الفن والأقمشة أدوات (سمية أبو العز) لتنمية المجتمع

المصممة سمية أبو العز
المصممة سمية أبو العز

امتلاك الموهبة لا يعني بالضرورة سمو الفكرة، والقدرة على التعبير بالخطوط والرسومات والألوان لا يملك الجميع استغلالهم في ما يسعده ويغير من حياة غيره، لكن سمية أبو العز منذ اللحظة الأولى امتلكت أدواتها وحددت هدفها، فهي فنانة تشكيلية ومصممة نسيج تشغلها تنمية المجتمع.


في أثناء دراستها خلال مراحل التعليم الأولى والأساسية، كان الرسم هوايتها الأولى والأقرب إلى قلبها تشترك في المعارض وتنال الاستحسان والثناء على موهبتها من الجميع.
"كنت بحب أجرب دايما حاجات جديدة" كان دوما لديها الرغبة في أن تتعلم أكثر حول موهبتها وأن تستغل الرسم في أشكال مختلفة، فتعلمت الرسم على الأقمشة والخشب.
المصممة سمية أبو العز 
 

 

كان بديهيا أن تلتحق بكلية الفنون الجميلة، وكان أقرب الأقسام لما تحب أن تتعلمه هو قسم أزياء وديكور مسرح، وجاء موعد مشروع التخرج، فاختارت له أن يعبر عن إبمانها بالتأثيرالحقيقي الذي يمكن أن يُحدثه الفن في حياة الأشخاص العاديين "وكمان كنت مهتمة بعلاقة الفن بالجانب السيكولوجي، وإزاي ممكن يغير حياتنا بشكل إيجابي"، فتناول مشروع التخرج يحكي قصة حياة الكاتب الدانماركي هانز كريستيان أندرسون، المؤلف لأغلب قصص ديزني، من وجهة نظر طفل يعاني من التوحد.
ألفت (سمية أبو العز) القصة وصممت الشخصيات والديكور، وكان السبب الذي جعل أساتذتها بالجامعة يقومون بترشيحها للتعاون مع جامعة فالنسيا بإسبانيا من أجل تقديم عمل فني يعبر عن مرضى فيروس سي وما يمرون به بعد دراسة حالاتهم، لتكون واحدة من ضمن 3 فنانين مصريين آخرين.
بعد التخرج، انشغلت سمية أبو العز في العمل بالمسرح منذ 2013، سواء من خلال الأعمال المستقلة أو عروض دار الأوبرا، فعملت على تصميم الأزياء والديكور لعدد من العروض، وكانت مساعد مخرج لعروض أخرى، كما كانت مصممة أزياء وديكور لمسرحية "زي الناس" للكاتب بيرلوت بيرخت وإخراج هاني عفيفي والتي تم عرضها في دار الأوبرا المصرية. 
"استمتعت جدا لما صممت عروض الأطفال في مدرسة الدرب الأحمر" فشاركت بتصميم أزياء عرض "الطائر" الذي يقدم السيرك والفنون الإيقاعية، واستطاع العرض المشاركة في مهرجانات بتونس ولبنان، غير مشاركتها في مهرجان عالمي للمسرح في براغ بتقديم تصميم للديكور والأزياء عن فريدا كاهلو.
وبسبب أنها تملك روحاً مختلفة في الرسومات والتصميمات التي تقدمها، واعتيادها لرسم كل ما تصادفه في يوميات فتح لها ذلك الفرصة كي تقوم بتصميم ورسم كتب الأطفال، ونفذت الفكرة مع الكاتبة السورية خاولا، كما حصلت على دبلومة Playback Theater، كما أسست منصة "لندن" في مارس 2013، وكانت تسعى من خلالها إلى نشر فكرة السياحة الفنية في مصر.
لم يستمر مشروع "لندن" بسبب إجراءاته اللوجيستية، وكونه يعتمد على تتبع الحرف الفنية واليديوية في جميع أنحاء مصر، وتشكيل مجموعات من المهتمين لزيارة أصحاب هذه الحرف في بيئتهم الأصلية بهدف نشرها بصورة أكبر قبل أن تتعرض للاندثار، إلى جانب تقديم ورش للراغبين في تعلم هذه الحرف، ولكن صعوبة نقل الحرفة من أصحابها إلى المهتمين لم يساعد على استكمال المشروع.
"مبقتش حابة امشي بشكل عشوائي، وكنت محتاجة أكون جوه سيستم (نظام) معين" أدركت سمية أبو العز أنها تملك موهبة كبيرة وحب للتعلم يوميا، ولكن عليها أن تستغل ذلك في ما تريد تحقيقه بالفعل وهو "تغيير حياة الناس بالفن"، فعملت على الاعتماد على موهبتها في رسم ملابسها بنفسها "وكان الكل بيسألني ليه مش بتبيعها".
وفي فبراير 2018، أطلقت سمية أبو العز علامة تجارية تحمل اسمها، وقررت أن تقدم من خلالها تصميمات لملابس بأقمشة مصرية مائة في المائة مصنوعة في مغزل يدوي بمنطقة أخميم في سوهاج "كنت حابة كل الخامات تكون طبيعية وجودتها عالية وتراثية"، ثم ترسم عليها رسومات حصرية لكل قطعة لا تتكرر، ولا يتوقف الأمر عند الإنتاج والربح ولكن أيضا يحقق التنمية.
تصميمات سمية أبو العز، التي تقوم بالرسم عليها وقدمتها في كوليكشن وحيد تم إطلاقه في 2019/2020، تتنوع ما بين الملابس والحقائب واستوحتها من البحر والطبيعة في نويبع والوجوه التي تصادفها يوميا، الأهم أن نسبة من مبيعاتها تذهب إلى واحدة من المؤسسات التي تعمل على تنمية المجتمع، لتحقق سمية ما تسعى له في أن يكون الفن واقتناؤه طريقاً لتطوير مستشفيات ومدارس ودعم مادي للأسر المتضررة.
براند "سمية أبو العز" يعمل كذلك على تنفيذ ورش مستمرة هدفها تعليم آخرين حرفة الرسم على الأقمشة بأنواعها المختلفة، وإكساب سيدات وبنات وأطفال مهارة صنع منتج خاص بهن وتسويقه وبيعه ليكون مصدر دخل، والعمل على تحسين الذوق العام لدى المجتمعات الفقيرة، مع دعم فكرة وجود منتج مصري تتمنى تصديره للخارج وأن يظهر بجودة عالية.
"في خلال سنتين يكون لينا سوق خارج مصر" حلم ستعمل سمية على تحقيقه، ولن يكون ذلك عسيرا، بعد أن تمكنت على مدار سنوات من اكتساب الخبرة في التعامل مع أمور الإدارة والبيزنس وإدارة الوقت، وكان آخر ما أنتجته كمامات برسوماتها تذهب نسبة من مبيعاتها لدعم الأطباء بالمواد اللازمة لهم.