المراسلات العربيات يتقدمن خطوط المواجهة بلبنان
تتسم تغطية الحرب على لبنان بحضور نسائي لافت على الشاشة، إذ أوكل معظم القنوات الفضائية العربية مهمة تغطية هذه الحرب لمراسلات يتحدثن بجرأة من مواقع خطرة، في شكل جديد للتغطية بدأ جمهور التلفزيون العربي يعتاد عليه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان قبل ثلاثة أسابيع.
وقد تفوقت مراسلات عديدات على زملائهن الرجال بالوصول إلى الخطوط الأمامية للجبهة الملتهبة مخاطرات بحياتهن.
وهذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها الصحفيات العربيات على خط التغطية الحربية. فالمراسلات العراقيات مازلن يشاركن في نقل الحوادث الأمنية في بلدهن. وقد دفع بعضهن حياته ثمنا لذلك، وكانت أخراهن مراسلة قناة العربية والجزيرة سابقا الزميلة أطوار بهجت.
أما في الحرب الحالية، فقد قتلت حتى الآن مصورة صحفية واحدة هي ليال نجيب (23 عاما) التي كانت تعمل مصورة حرة، وذلك بصاروخ إسرائيلي أصاب سيارة الأجرة التي كانت تقلها بين قرى الجنوب اللبناني المتقدمة.
وقد أصبحت مراسلة الجزيرة الزميلة كاتيا ناصر وجها مألوفا لدى المشاهدين خلال أيام قليلة منذ ظهورها في البث المباشر من على تلال القرى الحدودية اللبنانية مع أنها لم تعمل مراسلة من قبل.
وقالت كاتيا ناصر إنها تطوعت للذهاب للجنوب اللبناني مع أنها تعمل عادة في غرفة الأخبار في المقر الرئيسي للجزيرة بالدوحة. وأوضحت أن الإدارة لم تحاول ثنيها عن الذهاب إلى منطقة الخطر لكونها امرأة وكان هناك احترام لقرارها.
واعترفت كاتيا بأنها تشعر بالخوف في هذا الوضع، مشيرة إلى أن "الخوف شيء طبيعي لكن الشجاعة تكمن في السيطرة على مشاعر الخوف حتى لا تظهر على الكاميرا".
ويصبح هذا الشعور بالخوف واضحا عندما تروي كاتيا قصة استهداف الغارات الإسرائيلية موكب الصحفيين الذي كان يضمها مع زملائها أثناء إخلائهم المنطقة الحدودية نتيجة اشتداد الخطر.
وظهرت كاتيا ابنة الجنوب على الشاشة أكثر من مرة تحاول جاهدة إخفاء مشاعرها تجاه القرويين الجنوبيين الذين وقعوا ضحية القصف الإسرائيلي العشوائي أو اضطروا إلى الهروب من منازلهم إلى مناطق أكثر أمنا.
أما بشرى عبد الصمد مراسلة الجزيرة في لبنان التي عملت حتى 11 يوليو/تموز الماضي في تغطية المناوشات التي لا تنتهي بين السياسيين اللبنانيين، فقد كانت أول مراسلة تظهر بالسترة الواقية من الرصاص والخوذة من جنوب لبنان.
وعلى الجانب الآخر من الحدود شمال إسرائيل ظهرت زميلتا كاتيا، شيرين أبو عاقلة وجيفارا البديري اللتان تعودتا منذ زمن على أن يجدن أنفسهن وسط النيران في تغطيتهما للمواجهات في الأراضي الفلسطينية. لكنهما هذه المرة وقفتا على الحدود مع لبنان لنقل أخبار سقوط صواريخ حزب الله على مدن ومستوطنات شمال إسرائيل وتحركات الجيش الإسرائيلي.
كما أرسلت قناة العربية - التي تتخد من دبي مقرا لها- أيضا صحفياتها لتغطية القصف الإسرائيلي البحري والجوي العنيف لضاحية بيروت الجنوبية.
وفي لقطات عدة، بدا القلق على وجهي المراسلتين نجوى قاسم وريما مكتبي وهن يتابعن من تلة مطلة على الضاحية الجنوبية القصف يدك معقل حزب الله الرئيسي.
وقد دفعت القنوات التلفزيونية اللبنانية الخاصة بعدد من صحفياتها إلى النقاط الساخنة فتفوقن عددا على زملائهن الرجال.
من بنت جبيل ظهرت مراسلة المؤسسة اللبنانية للإرسال (LBC) قبل أن تكتسب هذه البلدة الحدودية شهرة عالمية نتيجة المعارك الضارية التي شهدتها بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي حزب الله.
أما مراسلة قناة التلفزيون الجديد (NTV) نانسي السبع فظهرت متشبثة بسترتها الواقية من الرصاص بينما تجولت في شوارع الضاحية الجنوبية المدمرة.
وبدت المراسلات الصحفيات أكثر حرفية من نظرائهن الرجال في التزام معظمهن تدابير السلامة في أماكن الخطر.
فكثير من المراسلين الذكور ظهروا يتجولون في مناطق خطرة نسبيا بدون ارتداء سترات واقية من الرصاص. أما إذا كلف أحدهم نفسه عناء ارتداء السترة فلا يكمل الإجراءات الوقائية بارتداء الخوذة.
لكن يبدو أن المخاطرة تؤتي ثمارها من خلال الشهرة السريعة التي تحرزها الصحفيات الشجاعات. وتنقل كاتيا ناصر عن رسائل وصلتها من مشاهدين في الدول العربية، عبارة كتبت لها "أنت بطلة".
وفي هذا السياق تقول "أشعر أنني نلت أكثر مما أستحق. كنت فقط واحدة من هؤلاء الناس هناك" في الجنوب.