في قمة الـ 20 .. ميشيل أوباما تهدي زوجات الزعماء طقم لتقديم الشاي وقارورة عسل
بدا البرنامج الذي أعدته ميشيل أوباما لزوجات الزعماء المشاركين في قمة الـ20 انعكاسا لشخصيتها واهتماماتها من الفنون إلى الزراعة العضوية، فقد تغير مفهوم إعداد جداول يومية للزوجات والأزواج خلال اللقاءات السياسية والقمم تحت الإدارة الحالية للبيت الأبيض إلى برنامج يحمل بصمات السيدة الأولى أكثر من أي وقت مضى.
ففي يوم الخميس وبعد أن حضرت مع زوجها باراك أوباما حفل استقبال في الحدائق النباتية في بيترسبرغ أقامت ميشيل أوباما حفل عشاء للزوجات في مزرعة عضوية تملكها تيريزا هاينز زوجة السيناتور جون كيري وتكونت وجبة العشاء من الفواكه والخضروات والبيض واللحوم من منتجات المزرعة وتعكس الوليمة اهتمامات ميشيل بالزراعة العضوية والأكل الصحي وهو ما حرصت على التأكيد عليه بتخصيص رقعة لزراعة الخضروات في حديقة البيت الأبيض.
وبعد الوليمة حضرت الزوجات حفلا موسيقيا لثلاثي موسيقى الجاز بأوركسترا بيترسبرغ ثم حصلت الزوجات على جرعة إضافية من الفنون عبر حضورهن فصلا دراسيا بمدرسة بيترسبرغ للفنون حيث استمتعن بعروض فنية للتلميذات. ولم تنته الجولة الفنية المقررة عند ذلك إذ توجهت المجموعة أيضا إلى متحف آندي وارهول في جولة خاصة قمن خلالها بطبع صورة لإحدى لوحات وارهول على حقائب من القماش ليحملنها معهن كتذكار من المتحف.
وترى ليتيسيا بالتريدج السكرتيرة السابقة لجاكلين كينيدي في تعليق لصحيفة التلغراف أنه من المهم أن «تسحر السيدة الأولى زوجات رؤساء الدول الأجنبية لأنهن سيحملن معهن قصصا عن الزيارة إلى بلدانهن».
ولم تقتصر زيارة الزوجات على اللقاءات التي شاركت فيها السيدة الأولى بل اجتمعن أيضا في العشاء الذين أقيم بمطعم سيبرياني في نيويورك وشاركت فيه الزوجات والملكة رانيا ومجموعة من النجمات منهن الممثلة الاسترالية نيكول كيدمان.
وقدمت ميشيل أوباما هدية خاصة لزوجات الزعماء المشاركين في الاجتماع عبارة عن طقم لتقديم الشاي من البورسلين من صنع بيكارد تشاينا، كما ضمت الهدية مزهرية صممت خصيصا للمناسبة وقارورة عسل من أول خلية نحل في حديقة البيت الأبيض.
وذكر بيان صادر من البيت الأبيض أن السيدة الأولى قدمت لضيوفها هدية لها أهمية على المستوى الشخصي والتاريخي فطقم تقديم الشاي مصمم بشكل يمزج الأسلوب الكلاسيكي والعصري وهو مستوحى من طاقم الشاي الذي استخدمه الرئيس لينكولن وزوجته في عام 1861، وجاء استخدام المعدن على الأطباق ليرمز إلى جذور صناعة الحديد في بيترسبرغ ويرمز اللون القرمزي إلى لون الزهرة الرسمية لولاية الينوي.
ويشير البيان أيضا إلى أن قارورة العسل المقدمة لها أهمية خاصة لدى ميشيل أوباما فهي من ناتج أول خلية نحل في البيت الأبيض بالقرب من حديقة المطبخ التي أقامتها ميشيل أوباما.
أما المزهرية فهي مصنوعة يدويا من الكريستال وتحمل توقيع السيدة الأولى.
التقاليد تفرض نفسها على برنامج السيدات الأوليات دائما
وخلال الأعوام الستين الماضية حاولت زوجات السياسيين الابتعاد عن نهج ربات المنازل الذي يعتبره البعض مهينا..
فعندما ذهبت نانسي ريغان، سيدة أميركا الأولى، إلى جنيف عام 1985 لحضور قمة رونالد ريغان وميخائيل غورباتشوف، نظمت حفل شاي بالاشتراك مع نظيرتها الروسية رايزا غورباتشوف، وكان الهدف من وراء ذلك أن تمثل صورة حية لكرم الضيافة الأميركية، والتي كانت صورة مهمة للدبلوماسية آنذاك، في الوقت الذي يتحدث فيه زوجها عن حرب النجوم «ستار وورز».
وقالت جوليا زيليزار، المؤرخة السياسية في كلية السياسات العامة والدولية في جامعة وودرو ويلسون: «لقد أثر ذلك بصورة كبيرة في الطريقة التي فهم بها الأميركيون الحرب الباردة».
لكن نهج ربات المنزل لا يزال أمرا يصعب التوافق معه، فيقول دونالد ريغان، كبير موظفي البيت الأبيض في عهد الرئيس رونالد ريغان: «إن غالبية النساء لا يكترثن لما تعانيه القوات السوفياتية في أفغانستان أو حقوق الإنسان، لكن اهتمامهن ينصب على القضايا الإنسانية ونتائج ما حدث».
وقد تغيرت الظروف بصورة جذرية بالنسبة لزوجات السياسيين منذ أن سافرت تشايلد إلى باريس عام 1948 وما قامت به نانسي ريغان في أواسط الثمانينات، فالسيدات الأوائل يختلفن اليوم بصورة كبيرة. فقد أبرزت المرتبات العالية والشهادات الجامعية والقدرات العقلية المدى الذي وصلت إليه النساء منذ الأيام التي كان يتوجه فيه عدد قليل من الفتيات إلى الجامعة.
وخلال أوقات فراغهن تقوم زوجات الرؤساء يتحدثن في كل الأمور بدءا من الاختلال الوظيفي في نظام الرعاية الصحية إلى حقوق الإنسان في بورما وعادات تناول الطعام غير الصحية للأمة بأسرها.
لكن حتى الزوجات الصارمات لا يمكنهن الخروج على بعض التقاليد حتى وإن رغبن في ذلك. فلا يزال اهتمامهن منصبا على قضايا الصحة والمنزل، مثل قائمة العشاء والأطباق الصينية وكيفية تنظيم حفل عيد ميلاد مثير.
هناك قائمة مطولة من التقاليد التي يتمسك بها البيت الرئاسي، ربما يكون أكثرها غرابة «برنامج الزوجات» الذي يأتي كاختصار لحفلات الغداء والنزهات والعروض التي تحضرها قرينات قادة الدول اللائي يحضرن قمة مجموعة الثماني أو قمة مجموعة العشرين، وأي مناسبات أخرى ثانوية عندما يجتمع قادة الدول وتصطحبهم زوجاتهم بحسب المطالب التي يقتضيها البروتوكول.
ويقول نيل لاتيمور، الذي عمل كمتحدث باسم هيلاري كلينتون عندما كانت السيدة الأولى في البيت الأبيض في التسعينات وحضر الكثير من حفلاتها: «كانت صورة مكررة لسيدات يرتدين القفازات والقبعات البيضاء يتناولن الطعام. لقد كانت تكرارا لعادات قديمة».
تأسست مجموعة الثماني عام 1975 ومجموعة العشرين عام 1999، وقد مثل برنامج زوجات رؤساء قمة مجموعة الثماني قصورا لسنوات عدة، حتى قامت لورا بوش بإعادته إلى وضعه السابق عندما عقد اجتماع في جزيرة سيا في ولاية جورجيا عام 2004.
وقال لاتيمور: «لأنه لم يتطور أو يتغير على نحو فعلي، فلم تتطور طريقة التفكير في كيفية تنظيمه، ولهذا تشعر وكأنك تعتنق تقليدا ملغزا».
وعلى مر السنوات قامت السيدات الأوليات بزيارات لأماكن مختلفة، مثل زيارة مواقد إحراق القمامة عالية التقنية في اليابان، وموقع الزلزال في إيطاليا، ومشاهدة عرض فيلم «هاري بوتر» في لندن، كما كانت هناك الكثير من حفلات العشاء والغداء.
بيد أنه على الرغم من الأحاديث الجماعية بين السيدات البارعات في السلوك الاجتماعي والمحادثات الجادة بشأن حقوق المرأة لا يزال برنامج زوجات قادة الدول يشتمل على عادة ربما تعود إلى عهد جين أوستن، حيث يسترخي الرجال في غرفة المكتبة بعد العشاء للتدخين واحتساء المشروبات ومناقشة الأحداث العالمية، وتتجه السيدات إلى الردهة للتحدث في شأن التطريز.
وقالت زيليزار: «إنها نتاج للفترة السابقة، ومن غير الواضح ما إذا كان ذلك هو النهج الأمثل لتطبيقه في كل الأوقات، ومن الناحية الرمزية ربما لا يكون ذلك أفضل ما يمكن القيام به».
وتقول سوزان شير، التي تعمل كمساعدة لميشيل أوباما: «أهو نوع من المفارقة التاريخية؟ إننا لم نتحدث بشأن ذلك، لقد كنا في غاية السعادة أن يعقد برنامج زوجات الرؤساء للمرة الأولى في الولايات المتحدة».
وتقضي التقاليد بأن كل ما يبدو غامضا أو مثيرا للجدل أو يثير استياء أي من زوجات الرؤساء يجب تنحيته بعيدا عن البرنامج، والسيدات الأوليات الزائرات لا يقدمن طلبات لذلك.
وتتجنب السيدة الأولى المضيفة الدفع بأي حدث يمكن أن يلهيها عن زوجها، فزيارة ملجأ للمشردين أو المطاعم التي تقدم الطعام بأسعار مخفضة للمحتاجين ربما تعتبر خروجا عن المألوف.
ويشير لاتيمور، الذي تذكر قيام هيلاري كلينتون بدعوة السيدات الأوليات أثناء حضور قمة مجموعة الدول الثماني في دنفر عام 1997 على الغداء في منتجع في جبال روكي، إلى أن القاعدة الأساسية بالنسبة للسيدة الأولى المضيفة بسيطة جدا: «عدم القيام بأي شيء قد يسبب ضررا».
وتقول شيري: «إن ميشيل تهدف إلى الاحتفاء بمدينة بيتسبرغ خلال يومين من الاجتماعات، وبطبيعة الحال فإن البروتوكول والتقاليد مهمة، لكني أعتقد أن ميشيل قادرة على أن تضفي لمساتها على تلك القمة».
وتعكس الأحداث التي أعلنت عنها ميشيل أوباما القضايا التي ركزت عليها السيدة الأولى حتى الآن، مثل عادات الطعام الصحية والفنون والتعليم ودعم الشباب.
وستقوم السيدة الأولى الأميركية بإقامة عشاء تعارف مساء الخميس لقرينات الرؤساء في مزرعة «تيريزا هاينز روزمنت فارم» في مقاطعة فوكس تشابل بولاية بنسلفانيا خارج بيتسبرغ، سيكون العشاء في المزرعة، التي يقوم فيها العمال بزراعة الخضراوات والفواكه وتربية الأبقار والدجاج وجمع البيض الطازج، تأكيدا على اهتمام ميشيل بالزراعة الدائمة وحرصها على الطعام المزروع محليا.
كما ستزور زوجات الرؤساء كلية بيتسبرغ للإبداع والفنون التي تضم 800 طالب والتي تشبه كلية الفنون المحترفة التي ألهمت فيلم «فيم»، كما ستقوم قرينات الرؤساء بجولة في متحف «آندي وورهول» الفنان الذي يرمز للثقافة الشعبية الأميركية والذي ولد وتربى في بيتسبرغ، ثم ستبع ذلك مأدبة غداء.
ونظرا لشهرة بيتسبرغ بمدينة الجسور سيدور الكثير من الكلام حول بناء الجسور وجسور تعزيز الصداقة.
وعلى الرغم من أن الهدف من وراء الخيارات يعكس اهتمامات السيدة الأولى، فإن ذلك لا يعني أن يعكس شخصيتها، حيث يشير مكتب السيدة الأولى إلى أن هذين الأمرين منفصلان تماما ولا يمكن الخلط بينهما، وأن هذه الزيارات التي تعكس شخصية السيدة الأولى ربما تجعلها أكثر شخصية ومتعلقة بصورة ميشيل أكثر من إدارة أوباما.
لم يخصص البيت الأبيض جزءا كبيرا من وقته لدراسة الاجتماعات السابقة لمجموعتي الـ8 والـ20 للاسترشاد بها، لكن أوباما كانت له بعض الخبرة في السفر برفقة زوجته.
في وقت سابق من هذا العام، حصلت ميشيل على الخبرة اللازمة من خلال اجتماع لمجموعة الـ20 في لندن، واجتماع آخر لمجموعة الـ8 في لاكويلا.
في إيطاليا، في يوليو (تموز)، حضرت السيدات الأوليات حفل غداء أقيم في متحف كابيتولين في روما، وتجولن بين حطام الزلزال المدمر الذي أتى على مدينة لاكويلا في العصور الوسطى، حيث التقطن صورة جماعية، ثم تناولن الطعام مجددا.
أما الحديث القليل الذي تبادلنه فجاء في صورة أصوات متقطعة لقضم الطعام أو همس نما لمسامع آخرين، وفي أغلب الأوقات، التزمن الصمت، ورسمن من حين لآخر ابتسامة على وجوههن، لكن بدا مظهرهن العام دوما لطيفا للغاية.
من جانبه، قال لاتيمور: «تتمثل الصورة المفضلة لدي في المناسبة التي، وأقسم أن هذا ما حدث، عاينا خلالها تطوير اليابانيين مصنعا لحرق النفايات، تعلق الأمر بتقنية جديدة لإعادة التدوير، وجاءت فرصة التقاط صورة خالدة عندما وقفت السيدات الأوائل أمام مقلب للنفايات، ووضعن زهورا، تلك كانت الصورة».
كان هناك تجمع آخر للسيدات الأوائل في نابولي عام 1994، حيث جرى اصطحابهن إلى مكان يطل على الميناء، بينما كانت الرياح تهب بقوة، واضطر لاتيمور إلى شد ملابس السيدة الأولى بملقط غسيل كي لا يرتفع رداؤها، وقال: «راودني التفكير في كمية مواد تثبيت الشعر التي استخدمتها السيدات الأوليات هذا اليوم. لا بد أنها كانت هائلة».
تشكل الصورة الجماعية أمرا لا مفر منه ـ وكذلك ما تنطوي عليه من حرج ـ لكن ميشيل وضعت جدولا يرمي لتوفير مزيد من الوقت كي تتعرف السيدات الأوليات بعضهن على بعض، ومن المقرر جلوس أفراد مختلفين بجوار السيدة الأولى لتيسير خلق علاقات جديدة.
وسيكون بمقدور السيدات التجول بحرية عبر ردهات متحف وورهول والتحدث إلى بعضهن البعض، وقالت شير: «سيخلق الأمر إمكانات للدخول في محادثات، وليس مجرد فرصة لالتقاط صورة»، وبالتأكيد ستكون هناك الكثير من القضايا يمكن تناولها، خاصة أن من بين هؤلاء السيدات محاميات ومسؤولين تنفيذيين وناشطات بمجال العمل الخيري.
لكن تنبغي الإشارة إلى أنه ليس جميع أزواج زعماء الدول المشاركين في اجتماع مجموعة العشرين من النساء، حيث يوجد، على سبيل المثال، جواشيم ساور، زوج المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وهو عالم كيميائي يتجنب الأضواء. وكذلك نستور كيرشنر، رئيس الأرجنتين السابق، وزوج الرئيسة الحالية كريستينا فيرنانديز دي كيرشنر، لكن ساور لن يحضر إلى بيتسبرغ، أما كيرشنر فسيحضر لكن دون حضور مآدب غداء أو المشاركة بجولات أو الوقوف في صورة جماعية.
وعلقت شير بقولها: «لا مكان للرجال .. نساء فقط».