دار «أدلر» للمجوهرات .. تصميمات مرصعة تدعو للقاء الحضارات

دار «أدلر» للمجوهرات .. ولدت في سويسرا وشبت في تركيا
دار «أدلر» للمجوهرات .. ولدت في سويسرا وشبت في تركيا

تغير العصر، وتغيرت خريطة العالم بفضل سهولة التنقل ودخول الفضائيات معظم البيوت وغيرهما، وأصبحنا نسمع موسيقى هي مزيج من عدة تأثيرات، ونتذوق مطابخ هي مزيج من عدة حضارات، كما نفهم ثقافة الغير، من خلال ألوان ونقوشات أزيائه وعمامات رأسه.


لكن دار مجوهرات «أدلر» بدأت هذا المزج منذ القرن التاسع عشر، أي قبل أن يعرف العالم هذه الطفرة الاقتصادية والتكنولوجية وغيرها.

نظرة واحدة إلى أي قطعة من قطعها تشير إلى أنها تلخص لقاء الحضارات بشكل أنيق وراقٍ، وإذا عرف السبب بطل العجب، فقد ولدت الدار في سويسرا وشبت في تركيا، وعلى الرغم من أن الولادة كانت في الغرب، فإن التطور والنقلة النوعية تمت في معاملها الإسطنبولية، مما يفسرها إتحافها العالم بتلك الخلطة الثقافية المميزة التي تزاوج الغرب بالشرق بالذهب والأحجار الكريمة، وتصميمات تدير الرؤوس بجمالها وتميزها، وإن كانت، ولا تزال، تخاطب النخبة من الطبقات الأرستقراطية والعائلات المالكة، فضلا عن نجمات هوليوود.

نظرة إلى أي قطعة من مجوهرات الدار تجعل الواحد يفكر في القمر والشمس والنجوم، ويبتعد عن الواقع إلى عالم كله حلم وصفاء تحت سحر أحجارها وعمق ألوانها ودرامية تصميماتها التي تستوحي خطوطها مرة من خيوط الشمس، ومرة من مشربيات البيوت القديمة وغيرها. وتفخر الدار بأنها كانت دائما، ولا تزال، جسرا تتلاقى فيه كل الأذواق والأجيال أيضا.

بدأت القصة في القرن التاسع عشر، على يد جاك أدلر، الذي يتحدر من أصول هنغارية نمساوية وتدرب على فنون صياغة الذهب في فيينا، قبل أن يفتتح معملا خاصا به في إسطنبول.

كان ذلك عام 1886، حين كانت العاصمة التركية أيضا عاصمة الذهب والمجوهرات الرفيعة ووجهة مهمة للعارفين من هواة اقتناء الأحجار النادرة والتجار على حد سواء.

ولا يزال للدار حضور قوي في تركيا إلى اليوم، وكأنها مشدودة إليها بخيوط متينة ودقيقة، لا تتجلى إلا في قطع مجوهراتها، سواء كانت عبر انحناءات أو تعرجات أو مخرمات تبدو وكأنها مشربيات أو دانتيل.

كلها عناصر تجعل من اسم الدار مرادفا للخيال والتجديد. جيل ما بعد المؤسس جاك أدلر، حافظ على المبادئ التي أرسيت في إسطنبول، وحتى عندما انتقل إلى جنيف عام 1972، على يد كل من: كارلو، وفرانكلين وليلى أدلر، فإن شخصية العائلة وجيناتها الوراثية لم تخفت، ولا تزال واضحة في كل قطعة تصدر من معاملها، فقد ورث الأبناء والأحفاد حب الآباء والأجداد لذلك المزيج الثقافي الخاص، بدليل أن الدار منتعشة على يد الجيل الرابع، آلن وشارون أدلر، اللذين ترجما حبهما للفنون من خلال مجوهرات رفيعة. ما يساعدهما على الانطلاق والإبداع أن الدار ظلت عائلية، لا تخضع لإملاءات خارجية تكبلها، أيا كانت.

وهذا يعني تحكمها في كل صغيرة وكبيرة، من اختيار الأحجار الكريمة، والبحث عنها في كل ركن من أركان العالم إلى تقطيعها وصقلها، ثم صياغتها في تصميمات عصرية تختلط فيها الألوان والمواد المتنوعة بشكل تبدو فيه القطعة وكأنها شلال من الألوان القزحية، وفي أحيان أخرى تميل إلى استعمال نوع واحد أو نوعين فقط من الأحجار الكريمة مثل الماس والزمرد؛ لتأتي القطعة في غاية التفرد والجرأة.

هذه الحرية ساعدتها أيضا على ترسيخ اسمها كدار تبتكر اتجاهات جديدة ولا تتبع الآخرين، بما في ذلك صراعات الموضة، علما أنها من الأوائل التي فهمت أن الموضة والمجوهرات وجهان لعملة واحدة، فجمال الأحجار وجودتها وصفاؤها لا يكتسب جمالية ساحرة ومغرية للعين والجيب من دون تصميم أخاذ يعطي هذه الأحجار حقها من كل الزوايا.

فكرة تأسست عليها، وورثتها لكل من تسلم المشعل من الجيل التالي. وفي صدد الحديث عن علاقة الدار بالشرق، لا يمكن عدم التطرق لعلاقتها بالشرق الأوسط أيضا، بحكم وجود سوق ذواقة ومهمة فيه، فالدار حاضرة فيه منذ بداية الثمانينات، وتحديدا في أبوظبي ودبي، بالإضافة إلى تنظيمها رحلات موسمية يقوم بها الفريق إلى المنطقة لتقديم جديد للزبائن.

زبائن يقول عنهم السيد أدلر، الحفيد، إنهم يعرفون ما يريدون إلى حد أنه يشعر في كل مرة يقابلهم فيها بأنه في اختبار عسير يجب أن يحضر له نفسه حتى يتمكن من الإجابة عن كل الأسئلة ويعطي التصميمات والأحجار حقها.

لكن خبرة الزبون وحنكته وتعامله مع المجوهرات على أساس أنها زينة وخزينة في الوقت ذاته، ليست المحرك أو المحفز الوحيد هنا. فلا أحد ينكر أن الأزمة الاقتصادية الأخيرة هزت كل مناحي الحياة، بما في ذلك قطاع المنتجات المترفة.

ومع ذلك، لا بد من رؤية نصف الكوب ملآن، وبالتالي لا بد من القول بأنه كان لها تأثير إيجابي من ناحية أنها غيرت ثقافة هذا الزبون وتعامله مع الشراء، حيث توقف عن متابعة صراعات، وأصبح يبحث عن قطع لا تمليها عليه الموضة بل قطع استثمارية تجمع التصميم والابتكار بالجودة والصفاء، وهذا بالضبط ما تؤمن به «أدلر» وتأسست عليه، الأمر الذي يصب في صالحها كما في صالح الزبون، إذا أخذنا بعين الاعتبار أنها أججت الخيال والابتكار وحفزت على تقديم الجيد من أجل البقاء وتسليم المشعل لأجيال أخرى قادمة.