جدل علمي حول دور المشروبات الغازية في الإصابة بسرطان البنكرياس

العصائر الطبيعية أفضل منها للصحة، ولوحظ أن هؤلاء الذين يستهلكون عبوتين أو أكثر (5 في المتوسط) من المياه الغازية أسبوعيا، هم أكثر عرضة للإصابة بسرطان البنكرياس بنسبة 87 في المائة من غيرهم
العصائر الطبيعية أفضل منها للصحة، ولوحظ أن هؤلاء الذين يستهلكون عبوتين أو أكثر (5 في المتوسط) من المياه الغازية أسبوعيا، هم أكثر عرضة للإصابة بسرطان البنكرياس بنسبة 87 في المائة من غيرهم

بعد إدانتها سابقا بالتسبب في حدوث السمنة ومرض السكري وتسوس الأسنان والإخلال بمستوى اتزان الأملاح المعدنية في الدم، حذرت دراسة أميركية من أن استهلاك عبوتين أو أكثر من المياه الغازية أسبوعيا قد يتسبب في مضاعفة فرص الإصابة بسرطان البنكرياس القاتل.


وكانت الدراسة قد نشرت في دورية السرطان، التابعة لجمعية أبحاث السرطان الأميركية بداية الأسبوع الماضي، وأشرف عليها البروفسور مارك بريرا أستاذ الصحة العامة بجامعة مينيسوتا الأميركية.

وبحسب بريرا، فإنه على الرغم من كون سرطان البنكرياس من الأورام نادرة الحدوث، فإنه يعتبر من ضمن أكثر الأورام تسببا في وفاة مرضاه، لدرجة أن نسبة 5 في المائة فقط من الحالات التي يتم تشخيصها لديها فرصة الحياة لمدة 5 سنوات بعد تاريخ التشخيص.

رفع مستوى الإنسولين
ويرجع بريرا زيادة فرص الإصابة بالسرطان لدى مستهلكي المشروبات الغازية عن غيرهم إلى النسب العالية من السكريات التي توجد في تلك المشروبات، التي تعمل بدورها على رفع معدلات الإنسولين في الجسم، وهو ما يظن فريق العمل أنه العامل الذي يحفز نمو خلايا السرطان في البنكرياس.

وفي إطار دراسات متعددة الأهداف لمتابعة أنماط الحياة المختلفة، قام الباحثون بمتابعة أكثر من 60 ألف شخص لمدة 14 عاما في وحدات صحية بسنغافورة، عانى 140 منهم من الإصابة بسرطان البنكرياس خلال تلك الفترة.

وقد لوحظ أن هؤلاء الذين يستهلكون عبوتين أو أكثر (5 في المتوسط) من المياه الغازية أسبوعيا، هم أكثر عرضة للإصابة بسرطان البنكرياس بنسبة 87 في المائة من غيرهم.

في الوقت ذاته، نفت الدراسة وجود أي صلة بين استهلاك العصائر الطبيعية وبين حدوث سرطان البنكرياس.

على الجانب الآخر، شككت البروفسورة سوزان ماين، مساعدة المدير وأستاذة علم الأوبئة بمركز «ييل» لأبحاث السرطان، في نتائج الدراسة قائلة: «على الرغم من أن الدراسة قد أفادت بوجود أحد عناصر الخطورة، التي قد تؤدي إلى حدوث سرطان البنكرياس، فإن الظروف قد تكون مختلفة، كما أن عينة البحث تعتبر صغيرة نسبيا لتقرير مثل هذه النتائج، إلى جانب أن عناصر أخرى كالتدخين وكمية استهلاك اللحوم، قد تكون ذات تأثير على نتيجة البحث».

لكن بريرا يرد على ذلك قائلا إن «سنغافورة بلد غني، وتماثل طبيعة المعيشة والرعاية الصحية فيها كثيرا من دول العالم الغربي، كما أن حجم العينة التي خضعت للدراسة ليس صغيرا، ولا كبيرا، ولكنه عدد كاف لإثبات وجود عنصر مؤثر في المرض، أما بالنسبة للتأثيرات الأخرى كالتدخين ومقدار استهلاك اللحوم الحمراء وخلافه، فلا أعتقد أن العالم الغربي لا يدخن أو يستهلك اللحوم، وأعتقد أن الرابط الذي وجدته الدراسة هو رابط واقعي ومفهوم وذو مرجعية علمية، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار وجود مواد مثل بنزوات الصوديوم الحافظة بكثرة في المشروبات الغازية، بما لها من تأثيرات سلبية أثبتتها الأبحاث على تدمير الحمض الخلوي النووي».

سرطان البنكرياس
وتشير المراجع العلمية المرموقة في الطب الباطني، مثل «دافيدسون» و«كومار»، إلى أن سرطان البنكرياس يسمى بـ«القاتل الصامت»، نظرا لأن أغلب الحالات المبكرة لهذا السرطان لا تشكو من أية أعراض مرضية، كما أن الأعراض التي تنشأ في مراحل متقدمة تكون أعراضا «غير متخصصة» non - specific (أي تتشابه مع أعراض كثيرة لأمراض أخرى)، مما يفقد المريض فرص التشخيص والعلاج المبكرين، الأمر الذي يؤدي إلى وفاة ما يزيد على 85 في المائة من إجمالي عدد الحالات المشخصة سنويا في العالم.

ومن الأعراض الشائعة للمرض؛ آلام أعلى البطن التي تنتشر حتى الظهر، وفقدان الشهية والوزن، واصفرار الجلد والعينين، والجلطات الدموية المتكررة، ومرض السكري الثانوي، وكلها أعراض قد تنجم عن كثير من الأمراض.

واختلف العلماء حول مسببات المرض، ولكن الأرجح أن العوامل الجينية والوراثية تلعب أهم الأدوار، كما أن بعض العوامل الأخرى قد تزيد من مخاطر الإصابة بهذا المرض، منها السمنة المفرطة، والإفراط في التدخين واستهلاك اللحوم الحمراء وتناول الكحوليات، إلى جانب الإصابة بالميكروب المعوي الحلزوني (helicobacter pylori)، كما ينتشر المرض بين الرجال أكثر منه بين النساء، وأصحاب الأصول الأميركية والأفريقية عن سواهم.

 وتعد جراحة استئصال أجزاء من البنكرياس العلاج الأمثل في حالات السرطان، إلا أن معظم الحالات يتم تشخيصها في حالة متأخرة، مما يجعلها غير قابلة لإجراء الجراحة. ويستخدم العلاج الكيميائي chemotherapy في الحالات المتأخرة لتحسين صورة حياة المريض والتخفيف من حدة المرض.