انفصال الأباء .. وتأثيره علي التوازن النفسي للأبناء
خاص الجمال - عمرو لبيب
عندما يقع الطلاق بين الآباء ... ما هو رد فعل الأطفال : العدوانية، الحزن، الشعور بالذنب، تضارب الولاء ، اللا مبالاة، الخوف من الهجر...
عندما ينعدم التفاهم بين الزوجان و تتعارض وجهات النظر، الأهداف، الطموحات، أساليب التفكير، عندما ينعدم الحب ويختفي التراحم، حين تندلع المشاجرات وتستعر المنازعات، حين يسود حب الذات وينعدم الأحترام، وتفشل كل محاولات الإصلاح والوساطة,.... هنا تستحيل الحياة الزوجية وتصبح التفرقة رحمة لكلا الطرفين . ربما يكون الطلاق في حد ذاته أمرا بغيضا لكثير من الناس الذين يرون فيه قطعا لأوصال علاقة بدأت وكان من المفترض أن تدوم وأن تقاوم كل العواصف التي تهب خلال مراحل الحياة، لكن حين تنتفي الشروط الأساسية للحياة الزوجية وهي الحب، الأحترام، المودة والتراحم، وتكون الحياة جحيما لايطاق، من هنا يكون الأنفصال هو أفضل الحلول، فربما يكون التخلص من عضو فاسد في الجسم - وإن كان في ذلك البتر ألاما وافتقادا لدور ذلك العضو- هو أسلم وأضمن لعدم تفاقم وانتشار المرض أو التلف لباقي الجسم، وقد يري البعض وخاصة في مجتمعانا الشرقي أن الطلاق يأتي بأضرار بالغة علي الأطفال الذين يكونون هم الضحايا الأوائل لهذا الأنفصال، ونحن نتبني وجهة النظرهذه ونؤيداها فيما خلا أن تبرأ الحياة الزوجية مما ينغصها، فلربما يكون تأثير الأنفصال علي الأطفال من الناحية النفسية أهون من أن ينشأوا في جو من المشاحنات علي مختلف اشكالها .من هنا سوف نستعرض التأثير النفسي والمعنوي والمادي لحدث الطلاق علي الأطفال وأفضل الأساليب للتعامل مع هذا الحدث ، وسنستعرض أفضل الوسائل لكيفية إعلان ذلك الأمر للأطفال وكيفية إدارة الأزمة لكي نجعل منه حدثا عابرا في حياتهم لايدمرهم أو يقضي علي سلامتهم النفسية.
" في بعض الحالات قد يعكس الطلاق موقفا مسؤولا من جانب الزوجان. قد يكون الطلاق( في بعض الحالات) أفضل بدلا من إلقاء اللوم على الأطفال قائلا : أنا أبقي علي الزواج بسبب الأطفال." في الواقع، قد يختار بعض الأزواج الحفاظ على الواجهة متظاهرا بتجاهل المشاكل الحقيقية قائلا "إن الأنفصال سيدمر الطفل ، وسيحول دون نموه السليم ".
ويحذر الباحثين : لا ينبغي أن يكون وجود الأطفال هو الحجة لبقاء الزوجان معا، كما توضح دراسات مختلفة : قد يكون الطفل بأي حال من الأحوال أكثر سعادة مع أحد الوالدين مع قليل من الصراعات أكثر من البقاء مع أبوين لايكفان عن التشاجر !
نظرة عامة على المشاكل الناجمة عن الانفصال وعواقب الطلاق قصيرة المدي :
الانفصال أو الطلاق في حد ذاته خطوة صعبة للغاية، ولكن حين يكون للزوجان أطفالا، فإن الأمر يكون أشد إيلاما. فقد يتسبب الطلاق في انخفاض الشعور بالأمن والحماية اللذان يتوفران في جو الأسرة بوجود الوالدين .
