ما هو زواج المساكنة .. وما رأي الشرع فيه؟

زواج المساكنة
زواج المساكنة

زواج المساكنة  يقوم على علاقة زوجية كاملة من دون أي أوراق رسمية، حيث يعيش الطرفان في منزل واحد ويلتقيان في أوقات محددة، ويمكن بعدها أن يعود كل منهما ليبيت في منزل أهله. وغالباً ما يتم الاتفاق على عدم الإنجاب، ويبرر أنصار هذا النوع من العلاقات تصرفهم بأنهم يفعلون أمراً شرعياً شبيهاً بزواج ملك اليمين!


وسألت إحدى السيدات عن هذا الأمر قائلة: فضيلة الشيخ أنا فتاة عمري 25 سنة أقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة وكنت من فترة شهر أعيش مع عائلة وصاحب الشقة في شقة واحدة، أنا في غرفة، والعائلة في مجلس وصاحب الشقة في غرفة على أساس أن هذا الأخير متزوج وزوجته مسافرة، بعدها قرر أن يحضر زوجته فطلب من العائلة المغادرة أما أنا فلا، ولكن لحين الآن أقيم أنا معه في الشقة، هو في غرفة وأنا في غرفة أخرى، ولكن زوجته لم تأت وكل مرة أسأله فقال لي عندها إنها أجلت سفرها إلى شهرين أو أكثر, ولكن الوقت الذي أكون في بالبيت يكون هو في الدوام ولما أدخل البيت بالليل قبل أن يأتي هو وأظل في غرفتي مغلقة بالمفتاح ولا أطلع منها حتى ثاني يوم الصبح يكون هو قد ذهب إلى الدوام فأخرج إلى الحمام حينها، علما يا سماحة الشيخ أنني مرتاحة جدا في الغرفة ونظرا لصعوبة الحصول على سكن مناسب في هذا الوقت، فقط من جهة أنني وحدي معه في الشقة من جهة ربي فأنا غير مرتاحة وأستغفر الله في كل الوقت، فما عساي أفعل علما بأنه يعتبرني كأخت له وهو رجل متدين ويصلي ولكن مع هذا لا أثق في أحد؟

وجاء في رد الشيوخ، أنه جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. ووجود امرأة في شقة وحدها مع رجل وحده من أخطر دواعي الفتنة والخلوة، ولو كان كل منهما في غرفة مستقلة. فقد اشترط أهل العلم لجواز المساكنة بين الأجانب ألا تكون المرافق مشتركة بينهما كالممر والمدخل والحمام والمطبخ... فإذا كان شيء من ذلك مشتركاً فلا يجوز لهما السكن بذلك المكان.    

وعلى هذا فلا يجوز لك السكن في هذه الشقة مع هذا الرجل الأجنبي لما في ذلك من الخلوة المحرمة شرعاً، والواجب عليك ترك تلك الشقة فوراً، وانظري للمزيد من الفائدة في الأمر الفتوى رقم: 76042، والفتوى رقم: 10146.
رأي الشرع في زواج المساكنة
وفيما يخص هذا النوع من الزواج بشكل عام فتشير الدكتورة مريم الدغستاني، رئيس قسم الفقه في كلية الدراسات الإسلامية- جامعة الأزهر، إلى أنه بافتراض صحة ادعاء أطراف "زواج المساكنة"، بصحته قياساً على زواج "ملك اليمين" أو حتى "زواج المتعة" الحلال عند الشيعة والمحرّم عند أهل السنّة، أو أن من حق المرأة تزويج نفسها من دون إذن وليّها، فإن مثل هذه العلاقة فيها شبهة تمنعها من أن تكوّن زواجاً صحيحاً تماماً من الناحية الشرعية، وقد نهانا الشرع عن فعل الأمور التي فيها شبهة شرعية

وربطت الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في بورسعيد- جامعة الأزهر، بين انتشار هذا النوع من العلاقات غير الشرعية والصعوبة الكبيرة في تكوين أسرة من طريق الزواج الشرعي، بسبب غلاء المهور والأسعار النارية للشقق والأثاث وتكاليف الزواج.

وأكد الدكتور عبدالله النجار أنه لا يجوز قياس زواج المساكنة غير الشرعي بزواج "ملك اليمين" الذي كان موجوداً في أوقات معينة ولأسباب نبيلة تصب في مصلحة المرأة. أما المساكنة فهي نوع من تجارة الرقيق الأبيض، وقد سمّاها بعض علماء الدين بـ "زواج الطيور"، حيث يقضي كل طرف غريزته ثم ينصرف إلى حال سبيله من دون أي مسؤولية تجاه الطرف الآخر، أو حتى عن ثمرة هذه العلاقة إذا تم الإنجاب.

المرأة هي الضحية
وأوضح الدكتور النجار، أن المرأة هي الضحية الأولى لمثل هذه العلاقة، وإذا تم الإنجاب تكون المرأة وأولادها ضحية الشهوة المحرّمة التي زيّنها الشيطان وأعطاها مسمّى زواج، مع أن الله حذرنا من ذلك، فقال سبحانه: "... وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ" (آية 24) سورة "النمل".    

أما الدكتور أسامة الأزهري، أستاذ الحديث في جامعة الأزهر، فيشير إلى أن زواج المساكنة لا يمكن أن يطلق عليه لفظ "زواج" أصلاً، لأنه علاقة غير شرعية استحلّ أطرافها الحرام تحت مزاعم وادعاءات ليكون مقبولاً اجتماعياً، ومع هذا فهو مجرد تقليد أعمى للغرب،

ويتعجب الدكتور الأحمدي من ترويج البعض لهذه العلاقة المحرّمة، باعتبار أن هذا حل غير مكلف إذا لم يتم التوافق بينهما، ولا توجد مسؤوليات أو توابع لفسخ أو إنهاء هذه العلاقة ولا تحمل المرأة لقب مطلقة، وبالتالي فإن مثل هذه العلاقة الآثمة أفضل بالنسبة الى البعض من الدخول في زواج شرعي قد يكون عرضة للفشل، لكنها بالطبع ليست زواجاً شرعياً.