البروش .. ذلك الأكسسوار الصغير المؤثر فى اناقة الأزياء
الأناقة تكمن في التفاصيل، قول طالما تردد على مسامعنا، لكنه في حال «البروش» يؤكد صدقه.
فهذا الإكسسوار الصغير، يتميز بكونه الحلية الأكثر تفاعلا مع الأزياء، إلى حدّ يمكن معه القول إنه يتمتع بقدرة عالية على تغيير الطلّة والأسلوب بشكل جذريّ. ومهما كان شكله ولونه ومعدنه أو خامته، ولو كانت من القماش، فإنه ينجح دائمًا في إضفاء الأناقة على أكثر الأزياء بساطة.
دُور الأزياء العالميّة تعي أهمية البروش ودوره، لهذا أفردت له مساحة كبيرة ضمن مجموعات الإكسسوارات الخاصة للموسمين الحاليَّين، فزهرة الكاميليا، الحاضرة دومًا ضمن مجموعة «شانيل»، منذ أن تزيّنت بها الآنسة كوكو شانيل عام 1920، جاءت متوّهجة بألوان زهريّة مشرقة، كما تتألق السلحفاة البلّوريّة الجالبة للحظ ضمن مجموعة «لانفان»، والفراشة المزهوّة بأحجار الكريستال الملونة ضمن مجموعة «جورجيو أرماني»، وهلم جرًّا.
واللافت أيضًا عودة التصميمات القديمة، أو المستوحاة من الأشكال التراثية أحيانًا، التي تصبّ في خانة «ألفينتاج».
والجميل في هذه أن كل واحدة منا لا بد أن تجد نسخة منها في صندوق جواهر الأمّهات أو الجدات.
هذا الاهتمام الذي لا يختفي أبدًا بهذا الإكسسوار الصغير والثمين، ليس غريبًا، فهو يُعتبر من أقدم الحُلِيّ المرصَّعة بالأحجار التي تزيّنت بها المرأة، حيث يعود استخدامه إلى العصر البرونزي، فقد حلّ آنذاك محلّ الخشب والعظام في عمليّة تثبيت الملابس. كما كان له حضور قوي في الحضارات القديمة الأخرى، مثل الإغريقية والرومانية، وكان مرافقًا للزيّ التقليديّ الخاص بالرجال والنساء على حد سواء، نظرًا إلى دورَيه، الجمالي والعملي، وإن كان قد بلغ ذروته في العصر الفيكتوري، حيث أخذت تصميماته أشكالا متنوّعة مستوحاة من الطبيعة، من الأزهار إلى الحيوانات.
لكن عبر التاريخ، تبقى التصميمات الأكثر ابتكارًا، تلك التي ظهرت في العهد البيزنطيّ وتميزت بألوان متنوعة، تعكس الميول الشرقيّة التي طبعت تلك الحقبة، بينما شهد «البروش/الدبوس» في القرن السابع عشر استخدام الأحجار الكريمة بالحجم الكبير، ليتحول إلى شبه باقة من الورود المتراقصة على ألوان الجواهر المختلفة.
وفي القرن الثامن عشر أخذ أشكالا جديدة، فمرة على شكل فراشات، ومرة على شكل زواحف أو حيوانات بريّة.
ومع تطوّر تقنيات تطويع المعادن النفيسة، من قَطْع وحَفّ ونحت، إلى الترصيع الدقيق بالأحجار الكريمة في القرن التاسع عشر، ازدهرت تصميمات البروشات؛ فجاءت مرصَّعة بالألماس والياقوت والزمرّد والسفير كما اللآلئ، وشيئًا فشيئًا أصبحت تحاكي توجُّهات الموضة، من حيث الحجم والشكل وتعدد الألوان.
مصمِّمة الجواهر ومالكة مجموعة «وفا جويلز»، وفاء حركة، تؤكّد أنها تحرص دائمًا على أن تضمّن مجموعتها السنويّة تصميمات متعددة من البروشات.
تقول: «لم يعد البروش حلية تتزيّن بها الجدّات فقط، فقد نفض عنه صفة الكلاسيكيّة وأصبح يجاري توجُّهات امرأة اليوم، فتصميماته أصبحت أكثر عملية، وبوظائف متميزة، لذلك فقد تشكّل استثمارًا جيّدا، خصوصًا في ظل الأزمة المالية التي يشهدها العالم حاليًّا، وانكماش القدرة الشرائية لدى البعض».
وتوصي وفاء بضرورة اختياره بتصميم يتماشى مع أسلوب صاحبته، والمناسبات التي ترتادها.
فالمشغول بالألماس، مثلا، يناسب الاحتفالات الضخمة والرسميّة، بينما يلائم المتعدد الألوان فترات النهار كما الليل، في آن معًا. وتقترح أيضًا على السيدة أن تستعيض، في بعض الأحيان، عن فستان مفصَّل بتقنية الخياطة الراقية المكلّفة، بآخر بسيط، لكن يتميز بقَصّة جذّابة، على أن تزيّنه ببروش كبير مرصَّع بالأحجار الكريمة يثبَّت على الكتف أو عند الخصر، مثلا.
