ضرس العقل .. بين مشكلة خلعه وقرار تركه
يعتبر ضرس العقل من أكثر الأسنان تميزا كونه يبزغ في عمر متأخر ما بين الثامنة عشرة والخامسة والعشرين سنة، وكونه مصدر ازعاج لكثير من الناس لما يسببه من مشاكل.
ولذلك نضعه اليوم في قفص الإتهام، ونسأله لماذا كل هذه المشاكل والتهديدات التي تسببها للناس وخاصة في سن الزهور، وهل انه السبب وراء حركة الأسنان وخاصة بعد رصها وتجميلها بالتقويم مسببة تزاحم للأسنان وحزن مرضى التقويم على الفرحه التي لم تكتمل؟ هذا بالاضافة الى الالتهابات اللثوية الميكروبية المصاحبة لبزوغه.
وحتى خلع هذا الضرس الذي ينصح به بعض أطباء التقويم بعد انتهاء العلاج، يسبب هاجسا مخيفا كونه صعب الخلع وله بعض المضاعفات المؤلمة والتي قد تمتد الى أيام وأسابيع. فدعونا نتحقق من جميع هذه الاتهامات وهل هي صحيحه أم لا.
وهو في عصرنا الحاضر أكثر الأسنان عرضة للإنطمار وعدم البزوغ ، و أحيانا لا يتكون أصلا. وهذا الذي دعى كثيرا من الناس لاعتباره ضرسا زائدا ليس له وظيفة.
ويمكن تفسير ذلك بنظرية التكيف البيئي، ففي العصور القديمة كان الناس يأكلون أصناف جامدة وغير مطبوخة والتي كانت تؤدي الى تآكل الأسنان نتيجة لاحتكاكها القوي ببعضها البعض. هذا بالاضافة الى كبر الفكين في ذلك العصر مما يسمح بتكون ضروس العقل وبزوغها سليمة بلا متاعب.
وقد تغير ذلك اليوم بتغير طرق ونوعية الأكل الى طرق اكثر رقة وأكل أكثر ليونة مما قلل من تآكل الأسنان وصغر المسافة المخصصه لبزوغ ضرس العقل مما يتسبب في انطماره. ولا ننسى ان نشير الى العامل الوراثي أيضا والذي نتج بسبب التزاوج بين الأعراق المختلفة في عصرنا الحاضر، مما أدى الى تزايد تشوهات الأسنان والفكين ومن ضمنها تزاحم الأسنان وخاصة ضروس العقل.
مشاكل ضرس العقل
تختلف المشاكل باختلاف وضع ضرس العقل فعندما يكون فى وضعه الطبيعي قد يصعب الوصول اليه لتنظيفه مما يؤدي الى تراكم الجير والكلس وهما المسببان الرئيسيان للتسوس والتهاب اللثة المحيطة.
وأحيانا أخرى يكون بزوغه غير كامل مما يجعله مغطى باللثة جزئيا. وأهم المشاكل المصاحبه في هذه الحاله التهاب اللثة المغطية للضرس وتكون جيب لثوي قد يمتلئ بالجير وبقايا الطعام، التي يصعب ازالتها مما يؤدي الى مزيد من الالتهاب ويعرض الضرس الى التسوس.
كما ان الأطباق قد يتسبب في التهاب اللثة المغطية للضرس أثناء المضغ، مسببا التهاب بكتيريا مؤلما جدا يسمى ب البيريكورونايتس (Pericornoitis).
وفي الحالات المتقدمه قد يتسبب مثل ذلك الالتهاب الى خراج لثوي وأحيانا الى عدم القدره على فتح الفم. مما يدخل المريض في دوامة الألم المستمر.
وفي الكثير من الأحيان تكون ضروس العقل منطمرة ومدفونة تماما داخل عظم الفك، أو ببساطة يفشل بزوغها. وقد يؤدي ذلك الى الضغط على بقية الأسنان أو تكون كيس مرضي (Cyst). والضرس المطمور يأخذ أشكالا مختلفة تتراوح بين الوضع الأفقي والمائل في اتجاهات مختلفة مما يكون سببا في عدم بزوغه أحيانا.
وأهم مايجب ان نشير اليه ما أشارت اليه بعض الدراسات الأميركية الى ان ضرس العقل قد يكون بؤرة التهابات بكتيريه قد تنتقل الى مناطق بعيده في الرقبة والرأس مما قد يسبب مضاعفات خطيرة.
النظرية القديمة تلوم ضروس العقل كونها تبزغ في هذه الفترة من الزمان فانها تضغط على الأسنان وتسبب تزاحمها. وشاع خلع ضروس العقل كاجراء روتيني لمنع تزاحم الأسنان وخاصة لهؤلاء الذين عدلوا أسنانهم بالتقويم.
