الدليل الكامل لتشخيص وعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي
نظرة شاملة على مرض الروماتويد Polyarthride Thumatoide
يعتبر الروماتيد المفصلى (إلتهاب المفاصل الراثوانى) من الأمراض المزمنة التى تصيب عادة عددا لابأس به من الناس خاصة مع تقدم العمر، لذا تجدر الإشارة أن نلقى الضوء أولا على طبيعة هذا المرض وكيف يؤثر على العظام .
والروماتيد هو إلتهاب مفصلى "روماتيزم إلتهابى مزمن " إنه مرض يصيب المفاصل (روماتيزم ) ويتميز بحدوث إلتهابات، إذا فهو مرضا إلتهابياً ويتطور مع مرور السنين، إذا فهو مرضا مزمناً .
ويندرج الروماتيد تحت قائمة الأمراض التى يطلق عليها المناعة الذاتية، بمعنى أنه بحدوث خللا فى النظام المناعى الذاتى، مع وجود استعداد وراثي للإصابة به ويعتبر سبب هذا المرض مجهولا فى معظم الأحوال. وعند الإصابة بمرض الروماتيد المفصلى يتركز هذا الخلل فى الجهاز المناعى على مستوى المفاصل. هذة الظاهرة تسبب إلتهاباً فى المفاصل، وتكون مسئولة عن حدوث آلاما مزمنة تختلف فى شدتها وتمثل علامات المرض الحسية الرئيسية.
ولم يعرف سببه بعد وإن كان يلاحظ أنه قد يظهر نتيجة بعض العوامل الخارجية، كالصدمة الجسدية أو النفسية الشديدة، كإصابة أم بالروماتويد مباشرة بعد موت ولدها الشاب.
كما وإن العوامل البيئية قد تلعب دورا في التسبب بهذا المرض، فقد توصل العلماء أخيرا إلى أن تدخين التبغ يزيد من خطر الإصابة بالروماتويد.
في هذا الموضوع سوف نتعرف بالتفصيل على مضاعفات المرض وخاصة تلك التي تصيب أجهزة الجسم الحيوية كجهاز الدم والقلب والأوعية الدموية، كما سوف نتعرف على ماهية المرض، وهل هو من الأمراض نادرة الحدوث؟
أنتشار المرض
يرجع مسمى هذا المرض (الروماتويد) إلى سنة 1859، إلى العالم جارود، أي أنه ليس بالمرض الحديث.
وقد كشفت الأبحاث أنه قد تم العثور على عظام إنسان في ولاية ألاباما يرجع إلى أكثر من 3000 سنة، تدل عظامه ومفاصله على إصابته بهذا المرض.
ونسبة الإصابة بالروماتويد في الدول الغربية تتراوح من 1.5 ـ 3 %، وتشكل النساء نسبة 80% منها، ويصيب عادة كبار السن والعرق الأبيض.
أما بالنسبة لمجتمعنا، فلا تتوفر أبحاث ذات إحصاءات دقيقة تدل على نسبة حدوثه. ولكننا نستطيع الجزم، من عدد المصابين بهذا المرض الذين يراجعون الطبيب، بأنه ليس بالمرض النادر.
ويعتمد التشخيص على ملاحظة أعراض المرض وعلاماته المميزة التي لا تقل عن أربع علامات من سبع، وضعتها الجمعية الأميركية للروماتزم، وهي: أن الروماتويد يؤثر على المفاصل الصغيرة باليدين والقدمين، لكنه أيضا قد يؤثر على المفاصل الكبرى كالفخذ والركبة والكاحل مما يؤدي لتفاقم حالة المريض.
كيف ينتشر مرض الروماتويد؟
فى بداية المرض تتورم المفاصل وتصبح مؤلمة ويبدأ الغضروف فى التلف ويتبع ذلك، إلتهاب وتضخم متزايد ويبدأ الغضروف فى التدمير بشكل سريع وتبدأ العظام فى التآكل.