وتشير الدراسات إلى أن الطلاق يمكن أن يكون مدمرا بالنسبة للأطفال تماما كوفاة أحد الوالدين. ولكن كل هذا يتوقف على الطريقة التي يدار بها هذا الوضع. فالصبيان هم أكثر عرضة من البنات. أصعب الفترات بالنسبة للأطفال هي فترات السنوات الأولى في حياة الطفل، من ثلاث إلى ست سنوات والمراهقة. ومع ذلك، فإن فترة المراهقة، هي الأكثر إيلاما لأنه في هذه السن، يكون الشباب بحاجة ماسة إلى علاقات تتسم بالأستقرارعلاوة علي قدرتهم في إدراك الأمور. ما لا يجب فعله هو التقليل من هذه الظواهر كأن يقال لهم أن (الأمر عادي )ولكن يجبالأعتراف بالاحتياجات العاطفية المتزايدة للأطفال في هذه الأوقات العصيبة. إن تلبية هذه الاحتياجات هي مهمة صعبة بالنسبة للآباء لأنهم هم أنفسهم في فترة أزمة حادة تتسم بالحزن، الشعور بالذنب والاضطراب.
في أعقاب الأنفصال تنجم لدي الأطفال ظواهر نفسية وسلوكية متفاوتة تكون بسبب عدم قبول الطفل لوضع لم يعتاد عليه حين يري أبويه لم يعودا سويا امامه كسابق عهدهما فتعتريه ظواهر نفسية سلوكية غير إرادية لتعبيره لاشعوريا عن رفضه أو حزنه حيال تلك الصدمة التي ربما لايتفهم أبعادها جيدا :
الأرتداد : كلما كان الأطفال أصغر سنا، كلما طالت فترة الحرمان، كلما زادت المخاطر. ويتطلب انفصال الآباء من الطفل أن يتكيف فجأة علي الوضع الجديد وإعادة تعريف كاملة لعالمه وهو ما يؤدي إلى حدوث تباطؤ في نموه، وحدوث فترة تراجع أو نكوص . ويميل الأطفال من 3 إلى 5 سنوات إلي محاولة انكار الانفصال عبر انتهاج سلوك مرتبط بمرحلة سابقة : "التبول" في الفراش، صعوبة اللغة، الكوابيس الكثيرة.
العدوانية : في أي سن، يعبر الأطفال عن الغضب في بعض الأحيان محاولين بذلك التوصل الى الطرف المذنب. هذا الغضب يمكن أن يفسر كنوع من إخراج لشعورا مكبوتا بالرفض والعجز. الأطفال لا يختارون هذا الأنفصال : فهم يعانون من قرار آبائهم، وبالتالي فهم يشعرون بالعزلة. الغضب الذي يحدث بعد صدمة الإعلان عن الأنفصال وهو رد فعل طبيعي، و يمكن اعتبار بناءة.
الحزن: في كثير من الأحيان يعيش الأطفال والمراهقون وحدهم. هذا الشعور العميق بخيبة الأمل حيث يزعزع الصورة التي لديهم عن أنفسهم وعن علاقتهم بالآخرين.
الشعور بالذنب: يتساءل الأطفال عن سلوكهم وتصرفاتهم السابقة، ويشعرون بالمسؤولية عن المنازعات التي حدثت بين والديهم أو عن قرارهما بالأنفصال. دون فهم "لماذا" ، فهم يستنتجون أنهم هم المسؤلون، وخصوصا في سن 8-9 سنوات.
الخوف من أن يتركهم الاباء: غالبا ما يترك الطفل مع الأم، وبالتالي يعتقد أنه قد فقد أباه لأنه لا يراه في كثير من الأحيان كما كان الحال من قبل. وبناء على ذلك، كثيرا ما يخافون أيضا من فقدان الأم لأن هذه الأخيرة بسبب هذه الحالة، ستضطر للعمل أو استئناف دراستها، وبدورها ستكون أقل تواجدا مع هذا الطفل.
محاولة المصالحة : لدي الأطفال رغبة قوية جدا، حتى بعد 10 سنوات، في التوفيق بين والديهم. فهم يبتكرون العديد من الخطط في سبيل ذلك، إذ أنهم يرون أن خطوة الأنفصال تنذر باضطرابات وتحمل نذر خطيرة .
وبخاصة في مرحلة المراهقة التي تتسم بسلوك واضح من اللا المبالاة . يمكن للطلاق أن يزيد من مشاعر القلق ولكن بشكل عام، يميل المراهقين إلى مزيد من الانسحاب من أجل مجابهة الألم الناتج عن تفكك الأسرة. بعد أن شهدوا صعوبات الحياة الزوجية، فإنه يشكك في صحة الزواج والأبوة.
