«الروبوت» طبيب المستقبل .. يحاكي حركة يدَي الجرّاح ويتفوق على المناظير
دخل «الرجل الالي» (الروبوت) منافسا حقيقيا للأطباء والجراحين، وسط تأكيدات طبية بأن دخوله سيقلل من الوقت والجهد، إضافة إلى تعزيزه دقة العمليات بشكل كبير، عبر توفيره رؤية ثلاثية الأبعاد تمكّن الجراح من الإحساس بالعمق، وبالتالي تتيح إجراء العمليات بدقة كبيرة.
فالتقنية الرجل الآلي أو الروبوت بدأت تدخل بقوة في المجالات الجراحية المختلفة أخيرا، ولا سيما في مجال الجراحة النسائية، وتتميز هذه التقنية بتوفير رؤية ثلاثية الأبعاد، تمكّن الجراح من الإحساس بالعمق، وبالتالي إجراء العمليات الجراحية بمستوى عالٍ من الدقة، ثم ثمة فائدة أخرى، تتمثل في حركة المعصم التي تحاكي حركة معصم الجرّاح الطبيعية، لكنها قادرة أكثر على الوصول إلى أضيق الأماكن في جسم الإنسان، والالتفاف حول الأعضاء والأوعية الدموية بسهولة ويسر لإزالة الأورام أو التليّفات.
ومن جهة ثانية فأن استخدام تقنية الروبوت في العمليات الجراحية ثورة حقيقية في عالم الطب، كونها توفر رؤية ثلاثية الأبعاد بتفاصيل عالية، مما يسهم في دقة حركة الأدوات الجراحية داخل الجسم وإلغاء عيوب اليد البشرية كالاهتزاز والرعاش، إلى جانب مرونة حركة الأدوات الجراحية داخل الجسم التي تتفوّق على اليد البشرية، وبذا يتمكن الجراح من أجراء وظائف معقدة في مناطق ضيقة ومحدودة، كالخياطة على سبيل المثال.
تعود فكرة استخدام «الروبوت»، في الأصل، إلى وزارة الدفاع الأميركية التي عمدت منذ عقود على استخدامه في الأبحاث والدراسات، لأجراء العمليات عن بعد بحيث يتيسر علاج المصابين في ميدان المعارك عن طريق الجراحين الموجودين على مسافة بعيدة عنهم.
وتعتمد هذه التقنية على إمكانات الحاسوب والمعلوماتية التي تتيح للجراح استخدام المعدات الجراحية والتحكم بها عن بعد، ونتيجة للتطور الهائل الذي حدث في تقنية المعلومات والحاسوب نجحت الفكرة، وغدا تطبيق النظرية ممكنا، مع أن الطريق لا يزال في بدايته والمأمول أن يحمل المستقبل الكثير من الإنجازات.
وهذه التقنية وصلت إلى السعودية في مرحلة تُعتبر مبكرة إذ بدأ استخدامها اعتبارا من 2003 أو 2004م، لكنها أصبحت تقدَّم للمرضى بصورة مستمرة في بعض الأقسام والمستشفيات، ومنها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض.
ولا بد أن نشير أن العمليات التي لا يستطيع «الرجل الآلي» أو «الروبوت» إجراءها حاليا تتمثل في «العمليات القيصرية والجراحات المهبلية، في حين أنه يُستخدم في عمليات الاستئصال الكامل للبروستاتا وعمليات الاستئصال الجزئي والكامل للكلى، وعمليات استئصال الكلية من متبرع لزراعتها لمرضى الفشل الكلوي، إلى جانب عمليات إصلاح عيوب حوض الكلية، واستئصال الغدة فوق الكظرية، فضلا عن عمليات استئصال المثانة وتصريف البول، وعمليات الحوالب والمثانة الإصلاحية».
ولأقسام النساء والولادة دورا رياديا في اعتماد «الروبوت»، وذلك لتوفر التقنيات والتجهيزات، ويجود نحو سبعة أجهزة الآن على مستوى المملكة، وعن دور «الروبوت» مع حالات الحمل خارج الرحم فهذه الحالات من مضاعفات الحمل غير الطبيعي، الذي يحصل في منطقة خارج الرحم، وتكون القناة الفالوبية هي أكثر الأماكن المحتمل حدوث الحمل فيها.
وفي هذه الحالات لا بد من إزالة الحمل عن طريق إحداث فتحة في الأنبوب المصاب أو إزالة الأنبوب إذا حدث انفجار ونزف فيه، ويمكن اكتشاف هذه الحالة عند حدوث نزف مهبلي عند بداية الحمل بواسطة الأشعة الصوتية التي تبيّن عدم حدوث الحمل داخل الرحم، ووجود كتلة أو تجمع دموي في الأنبوب، ويكون العلاج إما طبيا وإما جراحيا».
وكان العلاج الجراحي في السابق يجري عن طريق فتح البطن، ولكن مع التطور الطبي، اعتمدت تقنية المناظير في مثل هذه الحالات حتى صار فتح البطن نادرا إلا في حالات الطوارئ عند حدوث انفجار في الأنبوب متسببا في حدوث نزف شديد في البطن قد يهدد حياة المريضة بالخطر، فعندها يصار إلى فتح البطن بشكل طارئ واستئصال الأنبوب لوقف النزيف.
وتقنية (الرجل الآلي) أو (الروبوت) تتميز عن تقنية المناظير بأنها تحاكي حركة اليد الطبيعية في العملية، ولكن عن طريق فتحات صغيرة مثل فتحات المناظير، وباجتماع هاتين الميزتين صنف الجراح الآلي (دافنشي) كأحسن جهاز جراحي لإزالة الأورام.
وفي مجال الحديث عن استخدامه في جراحات النساء والتوليد، فمنظمة الغذاء والأدوية الأميركية كانت من أدخله في هذا المجال عام 2005 م، وأُجريت أول حالة جراحية في تخصص أمراض النساء في السعودية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض في نهاية العام نفسه، واليوم يستخدم في العديد من العمليات الجراحية النسائية التي تجرى بواسطة الجراحة المفتوحة وجراحة المناظير.
وذكر أن أول عملية باستخدام تقنية «الروبوت» أُجريت لسيدة كانت في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض في مارس الماضي، وكانت عبارة عن عملية لاستئصال حمل خارج الرحم، وقد غادرت المريضة المستشفى في اليوم التالي، وهي تتمتع بصحة جيدة، وراجعت العيادة بعدها بخمسة أيام.