فى مرحلة متقدمة من المرض، يبدأ الألم، الألتهاب والتورم فى إضعاف المريض، تبدأ العظام والغضروف فى التدمير، هذا الأمر يؤدى إلى فقدان الحركة ووظيفة المفاصل بشكل كامل.
تتركز الإلتهابات المفصلية لمرض الروماتويد بشكل إساسى على مستوى الأيدى، المعصم، الركب، الإقدام وأيضا من الممكن أن تصاب مفاصل الكوع، الساقين أعلى العمود الفقرى والكعب. باقى المفاصل نادراً ما تصاب بهذا المرض.
تتمركز الإلتهابات فى أغلب الإحيان فى نفس المفاصل من ناحية ومن الناحية التى تقابلها من الجسم، انها إلتهابات ثنائية ومتماثلة.
على الرغم من أن مرض الروماتويد هومن أكثر إمراض الإلتهابات الروماتيزمية المزمنة إنتشاراً، إلا انه يظل مرض نادراً بوجه عام، مثلا فى فرنسا يصيب مرض الروماتويد 0.31% من السكان وهو يصيب النساء بصفة رئيسية من ثلاثة إلى أربعة سيدات مقابل رجل واحد وهو يأتى عادة ما بين 40 و50 سنة.
ماهى الأعراض المميزة لمرض الروماتويد ؟
لدى معظم المرضى، يتوطن المرض بشكل بطىء(أسابيع أو شهور)، لكن مرض الإلتهاب لمفصل الروماتويد يتطور بهجمة أو نوبة (فترات أزمات إلتهابية والآما تترواح شدتها وفتراتها ) ، وفى معظم الإحيان، يصبح الروماتويد مرضا مزمنا، مسببا لآلام مفصلية شبه يومية. ويلاحظ معه حدوث تلفا بطيئا ومتدرجاً فى غضاريف وعظام المفاصل، تكون نواة لتشوه المفاصل المميزة للمرض .
فى حالات متقدمة، يصبح المرض مسببا لإعاقة شديدة حيث يشكل صعوبة بالغة فى السير وكذلك فى حركة معظم اليد .
أقل الحركات تسبب آلاما غير محتملة، كفتح زجاجة، غسل الشعر، عمل الماكياج، عمل وضع القرفضاء لملاعبة الأطفال. مع ذلك فإن معظم المرضى لايتطور بهم الأمر نحو حالات تشوه كاملة .
قد يتسبب الروماتويد فى حدوث تلفا فى أعضاء أخرى مثل الجلد، الرئتين، العينين، الإوعية الدموية إلا أن هذة الظواهر ليست منتظمة وتترواح درجة خطورتها، وأيضا علاوة على تأثير مرض الروماتويد على المفاصل أو حدوث آلاما أو تشوهات تؤدى لإعاقة الحركات اليومية فإن الأشخاص المصابون بهذا المرض تتعرض علاقاتهم العائلية والمهنية أيضا لإضطرابات، وذلك بسبب القيود التى بفرضها على حركة هذا المريض من ثم تقل أنشطته ويقل اعتماده على ذاته ومن ثم يلجأ لمساعدات الآخرين مما قد يعرضهم للشعور بالضجر من ناحيته ويتعرض هو أيضا لآزمات نفسية بالغ .
التشخيص الطبي
إن تشخيص مرض الروماتويد الرثوانى (المفصلى ) يعتمد على مجموعة من العناصر الحسية (علامات وإعراض )، عناصر بيولوجية (تحالبل دم) وعناصر آشعات (جروح أو تلفيات مميزة فى العظام تظهر فى الأشعة)، قد يكون التشخيص صعباً نظراً لآن العلامات الآولية لاتكون مميزة (ارتفاع حرارة، إعتلال فى الصحة العامة).
وفي عام 1987 حددت الجمعية الأميركية للروماتيزم سبعة أعراض للروماتويد، ولكي نشخص المرض لا بد أن تتوفر أربعة من الأعراض السبعة، وأن تكون الأربعة الأوائل منها، قد ظهرت من قبل لمدة 6 أسابيع وتلك الأعراض هي :
1. تيبس صباحي، أو تيبس بعد راحة لمدة لا تقل عن ساعة.