تضارب الولاء : كل علماء النفس لا يوافقون على هذا المفهوم، ولكنهم جميعا يدركون أن الطفل يمكن أن يقدم الدعم لأحد والديه الذي يعتقد أنه هو الضحية والأكثر ضعفا. في هذه الحالة تتهيأ الظروف لظهور تضارب الولاء. كثير من الآباء لايرضون أن يكون أطفالهم علي علاقة إيجابية مع الزوج السابق. من ثم يتبلور الشعور لدي الطفل أنه دائما يخون أحد والديه : " إنني لا أستطيع أن أقول لوالدتي أنني أقدر اللحظات التي أعيشها مع والدي لأن ذلك الأمر يثير غضبها أو أنني إذا ما قلت شيئا ضد والدي، هكذا فأنا أخونه... " من هنا تكون هناك ضرورة لمساعدة خارجية ومتخصصة و وهناك حاجة لمساعدة الطفل للخروج من هذه الحلقة المفرغة.
للطلاق أيضا آثارا اقتصادية : يلوم الأبناء الأم بسبب القيود التي تفرضها علي الميزانية ويبحثون لدي والدهم عن تعويضات مالية لهذا التفاوت. هذا المسعى سوف يكون أكثر تجاوبا من جانب بعض الآباء لتعويض عدم وجودهم عن طريق تقديم الهبات المالية لأطفالهم.
ما هي عواقب الطلاق بعيدة المدي على الأطفال؟
هذه القضية أثارت الكثير من النقاش بين أخصائيو الطب النفسي ! وللإجابة علي ذلك، درس باحثون سويدين الأطفال الذين نشأوا في الأسر ذات العائل الواحد. وتشير النتائج إلى أن هذا الوضع ما زال يسبب عدم الارتياح، وبخاصة من جانب الأولاد.
عند تزايد عدد حالات الطلاق، يتزايد عدد الأطفال الذين تتم تربيتهم بواسطة أحد والديهم ( والدهم أو والدتهم). هذا هو الحال في فرنسا ولكن أيضا في السويد، حيث شهد ما يقرب من ربع المراهقين حالات انفصال الوالدين.
علي الرغم من أن العديد من الدراسات التي تسعى إلى تسليط الضوء على الآثار النفسية والبدنية أو الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن الانفصال، فإن النتائج لا تزال في كثير من الأحيان مثيرة للجدل.
للمضي قدما في المناقشة، قررباحثين من استوكهولم تقديم مساهمة كبرى :حيث قاموا بعقد مقارنة بين 65085 طفل ينتمون لأسر ذات عائل واحد و 921257 طفلا تربوا في إطار نماذج أسرية تقليدية ( في وجود كلا الأبوين)، وأجريت تلك الأبحاث استنادا إلى السجلات الوطنية (الأمن الاجتماعية،الضرائب، والمستشفيات،...). واستمرت الدراسة علي مدي 8 سنوات من 1991 حتى 1999. وهكذا، لم تكن أهدافهم قاصرة علي تقييم الآثارالفورية أو على المدى القصير التي تنجم عن الطلاق، ولكن تأثير الطلاق بعيد المدى على الطفل.
خطر الوفاة متزايد : في التحليل الإحصائي لبيانات جمعت بطريقة متطورة جدا، توصل العلماء إلى الاستنتاج التالي : التربية في أسرة ذات عائل واحد تتسبب في أضرارا لدي الأطفال. ومن ثم ترتفع معدلات الوفيات لديهم هؤلاء الأطفال، وخصوصا ما بين 13 و 17 عاما. وكان ذلك يتعلق أساسا بالصبية الذكور،حيث تضاعف لديهم خطرالتعرض للموت من بين أولئك الذين تربوا مع أحد الوالدين فقط.
أما لدي الفتيات، يبدو أنه ليس هناك أي فرق في معدل الوفيات بوجه عام. ولكن بالنظر بدقة في أسباب الوفاة، وجد العلماء أن المراهقات من الأسر ذات العائل الوحيد يقدمن علي الانتحار بنسبة أعلي مرتين، ويكن عرضة للوفاة ثلاث مرات أكثر بعد تناول جرعة زائدة من المخدرات أو الكحول .