وبعد دراسات أخرى أكثر حداثة أثبت العلماء ان السبب الحقيقي ليس ضروس العقل وانما يعود الى طريقة نمو الوجه والفكين وخاصة الفك السفلي، وان نموه الذي يمتد الى ما بعد عمر العشرين ونمو الأنسجة المحيطه يشكلان السبب في تزاحم الأسنان وليس ضروس العقل، لأن كثير من الناس الذين ليس لديهم ضروس عقل أو الذين خلعوها مازالوا معرضين الى تزاحم الأسنان.
وفي ظل وجود هذه الدراسات انقسم أطباء الأسنان الى من يؤيد النظرية الأولى وأخرون يؤيدون النظرية الثانيه. والصحيح ان النظريتين صحيحتين ويمكن ان تقدما سوية، السبب المشترك خلف تزاحم الأسنان. وبطبيعة الحال قد يختلف السبب باختلاف الانسان ووضع ضروس عقله ونموه.
وما يؤيد هؤلاء نشرة طبية حكومية صدرت في بريطانيا والتي تمنع خلع ضروس العقل السليمة بدون ضرورة. وقد منع بالذات أطباء تقويم الأسنان من تحويل المرضى الى جراحي الأسنان لخلع ضروس العقل تفاديا لتزاحم الأسنان. ويعود السبب كما تقول النشرة الى خطورة المضاعفات المصاحبه لخلع ضرس العقل، من نزيف واصابة بعض الأعصاب ومضاعفات أخرى خطيرة.
اما في عيادة الأسنان فينصح بخلع ضرسيين كحد أعلى في الزيارة الواحدة. وفي معظم الأحيان يجب كشف اللثة وازالة العظم المغطي للضرس ومن ثم خلعه اما كاملا أ, تقسيمه الى أجزاء متعددة يسهل اخراجها. ومن ثم يتم قفل الجرح عن طريق الخياطة.
- استخدام كمادات ثلج على الخد لتخفيف الانتفاخ المتوقع في اليوم الأول.
- ابقاء الفم مقفلا والضغط على الشاش المغطي للجرح لايقاف النزيف .
- الراحة التامة وعدم التعرض لأي مجهود قد يؤدي الى عدم التئام الجرح .
- تناول الأطعمة الطريه والاكثار من السوائل.
- تناول الأدوية الموصوفة لك كما أشار اليها طبيب الأسنان.
- الامتناع عن التدخين، وتفريش الأسنان بحذر في الأيام الأولى بعد الجراحة.
- مراجعة طبيب الأسنان عند الشعور بأي مضاعفات .
أخيرا: اذا قررت خلع ضروس العقل فيجب عليك الذهاب الى الطبيب المختص الا وهو جراح الأسنان وليس طبيب الأسنان العام .
أولا: ان الوضع يختلف من مريض الى أخر فمن لديه ضروس عقل منطمرة ومائلة وليس لها فراغ كاف لبزوغها، يجب خلعها في سن العشرين أو قبل ذلك من باب الوقاية من تزاحم الأسنان ومن باب الوقاية من المضاعفات.
ثانيا: اذا كانت ضروس العقل مصابة بالتسوس أو بالتهاب اللثة المزمن ينصح أيضا بخلعها بأسرع وقت ممكن.
ثاالثا: اذا كان الانسان يجد صعوبة في تنظيفها ولا يستطيع الاعتناء بها، فيمكن خلعها مبكرا لمنع تسوسها في المستقبل.
رابعا: اذا كانت ضروس العقل سليمة ولها فراغ كاف وليست مائلة، فلا يجب خلعها ولكن يجب فحصها باستمرار عند طبيب الأسنان.
خامسا: اذا كانت أسنانك في حاجة لتقويم أسنان، فيفضل عدم خلعها الا بعد استشارة طبيب التقويم كونه أحيانا يحتاج الى وجودها لأغراض معينه تساعد في اكمال العلاج. وتقرير خلعها من عدمه يعود الى خطة العلاج المعده لتقويم الأسنان.
سادسا: اذا كانت بعض ضروس العقل ناقصة، فيجب خلع البقية الباقية. فمثلا لا يمكن ان نترك ضرس عقل في الفك العلوي بدون مثيله في الفك السفلي كونه سيستمر في البزوغ حتى يرتطم بالفك السفلي وذلك قد يسبب مشاكل في الإطباق والتهابا في اللثة وغير ذلك من المشاكل.
وأحيانا أخرى فان وجود ضرس عقل في جهة واحده فقط قد يسبب ميلان الأسنان الى الجهة الأخرى أو تزاحم في جهة أكثر من الأخرى. ففي هذه الحالات فان خلع ضروس العقل المتبقية ضروري جدا.