2. الالتهابات بالمفاصل في ثلاثة مفاصل من 14 مفصلا وهي: مفاصل اليد القريبة بين السلاميات، المفاصل المشطية السلامية لليد، الرسغين، المرفقين، الركبتين، الكاحلين والمفاصل المشطية السلامية للقدمين.
3. التهابات متماثلة باليدين والقدمين.
4. التهابات متماثلة بجانبي الجسم.
5. أورام ليفية تحت الجلد وبجانب المفاصل.
6. ارتفاع عامل الروماتويد بالدم.
7. أشعة اليدين مبينة تآكل بالعظام مع هشاشة بجانب المفاصل. كما تجري بعض الفحوصات والأشعات والفحوصات المختبرية الخاصة للتأكد من دقة التشخيص.
المضاعفات
مرض الروماتويد يعتبر من الأمراض المزمنة الشديدة، ومضاعفاته على المفاصل وبقية أعضاء الجسم قد تكون خطيرة إذا لم يعالج مبكرا وبطريقة صحيحة.
ونشير إلى أنه قد تمت الموافقة من الجمعية الأميركية والأوروبية، بناء على أبحاث عديدة في هذا المجال، بوجوب علاج الروماتويد بأحدث الأدوية فور تشخيصه وعدم الانتظار بإعطاء المسكنات وبعض العلاجات القديمة، وذلك لتجنب المضاعفات التي قد تؤدي إلى وضع خطير على صحة المريض.
ومن مضاعفات هذا المرض تآكل عظام المفاصل التي قد تصل إلى التشوه وعدم استطاعة المريض ممارسة حياته العادية بسبب التشوهات.
ومضاعفات هذا المرض، قد تطال أي عضو من أعضاء الجسم بدءاً بالأنيميا الشديدة ونقص في الصفائح الدموية والتهاب الكبد والرئتين، إلى أن تصل المضاعفات إلى القلب والجهاز العصبي والعينين والعضلات والكليتين وأيضا التهابات الأوعية الدموية وتشوهات في المفاصل.
كما يؤكد على أن العلاج المبكر بالأدوية الفعالة لا يمنع حدوث المرض فحسب، ولكنه يحسن من حياة المريض ويجعله يمارس حياة شبه طبيعية.
ماهى العلاجات المتاحة؟
إن العلاج من هذا المرض يهدف إلى تخفيف الآلآم الحادة، الحد من الإلتهابات، إبطاء ظهور التشوهات المفصلية، الحفاظ على وظيفة المفاصل وحركاتها وتحسين حياة المريض بشكل عام.
ومن الحقائق العلمية ما أثبتته الدراسات من أن الأدوية المثبطة لمرض الروماتويد، بالرغم من أنها أدوية فعالة للسيطرة على المرض وتحسين حياة المريض، فإنها لا توقف ولا تمنع حدوث المضاعفات على المدى البعيد، ولهذا فقد أوصت أخيرا الجمعية الأميركية والأوروبية للروماتيزم لسنة 2008 باستعمال الأدوية البيولوجية في المراحل المبكرة للمرض، وبذلك توقف نشاط المرض ومضاعفاته.
إن التعامل مع مرض الروماتويد يستدعى اللجوء إلى العلاجات الدوائية واأيضا العلاجات الغير دوائي .
العلاج بالإدوية ينقسم إلى عدة فئات
علاج الإعراض
إن تأثير المسكنات لايعدو تخفيف الآلآم، إلا انها مع ذلك ليس لها تأثير على الإلتهاب وكذلك ليس لها اى دور فى الحد من تطور المرض.
إن مضادات الإلتهابات السترويدية Corticoides تمثل فئة أخرى من مضادات الإلتهابات وهى تستخدم من عدة سنوات وأثبتت فاعلتيتها للتخفيف من آلام الإلتهابات، لكنها للأسف من الأثار الجانبية، مما يحد من استخدامها .
