جراحو الجمال يرفضون صنع جمال زوجاتهم
إذا كان صناع الجمال يتفقون على معايير جمالية معينة عندما يتعلق الأمر بالعمل، ففي حياتهم الخاصة يتفقون على أن جمال المرأة الحقيقي يكمن في صفاتها الداخلية، وهذا ما يجعلهم يرتبطون بواحدة دون الأخرى.
فالجمال مهما وصف وما قيل عنه يبقى نسبيا وفي عين الناظر، وهذا لا يعني أنهم عند اختيار شريكة حياتهم يسقطون المعايير الأنثوية الجذّابة من قواميسهم.
ثلاثة منهم على الأقل لا يؤيدون فكرة أن من يجمّل الآخرين بإمكانه أن «يصنع زوجته»، وإن عادوا في نهاية المطاف إلى نقطة الصفر ليتفقوا على توظيف أناملهم وخبراتهم للمحافظة على جمال زوجاتهم وتجنيبها آثار الشيخوخة، التي يمكن أن تؤثر على الوجه أو الجسد، أي أنهم لا يؤمنون بأن «باب النجار مخلع».
يعتبر جرّاح التجميل سهيل العجيلي، وهو متزوّج من الإعلامية اللبنانية هيام أبو شديد، أن معايير الجمال اختلفت كثيرا بين الأمس واليوم.
يشرح: «في أيامنا لم يكن الجمال الخارجي هو الأساس الذي يجمع بين امرأة ورجل، بل الأهمّ هو الشخصية وجمال الروح، لكن المجتمع أصبح مهيأ لتقبّل كل شيء من فتاة جميلة، بما في ذلك أخطاؤها، فيما يكون العبء كبيرا على من لا تتمتع بنسبة كبيرة من الجمال، والتي يصبح لزاما عليها أن تعوض هذا النقص بتحسين قدراتها وصفاتها حتى تتمكن من فرض نفسها وحضورها في المجتمع».
ويعتبر عجيلي أن السؤال حول نظرة جرّاح التجميل لجمال المرأة، يدخل في إطار فلسفي فضفاض، مشيرا إلى أنه يخضع بالدرجة الأولى إلى نظرة شخصية لا يمكن تحديدها بأطر معينة.
كما يلفت أن ما يبدو جمالا طبيعيا قد يكون نتاج عمليات تجميلية ناجحة، لأنه عندما تكون النتائج واضحة للعلن، فهذا يعني أنها ليست موفّقة.
ويلفت أيضا إلى أنّه في بعض الأحيان قد تكون بعض الملامح ليست جميلة إذا قيست كل واحدة منها على حدة، ولكنها عندما تجتمع كلها وفي شخصية لافتة تصبح متناغمة وجذابة بشكل عجيب.
ويختصر إعجابه بزوجته حين التقاها للمرة الأولى ببريق عينيها وذكائها وسحر حديثها، إضافة إلى حضورها الطاغي، ويقول «رأيتها جميلة جدا. فقد جمعت جمال المظهر الخارجي مع جمال الروح وهذا أكثر ما يجذبني في المرأة».
ويوافقه الرأي جرّاح التجميل نادر صعب، الذي اختار وصيفة ملكة جمال لبنان لعام 2005 أنابيلا هلال شريكة لحياته، الذي ربما يكون قد ضمن أنّه لن يكون بحاجة ليوظّف خبراته المهنية قبل مرور سنوات.
هو الآخر يرفض قول البعض بأن «جراح التجميل يصنع جمال زوجته» ويعتبر أن الأمر ليس بهذه السهولة لأن الطبيب هو كأي إنسان يطمح أن يجد شريكة لحياته يتّفق معها وتنسجم أفكاره مع أفكارها أولا وأخيرا، وليس بالضرورة أن يكون الجمال هو هدفه الأساسي.
لكنّه يستدرك قائلا: «لا نستطيع تجاهل أهمية الجمال أو ننكره، لا سيّما في حياة جرّاح التجميل الذي يحسّن المظهر الخارجي لكل الناس وليس فقط النساء، لذلك ليس ببعيد أن يفعل الشيء نفسه مع زوجته في بعض الأحيان. لكن ما لا يستطيع إصلاحه أو تجميله هو العيوب المتعلقة بالصفات الداخلية للزوجة».
ويتابع: «بالتأكيد ترتكز النظرة الأولى على الجمال الخارجي، ولكن هذا لا يكفي، لا سيّما مع من أقرّر أن أرتبط بها، فإذا اكتشفت أنها لا تتمتّع بالجمال الداخلي فعندها لا يمكن للعلاقة أن تصل إلى مرحلة الارتباط».
ويصف صعب زوجته التي التقى بها للمرّة الأولى في مؤتمر حول التجميل، بأنها المرأة التي اجتمع فيها جمال الروح بجمال المظهر، وأنّ جاذبية النظرة الأولى زادت بعد أن تعرّف على شخصيتها وطباعها عن قرب.
