دان بلزيريان ثروة وشهرة بالكذب والخداع
04:40 م - الأربعاء 23 سبتمبر 2020
خاص الجمال - إيناس مسعود
مع الأسف تقدس بعض المجتمعات كل من يحقق ثروة وشهرة وتقول عنه إنسان عصامي حتى لو كان رجلاً لعوباً وجمع ثروته بطرق غير مشروعة. دعونا نلقي نظرة على أحد هذه النماذج وهو دان بلزيريان.
من الوهلة الأولى ينظر البعض لدان بلزيريان على أنه إنسان يملك كل شيء في هذه الدنيا، فقد رسم له ظهوره على إنستجرام صورة لأسلوب حياة يترجم في قاموس المعاني على أنه "المتعة"أو بمعنى آخر حياة المتعة.
ودائما يظهر محاطاً بمجموعة من الجميلات مرتديات البكيني سواء كان على الشاطيء أو يحلق بطائرته الخاصة أو حتى وهو نائم في فراشه.
ومن طريقة حياته المسرفة يبدو أن ثروته الهائلة منحته نوعاً من الرفاهية التي تعج بالنفاثات والبحث المستمر عن المتعة.
ونتيجة لذلك أخذ فعليا لقب "ملك إنستجرام" ورغم أنه لقب دقيق من حيث عدد المتابعين له، لكنه من الجانب الآخر حقير لا قيمة له.
ويقال إنه جمع ثروته من لعب القمار على نطاق خطير، وهذه هي القصة التي تلتصق به بغض النظر عن من يتحدث بشأن مصدر ثروته.
وخضعت هذه القصة المتداولة مؤخرا للفحص الدقيق من خبراء بوكر أو قمار فعليين وقدموا الكثير من النقد بهذا الخصوص، وانحصر بين حقيقة أن بلزيريان ليس هذا المقامر الماهر إلى حقيقة أنه لا يوجد مثل هذا القدر من الثروة يمكن جنيها من لعب القمار.
وقد اكتشف من قاموا بتتبع المصدر الفعلي لثروة دان بلزيريان أن والده بول بلزيريان قضى عقوبة بالسجن لارتكابه جرائم مرتبطة بالأنشطة التي يقوم بها كمهاجم للشركات.
وبالرغم من أنه أمر بدفع 62 مليون دولار كحكم مدني عليه بتهمة الاحتيال في الأوراق المالية إلا أن بول بيلزيريان دفع منهم 3.7 مليون دولار فقط.
وفيما يخص المكان الذي يحتفظ فيه بباقي ثروته ما زال لغزا، لكن ليس من الخيال أن نفترض أنه استخدم صناديق خارجية ومحلية لحماية أي أصول متبقية لأسرته.
وفي الأساس دان بلزيريان شاب ثري يقال إنه محل ثقة، لكن بالنظر إلى نتيجة مشاريعه التجارية الخاصة فهو ليس بهذا الذكاء الذي يمنحه مثل هذه الثروة.
وبالإضافة للضمان النقدي كان بلزيريان يستخدم شركته المعروفة باسم Ignite International Brands وLtd ككنز شخصي دفين.
وقد سجلت الشركة خسارة تقدر ب 67 مليون دولار كندي، أو 50 مليون دولار أمريكي في العام الماضي، والذي لا يعتبر مفاجأة أن مال الشركة كان يستخدم للإنفاق على أسلوب حياة بلزيريان المسرف ويشمل ذلك تكاليف تقدر ب 200.000 دولار قيمة إيجار شهري لقصره الفخم الذي كان يدعي امتلاكه ورحلاته الجوية واليخوت وعارضات الأزياء اللاتي يتعلقن بذراعه في كل صورة. والدعاوي القضائية في الطريق إليه.
ويبدو أن هناك الكثير من الشخصيات عبر الإنترنت تغطي خداع بلزيريان بسرور.. ربما لعدم قدرتهم على تحمل شخصيته أو ربما ليتم كشفه أمام متابعيه.
