"كريستيان لاكروا " يحتاج إلى مشتري وبسرعة للنجاة من الأفلاس

كريستيان لاكروا يودع الجمهور برفقة إحدى عارضاته خلال أسبوع الموضة بباريس
كريستيان لاكروا يودع الجمهور برفقة إحدى عارضاته خلال أسبوع الموضة بباريس

لاكروا، فنان بمعنى الكلمة وليس أدل على ذلك قدرته على اللعب بالألوان والنقوشات، ومنذو أن تم إعلان دار "كريستيان لاكروا" إفلاسها  في الاشهر الماضية، والذي كان له وقع كبير على نفوس عشاق الموضة عموما وعشاق أسلوبه خصوصا، وكون المصمم "كريستيان لاكروا" من القلائل الذين برعوا في الهوت كوتير، وجسدوا مفهومها أحسن تجسيد، وإن على حساب الجانب التجاري.


فمنذ التحاقه بركب الموضة الراقية في عام 1987 أكد أنه من مدرسة الراحل إيف سان لوران، رغم أن لكل منهما أسلوبه الخاص تماما، بيد أنهما يلتقيان في عشق الهوت كوتير والإخلاص لروحها، من منطلق إيمانهما بأن هذا المجال فن قائم بذاته لا يقبل المساومة والترخيص، وأنه عندما يخضع لمعايير السوق بالاعتماد على العطور والإكسسوارات للبقاء والاستمرار، يفقد كينونته.

إيف سان لوران عبر عن تمرده بالتقاعد معلنا عن خيبة أمله في التغيرات التي طرأت على ثقافة الموضة، وكيف تحول الفن إلى تجارة.

لاكروا، من جهة أخرى، يختلف سيكولوجيا عن لوران، فهو يتمتع ببنية قوية وحالة نفسية أكثر توازنا، وبالتالي فهو رافض للوضع ورافض أن يخنع أو يستسلم، ولا يزال يعطينا الأمل بأنه سيستمر، حتى بعد أن أصبح إفلاسه حقيقة تحتاج إلى معجزة لعكسها. فحسب أحد تصريحاته، فهو سيعرض في أسبوع الموضة الراقية المرتقب في شهر يوليو الحالي، والفضل يعود إلى أصدقائه ومحبيه، كما قال، الذين سيتضامنون معه ويساعدونه لتحقيق هذا الأمر، بشراء الأقمشة، ودفع رواتب الأنامل الناعمة التي تنفذ تصميماته، مع العلم أن بعضهم تبرع بالعمل من دون راتب تعاطفا معه.

وإلى أن يحين شهر يوليو، فإنه سيقدم اليوم ما قد تكون آخر تشكيلة له، في عرض مصغر بالمقارنة مع السنوات الماضية، فعوض 900 ضيف، وهو العدد الذي كان يحضر عروضه السابقة، لم تسلم الدعوات إلا إلى 280 ضيفا، نظرا لضيق المكان، بالإضافة إلى أن عدد العارضات تقلص إلى النصف تقريبا.

لاكروا، فنان بمعنى الكلمة وليس أدل على ذلك قدرته على اللعب بالألوان والنقوشات، التي يتعمد أن تكون صاخبة وفي قمة التناقض، ومع ذلك تبدو دائما في قمة التناغم والجمال، قدراته يحسدها عليه أي فنان، ويعشقها أي ذواق للهوت كوتير .. لكن بقدر ما كانت هذه الفنية نعمة عليه كانت أيضا نقمة عليه.

نعمة لأنه كان ولا يزال يحصد في كل مرة يعرض فيها، إعجاب النقاد والفنانين وهاويات اقتناء الفساتين الأشبه بالتحف من الأميركيات بالذات، ونقمة لأن التجاري، بمعنى ما يحتاجه السوق، لا يحتاج أن يكون بالضرورة فنيا في كل الأوقات خصوصا إذا لم يكن هناك ما يسنده، كالتركيز على حقائب اليد والأحذية والعطور، وهنا تكمن مشكلته، فإكسسواراته لم تحقق الرواج المطلوب، وباستثناء الذواقة، فإن تصميماته للأزياء صعبة التسويق.

وتجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها المصمم لمشاكل مالية، وإن كانت هذه أخطرها وأسوأها نتيجة الأزمة المالية العالمية، وتضرر السوق الأميركي على وجه الخصوص، لكنه في كل المرات يرجح الفني على التجاري ولا يقبل أن يحني رأسه لمتطلبات السوق وإن اعتبر البعض تشبثه بمبادئه انتحارا.

الأزمة المالية العالمية لم تمس لاكروا وحده، بل ظهرت تأثيراتها، بنسبة أقل لحسن الحظ، على العديد من المصممين وحتى كبريات بيوت الأزياء، التي اختار بعضها العرض في أماكن مصغرة، أو في محلاتها الخاصة.

نذكر منها على سبيل المثال دار "كريستيان ديور" و دار "شانيل".