا إلى الخلطة الديناميت التي ستكسر السوق وترجع للدار، التي تأسست في عام 1964، بريق أسلوبها الباريسي القديم، الذي كان يحلو لمؤسسها إيمانويل أن يتلاعب فيه بالألوان الصارخة، والنقوشات الصاخبة في تايورات وفساتين النهار، وبغموض الشرق وسحره في أزياء السهرة والمساء.
في عرض البريطاني ستيوارت فيفرز، مصمم الدار الإسبانية «لويفي»، كانت الأجواء مختلفة تماما مساء أول من أمس في كلية ديكارت للطب، لأنها كانت تخاطب شريحة مختلفة تماما من الزبونات.
وما يحسب لستيوارت أنه استطاع خلال سنوات قليلة، هي مدة التحاقه بالدار الإسبانية العريقة، أن يخطف قلوب محررات الأزياء والأنيقات اللواتي عشقن أسلوبه المترف والواقعي الذي لا يتربع على برج عاجي، بل يخاطب الذوق الراقي بداخل كل امرأة.
كون المصمم درس تاريخ الدار جيدا، واستوعب ما يريده منه المسؤولون في مجموعة «إل.في.إم.آش» التي تنضوي تحتها. هم يريدونها أن تدخل الألفية وتصبح أكثر عصرية، بعبارة أخرى، أن تخاطب الشابات بقدر ما تحافظ على زبوناتها المخمليات.
وهذا ما كان في هذه التشكيلة، التي بناها ستيوارت على الجلد، لأنه الأساس الذي قامت عليها دار «لويفي» منذ أكثر من قرن من الزمن، وطوعه في قطع خفيفة رائعة تخالها العين عن بُعد من حرير، سواء في الفساتين التي تصل إلى الركبة ويمكن أن تناسب النهار أو المساء بالنسبة لفتاة شابة وحيوية، أو في الإكسسوارات الرائعة التي شملت أحذية بكعوب عالية وحقائب تنسيك أن عهد الحقيبة قد ولّى.
أما الكلاسيكية والمضمون فتجلت في الألوان بالدرجة الأولى، والتي تباينت بين البيج والبرتقالي والبني والذهبي وفي معاطف المطر بلون البيج، التي تستحضر جذوره البريطانية، وإن كان قد طعّمها بأزرار كبيرة باللون البرتقالي، أخرجتها من العادي إلى العصري.
ما يحسب لستيورات أيضا أنه احترم المرأة وقدم لها أزياء وإكسسوارات تجمع بين العملية والأناقة، والأهم من هذا تبرر ثمنها في وقت أصبحت فيه الكثير من الأزياء متشابهة مما يجعل المرأة تعزف عنها وتفكر مائة مرة قبل أن تخرج بطاقة ائتمانها البلاتينية.