الإكزيما .. أسم واحد لأمراض جلدية مختلفة
يستخدم أطباء الجلدية اسم «إكزيما» «Eczema» لوصف عدة حالات من الإصابات الجلدية التي تتميز بالالتهاب والاحمرار وتهييج الرغبة في الحكة، إضافة إلى الجفاف وتقشير الطبقة الخارجية للجلد بالذات، لأن مكان الالتهابات في حالات الإكزيما هو الطبقة العليا الخارجية للجلد.
إكزيما الطفولة
والنوع الأكثر انتشارا للإكزيما هو النوع العائلي الوراثي «inherited» الذي يبدأ في الظهور لدى الإنسان في مرحلة الطفولة، وهناك عدة تسميات لهذه الحالة الوراثية للإكزيما، منها «إكزيما الطفولة» (infantile eczema)، أو «أتوبيك إكزيما» أي «إكزيما الطبقة الجلدية العليا» (atopic eczema)، أو «التهاب الطبقة الجلدية العليا» (atopic dermatitis).
وفي هذا النوع من الإكزيما يحصل التهاب في الطبقة الخارجية للجلد، ما يبدو عليه كطفح من الاحمرار، وذلك في مناطق مختلفة من الجسم، مثل جلد الوجه، وجلد فروة الرأس والرقبة، وجلد باطن المرفق وخلف الركبة، وعلى جلد الإلية والأرداف.
وإضافة إلى هذه المناطق المحددة لانتشار هذا النوع من الإكزيما، فإن المصابين بها لديهم استعداد وراثي أيضا للإصابة بحالات مرضية أخرى من أنواع الحساسية، مثل نوبات الربو وحمى القش الربيعي «hay fever» وغيرها.
ووفق ما تؤكده المؤسسة القومية الأميركية للحساسية والأمراض المُعدية، فإن الإصابات بهذا النوع من الإكزيما تنتشر بشكل متزايد في المجتمع الأميركي وبقية مجتمعات العالم.
وبمراجعة مختلف الدراسات الطبية الميدانية فإن نسبة الانتشار بين عموم الناس تتراوح ما بين 10 إلى 30 في المائة، وخصوصا بين الأطفال الرضع والأطفال الصغار والمراهقين.
ولذا نجد، وفي غالبية مناطق العالم، طفلا من بين كل عشرة أطفال على أقل تقدير لديه إكزيما الطفولة، وغالبا ما تبدأ الحالة في الظهور لدى الطفل قبل بلوغه سن سنتين، أو 5 سنوات على أقصى تقدير.
وبعضهم تزول الحالة عنهم في مرحلة الطفولة أو بعد البلوغ، وقد تستمر الحالة في الظهور والاختفاء لدى البعض الآخر طوال العمر.
وتؤكد بعض الدراسات الطبية أن 50% من الأطفال الذين لديهم إكزيما الطفولة تزول الحالة عنهم بعد البلوغ.
ولأن حالات الإكزيما شائعة، وخصوصا بين الأطفال الصغار، فعلى الوالدين معرفة علامات ظهورها وملاحظة ذلك على جلد الطفل وعلى تفاعله مع المناطق الجلدية المتأثرة بالحك أو غير ذلك.
وبغض النظر عن مكان ظهورها في جلد الإنسان، فإن الإكزيما دائما تتميز بتهيج الرغبة في حك تلك المنطقة من الجلد، ولذا كل إكزيما يجب أن يكون فيها حكة.
ولكن مع ملاحظة أن ليس كل حكة جلدية سببها هو إكزيما، لأن هناك أسبابا لحكة الجلد غير الإكزيما، هذه هي العلامة المميزة.
وهناك أمر آخر، وهو أن حكة الإكزيما قد تسبق ظهور احمرار الطفح الجلدي أو ظهور أي علامات جلدية أخرى.
ومما يلاحظ على منطقة الجلد التي بها إكزيما أن الجلد غالبا ما يكون جافا أو به قشور جلدية رقيقة، أو أن طبقة غلاف الجلد تكون سميكة، بالمقارنة مع مناطق الجلد الأخرى الخالية من مظاهر الإكزيما.
وفي حالات الإكزيما لدى الأطفال الصغار والرضع قد يصاحب طفح الاحمرار الجلدي في مناطق الوجه وجلد فروة الرأس حصول رشح جلدي لسوائل شفافة، أو ظهور قشور رقيقة أو سميكة على طبقة الجلد الخارجية.
أسباب الإكزيما
ولا يُعرف السبب وراء إصابة بعض الأطفال أو البالغين بالإكزيما، إلا أنها قد تكون مرتبطة بزيادة مفرطة في تفاعل جهاز مناعة الجسم مع عوامل مثيرة وغير معروفة.
