الدليل الكامل للتشخيص والوقاية من الفطريات بين أصابع القدمين
لوصف حالات التهابات الفطريات fungal infection التي تنشأ في ما بين أصابع القدمين، تختار المصادر الطبية اسم «قدم الرياضي» Athlete›s foot.
وهذا الاسم وإن كان «لبقا» وذا «رنة فنية»، إلا أن كثيرا من الأطباء يعترض على هذه التسمية، ويرى أن استخدام هذا الاسم ليس واقعيا ولا مناسبا لوصف تلك الحالة المرضية، ذلك أن الإصابة بهذا النوع من التهابات الفطريات لا علاقة لها بشكل مباشر بحرص الرياضيين، الهواة أو المحترفين، على ممارسة الرياضة كوسيلة لنيل الفوائد الصحية، أو كنشاط حياتي ترفيهي أو كسبيل لكسب لقمة العيش.
كما أن الكثير من المصابين بهذه الحالة، من الذكور أو الإناث، لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بممارسة الرياضة أو ارتداء الأحذية الخاصة بممارستها.
نمو فطريات القدم
إذن، من أين أتت هذه التسمية وما سببها؟
ما لاحظه الأطباء أن تعريض أصابع القدمين، وبالذات في ما بينها، لظروف الرطوبة والبلل لفترات طويلة، من دون الحرص على تنظيفها، ومن دون الحرص على تجفيفها، يؤدي إلى نشوء فرصة لنمو الفطريات وتغلغلها داخل الطبقة الجلدية للمناطق التي فيما بين أصابع القدمين.
وبما أن الرياضيين، كالعدائين أو لاعبي كرة القدم أو السباحين، معرضون للرطوبة في القدمين، جراء إفراز العرق أو البقاء في الماء، فإن أقدامهم هي الأنسب لوصف مسببات الإصابة بتلك الحالة من التهابات الفطريات.
وأيا كان الأمر في شأن سبب التسمية، فإن التهابات فطريات القدمين هي من الحالات الشائعة فيما بين الناس، وفي مختلف مراحل العمر.
الأعراض
هناك عدد من الأعراض التي تدل على وجود هذه النوعية من الالتهابات الميكروبية، قد يوجد جميعها أو بعضها لدى المصاب. وهي:
ـ الشعور بالحكة أو الوخز أو الحرقة، في مناطق ما بين أصابع القدمين، خاصة الأصابع الخارجية منها.
ـ الشعور بالحكة أو الوخز أو الحرقة، في باطن القدمين، أي في السطح الملامس للأرض.
ـ ظهور بثور جلدية blisters مثيرة للحكة، في القدمين.
ـ تقشر أو تشقق جلد القدمين، خاصة في مناطق ما بين الأصابع.
ـ جفاف غير طبيعي في جلد جوانب القدم أو في جلد كعب القدم.
وقد يُؤدي وجود الفطريات في أجزاء القدم إلى إصابة أظافر أصابع القدمين بتلك الفطريات، مما يجعلها تبدو سميكة وسهلة التفتت وفاقدة للنضارة الطبيعية في سطح الظفر وذات لون متغير نحو اللون الأصفر، وربما يصل التقصف والتفتت إلى حد زوال الظفر كلية عن الإصبع.
هذا، مع العلم بأن التهابات أظافر القدم بالفطريات Onychomycosis قد تنشأ دونما إصابة بالفطريات في جلد أصابع القدم، أو قد تكون مصاحبة لها.
مراحل الالتهاب
ولكي ندرك ما يحصل خلال نشوء واستمرار التهاب جلد القدم بالفطريات، علينا ملاحظة المراحل الثلاث التالية:
- المرحلة الأولى: الفطريات عالم واسع ومتنوع، وثمة نوعيات معينة من الفطريات، من خصائصها أنها تنمو لتكون ما يعرف بالعفن mold.
والعفن ببساطة هو كتلة من الزوائد المتراكمة على بعضها البعض، أي مثل كتلة من القطن. وهذه النوعية من الفطريات «تعشق» الأجواء المظلمة والرطبة والدافئة، أي غير المعرضة للهواء وأشعة الشمس، والعامرة بالماء.
وحينما تعيش القدم داخل أحذية ضيقة، وبالذات الأنواع البلاستيكية منها، ويتم ارتداء جوارب من مواد صناعية، أي غير قطنية، فإن أصابع القدم تتزاحم، ولا تتمكن المساحات الجلدية الفاصلة بين أصابع القدم من التعرض لراحة التهوية والجفاف وأشعة الشمس. وبالتالي تتهيأ أفضل بيئة لتواجد ونمو تلك النوعية من الفطريات.