ملاحظة : وجد أن هناك انخفاض في معدل الوفيات بين الأطفال في الأسر ذات العائل الوحيد الذين يعكف آبائهم علي إدمان المخدرات أو الكحول).
اضطرابات كثيرة: وبالاضافة الى ارتفاع معدلات الوفيات، الأطفال الذين يعيشون في الأسر ذات العائل الواحد لديهم مخاطر التعرض لمشاكل مختلفة. من بين هذه المشاكل : الاضطرابات النفسية ( كالاكتئاب وانفصام الشخصية...) وكانت هذه الظواهرأكثر عددا وخاصة أثناء الطفولة وليس المراهقة. محاولات الانتحار، السقوط،، التعرض لحوادث الطرق كانت معدلاتها أعلى أيضا.
ايما كان التعرض لخطر الوفاة أو تطوير مختلف الاضطرابات الجنسية، فلا يبدو أن جنس الأبوين له تأثير على هذه النتائج. ولكن ربما كان ذلك بسبب انخفاض عدد الآباء العزاب : من بين 085 65 أسرة ذات العائل الواحد من الذين أجريت عليهم الدراسة، كان هناك 5433 من الرجال.
المشاكل المالية : تظهر هذه الدراسة إلى حد بعيد أن الطلاق ليس له تأثير إلا على المدى القصير، ولكن هناك تأثيرا دائما على مستقبل الأطفال. ولكن وفقا للباحثين، فإن المشاكل الرئيسية تكون بالأكثر اجتماعية- مادية. في الواقع، إن الافتقار إلى الموارد التي يواجها أحد الأبوين منفردا تؤثربشكل مباشر أو غير مباشرفي صحة الأطفال وسلامتهم . ولكن حتى معالتغلب علي مشاكل الدخل، تظل هناك آثارا سلبية غير مستحبة حين يتربي الطفل في أسرة العائل الواحد.
لتفسير هذا الأمر، يسلط الباحثين الضوء على التعليم من خلال أحد الأبوين أو عدم وجوده المحتمل. وأشاروا بوجه خاص إلي الخلافات التي تسبق وتتبع الأنفصال بين الآباء والأمهات من الممكن أن تزعزع استقرار الطفل.
ملاحظة : ورغم أن هذه الدراسة ركزت على عدد كبير جدا من الأطفال، يجب علينا أن نظل حذرين. أولا، تجدر الإشارة إلى أن العلماء استخدموا أدوات احصائية مختلفة لمحاولة تفسير النتائج والمقارنة بين المجموعات، واستنتاجاتهم تستند علي هذه الخيارات التي يمكن أن تشتمل علي هامش من الخطأن كما أنهم يعترفون أنفسهم أنه في حالة الاضطرابات التي تؤثر على الأطفال،هناك خلالا إحصائيا .
في الواقع أن البيانات المستخدمة جمعت من خلال المشاورات أو عدد مرات دخول المستشفيات التي لا تدل على شدة المرض. إذا كان أحد الوالدان قام بالأستشارة لمشاكل أكثر اعتدالا، فستكون النتائج غير دقيقة . ومن الممكن أن هؤلاء الآباء أوالأمهات، لكونه المسؤول الوحيد عن الطفل، يشعر بالقلق بسهولة ويصطحب طفله في أحيان كثيرة إلى الطبيب!
كيف يمكن إعلان الطلاق للأطفال ؟ الطلاق والحفاظ علي توازن الطفل
إن مجتمعنا التقليدي لا يتقبل فكرة الطلاق بصورة جيدة. ومع ذلك من الممكن للأطفال أن يتعايشوا معه بشكل جيد. شريطة أن توضح له عملية الطلاق، وألا يفقد والديه.
" يعتبر الطلاق حدثا له اعتباره تماما مثل الزواج." يري الاخصائي النفسي "فيجاي رامنجولو" أنه لامبرر للخوف من الصدمة، وخصوصا عندما تطرح الأمور على الأطفال عقب انفصال الوالدين. فالطلاق لا يعني بالضرورة أن يفقد طفل أحد والديه، شريطة ألا يسعي كل طرف إلي التشهير بالطرف الآخر وأن يضعا مصلحة الطفل نصب أعهينهما .
