"أزرق أم شفاف".. تعرف على اللون الحقيقي للماء

الماء
الماء

يطرح عقولنا الكثير من الأسئلة، أهمها هل للماء لون، هل هو شفاف أم أخضر مثل النيل، أم أزرق مثل المحيطات أم شفاف مثل البحر، لكي نفهم سبب هذه الظاهرة يجب أولاً أن نتعرف على الطيف المرئي.


ما هو الطيف المرئي؟

الطيف المرئي هو عبارة عن موجات الضوء وتعرف أيضاً بالموجات الكهرومغناطيسية. يتكون ذلك الطيف من سبعة ألوان وهي: أحمر، برتقالي، أصفر، أخضر، أزرق، نيلي، بنفسجي.

ألوان الطيف المرئي

يتميز الطيف المرئي أو الضوء بوجه عام بعدة صفات تميزه وتجعله ذا طبيعة كهرومغناطيسية. مثلاً؛ لكل من هذه الألوان (الموجات) طول موجي معين يختلف عن الآخر، ولكن تتفق جميعاً في السرعة، وهي سرعة الضوء التي تساوي 300000 كم/ثانية.

كما تنتشر تلك الموجات في خطوط مستقيمة ويمكن أن تسير في الفراغ أو في الأوساط الشفافة أو شبه الشفافة كالماء.

وترجع تسميته بالطيف المرئي إلى قدرة العين البشرية على رؤيته وتمييزه؛ لذلك فهو مرئي. وكما توجد أصوات لا يمكن للأذن البشرية سماعها، هناك بعض الموجات الكهرومغناطيسية لا تستطيع العين البشرية إدراكها؛ ولكن يمكننا فقط رؤية الموجات التي يتراوح طولها الموجي بين 380- 750 نانومتر. (النانومتر= 1 على مليار من المتر).

وتقع ترددات الموجات التي يمكننا رؤيتها بين 400-790 تيراهيرتز. وتقوم أدمغتنا بتفسير تلك الموجات في صورة ألوان مختلفة حيث أن اللون الأحمر هو أكبرها في الطول، والبنفسجي هو أقصرها. ويعتقد العلماء أن الألوان ذات الطول الموجي الطويل تأتي من الأماكن الأكثر ظلمةً وبرودةً فى الفضاء، بينما تأتى الألوان ذات الطول القصير من الأماكن المفعمة بالضوء والطاقة.

الطيف المرئي

ولعلنا مررنا بتجربة تحليل الضوء الأبيض إلى ألوانه الأساسية في صف العلوم باستخدام الموشور الزجاجي.

يقوم الموشور بتوجيه كل طول موجي بزاوية محددة؛ فيظهر لنا الضوء الأبيض بألوانه الأصلية بعد تحليل طيفها، الأمر الذي اكتشفه العالم اسحق نيوتن عام 1666 عندما مرر ضوء الشمس الأبيض عبر موشور زجاجي فتحلل الضوء إلى ألوانه الأصلية، ومن قبل نيوتن كان هناك الكثير من العلماء الذين أدركوا تحلل الضوء، ولكن نيوتن هو أول من أدرك أن الضوء الأبيض يتكون من مزيج من الألوان، كما أدرك نيوتن أن تلك الظاهرة تحدث عند مرور الضوء من وسط شفاف إلى وسط شفاف آخر.

تحليل الموشور للضوء الأبيض

ومن المثير للاهتمام أن البشر قد يختلفون في استقبالهم لتلك الألوان، فيمكن لبعض البشر أن يروا أبعد من غيرهم في نطاق الأشعة فوق البنفسجية أو تحت الحمراء.

ما العلاقة بين الطيف المرئي ولون المحيط الأزرق؟

يعتقد الكثير من الناس أن لون المحيط أزرق لأنه يعكس لون السماء؛ وهو ليس صحيحاً. المياه النقية صافية تماماً؛ بل إنها شفافة. ولكن وجود كمية كبيرة من الماء مثل ماء المحيط مع العمق الكبير للقاع بحيث لا توجد انعكاسات للضوء من القاع، يجعل الماء يظهر باللون الأزرق الداكن.

ويرجع ظهور الماء باللون الأزرق الداكن  إلى ظاهرة امتصاص الضوء وتشتته. تنتشر وتتشتت الأطوال الموجية الزرقاء للضوء بسبب مياه المحيط تماماً كما يحدث تشتت للضوء الأزرق في السماء. لكن سر لون مياه المحيط الأزرق يكمن في الامتصاص الذي يمثل عاملاً أكبر بكثير من تشتت الضوء.

في الماء، يكون امتصاص طيف اللون الأحمر هو الأكبر وأضعف وأقل للون الأزرق، وبالتالي يمتص المحيط الضوء الأحمر بسرعة تاركًا الأزرق. تقوم المياه بامتصاص كل أشعة الشمس التي تدخل المحيط تقريبًا، باستثناء المناطق القريبة جدًا من الساحل.

يتم امتصاص الأطوال الموجية الحمراء والصفراء والخضراء لأشعة الشمس بواسطة جزيئات الماء في المحيط، عندما يقع ضوء الشمس على سطح المحيط، تنعكس نسبة قليلة من الضوء عن السطح؛ ولكن معظمه يخترق سطح المحيط ويتفاعل مع جزيئات الماء التي يصادفها، ويتم امتصاص معظم الأطوال الموجية للضوء- الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر- بحيث يتكون الضوء المتبقي الذي نراه من الأزرق والبنفسجي ذي الطول الموجي الأقصر الذي يسهل تناثره، وهذا هو نفس سبب ظهور السماء باللون الأزرق أيضاً.

انعكاس الضوء عن سطح المحيطات

ويزداد تشتت الضوء كلما زادت الجزيئات المعلقة في الماء. وجود الرمال والطمي بفعل المد والجزر أو الرياح، ووجود بعض الجسيمات الأخرى مثل خلايا العوالق النباتية التي تعرف بالـ Phytoplankton، أو الطحالب يؤدي إلى تغير بعض الخصائص والألوان الممتصة.

امتصاص العوالق للضوء

ولعل المادة الأكثر أهمية لامتصاص الضوء في المحيطات هي الكلوروفيل. الكلوروفيل هي المادة التي تستخدمها العوالق النباتية (Phytoplankton) في إنتاج الكربون في عملية التمثيل الضوئي.

بسبب هذه الصبغة الخضراء- الكلوروفيل– تقوم العوالق النباتية بامتصاص الأجزاء الحمراء والزرقاء من طيف الضوء بشكل خاص (لعملية التمثيل الضوئي) وتعكس الضوء الأخضر، الأمر الذي يجعل سطح المحيط يظهر فوق المناطق ذات التركيزات العالية من العوالق النباتية بأطياف معينة من الأزرق والأخضر بدرجة تتناسب مع نوع وكثافة العوالق النباتية في تلك البقعة، وبالتالي فإنه كلما ازداد عدد العوالق النباتية في الماء، كلما ظهر الماء أكثر اخضرارًا، وكلما قلت العوالق النباتية، كلما كان لون المياه أكثر زرقة.

لون المياه حيث يوجد طحالب

توجد بعض المواد الأخرى التي قد تكون مذابة في الماء ولديها القدرة أيضًا على امتصاص الضوء؛ ولأن معظم هذه المواد تتكون من الكربون العضوي، يطلق عليها العلماء أنها مواد عضوية مُذابة ملونة.