زوجة الأب بالنسبة للأطفال .. هل هي صديقة أم عدوة ؟
«يحكى أن والدة أبراهام لينكولن الرئيس الأميركي الأسبق توفيت وهو في التاسعة من عمره في عام 1818، وبعد ذلك بعام سافر والده توماس لينكولن من كوخ العائلة في جنوب إنديانا إلى ديارهم السابقة في كنتاكي، حيث تزوج سارة بوش جونستون.
أصبحت سارة زوجة الأب لأبراهام لينكولن صديقته وشقيقة له، وكانت تشجعه على تثقيف نفسه، على الرغم من أنها لا تستطيع القراءة والكتابة، وفي حين لم يكن أبراهام لينكولن على علاقة وثيقة مع والده، فقد كانت لديه علاقة حميمة مع زوجة أبيه، وكان معتزا بتلك العلاقة».
بناء علاقة جيدة وصحية مع أطفالنا يتطلب جهدا وعملا دؤوبا، ويعد من أصعب التحديات التي تواجه الآباء، ويزداد الأمر صعوبة وتحديا في حال تدخل شخص ثالث في العلاقة، مثل زوجة الأب أو زوج الأم، ونتناول هنا وضع زوجة الأب التي تزوجها الأب إما بعد وفاة زوجته أم أطفاله أو بعد طلاقهما.
ويقدر في أستراليا، أن ما يقارب من ثلث الأستراليين المتزوجين لديهم أطفال من زيجة سابقة، في حين أن التقديرات تشير إلى أن هناك أكثر من 13 مليون امرأة في أميركا يعدون من زوجات الآباء.
حتى في الأفلام والمسلسلات فزوجات الآباء، في معظم الأحيان، صورن على أنهن شريرات يسببن كثيرا من الأسى للأطفال.
وفي مختلف الثقافات، ينظر إلى زوجة الأب عادة بوصفها امرأة قاسية على الأطفال، فتقول السيدة نانسي ريكر أستاذ مساعد في جامعة ولاية أوهايو إن زوجات الآباء لديهن أصعب الأدوار في الأسرة، وأظهرت البحوث أن معظم زوجات الآباء يصورن بصورة سلبية، وعادة ينظر إليهن على أنهن غير محبات للخير وعديمات النزاهة، والرحمة، وقليلات العطف، محبات للنكد وغير محبوبات وقاسيات وغير عادلات.
وتشير دراسة حديثة أعدتها جامعة برينستون نشرت أخيرا في صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن الأطفال الذين تربيهم زوجات آبائهم كانوا عرضة لقلة الرعاية الصحية الجيدة، والتعليم، والمصاريف التي تنفق على تغذيتهم مقارنة مع الأطفال الذين تربيهم أمهاتهم البيولوجية، للأسف تدعم هذه الدراسة الأساطير والصورة السلبية عن زوجات الآباء، ولكن ما هي القضايا الأعمق وراء هذه الأدلة؟ وهل كل زوجة أب شريرة وقاسية كما يحكى؟..
في الواقع أن من الصعب على زوجة الأب وأبناء الزوج التعود على هذه العلاقة الجديدة. بالنسبة لزوجة الأب فإنها تنضم إلى أسرة كانت قائمة بالفعل، ويتوقع منها أن تحل مكان شخص لا يمكن استبداله «الأم الطبيعية أو البيولوجية»، وبلا شك ليس من السهل أن تحب الزوجة أطفال زوجها بكل سهولة، فالمحبة تتطلب زمنا، وعلاقة بها احترام متبادل.