عندما يقرر الزوجان الطلاق، لابد أن يفكرا جيد كيف يقولا للأطفال. ربما تتسبب ردود أفعالهم في بعض الضيق، وهذا أمر طبيعي. وسوف تتألمين أيضا، ولكن عليك أن تعرفي أن هذا الأمر سوف يكون صعبا بالنسبة لهم. ربما لن يتقبلوا هذا الوضع، ولكن من المرجح أنهم سيدخلون في فترات من الغضب أو العبوس. يجب أن تتقبلي معاناتهم لأنهم لم يختاروا الموقف الذي يواجهونه. يجب عليك التحكم في ردود فعلك في مواجهة جموح سلوكهم حيال ذلك الأمر. وعلي الأخص، لا تحاولي التقليل من معاناتهم.
ولكن لا تعتقدي أن عليك أن تستمري في العيش كزوجين لمجرد تأمين مصالح أطفالك. فإن الحياة في منزل يعيش في حالة أزمة تلحق ضررا بالغا بالأطفال. وبالفعل، فإن النزاعات التي تندلع قبل وبعد الطلاق هي التي تضرعدد أكبر من الأطفال وهي التي تزعزع استقرارهم. عندما يحدث الطلاق في ظروف جيدة، فإن تاثير ذلك على الأطفال يكون في الحد الأدنى.
أول ما يتعين فعله علي الأبوين هو تحديد الكيفية التي سوف يعلن بها القرار علي الأطفال. إذا كانت العلاقة مع الزوج السابق جيدة، فعليهما أن يفعلا ذلك معا. سيكون لدي الأطفال إجابة على جميع تساؤلاتهم. في هذه المرحلة، من المهم لهم أن يعرفوا أن الأبوين سيواصلا رعايتهم، وأنهم سيكونون في أمان و سيحتفظون بمقتنياتهم ولعبهم وأنه سوف تلبي كل حتياجاتهم .
إعلان الأنفصال للأطفال
إذا جاء وقت الأنفصال، يمكنك أن تقولي لطفلك دون كذب: " والداك سينفصلان لأنهم لم يعودا يتحابان كما في السابق، على الرغم من الجهود التي بذلونها للتفاهم والاحترام، لقد أصبحا غير قادرين على الاستمرار في العيش معا دون أن يسببا الألم لبعضهما البعض، وبالتالي لك أيضا.
ولكن حتى لو كنت أشعر بالحزن أو الغضب الآن بسبب أبيك في كثير من الأحيان (أو أمك)، لكنني أستطيع أن أؤكد لك أنني سعيدة أنني عرفت أبيك (أو أمك ) لأنه بفضله ( بفضلها) أتيت أنت للحياة، وإنني لسعيدة الحظ أن تحبني وأن أحبك . بالنسبة لأمك(أبيك) كما هو الحال بالنسبة لي، إنك لهدية رائعة من الله وستظل هكذا.
حتى لو كنت قد رأيت والديك يتشاجران كثيرا أكثر من ذي قبل، وحتي لوكانا يتنازعان كثيرا بخصوصك،عليك أن تعلم أن هذا الأنفصال ليس بسببك.
على أي حال، أعلم أنه على الرغم من خلافاتنا، سأفعل كل ما بوسعي للحفاظ على أمك( أبيك) كما كان الحال من قبل، وأنا أيضا سأبذل كل ما في وسعي لكي أشجعك علي مواصلة حب أبيك (أمك) كما كان الحال من قبل. نحن لا نسعى مطلقات لدفعك علي أن تختار بين والديك أو علي أن تتخذ القرارات التي يجب أن يتخذاها بأنفسهما كي يساعداك علي أن تكبر وأن تكون سعيدا. منذ أن ولدت، كنا نحاول دوما أن نحبك ونربيك معا على أفضل نحو ممكن. والآن، وقد انفصلنا، فإننا ملتزمان كلينا ببذل كل ما يلزم لنظل نرعاك،وسنلتزم بالمناقشة معا بخصوص كل ما يتعلق بك. إننا نتعهد ببذل كل جهد ممكن لتسوية جميع القضايا المالية وتنظيم حياتك علي أفضل وجه ممكن.