كما يلاحظ أن الإصابة بالإكزيما تكثر في العائلات التي يوجد فيها من هم مصابون بحالات أخرى مرتبطة بنوعية تفاعل جهاز مناعة الجسم، مثل الحساسية أو الربو.
ومما يجدر ذكره أن الإكزيما ليست مرضا مُعديا، ولا ينتقل من إنسان مصاب إلى آخر سليم تحت أي ظرف.
وقد يلاحظ البعض أن تهيج ظهور الإكزيما والطفح الجلدي المصاحب لها، له علاقة بتفاعل الجسم مع مواد معينة أو ظروف معينة.
وعلى سبيل المثال فإن ملامسة جلد البعض لأقمشة خشنة، في الملابس أو غيرها، يؤدي إلى تهيج حكة الجلد.
وكذلك شعور البعض بالحر الشديد أو البرد القارس، أو استخدام أنواع معينة من الصابون أو الشامبو أو المنظفات المنزلية أو العطور، كلها تؤدي إلى عودة ظهور الإكزيما على الجلد، وهناك أشخاص يعانون من الإكزيما جراء ملامسة فرو الحيوانات، الحية أو الميتة.
وتشير المصادر الطبية إلى مثيرات قد تلعب دورا في ظهور الإكزيما لدى البعض، مثل التوتر النفسي والضغوطات اليومية في العمل أو الوضع الاجتماعي، ومثل الإصابة بوعكات طارئة، كنزلات البرد.
مستحضرات وأدوية
وعلى الرغم من أنه لا يوجد علاج «يشفي» من الإكزيما فإن هناك أدوية تخفف من المعاناة منها، وهذا هو الهدف الأساسي من معالجة حالات الإكزيما، كما أن من المفيد تعرف الشخص على عوامل إثارة ظهور الإكزيما كي يمنع عودة إثارة ظهورها.
ولأن إصابة منطقة من الجلد بالإكزيما يؤدي إلى جفاف الجلد وإثارته للحكة، تكون فائدة استخدام المستحضرات المرطبة، كالكريمات أو مستحلبات «اللوشن» (lotion)، وخصوصا في أوقات معينة، مثل ما بعد الاستحمام أو غسل اليدين بالماء والصابون كي يترطب الجلد.
وقد يستفيد البعض من وضع كمادات باردة على مناطق الإكزيما لتخفيف الرغبة في الحكة.
وثمة أنواع من المستحضرات الطبية الموضعية، التي تباع في الصيدليات دون الحاجة إلى وصفة طبية، يمكن دهنها على الجلد المصاب بالإكزيما لتسكين تفاعلات جهاز مناعة الجسم في تلك المناطق الجلدية، مثل الأنواع الخفيفة التركيز من مراهم أو كريمات مشتقات الكورتيزون.
وقد تتطلب الحالات الشديدة والمنتشرة في مناطق عدة من الجسم وصف الطبيب لأنواع أشد قوة من مستحضرات مشتقات الكورتيزون، وقد يصف الطبيب أنواعا من المضادات الحيوية إذا ما أدت الإكزيما وقيام المرء بحك الجلد بشدة إلى حصول التهاب بكتيري في الجلد.
وعموما، تخفف الأدوية من مجموعة «مضادات الهيستامين» من الرغبة في حك الجلد، مثل كلاريتين أو زايرتك أو غيرها، وإذا لم تفلح هذه الأدوية في تسكين الإكزيما يلجأ الأطباء إلى خيارات علاجية متوفرة، ذات مفعول أكثر قوة وفائدة.
عناصر للوقاية من إثارة إكزيما الجلد
- تشير المصادر الطبية إلى قائمة من الأمور التي تخفف من احتمالات إثارة ظهور إكزيما الجلد، ومنها:
- احرص على ترطيب بشرتك دائما، وخصوصا إذا كنت في مناطق جافة أو في فصل الشتاء.
- تحاشَ تعريض جسمك فجأة لتغيير درجة الحرارة أو الرطوبة في الأماكن التي توجد فيها.
- تجنب الوجود في ظروف تثير زيادة إفراز الجسم للعرق على الجلد.
- حاول أن تخفف من أي ظروف تعرضك للتوتر والضغوط النفسية.
- تحاشَ استخدام ملابس خشنة، أو ملامسة أقمشة خشنة مثل الصوف.
- تجنب استخدام الأنواع الجافة من الصابون أو مستحضرات تنظيف البشرة.
- حاول منع لمس يديك مباشرة لمواد أنواع المنظفات المنزلية الصناعية.
- حاول تجنب تعريض جسمك لأنواع المواد المثيرة للحساسية، كالغبار أو لقاح الزهور أو الفطريات المنزلية أو فرو الحيوانات المنزلية أو العطور أو غيرها.