في هذا الإطار يعلق: «لم يكن اختيار زوجة بالأمر السهل بالنسبة إليّ، إذ كان عليّ اختيار امرأة تدعمني للمحافظة على ما وصلت إليه، وتقف بجانبي للتقدّم أكثر، والأهم هو أن تتفهّم طبيعة عملي، لا سيما أن الغيرة التي تعزّز الحب إذا كانت مقبولة، قد تخرج عند بعضهنّ عن النطاق المنطقي للأمور وتصبح مدمّرة للعلاقة».
وعن تفضيله بين الجمال الطبيعي وذلك الذي رسمته أنامل جراحي التجميل ومباضعهم، يجيب صعب: «ليس لديّ مشكلة مع امرأة خضعت لعمليات تجميل، لكن لا بدّ هنا من التركيز على أن تكون النتيجة طبيعية، بحيث تخفي الشوائب لا أن تحسّن في المظهر الخارجي وتغيره، كأن تكون الشفاه مرسومة بطريقة متناسقة وجميلة، لا أن تبدو منتفخة بطريقة نافرة.
فالمهم هنا هو أن يبقى كلّ شيء ضمن المقبول، ولا يكون الهدف هو لفت الأنظار والإغراء المبتذل فقط».
وهذا ما يعود حسب رأي صعب إلى المعايير الجمالية في عيون من يصنع الجمال، أي جراحي التجميل، لهذا لا يمكن في رأيه «وضع قواعد أو معايير جمالية عامة، لكن ما يمكن قوله في هذا الإطار، هو أنه إضافة إلى الجمال الذي يفترض أن يبدو طبيعيا، مهم جدا أن تكون المرأة متصالحة مع نفسها ومع شكلها الخارجي، حتى وإن لم تكن في نظر أغلبية الناس من الجميلات».
أما في ما يتعلّق بنادر صعب، الرجل وليس الجراح، ونظرته الخاصة للجمال فيقول «المهم طبعا هو الجسم النحيف الممشوق والوجه المتناسق الملامح، والشعر الذي يعكس أنوثة لافتة والخصر المنحوت والقامة الطويلة بعيدا عن كل ما يبقى منتفخا ونافرا. فأنا أرفض تطبيق هذا الشكل على زبائني في حياتي العملية، وبالتالي لا يمكن أن أنفّذ شيئا يكون متناقضا مع قناعاتي الجمالية».
وعما إذا كان جراح التجميل يتقبّل شكل زوجته في المراحل العمرية المتقدمة وما يرافقها من تغيّرات في المظهر الخارجي، أو يمكنه أن يفرض عليها القيام بعمليات تجميلية، يرد عجيلي «قد نعمد إلى تحسين أمور بسيطة، لكن في النهاية يعود القرار إلى زوجتي. أنا لن أفرض عليها شيئا من هذا القبيل، لأنه إذا لم يأت القرار من قناعة ورغبة ذاتية فذلك سيؤدي إلى نتائج فاشلة لا محالة».
ويضيف: «الأهم من ذلك كلّه أنّني عندما أريد أن أفرض على زوجتي الخضوع لهذه العمليات فهذا يعني أنّني كامل الأوصاف، وهذا ليس صحيحا».
ولا ينكر صعب عدم تقبّله ما قد تكتسبه المرأة من ترهّلات عند تقدّمها في السنّ، لكنّه يقول إن «المهم هو أن تكون متصالحة مع نفسها، فيما يكون دوري هو مساعدتها منذ الآن على التخفيف قدر الإمكان من آثار هذه المرحلة العمرية، بإسداء النصيحة إليها دائما بالعناية ببشرتها والمحافظة عليها باستعمال كريمات معينة كي لا تصل إلى مرحلة يكون فيها الترهّل واضحا، ولا يمكن القضاء عليه أو التخفيف منه».
ويستدرك: «في وقتنا الحالي لم يعد أحد يتقبّل تغيّرات المظهر الخارجي وآثار التقدّم في السنّ، لهذا من الطبيعي أن أبذل جهدي لتحسينها».
بدوره يعتبر جرّاح التجميل فادي فرّان أن الجمال، بشكل عام، نسبي وخاضع لوجهات نظر خاصة تختلف من شخص لآخر، متفقا مع زميليه في المهنة، صعب والعجيلي، بأن جمال الروح والشخصية أهم بكثير من الجمال الخارجي، ويستدل بنفسه وبزوجته شارحا أنها قد لا تكون فائقة الجمال في نظر الآخرين ولكنّني أراها كذلك. ويضيف «تزوّجت في سنّ مبكّرة، حيث لم أكن قد أنهيت تخصّصي بعد.
وأعتبر أن نظرة الشاب في مقتبل العمر للجمال تكون مختلفة عن نظرته في سن النضوج، مع العلم أن استخدام عمليات التجميل والاستفادة من فوائدها غيّرت من نظرة الشباب إلى جمال المرأة اليوم نحو الصورة النمطية والسلبية وعدم تقبّل الجمال الطبيعي.
وفي حين لم ينكر فرّان خضوع زوجته لعملية تجميل امتنع عن الإفصاح عن نوعها، مشيرا إلى أنّه لم يجبرها على هذه الخطوة، ولكنّه لم يمانع عندما طلبت مساعدته.