لكن قد لا يهم من أين حصل دان على ثروته بالتحديد بالنسبة لمن يبجلونه، ولا أعتقد أن الأمر سيكون مهماً لو تم الكشف عنه واعتباره محتالاً في قاعات المحكمة غدا.
فلا تمثل الأكاذيب المتعلقة بكيفية حصوله على ثروته جزءاً ذا قيمة مقارنة بجاذبيته وشهرته لدى الجماهير.
فبالنسبة لهم لا يهم مصدر أمواله أمام الصورة الخادعة التي باعها للجماهير. فلا تهم الحقيقة ما دامت صورته واقفة بقوة، ولو افترضنا أن دان ماهر في أي شيء فهو بناء صورته التي انخدع بها الرجال وربما النساء أيضا.
وقد لاحظ الكثير من المعلقين الذين شاركوا في تغطية نهاية بلزيريان (وقد اقتربت كثيرا) أنه يعيش الحياة التي يحلم بها المراهقون كما لو أنه لا يوجد الكثير من الرجال يتمنون لو تأتيهم الفرصة ليعيشوا هذا النوع من الحياة.
ويبدو من السخف والخداع الاعتقاد بأن الطريق الذي دفع بيلزيريان إلى النجومية يبدأ وينتهي في فترة المراهقة، فهذا ليس الحال على الإطلاق.
ولقد لوحظ نفس الأسلوب الأحمق مع بيلي مكفارلاند الذي اشتهر بتأسيس مهرجان فاير فيستيفال الفاشل، وبالمثل أضاع هذا الرجل وقته وماله على النساء الجميلات والحفلات الفاضحة، بينما كان يوجد مهرجان موسيقي مخطط له، وكان على استعداد لخداع الناس لمواصلة تمويل أسلوبه في الحياة.
لا يحترم المجتمع أناساً مثل دان بلزيريان (أو بيلي مكفارلاند قبل أن يعرف بأنه محتال) بسبب أي شيء ينوي أن يحققه، إنما يقدسونه لوجود نقص في القيمة بحياة الناس ودان من الماهرين في نشر الوعود الوهمية تحت شعار تقديم المتعة للجماهير.
وقد كتب كريس هيدجيز في كتابه إمبراطورية الوهم ما يلي:
تنعكس تخيلاتنا للانتماء والشهرة والنجاح والوفاء على المشاهير، ويغذي هذه الأوهام كبار أولئك الذين يضخمون ثقافة الوهم ويقنعوننا بأن الظلال حقيقية.
ومع ذلك يعتبر تجاوز الأوهام المستحيلة مستوحى من ثقافة المشاهير وما نقدمه نحن من إنجازات فردية (لا تقارن بما يحققونه) يؤدي بنا في النهاية إلى حالة من الإحباط والغضب وفقدان الشعور بالأمان، وهذا يدفع الشخص المحبط داخل دائرة ليس بها إلا مزيد من اليأس والضياع والابتعاد عن الواقع والاتجاه نحو الوعود الواهية لهؤلاء الذين يغووننا ويخبرونا بما نريد أن نسمعه، ولا نتوقف إنما نتذلل لهم من أجل المزيد ونبتلع تلك الأكاذيب حتى تضيع أموالنا.
وقد نشأت الآليات التي منحت دان بلزيريان شهرته والإعجاب الذي تمتع به كثيرا من معجبيه وحاجتهم إلى الوهم وثروته وأسلوب حياته، ليسوا إلا مركبات يستخدمها للوصول.
وحتى لو كان سيسجن أو يفقد ثروته سيظل النظام الذي جعل منه عملاقاً وسيذهب هو، لكن سيأتي شخص آخر ليأخذ مكانه ويسير على نهجه.
ربما لن يواجه الاستياء على الإطلاق وبدلا منه سيحاول حل مشكلاته القانونية ودمجها ضمن صورته كزير نساء مستهتر وهي الصورة التي يعجب بها الكثير من الناس.
وأخيرا، هل دان بلزيريان كاذب؟
- على الأغلب، لكنه يمثل جزءاً لمشكلة أكبر في المجتمع وهي أن الأكاذيب في النهاية لا تهم.