عمليات "ترميم" جديدة ببلجيكا تعيد الأمل لنساء خضعن للختان
يسعى قسم خاص في مستشفى القديس بطرس الجامعي في بروكسل الى مساعدة اكبر عدد ممكن من النساء اللواتي خضعن لعمليات لختان وبات يستقبل اسبوعيا عددا من النساء يوازي العدد الذي كان يزور المستشفى سنويا لهذه الغاية.
وافتتح القسم الجديد في المستشفى الحكومي العام الواقع وسط بروكسل في مايو الماضي نتيجة لجهود فريق طبي جمعه الطبيب النسائي ميشيل دوخيلدرو الاخصائي بمشاكل الختان.
ومن موقعه رئيسا للقسم الجديد يقول دوخيلدرو ان كون المستشفى جامعيا وعاما، جعل الحالات التي تعاني من تشويه الاعضاء التناسلية تجتمع فيه، ما افرز ضرورة لوجود طبيب مختص بمعالجة هذه الحالات، الامر الذي اندفع له طبيب النساء هذا منذ ما يزيد عن 15 سنة.
يرفض الطبيب الذي يجمع اختصاصه بين الخبرة الجراحية والطب النسائي اعتبار تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة مشكلة "مهاجرين"، كونها تخص عائلات افريقية مهاجرة الى بلجيكا.
ويقول مصوبا انها "مشكلة اقلية تعيش في بلدنا، لكنها مشكلة كبرى لها"، من دون ان يعفي بلده من مسؤولية معالجتها.
والى عمليات جراحية تعيد تأهيل النساء "المختونات" لممارسة حياة جنسية والانجاب، يجري القسم الجديد عمليات لعلاج مضاعفات "اكثر خطورة"، يسببها نوع الختان الذي يجمع بين بتر الاعضاء الخارجية للعضو التناسلي الانثوي وتخييطه.
ويشرح الطبيب مارتان كاييه، الذي يعمل في القسم الجديد، انهم يجرون جراحات لعلاج حالات مختلفة، منها احتباس البول و"العجن" (اتصال غير طبيعي بين عضوين داخليين) الذي يحدث لدى بعض النساء "المختونات" اتصالا بين المهبل وقناة البول او الشرج.
ويعطي الطبيب مثالا عن امرأة عالجها اخيرا وكانت تعاني من تسرب البول المستمر منها.
مشكلة "العجن" بحسب كاييه "مأساوية" تجعل معاناة المرأة مضاعفة، فهي اضافة الى معاناتها الصحية "تصير معزولة اجتماعيا من قبل زوجها والوسط المحيط بها"، على حد تعبيره.
ولا يكتفي القسم الجديد بعلاج النساء، بل يستقبلهن للاجابة على كل تساؤلاتهن، وتقديم النصح والدعم النفسي والمعنوي.
ويوفر هذه العناية المتعددة المستويات فريق طبي متنوع، يتألف من اطباء نساء واخصائيين في الجراحة الداخلية واطباء علم الجنس واطباء نفسيين اضافة الى طاقم الممرضين.
وفي دليل على نجاح فكرة العناية المتعددة، يؤكد اخصائيو القسم الى انه صار يستقبل اسبوعيا، بعد اشهر قليلة من افتتاحه، اربع حالات وسطيا، بعدما كان هذا العدد يزور قسم طب النساء في المستشفى خلال العام بكامله.
ويحظر القانون الدولي الختان باعتباره "جريمة" لما فيه من "تسبب بالاذى الجسدي للمرأة، وانتهاك لكرامتها"، ويعده "ممارسة طبية غير مرخصة".
ويستعد اطباء القسم للقيام بعمليات "ترميم البظر" للنساء اللواتي تم بتره منهن عند الختان، ويعتبرونها "نافذة امل" لهن.
مبتكر هذه الجراحة "الرائدة" كما يشرح كاييه، طبيب المسالك البولية الفرنسي بيير فولدس، وقد اجراها على ثلاثة الاف امرأة "مختونة".
وبحسب الشهادات التي حصلوا عليها من نساء اجروا العملية في فرنسا، يوضح كاييه ان "هناك نساء قلن انهن لم يحسسن بتغيير، واخريات اكدن ان حياتهن تغيرت بشكل كامل وبدأن يشعرن بالمتعة من جديد".
ويلفت الطبيب دوخيلدرو الى ان "معظم النساء اللواتي يطلبن ترميم البظر لا يفعلن ذلك لانهن يردن الاحساس بالمتعة، بل لأنهن مجروحات ويردن ان تكون اجسادهن طبيعية مثل النساء الاخريات".
وبلهجة حماسية ومتفائلة يقول رئيس القسم، الذي يرأس ايضا فرع منظمة اطباء العالم في بلجيكا، الى انهم يضغطون لجعل هذه العملية مدفوعة من الضمان الصحي الذي يشترط لذلك اثبات فائدتها العلمية.
ويؤكد ان "التحسن النفسي اهم شيء" واحساس النساء به هو "نجاح" للعملية، معتبرا مساعيهم استمرارا "لمعارك" سابقة خاضوها كالتي "اثمرت" تشريع عمليات الاجهاض والموت الرحيم.
وكان تقرير الامم المتحدة للتنمية الانسانية العربية 2009 نقل عن دراسة لمنظمة الصحة العالمية، صدرت العام الماضي، ان نسبة "ضحايا" الختان من الفئة العمرية 15-35 سنة بلغت في 2005 في مصر 95,8 % وفي الصومال 97,9 % وفي شمال السودان 90 % العام 2000، وفي موريتانيا 71,3 % سنة 2001، وفي اليمن 22,6% عام 1997.
ويشير اطباء قسم مشاكل الختان الى ان مريضاته ينتمين الى عائلات مهاجرة من بلدان افريقية عدة منها مصر والسودان والسنغال وغينيا وجيبوتي.
ويبدي الاطباء مخاوفهم من ان هذه العمليات تجري لاناث ولدن في بلجيكا، مؤكدين ان هناك عائلات مهاجرة طلبت من ممرضين واطباء بلجيكيين "ختان" بناتهم.