وتقترح على المرأة الشابة أو الجريئة أكثر من ذلك، بأن تزيّن فستانها البسيط بعدة بروشات، تكون بأحجام وأشكال مختلفة، على أن تستفيد بكل واحد منها لاحقًا في مناسبات أخرى، باستخدامها على ثياب أخرى، وتكون بذلك قد وّفرت الكثير من المال وكنزت مجموعة رائعة من الجواهر، قد تلجأ يومًا ما إلى إعادة تصميمها عن طريق تحويلها إلى قلادة أو أقراط أو حتى خاتم كبير.
وتضيف حركة: «إننا نحرص على تزويد تصميماتنا لهذه القطعة، كل مرة بتفاصيل دقيقة تسمح بتنوّع استخدامها، فأحيانًا نضيف إليها علاقة صغيرة غير ظاهرة تسمح بتمرير سلسلة ليتحوّل البروش إلى قلادة، أو قد ندعم التصميم بقطعة إضافيّة من المعدن النفيس تسمح بتمرير الجلد ليتحوّل البروش إلى سوار مرصَّع يلفّ المعصم.
بالإضافة إلى أن بعض الأحجار الكريمة واللآلئ يمكن أن تأخذ أشكالا رائعة، تبدو فيها وكأنها منحوتات طبيعيّة، تأخذ تارة شكل فأرة صغيرة أو حصان، وتارة شكل وردة، ولا تحتاج سوى قليل من التلميع والتقنيات لتثبيتها».
ولا يقتصر البروش على المرأة الشابة والناضجة، فقد أصبح يتوجه إلى كل الأعمار، وليس أدل على هذا من أن هناك تصميمات خاصة بحديثي الولادة والأمهات في آن واحد، حتى تبقى هذه الذكرى الجميلة محفورة، إلى الأبد، بالأحجار الكريمة.
وهناك أيضًا تصميمات خاصة بالأحبّة تتوفر على أجزاء سرية يمكن أن تدوَّن فيها أحلى الكلمات وأصدق المشاعر، فضلا عن التواريخ والأحداث المهمة، من ذكرى زواج إلى تثبيت عهد، وهناك من ينحت صورة من يحبّ على المعدن النفيس، ويرصّع الغطاء بالأحجار الكريمة من الألماس إلى الزفير والزمرّد والياقوت».
وفي رأي وفاء، فإن الوردة، بكلّ أشكالها، تبقى الأكثر طلبًا، لِما تمثّله من رمزيّة وكلاسيكية تجعلها تتعدى الأجيال ضمن العائلة الواحدة، ومهما تغيّر الزمن فهي لا تذبل ولا يخفّ وهجها أو موضتها.
البروش متعدد الاستخدامات والوظائف، وهو من القطع التي تخطف الأنظار، ويمكن بسهولة أن يغطي على وهج بقية الإكسسوارات، لذلك عند التزيّن به يُستحسن أن تكون الحلي المعتمدة ناعمة، كسلسلة بسيطة أو خاتم أو ساعة.
- لفترة النهار يُستحسن اعتماد البروشات المرصّعة بالأحجار نصف الكريمة، من خلال تزيين الجاكيتات والفساتين وحتى الوشاح الذي يلفّ الرقبة بها.
- للمناسبات الخاصة والأمسيات الرسمية، يمكن استخدام البروش المرصَّع بالأحجار الكريمة، بتثبيته على فستان عند الكتف أو عند مستوى الخصر بشكل جانبيّ.
- لإضفاء الفخامة على وشاح يلفّ الرأس، يمكن تثبّيت البروش بطريقة جانبيّة، ويُستحسن عندها التخليّ عن التزيّن بالقرطين، كي لا تبدو الإطلالة مبالَغًا فيها.
- بإمكان العروس اعتماد بروش من الألماس واللؤلؤ لتزيين تسريحتها، فيبدو الشكل كتاج يكلّل رأسها، ليتحوّل بعد المناسبة قطعة جواهر يمكنها استخدامها بشكل أكبر.
- يمكن أن يزيّن حقيبة يد صغيرة تمسك باليد، على أن تختاره السيدة بألوان تتماشى مع تصميم الملابس، حتى تبدو الإطلالة متناسقة.
- يسمح البروش بتحويل قبعة بسيطة إلى قطعة جذّابة تواكب الموضة.
- حتى الجينز العادي يصبح أنيقًا ولافتًا للنظر عند تزيينه ببضعة بروشات مختلفة الحجم، وينطبق هذا الأمر على الجاكيتات أيضًا.
- يمكن التلاعب بالإكسسوارات، كجمع عدّة سلاسل من المعادن أو اللآلئ، بواسطة بروش يثبّت جانبًا على الجاكيت.
- الأحذية أيضًا لها نصيب منه، حيث يمكن أن يضاف إليها بروش عند المقدمة، فتبدو مميَّزة كأنها تحمل توقيع «كريستيان لوبوتان» أو غيره.