الحكم بحبس الصحفية روكسانا صابري لمدة 8 سنوات واوباما "محبط" من الحكم الايراني الغريب
قال البيت الابيض إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما "محبط جداً" من الحكم الذي أصدرته محكمة إيرانية بالسجن 8 سنوات على الصحفية الامريكية من اصل ايراني روكسانا صابري بتهمة التجسس.
وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون اعربت في وقت سابق كذلك عن "احباطها" من الحكم.
واضافت كلينتون أن الولايات المتحدة تعمل بالتعاون مع دبلوماسيين سويسريين في إيران للحصول على تفاصيل حول حكم المحكمة والتأكد من سلامة صابري.
وقالت كلينتون إن صابري كانت في إيران لتتعلم المزيد عن تراثها الثقافي.
وتأتي تصريحات كلينتون في وقت أكد فيه عبد الصمد خورامشاهي محامي صابري أنه سيستأنف الحكم.
ويقول مراسل بي بي سي في طهران إن السلطات الإيرانية لم تكشف تفاصيل عن التهم الموجهة لصابري.
وقال والد صابري إن ابنته انكرت التهم الموجهة إليها وتنوي الإضراب عن الطعام احتجاجا على الحكم.
محكمة ثورية
وكانت محاكمة صابري (31 عاماً) المحتجزة في طهران منذ نهاية يناير بدأت الاثنين الماضي بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة.
ولم تستغرق المحاكمة سوى يوم واحد، لكن المتحدث باسم السلطة القضائية علي رضا جمشيدي قال إنه "اعطيت الصحفية الفرصة للتحدث في المحكمة لتقديم دفاعها".
وقال مسؤول قضائي إيراني لوكالة "اسنا" الإيرانية للأنباء "حكم الفرع 28 من المحكمة الثورية على روكسانا صابري بالسجن 8 سنوات بتهمة التجسس، ويمكنها استئناف الحكم".
من جهته قال والد صابري "ما زال هناك امل، لكننا لا نعرف ما سيجري".
يذكر أن صابري عملت في فترات مختلفة لحساب الاذاعة الامريكية العامة "ان بي آر" وهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" وشبكة فوكس نيوز التلفزيونية الاميركية.
واعتقلت روكسانا في بادىء الامر بتهمة شراء كحول وهو امر محظور في إيران، قبل ان تعلن السلطات الإيرانية ان بطاقتها الصحافية سحبت عام 2006 وانها ظلت تعمل بصورة غير شرعية منذ ذلك الحين.
ملكة جمال
واعتبرت منظمة مراسلون بلا حدود الحكم "قاسيا وجائرا". وقالت المنظمة ان صابري اضطرت الى المثول وحدها امام القضاة خلال الجلسة الوحيدة في 13 ابريل نيسان في غياب محاميها."
وجددت المنظمة دعوتها لاطلاق سراح الصحفية، معتبرة ان "هذه الادانة التي صدرت عشية الانتخابات تشكل تحذيرا للصحافيين الاجانب" في ايران.
واكدت المنظمة ان "السلطات الايرانية تستخدم تهمة التجسس وتستغلها لاعتقال الصحافيين ولزيادة تقييد حرية التعبير."
ويقول جون لين مراسل بي بي سي في طهران إن هذه القضية يمكن أن تكون لها تداعيات خطيرة على العلاقات الأمريكية الإيرانية في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للدخول في حوار مع طهران.
وانتقدت "لجنة حماية الصحفيين" ومقرها نيويورك الحكم ووصفت المحاكمة بأنها "تفتقر إلى الشفافية".
ودعا محمد عبد الدائم منسق اللجنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا إلى اطلاق سراح صابري.
يذكر أن صابري قضت ستة أعوام في إيران كانت تدرس خلالها وتؤلف كتاباً.
وتوجت صابري المنحدرة من أب إيراني وأم يابانية من قبل بلقب ملكة جمال داكوتا الشمالية، وكانت من بين عشر فتيات وصلن إلى تصفيات مسابقة ملكة جمال الولايات المتحدة عام 1998.
وتحمل صابري درجتي ماجستير من جامعة نورثويسترن في الولايات المتحدة وجامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، وتسعى الآن للحصول على شهادة ثالثة
التجسس .. تهمة جاهزة
ومنذ سنوات ظلت هناك عادة تهمة جاهزة توجهها السلطات الإيرانية لأي أميركي من أصل إيراني يعتقل هناك، وهي تهمة «التجسس لصالح الشيطان الأكبر» الوضع أصبح مختلفاً بالنسبة للصحافية الأميركية من أصول إيرانية روكسانا صابري (31 سنة) والتي ظلت معتقلة منذ يناير من العام الماضي، حيث لوحظ أن طهران أسقطت مسألة «الشيطان الأكبر» وأصبحت التهمة فقط «التجسس لصالح الولايات المتحدة».