العلاج فى العمق ( أو علاج المرض من الأساس)
وهذا النوع من العلاج يستخدم على مدى بعيد (شهور أو سنوات ) وهو يؤثر على تطور المرض . بعض هذة الأدوية أثبت فاعليتها للحد من تطور تدمير الغضاريف وعظام المفاصل الناتج عن مرض الروماتويد .
العلاج الحيوى ( أو استخدام المواد الحيوية)
منذ عدة سنوات توجد علاجات جديدة للعديد من حالات الروماتويد الإلتهاب المفصلى (الرثوانى ) وحالات الروتاتيزم الألتهابى المزمن.
والعلاج الحيوى biotherapies عبارة عن ذرات تؤثر بصورة تستهدف بعض العناصر فى الجهاز المناعى، على سبيل المثال الـ Tuor necrosis Factor TNF alpha أو (عامل النخر السرطانى ) فى حالة الروماتويد المفصلى، يلاحظ إرتفاعا خطيراً فى معدل الـ TNF alpha على مستوى المفاصل المصابة.
إن مضادات الـTNF alpha المتزايد وتسمح بالسيطرة على ظواهر الإلتهاب.
هناك علاجات حيوية أخرى تؤثر على طرف نشاط الجهاز المناعى على سبيل المثال الـ inter leukine وتعتبر مضادات الـ TNF alpha فعاله للحد من الآلام، الإلتهابات والحد من تطور عمليات التلف المفصلى، وتسمح بتحسين نمط الحياة بشكل ملحوظ لدى المريض.
أنواع العلاجات الحيوية
هذة العلاجات الحيوية يمكن أن تعطى بجرعات عن طريق الجلد أو بين الأوعية، بعض العلاجات توصف بالأشتراك مع علاجات أساسية أخرى .
العلاجات الموضعية
إدخال الـCorticoides (عن طريق الحقن الموضعى على مستوى المفاصل) يحد من الإلتهاب المفصلى
العلاجات الغير دوائية
قد تستدعى بعض العلاجات اللجوء إلى التدخل الجراحى
1- التدليك الطبى وإعادة التأهيل الوظيفى يمكن أن يعتبر علاجا تكميلا
2- للعلاج الدوائى عن طريق المعالجة التشغلية ergotherapie تساعد المريض على ممارسة الحركات الحياتية اليومية .
3- Or theses هو جهاز صغير يقوم بتثبيت المفاصل (خاصة أثناء الليل)، وهو يعمد إلى إراحة المفصل المصاب ليحد من حركته لكى يحصل على قسط من الراحة ثم يستتبع بإعادة التأهيل.
الروماتويد يتفاقم لدى المدخنين
تم إجراء دراسة على ما يقرب من 300 مريض مصاب بمرض الروماتويد المفصلى والذى بدأ فى التطور منذ عام وبعد حصولهم على علاجات أساسية وتمت متابعتهم على مدار عدة سنوات، فى بداية المرض، كان ثلث المرضى من المدخنين وتم الأقلاع عن التدخين أثناء الدراسة من قبل 7% من المرضى.
مع عقد مقارنة بين مرض آخرين، تبين أن المرض بدأ لدى المدخنين فى سن مبكر حيث كانت إصابتهم أكثر انتشاراً وأكثر شدة، والمفاصل المصابة أكثر عدداً إيلاما.
فى فترة الدراسة أيضا كان المرض أكثر انتشاراً وتفاقما لدى المرضى المدخنين.
أخيراً يعتبر التدخين من العوامل التى تزيد من خطورة تفاقم المرض بشكل ملحوظ.
ونؤكد بشدة مرة أخري أن على المريض أن يتجه إلى أخصائي روماتيزم لعلاج الروماتويد وليس إلى أخصائي طبيب عظام، بل ينصح كل مريض يعاني من أي آلام في المفاصل حتى وإن كانت بسيطة أن يتجه أولا لأخصائي الروماتيزم، حتى لا يتأخر تشخيص حالته ويصاب بمضاعفات تصل في بعض الحالات إلى وضع لا يمكن إصلاحه.