إذا ما رأينا أنه لا يمكننا التوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضايا، فسوف نستدعي أناسا يمكنهم أن يساعدوننا على حل هذه المشاكل من دون أن تحدث منازعات بيننا.
ذلك الأمر يتطلب قليل من الصبر ولكن عليك أن تعرف أننا نحاول التصدي لهذه المشاكل في أسرع وقت ممكن.
لا يوجد أي طرف منا يرغب في اقحامك في هذه المشاكل بيننا.
إذا رأيت أبيك أو أمك غاضبين أو يشعران بالحزن، أعلم أننا سوف نتغلب علي تلك المشاكل بأنفسنا أو بمساعدة أحد الأشخاص الكبار، ولكن ليس لزاما عليك أن تساعدنا علي حل هذه المشاكل الخاصة بالكبار.
سوف نواصل تربيتك وحمايتك ، وضمان أنك تستطيع مواصلة عيش حياتك كطفل.
إذا كنت تريد التحدث عن أي شيء تشعر به، يمكنك التحدث مع أمك أو أبيك، وإذا كنت تخشي إلحاق الضرر بنا أو أن تسبب مشاكل أكثر بين والديك، فإننا نتيح لك الفرصة للتحدث مع شخص ما يمكنك أن تثق به ولايتسبب في خلق مشكلات لم تكن واردة بالنسبة لك .
سنهتم بأن تطرأ علي حياتك أقل قدر ممكن من التغييرات (المدرسة، الأسرة،الأصدقاء، الأنشطة والبيئة) ، وسيمكنك الاستمرار في حب جميع الأشخاص الذين يمثلون قدرا من الأهمة بالنسبة لك، وفي المقام الأول والديك . لو أنك لاتستطيعين التحكم في مشاعرك في وجود الأب وطفلك معا، قولي له ذلك كل على حدة ، لكن عليكم ان تتفقا مسبقا علي ما تقولاه. ليس بالضرورة أن تكون اقوالكما متوافقة، ولكن يجب أن تكون متسقة بالنسبة للطفل.
وبالإضافة إلي ذلك، يمكنك أن تحققي هذا الالتزام أمام طفلك
- من خلال عدم إقحام طفلك في صراعات الكبار
- من خلال أخذ المشورة أو المساعدة من خلال أشخاص راشدين (الأصدقاء، المحامين ،أخصائيون نفسيون..) ممن يتمتعون برؤية كاملة علي موقفك، وممن لديهم الحافزعلى تحقيق المزيد من المصالح الخاصة بطفلك( أطفالك) وليس في إدخالك في ألعاب استراتيجية قد تؤدي إلي وجود أطراف خاسرة ولاسيما الأطفال .
- من خلال السماح لطفلك بالحفاظ وإثراء عالمه العاطفي، فيما يتعلق بعلاقاته، تعليمية وثقافتة...) دون إجباره علي"خيانة" شخصا عزيزا عليه..
- من خلال اختيار الخطوات أو الإجراءات المادية أو غيرها من الإجراءات التي لا تتسبب في تأجيج، بلورة واشعال الصراع بين الوالدين، وذلك مع حماية مصالحك الرئيسية... عليك أن تهيأي كل الفرص من جانبك لكي يتواصل طفلك (أطفالك) في النمو بسلام من خلال الاعتماد علي الذات والإبداع.
- إن تدخل الطبيب النفسي يعتبر ضروري لتجنب العواقب الوخيمة على تنمية الطفل. " قد تكون المعاناة هي الباعث للبحث عن المساعدة، والتعامل مع المشاكل الحقيقية." ستكون مهمة الطبيب النفسي هي تشجيع الآباء والأمهات بعدم إخفاء الحقيقة والتحدث مع أبنائهم عما يحدث. "يجب ألا نتسرع في الشعور بالذنب، وإخفاء حقيقة الطلاق كما لو كان مرضا مخجلا".