على الرغم من ذلك يخشى مؤيدون للحوار وتحسين العلاقات الأميركية الإيرانية داخل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن تؤدي محاكمة روكسانا صابري إلى نكسة لمساعي تحسين العلاقات بين واشنطن وطهران خاصة أن الأمور لا تزال في بداياتها.
ولوحظ أن ثلاث صحف أميركية إضافة إلى «ناشونال ببليك راديو» شبه الحكومي استعملت التعبير نفسه لوصف تداعيات محاكمة صابري خلف أبواب موصدة، حيث قالت إن المحاكمة وصدور حكم بالإدانة سيؤدي إلى «غضب شديد» في واشنطن، وهو ما يشير إلى أن الوصف كتب من محبرة واحدة، أي أنه لمصدر رسمي داخل الإدارة الأميركية.
وقالت واشنطن رسمياً إن التهمة الموجهة للصحافية بالتجسس لا أساس لها خاصة أن صابري، اعتقلت في البداية على أساس أنها ظلت تعمل من دون بطاقة اعتماد صحافية.
ثم قرر قاضي التحقيق أن الأمر لا يتعلق ببطاقة اعتماد، بل بالتجسس لصالح الولايات المتحدة. وقالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية إن واشنطن «منشغلة للغاية بتهمة التجسس الموجة للصحافية الأميركية»، في حين دعا المتحدث الصحافي باسم الخارجية روبرت وود للإفراج عن صابري وقال «نحن مهتمون كثيرا بوضعيتها».
من جهتها قالت متحدثة باسم «مراسلون بلا حدود» إنها ترى أن الواقع هو أنه لا يوجد دليل على الاتهامات الموجهة لصابري، مضيفة أن «90% من قضايا الصحافيين في إيران تبنى على تهمة التجسس، وهي تهمة شائعة ضد الصحافيين المستقلين هناك».
وأضافت المتحدثة: «تستخدم إيران مثل هذه الاستراتيجيات مع الأشخاص الذين يحملون جنسيات مزدوجة من أجل وضع ضغوط على البلدان التي يأتون منها، ويتحولون في نهاية الأمر إلى أوراق مقايضة تستخدمها إيران والدول الأخرى».
والانطباع السائد أن روكسانا صابري دخلت إيران حديثاً، لكنها في الواقع ظلت تقيم هناك منذ ست سنوات، وكانت تعمل مع عدة صحف وإذاعات أميركية، كصحافية متعاونة، ومن بين هذه المؤسسات « ناشونال ببليك راديو» وكذلك « بي بي سي»، وهنا تشير المتحدثة باسم «مراسلون بلا حدود» إلى أن التقارير التي أنتجتها صابري لهاتين الجهتين لم تكشف أي معلومات سرية أو في غاية الأهمية.
وكان والد صابري قال لإذاعة «ناشونال ببليك راديو» إنه يعتقد أن سبب اعتقال ابنته مرده عزمها إصدار كتاب عن إيران، وكانت تنوي أيضا العودة هذه السنة إلى مدينتها فارغو في ولاية داكوتا الشمالية لكتابة الكتاب.
وقال والدها إنها أبلغته خلال محادثة هاتفية وقبل أن ينتقل هو شخصياً إلى إيران، إن السبب الأساسي لاعتقالها هو أنها لم تكن لديها بطاقة اعتماد صحافية، إضافة إلى أنها اشترت زجاجة نبيذ من السوق السوداء. وسافر والداها إلى إيران والتقيا ابنتهما في السجن، لكن طلب منهما عدم الحديث مع الصحافة.
من جهتها تقول الصحافية الأميركية جانيفي وليامس والتي سبق لها أن زارت إيران وكتبت عدة تقارير من هناك وتعد متخصصة في الشؤون الإيرانية «أظن أن مشكلة صابري هو الكتاب الذي ستصدره عن إيران» وأضافت وليامس تقول: «الإيرانيون لديهم حساسية شديدة تجاه الكتب التي يكتبها مراسلون كانوا داخل البلاد، وتعتقد أن أي معلومات تنشر في هذه الكتب هي عبارة عن معلومات سرية تضع صاحبها تحت طائلة القانون» وقال وليامس أيضا «ربما سيطلبون منها عدم كتابة الكتاب، وربما يطلبون منها تسليمهم وثائق يعتقدون أنها ستستعملها في الكتاب، وربما يريدون ضمانات أن الكتاب لن يصدر أصلا».
وأوضحت وليامس «ليس صدفة أن تأتي الاتهامات ضد صابري في وقت بدأت فيها إدارة أوباما مبادرات تجاه إيران، هناك جناح متشدد في طهران سيبذل جهداً كبيراً لإحباط تحسن في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة».