علاج السكري لدى كبار السن .. من المهم ضبطه لتقليل أضراره في الجسم
أصبت بمرض السكري من النوع الثاني منذ 12 عاما، وعمري الآن 81 سنة، وأتناول أدوية «ميتفورمين» و«جانوفيا»، ولم يقترح عليّ الطبيب قط أن أقوم بمراقبة جسمي بأي جهاز على مدى اليوم، وقد ظل مستوى «الهيموغلوبين إيه 1 سي» يتزايد لديّ ووصل إلى قيمة 7.
هل يجب عليّ تناول علاج أقوى؟
إنك مصاب بالسكري من النوع الثاني، الذي كان من المعتاد تسميته «السكري لدى البالغين»، وهذا النوع من السكري ينجم بالدرجة الرئيسية عن مقاومة الجسم للأنسولين، وفي العادة يساعد الأنسولين على إخراج سكر الدم (أي الغلوكوز) من مجرى الدم وتوجيهه نحو داخل الخلايا، حيث يتم استخدامه لاستهلاك الطاقة.
وتظهر حالة مقاومة الأنسولين، عندما تقوم الخلايا بالامتناع عن تقبل الأنسولين، ولذا فإن كميات السكر الدائرة في مجرى الدم تزداد، ويؤدي الدم المملوء بالسكر إلى عدد من المشكلات، ومنها إحداث الأضرار في العينين والكليتين والأعصاب، إضافة إلى زيادته لأخطار التعرض للنوبة القلبية والسكتة الدماغية.
مستويات وقيم
ويمكنك أن تهنئ نفسك على أنه وبعد 12 عاما من الإصابة بالسكري فإن مستوى «الهيموغلوبين إيه 1 سي» hemoglobin A1c يظل لديك في قيمة 7.
ويقيس مستوى «الهيموغلوبين إيه 1 سي» كميات السكر التي «التصقت» بالهيموغلوبين، وهو البروتين الموجود في خلايا الدم الحمراء.
ويعكس هذا المستوى مستويات سكر الدم على مدى الأشهر القليلة الماضية.
ويتمثل هدف غالبية مرضى السكري في الحفاظ على هذا المستوى في قيمة 7، أو أقل.
وهذه القيمة هي التي تمثل ضبطا صارما إلى حد كبير لمستويات سكر الدم.
أما الضبط الأشد صرامة لدى المرضى الكبار في السن فقد يؤدي إلى ظهور مستويات منخفضة خطيرة من سكر الدم، أي حالة «نقص السكر» hypoglycemia، الأمر الذي يؤدي إلى التشوش الذهني، والدوار، والإغماء، ولذلك فان مستوى «الهيموغلوبين إيه 1 سي» بقيمة 8 أو إقل، يمكن أن يمثل هدفا معقولا لهم.
أدوية علاجية
ومن المعقول جدا تناولك لعقار «ميتفورمين» metformin «غلوكوفايج» (Glucophage) للسكري من النوع الثاني، فغالبية المرضى يحتاجون إلى دواء لضبط مستوى سكر الدم.
ولهذا الدواء مزايا أفضل من الأدوية الأخرى، فهو يخفض مستويات سكر الدم، إلا أنه لا يخفضها بشكل كبير ولذلك لا يعرض المرضى إلى خطر حدوث حالة «نقص السكر».
كما أنه، بخلاف الأدوية الأخرى لعلاج السكري، لا يتسبب في زيادة الوزن، كما أنه عقار قديم، ولذلك فإن له سجلا حافلا، ويتوفر بأسعار ليست عالية نسبيا.
إلا أن من سوء الحظ، أن غالبية المرضى يحتاجون، مع مرور الزمن، إلى أدوية إضافية لتقليل مستويات سكر الدم لديهم وبالتالي للحفاظ على مستوى «الهيموغلوبين إيه 1 سي» في نطاق قيمه السليمة.
وفي دراسة موسعة لمرضى كان مستوى السكر لديهم قد تم ضبطه بدواء واحد فقط، ظهر أن نصفهم كانوا بحاجة إلى دواء إضافي بعد مرور ثلاث سنوات (من بدء علاجهم ـ المحرر)، فيما احتاج ثلاثة أرباعهم إلى عدد من الأدوية أو إضافة حقن الأنسولين للتوصل إلى الهدف المطلوب بعد مرور تسع سنوات.
إنك تتناول الآن دواء ثانيا هو «سيتاغليبتن» sitagliptin («جانوفيا» Januvia)، وهو متوفر أيضا في توليفة من حبة دوائية تحتوي على «ميتفورمين» تسوق باسم «جانوميت» janumet.
وقد أجازت وكالة الغذاء والدواء الأميركية عقار «سيتاغليبتن» عام 2006، وهو العقار الوحيد من صنفه ـ المسمى مثبطات دي بي بي-4 DPP-4 inhibitors ـ في أسواق الولايات المتحدة.
إن وضعك جيد، إلا أن أكثر المصابين بالسكري الذين يتناولون الأدوية سيحتاجون بالتدريج إلى حقن الأنسولين.
وربما كنت قد عولجت بعقار «سلفانيلوريا» sulfonylurea من قبل، وهو من صنف كان يُستخدم منذ زمن طويل.
وإن لم تكن قد تناولته، وكان مستوى «الهيموغلوبين إيه 1 سي» يرتفع لديك، فعليك بمحاوله تناول هذا الدواء قبل الإقدام على حقن الأنسولين.
مراقبة السكر
أما في ما يخص مراقبة سكر الدم لديك، فهنا ندخل في حالة من اللا تعيين.
فالمرضى الذين يحتاجون الأنسولين قد تكون مراقبة غلوكوز الدم مساعدة لهم، إلا أنها ليست ضرورية للذين يتناولون الأدوية.
وقد وجدت دراسة للمرضى الذين كانوا يتناولون أدوية عبر الفم لعلاج السكري نُشرت في المجلة الطبية البريطانية، أن المراقبة الذاتية لمستويات سكر الدم لا تحسن من عملية ضبط مستوى «الهيموغلوبين إيه 1 سي».
ولأنه لا فائدة من مراقبة سكر الدم، ولأنها ترتبط بالشعور بعدم الراحة عند تعريض الإصبع لوخزة الإبرة لتحليل الدم، فإنني لا أوصي الكثير من المرضى الذين يتناولون أدوية عبر الفم، بإجراء مراقبة ذاتية.
ومع ذلك فإن عددا من الأطباء يوصون بذلك لأنهم يعتقدون أن ذلك يشكل حافزا للمرضى لتناول غذاء أفضل وإجراء التمارين الرياضية.
وفي اعتقادي أن كل الأمر يتلخص في ما يلي: إن كان مستوى «الهيموغلوبين إيه 1 سي» لديك يواصل ارتفاعه، فإنك بحاجة إلى علاج أقوى، قد يشمل حقن الأنسولين.
أما مراقبة غلوكوز الدم لديك الآن فهي غير ضرورية، إلا أنها قد تساعدك إذا تناولت الأنسولين.
اهتم بغذائك ونشاطك البدني، فالتقدم في هذين المجالين قد يبعدك عن اللجوء إلى حقن الأنسولين.
كما أن من المهم أيضا ضبط مستويات ضغط الدم والكولسترول لديك، لأن ذلك يقلل من احتمالات حدوث أمراض القلب.
وتفترض الدراسات أن ضبط سكر الدم قد يكون أكثر أهمية لتقليل أخطار حدوث أضرار في الأوعية الدموية الشعرية في العينين والكليتين والأعصاب، أكثر من خفضه لأخطار النوبة القلبية أو السكتة الدماغية.