وحينما تلتصق تلك النوعية من الفطريات بجلد الطبقة الخارجية لما بين أصابع القدم، فإنها تكون زوائد ميكروسكوبية أشبه بتلك الزوائد والفروع التي تكونها النباتات المتسلقة، كاللبلاب أو غيره، وذلك على السطح الخارجي للجلد.
- المرحلة الثانية: وإزاء هذا النمو غير الطبيعي لشيء غريب على السطح الخارجي للجلد، فإن الجلد يتفاعل مع الأمر بأن تقوم الطبقة السفلى للجلد بإنتاج المزيد من خلايا الجلد.
ومعلوم أن خلايا الجلد تنتج في الطبقة السفلى للجلد، ثم تصعد إلى أعلى تلك الخلايا كي تحل محل الخلايا الجلدية الخارجية التي ماتت وتلفت بفعل التعرض للأجواء الخارجية المحيطة بنا.
وما إن تصل هذه الكميات الجديدة والكثيرة من خلايا الجلد إلى الطبقة الخارجية للجلد، حتى تبدأ بالتراكم على بعضها البعض. وبالتالي يصبح الجلد أكثر سماكة، وتنشأ فيه طبقة القشور.
- المرحلة الثالثة: كلما زاد نمو الفطريات وانتشر على مناطق الجلد، زاد تفاعل الجلد مع ذلك، ونشأ مزيد من القشور الجلدية.
وهكذا دواليك تتكرر العملية، لتنشأ الحالات المتقدمة من التهابات الفطريات بالقدم.
التهابات معدية
وعلينا ملاحظة أن وجود الفطريات على جلد قدم شخص ما لا يعني بالضرورة نشوء التغيرات الجلدية المذكورة، ولكن هذا الشخص، السليم ظاهريا، تظل لديه التهاب فطريات.
والتهابات الفطريات في أصابع القدمين، سواء كانت واضحة أو خفية، هي من أنواع الالتهابات المعدية. أي أنها:
ـ أولا: قابلة للانتقال من بين أصابع قدم إلى أصابع القدم الأخرى للشخص نفسه، أو إلى اليدين.
ـ ثانيا: قابلة للانتقال من شخص مصاب إلى شخص سليم، عبر التلامس المباشر لجلد القدمين. أي ربما حتى من شخص سليم ظاهريا.
ـ ثالثا: الفطريات المعدية قد تعلق بأشياء يلامسها جلد الشخص المصاب. أي مثل أغطية السرير، أو أسطح بلاط الحمام أو المسبح أو الساونا، أو الجوارب، أو الأحذية، أو مقلمة الأظافر، أو غيرها من الأشياء. وهنا قد تنتقل إلى شخص سليم منها.
ولأسباب عدة، هناك أشخاص أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الفطريات في القدمين.
والرجال عموما أكثر إصابة من النساء، والذين يرتدون أحذية ضيقة، ومصنوعة من مواد بلاستيكية في أجزائها الخارجية أو طبقات بطانتها الداخلية.
وكذا من يرتدون جوارب غامقة اللون، وليس لديها قدرة على امتصاص الرطوبة والعرق، أي المصنوعة من خيوط صناعية.
وكذلك الذين يكثرون من استخدام المسابح العامة أو غرف الساونا أو الحمامات العامة.
وأيضا الذين لديهم تدن في قوة جهاز المناعة، ككبار السن ومرضى السكري ومرضى فشل الكلى وفشل الكبد والذين يتناولون أدوية لخفض مناعة الجسم وغيرهم.
وقد لا يقتصر الأمر بالضرورة على التهابات موضعية فيما بين أصابع القدمين، بل هناك مضاعفات لحصول هذه النوعية من التهابات الفطريات في تلك المناطق من جلد القدمين، خاصة لدى كبار السن أو مرضى السكري وغيرهم ممن قد تكون لديهم حالات صحية تتطلب عناية عن كثب.
التهابات إضافية
والمشكلة قد تتعمق حينما يسهل وجود التهاب الفطريات حصول تغيرات في الطبقة الخارجية للجلد، ما يجعلها عُرضة للإصابة بالتهابات بكتيرية، فوق الفطريات. وما يزيد المشكلة تعقيدا هو أن الفطريات لديها القدرة على إنتاج أنواع من المضادات الحيوية.
ومعلوم أن البنسيلين وغيره من المضادات الحيوية، إنما هو مادة تنتجها أنواع من الفطريات.
وحينما تنتج الفطريات الموجودة على سطح جلد القدم أنواعا من المضادات الحيوية، فإنها تقضي على أنواع من البكتيريا، وفي الوقت نفسه تسمح لأنواع شرسة من البكتيريا بأن تنمو في ظل غياب أنواع أخرى من البكتيريا.
