القتل الرحيم .. مسألة قائمة مثيرة للجدل !!

القتل الرحيم هو التصرف الناجم عنه قتل النفس لإنهاء الألم والمعاناة،ويعتبر لدى بعض الشعوب من الأمور التطوعية أو غير التطوعية اعتمادا على الجهة المخول لها بالقتل
القتل الرحيم هو التصرف الناجم عنه قتل النفس لإنهاء الألم والمعاناة،ويعتبر لدى بعض الشعوب من الأمور التطوعية أو غير التطوعية اعتمادا على الجهة المخول لها بالقتل

هل تستطيع قتل أحد المحببين إليك; لمجرد أنه يعاني من بعض الأمراض ولا أمل له في الشفاء؟
 
يعرف ذلك الفعل بسياسة القتل الرحيم، وهو الأمر الذي تمارسه بعض الثقافات وتؤمن بفوائده المتعددة، فالقتل الرحيم هو التصرف الناجم عنه قتل النفس لإنهاء الألم والمعاناة، ويعتبر لدى بعض الشعوب من الأمور التطوعية أو غير التطوعية اعتمادا على الجهة المخول لها بالقتل.
 
ويزعم البعض بوجود عدة فوائد للقتل الرحيم، والتى تتضمن:

1- تقليل الضغط على المستشفيات:
تخيل اصطفاف العديد من المرضى حول خدمات وأجهزة المستشفى المتاحة، وهذا في حين استهلاك من هم على مشارف الموت لتلك الخدمات العلاجية.
 
ومن هذا المنطلق يرى بعض الناس أن الموت الرحيم يساعد في خلق فرص للتداوي من قبل الآخرين، ومن ثم وجود حجم استفادة وشفاء أكثر.
 
2- الإعفاء من مبالغ فواتير المستشفى الجمة:
حيث إن القتل الرحيم يقي الأسرة من التورط في دفع مبالغ الفواتير الهائلة، ومع التدخل في حالة المريض عن طريق قتله، يعمل ذلك على خفض الفاتورة لأكثر من النصف وخاصة في المستشفيات الخاصة.
 
3- جعل الموت شيئا مقبولاً:
إذا قررت أسرة المريض اللجؤ إلى القتل الرحيم، فإن ذلك يجعل من موته أمراً مقبولا مقارنة بحدوث الوفاة لأسباب أخرى.
 
4- التخفيف من الألم والمعاناة:
لماذا نطيل مدة الألم والمعاناة لدى الرجل أو المرأة المشرفين على الموت؟ إن القتل الرحيم يخفف من آلام كل من المريض وأسرته على حد سواء، ومن ثم تخلصهم من العذاب بقدر كبير.
 
5- القتل الرحيم يقلل من قسوة الموت:
يخاف جميعنا تقريبا من الموت، وخصوصا الشخص المحتضر، فالبقاء على فراش الموت لعدة سنوات يزيد من الألم والتعب، ومن هنا يعمل القتل الرحيم على تخفيف تلك المعاناة ويقلل من قسوة الموت.
 
6- التحضير الجيد:
فالتحضير لتلك الفكرة من خلال دعوة الأقارب والأصدقاء وإخبارهم بموت فلان يوم كذا -لدى بعض الشعوب- يكون أفضل من انتظار ساعة الأجل لعدة أشهر أو سنوات مع التفكير في وقت انتهاء تلك الأزمة.
 
7- الموت الرحيم يحرر أقرب الأشخاص إلينا:
عندما تطول فترة مرض أحد المقربين لتصل إلى درجة تمني الموت والتخلص من الآلام، يأتي الموت الرحيم ليزيل تلك الهموم من نفسه ويحرره ليذهب إلى رحمة الخالق وذلك أفضل من أسر المرض وذله.
 
القتل الرحيم في الشريعة الإسلامية:
القتل الرحيم بدعة اختلقها المجتمع الغربي للتخلص من مرضاهم وكبار السن الأمر الذي يشير لغرق هذا المجتمع في المادية الصرفة، نظراً لتخليهم عن القيم والأخلاق خلافاً لما قام عليه الإسلام من القيم في توقير الكبير ورحمة الصغير ورعاية المريض وبر الوالدين المستمدة من ثابت النصوص في الشريعة الغراء. 
 
ولله الحمد لهذا الأساس بقيت المجتمعات الإسلامية متمسكة بهذه القيم وندعو الله عز وجل ألا نفقدها، ويتعين توعية المجتمع بمكانة المسنِّين وحقوقهم من خلال مناهج التعليم والوسائل الإعلامية.
 
فبرغم ما أحرزته الحضارة الغربية من تقدم مادي وتكنولوجي في هذا العصر، فإنها عجزت عن حفظ كرامة الإنسان عندما أعجزته خدمته لها أن يقوم بمصالحه ورعاية أفراده، والدين الإسلامي ظلَّ هو الأبقى والأصلح لكل زمان ومكان حيث يقوم على احترام آدمية الإنسان أيًّا كانت ديانته.
 
كيف تنظر الأديان السماوية إلى القتل الرحيم؟
إن الإسلام كان واضحا في هذه المسألة لكنه ترك بابا قابلا للتفسير والاجتهاد عبر الآية القرآنية الكريمة: "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق"، كما أن المسؤولية باتت هنا تقع على الفقهاء المسلمين في تحديد ماهية الحق الذي يسمو فوق حق الحياة التي حرم الله إزهاقها إلا في حدود العقاب القائم على مبدأ السن بالسن والعين بالعين ردعا لفكرة القتل كفعل آثم شرعا وقانونا.
 
كذلك فإن الديانة المسيحية وتحديدا الكنيسة الإنجليكانية تتفق مع الإسلام في التأكيد على أن الحياة هبة ربانية لا يحق لأحد أن يتصرف فيها، وبالتالي فإن القتل الرحيم –في المنظور المسيحي- أمر مرفوض.
 
وأخيرا فالدين اليهودي يبدو متشددا حيال هذه الفكرة لكنه لفت إلى وجود بعض التفسيرات التي أجازت القتل الرحيم، كما ورد في نص التوراة الذي قال إن الانتحار محرم "إلا في حالة الملك سول الذي أصيب بجروح بالغة فطلب من حامل سلاحه قتله فرفض، فما كان منه إلا أن سقط على سيفه ومات".