ويؤكد فيجاي رومونجودو : قبل أي شيء يجب شرح مفهوم الطلاق للطفل : "دوري هو توضيح أن الطلاق سيكون بين الزوجين، ولكن دورهما كوالدين كل من ناحيته ما زال قائما. " وباختصار، سوف تظلين أما أو أبا لهذا الطفل. ومن المسلم به، أن الأمور لاتسيردائما علي ما يرام: "في بعض الاحيان يريد أحد الوالدان أن يدمر صورة الزوج السابق في رأس الطفل أو العكس صحيح."
وهكذا فإن الطفل الذي يعيش مع والدته، ولديه مشاكل سلوكية يمكن لوالده أن يدفعه للقيام بالمزيد فيحث ابنه علي بعض السلوكيات الغير سوية فيقول له علي سبيل المثال : "عليك ان تجعل حياتها صعبة"... هكذا ستكون النتائج كارثة بالنسبة للطفل كما يؤكد عالم النفس فيجاي رامنجولو. "لكل طفل الحق في أن يرى كلا والديه. هكذا لن يقع الطفل في شرك مداهنة طرف علي حساب الآخر.".
عندما يسيء الطفل معاملة والديه سيعاني من اضطرابات سلوكية. " لن يقول الطفل دائما ما المشكلة. ولكن القلق سيتضح من خلال سلوكه. فقد يصبح عنيفا مع أحد والديه وفي المقابل سيكون مدققا جدا مع الطرف الآخر ( متوسوس) ".
شئنا أو أبينا، عندما ينفصل الطفل تماما عن أحد والديه فهذا يعني حرمانه من جزء منه في سنه الصغير . "ومن النادر أن يرفض الطفل والده أو والدته من تلقاء نفسه. وغالبا ما كان المنبع هو: غسل الدماغ".
ما نحتاجه هو اللجوء إلي الحكمة، فمثلا يمكن أن نقول له: "يمكن أن أكون زوج سيئا لكن أبا جيدا. إن الطفل الذي انفصل والداه لن يكون بالضرورة طفل يعاني من "مشاكل" أكثر من طفل يعيش مع زوجين غير منفصلين".
سيكون من الخطأ ربط اتجاهات الأنحرافات الجنسية لدي الطفل عندما يبلغ مع انفصال الوالدين خلال مرحلة الطفولة. كل هذا يتوقف على كيفية التعامل مع الأمور عند تنجم المشاكل في أعقاب الطلاق. وسواء كان الأبوان، أزواجا جيدين أو سيئين، يجب ألا يكونا سوي أبوين "جيدين" بما فيه الكفاية. في الأساس، يجب أن تتم التهيئة للطلاق تماما مثلما نفعل للزواج، ويستعد. ومع الأطفال بوجه خاص.
إليك بعض النصائح لمساعدة طفلك على التغلب على هذه المحنة : الطلاق.
• علي الأبوين أن يوضحوا أنه لا علاقة لطفلهما بهذا الأنفصال . بعض الأطفال يعتقدون أنهم مسؤولون عن طلاق والديهم لأنهم لم يطيعوا الأوامر التي طلبت منهم، أو لأنهم قاموا بعمل تصرفات سيئة.
من المهم جدا أن يفهم الأطفال أن المشكلة ليست بسببهم . حتى لو كنت محبطة، لا تشيري إلى مسألة الأنفصال عندما تؤنبينهم علي أمر ما. لاتستخدمي عبارات مثل: "ربما لم يرحل لو كنت أكثر انضباطا"، سيكون ذلك على حساب نموه العاطفي.
• عليك أن تكرري لطفلك أنكم تحبونه وأن ذلك النفصال لن يغير من مشاعرك تجاهه أو علاقتك به. شجيعه على يشاطرك مخاوفه وساعديه علي أن يفهم أنه لن يتم التخلي عنه.
• أتيحي له التعبير عن مشاعره. لا تتجاهلي مخاوفه، أحزان، شعوره بالذنب أو الإحباط. لا تعتقدي أن هذه المشاعر ستختفي تلقائيا مع مرور الوقت.