وبالتالي يحصل التهاب بكتيري، من فئات شرسة من البكتيريا القادرة على إنتاج مواد تتلف أنسجة الجلد وتُعمق تغلل البكتيريا في أجزاء الأصبع الداخلية، ما قد يجعل من الصعب علاجها.
كما أن تلك الفطريات قد تنتج مواد بروتينية ذات قدرة على التسبب بحصول تفاعلات حساسية.
ومعلوم أن مصدر حصول تفاعلات الحساسية هو البروتينات بالذات.
وغالبية أنواع تفاعلات الحساسية هذه تنشأ موضعيا، وتتطلب نوعية معينة من الأدوية إضافة إلى تلك اللازمة للقضاء على الفطريات نفسها.
التشخيص والمعالجة
عند مراجعته لطلب المعونة الطبية، فإن ما يحاول الطبيب فعله هو تحديد ما إذا كانت الأعراض التي يشكو منها المصاب والعلامات البادية على جلد القدم، هي بسبب التهاب الفطريات أو أنها نتيجة لأمراض جلدية أخرى كالصدفية أو الحساسية أو غيرهما.
وعادة ما يأخذ طبيب الجلدية عينة من القشور المتراكمة على الطبقة الخارجية للجلد، أو عينة من السوائل فيما بين الأصابع، لفحصها تحت الميكروسكوب، بغية تأكيد رؤية الفطريات والزوائد النامية منها. وربما يتطلب الأمر زراعة بالمختبر، خاصة حينما لا تستجيب الحالة للعلاج.
وهناك نوعية من الأدوية التي توصف بأنها «مضادة للفطريات»، أي لديها القدرة على القضاء على الفطريات وإزالتها عن منطقة الجلد، كي يترك الجلد لينمو من جديد بالطريقة السليمة.
وهذه الأدوية قد يرى الطبيب أنه يكفي استخدامها عبر وضعها على الجلد، بهيئة بودرة (مسحوق) أو بخاخ أو مرهم أو غسول.
وقد يرى الطبيب، وفق ما أمامه من درجة الإصابة، اللجوء إلى وصف تناول المصاب عبر الفم للأدوية المضادة للفطريات.
إلا أن لهذه الأدوية آثارا جانبية محتملة، تتطلب من الطبيب تنبيه المريض إليها، ومن المريض ملاحظتها وتبليغ الطبيب بحصولها.
هذا مع ملاحظة أن علاج الفطريات يتطلب استخدام المستحضرات الموضعية عدة مرات باليوم، ولفترات قد تطول إلى عدة أسابيع.
خطوات يومية للوقاية من فطريات القدم
التهاب الفطريات في القدم من الأمراض الشائعة في مناطق واسعة من العالم.
والحالة ليست بالضرورة خطرة على صحة الإنسان، ولكنها تتطلب عناية للوصول إلى زوال الالتهاب عن جلد القدم. كما أنه من الممكن عودة الإصابة بالفطريات، بعد نجاح معالجتها لأول مرة.
ومن المهم إدراك أن الفطريات تنمو في البيئة المناسبة لها، أي في الأماكن المظلمة والرطبة والدافئة.
ولذا فإن مناطق ما بين أصابع القدمين، هي المناطق المضلة لحصول التهاب الفطريات.
ويلخص أطباء الجلدية بمايو كلينك خطوات الوقاية من حصول هذه النوعية من التهاب الفطريات، في العناصر التالية:
- احرص على بقاء قدميك جافتين، خاصة مناطق الجلد التي في ما بين الأصابع. ولذا احرص على المشي حافيا داخل المنزل، أو في الأجزاء النظيفة من الحديقة.
- احرص على ارتداء جوارب مصنوعة من مواد طبيعية، مثل القطن، أو الصوف، أو الجوارب المصنوعة من خيوط صناعية ذات قدرة على امتصاص البلل ورطوبة العرق.
- احرص على تغيير الجوارب كلما أصبحت رطبة. وإن كانت أقدامك تعرق بغزارة، غير جواربك مرتين باليوم.
- احرص على ارتداء أحذية خفيفة وذات فتحات لتهوية القدمين.
- احرص على تغيير الأحذية خلال اليوم الواحد، لإعطائها فرصة كي تجف من الداخل.
- احرص على حماية قدميك حينما تكون في الأماكن العامة، بارتداء الصندل أو النعال العالية عند التواجد في المسابح وغيرها.
- لا تستخدم أحذية أو نعال الغير.
- احرص على تفقد أجزاء قدميك يوميا، خاصة فيما بين الأصابع.
- احرص على غسل قدميك بعناية، خاصة في ما بين الأصابع، على الأقل مرة باليوم. واحرص على تجفيف كل أجزاء القدم بعناية، خاصة فيما بين الأصابع.