أما في نظر الطفل، فزوجة الأب يمكن أن تثير مجموعة من العواطف، فليس من السهل بالنسبة للأطفال قبول شخص جديد بالعائلة في مكان والدتهم، من الطبيعي أن يكون للأطفال ولاء عميق تجاه والديهم، وذلك إذا كانت الأم على قيد الحياة ولكنها مطلقة .. قد يشعر الأطفال بالذنب والغضب وعدم الولاء في قبول زوجة الأب في الأسرة، فضلا عن أن معظم أطفال الوالدين المطلقين لديهم أمل في جمع شمل الأسرة من جديد، فوجود زوجة الأب من شأنه أن يعرقل عودة أمهم إلى البيت.
وفي حالة قدوم زوجة الأب بعد وفاة الأم، فهذا أكثر صعوبة لأن الأطفال يكونون حزينين لفقد والدتهم، ومرة أخرى قد يشعرون بعدم الارتياح لأن هنالك من تريد أن تحل محل أمهم المتوفاة، وقد تكون مشاعر الغضب والخوف والشعور بالذنب مسيطرة، فضلا عن ألم الأطفال لأن والدهم نسي والدتهم وأراد أن يستبدلها.
هذه هي ردود فعل طبيعية لكل من زوجة الأب والأطفال، المشاعر التي تعتري الطرفين تجاه العلاقة الجديدة تختلف بين مختلف الأسر، وتتوقف كثيرا على عمر الأطفال، والتركيبة الشخصية لزوجة الأب والأطفال.
وزوجة الأب يمكن أن توفر للأطفال الدعم والرعاية، وأن تكسب الأطفال وتصبح صديقة لهم، ومحل ثقتهم، وكاتم أسرارهم إذا أتيحت لها الفرصة والاحترام للقيام بذلك، رد فعل زوجة الأب يتوقف كثيرا على مدى قبولها في الأسرة الجديدة، ولكن بمرور الوقت وطول البال من كانت تعد عدوة قد تصبح صديقة مدى الحياة للأطفال، فتكون العلاقة إيجابية ونهايتها سعيدة، مثل علاقة أبراهام لينكولن بزوجة أبيه.
وعلى زوجات الأب تذكر أن هناك عدة تحديات في كسب ثقة واحترام الأطفال، ولكن عليكن تعلم التحلي بالصبر والتسامح، وسيؤدي هذا حتما إلى نتائج إيجابية.
2. يجب تفهم مشاعر الأطفال، وإن كانوا يتصرفون بشكل سيئ تجاه زوجة الأب، حاول التحدث معهم بهدوء ولا تعاقبهم، فالعقاب سيزيد الأمر تعقيدا.
3. يجب إعداد الأطفال قبل الزواج وتعريفهم على زوجة الأب، فإشراك الأطفال قبل الزواج يسهل التقارب على الزوجة والأطفال.
4. على الأب ألا يحاول إجبار أولاده على قبول العلاقة الجديدة، فهذا من شأنه تعريض الأطفال لضغوط إضافية، مما يسبب لهم الكثير من الإجهاد.
5. ينصح معظم الباحثين زوجات الآباء بعدم التدخل مباشرة في تأديب الأطفال، لأن ذلك سيؤدي إلى مزيد من الاستياء منها.
6. محاولة العمل معا كأسرة لتصفية الأجواء، فهذا جيد خاصة للأب وزوجة الأب لبحث كيفية تربية الأطفال وتوزيع الأدوار.
7. لا تشعر بالخوف من قبل الأطفال الذين قد يرغبون في جعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لزوجة الأب، فهذا متوقع، ولكن الصبر وحسن النية قد يؤديان إلى تغيير سلوك الأطفال.
8. لا تحاولي تغيير روتين الأطفال على الفور، وذلك لأن الأطفال يعتادون على الأعمال الروتينية المختلفة ولن يقبلوا التغييرات التي تفرضها زوجة الأب.
9. اعمل على بناء الثقة مع الأطفال، فهذا من شأنه أن يجعل العلاقة أكثر سهولة.
10. لا تحاولي التدخل في أسلوب تربية الأب، لأن ذلك لن يكون مقبولا من قبل الزوج أو الأطفال.