• عليك أن تعرفي كيف تشاطري أطفالك أحاسيسهم في هذه المرحلة الحساسة . لا تقللي من مشاعرهم. لا تترددي في أن تشاطريهم أحزانك. ولكن حاولي القيام بذلك بطريقة مناسبة دون أن تبوحي بأشياء من شأنها أن تجرح مشاعرهم .
• عليك ان تكون متفتحة في مشاعرك، ولكن عليك أن تظهري حالة من الأطمئنان وكذلك أظهري الأمل في المستقبل. إن ردود فعل الأطفال في مواجة الطلاق تتناسب مع ردود فعل والديهم. إذا كان الوالدان يتعاملان جيدا مع الموقف، سوف يفعل الأطفال الشيء نفسه.
• بعض الأطفال يخجل من طلاق والديهم. إذا لمست هذا الشعور نفسه وكان أطفالك يعرفون ذلك، فسوف يشعرون به بنفس القدر . يجب عليك التحدث معهم وذلك حتى يفهموا أن هذا الشعور بالخجل لا علة له، وأن الطلاق يحدث في أحسن العائلات.
• حاولي ايجاد أرضية مشتركة مع الزوج السابق لرعاية الطفل. إذا كان عمر أطفالك متقدم بشكل كافي، تحدثي عن ذلك علنا. تعرفي علي وجهات نظرهم وسوف تساعدك على اتخاذ خيارات مدروسة.
• حاولي ألا تغيري مدارس أطفالك. إذا كان عليك الأنتقال من المسكن، عليك أن تبحثي عن منزل في الحي نفسه. سيمثل تكوين صداقات جديدة بالنسبة للأطفال صعوبة كبيرة، فهم بحاجة كبيرة لأصدقائهم خلال هذه الفترة. ستكون وجهات نظرهم فيما يتعلق بتغيير المدرسة مفيدة. سيكون الأمر أسهل إذا كان هذا التغيير سيتم في بداية المرحلة الثانوية من وقوعه بين الصف الخامس والسادس على سبيل المثال.
• دعي الأطفال يقومون بتزيين غرفتهم الجديدة كما يحلو لهم . إذا اشركتيهم في عمل الديكور الخاص بمنزلك الجديد، سيكون من الأسهل عليهم أن يحبوا المكان و سيشعرون بالرضا.
• شجيعهم على مواصلة انشطتهم الأضافية . ففي بعض الأحيان يكون من الصعب العثور علي حافزلممارسة الرياضة أو الذهاب إلى دروس العزف على البيانو عندما يكون المرء حزينا. شاركيهم أكثر في اللعب وقراءة القصص وممارسة بعض الرياضات البسيطة والمسلية في نفس الوقت .
من المثالي للأطفال أن تبقي على علاقة جيدة مع زوجك السابق، عليك بذل كل جهد ممكن للحفاظ على علاقات ودية معه. يجد بعض الأطفال أنه من الأسهل بكثير أن يتقبلوا الانفصال حين يكون الوالدين قادرين على أن يكونا متواجدين، ويكونا حاضرينا في كل المناسبات الهامة، كالأحتفال بالأعياد أو حفلات آخر العام ..... لكن لا تفعلي ذلك إلا إذا كنت تشعرين بالراحة، لأنه إذا كان هناك توتر فسيشعرون.
• قد يكون الحفاظ على علاقة جيدة مع الزوج السابق مستحيلا في بعض الأحيان، ولكن أعملي علي إخفاء مشاعر الإحباط بداخلك. إذا كنت بحاجة للراحة، تحدثي مع أصدقائك (لا تختاري الاصدقاء الذين هم أقرب إلى زوجك السابق منك)، أو عائلتك، أو اللجوء إلى اخصائي . وعلي الأخص لاتتحدثي عن زوجك السابق أمام أولادك بطريقة ازدرائية. إنهم لا يعرفون التفاصيل الدنيئة المحيطة بالانفصال. هل ترغبين أن يفعل زوجك السابق نفس الشيء؟
•فوائد وجود الحيوانات الأليفة : عليك بايجاد حيوان أليف بالمنزل حيث تشير الدراسات إلى أن وجود الحيوانات الأليفة تساعد الأطفال على قبول طلاق والديهم. فإنه يسد الحاجة العاطفية التي تتجلى أحيانا خلال هذه الفترة.