عند تجاوز سن اليأس .. كثرة النوم ترفع مخاطر السكتة الدماغية
من المعروف جيدا ان الحرمان من النوم يؤدي الى تأثيرات سيئة في الصحة البدنية والعقلية.
الا ان كثرة النوم لا تعتبر أفضل بالضرورة، عندما يتعلق الأمر بالمحصلة النهائية.
ووفقا لبحث تنشر نتائجه في عدد ديسمبر 2008 من مجلة «ستروك» Stroke التي تصدرها جمعية القلب الاميركية، والذي ظهر في 17 يوليو 2008 على الطبعة الالكترونية منها، فان قلة النوم او كثرته، تؤديان الى حدوث السكتة الدماغية الإسكيمية للنساء اللواتي تخطين سن اليأس من المحيض.
والسكتة الدماغية الإسكيمية Ischemic Stroke هي اكثر انواع السكتات الدماغية شيوعا - وهي السبب الرئيسي لحدوث الاعاقات في الولايات المتحدة - تحدث عندما يظهر شكل من الاعاقة في مجرى الدم، (في العادة بسبب وجود خثرة دموية)، تقود الى نقص التروية الدموية وقطع امدادات الدم والاوكسجين نحو المخ.
النوم والسكتة الدماغية
ويستند هذا البحث الى بيانات مستخلصة من «دراسة مراقبة مبادرة صحة النساء»Women"s Health Initiative Observational Study التي دامت سبع سنوات، ودققت في دور الجينات، البيولوجيا، ونمط الحياة، في المخاطر التي تقود الى حدوث المشاكل الصحية للنساء الاكبر سنا. وشملت الدراسة 93 الفا و175 امرأة بين اعمار 50 و79 سنة.
ووجد الباحثون ان النساء اللواتي نمن تسع ساعات فأكثر لكل ليلة، كنّ اكثر تعرضا بنسبة 60 الى 70 في المائة للاصابة بالسكتة الدماغية الإسكيمية مقارنة بالنساء اللواتي نمن سبع ساعات لكل ليلة.
الا ان «النائمات طويلا» لم يكن وحدهن من المتعرضات للمشاكل، اذ ظهر ان اولئك اللواتي نمن ست ساعات او اقل، كن اكثر تعرضا بنسبة 14 في المائة للاصابة بالسكتة الدماغية.
وقد لا يبدو هذا الأمر خطيرا الا ان عدد النساء اللواتي شملتهن الدراسة من «النائمات قصيرا» كان اكبر مرتين من النساء «النائمات طويلا».
لذا افترض الباحثون ان النوم القليل ربما يكون له تأثير اكبر في صحة النساء اللواتي تجاوزن سن اليأس مقارنة بالنوم لفترات طويلة.
النوم والأمراض
وقد لاحظت دراسات اخرى فوائد «التأثير الذهبي» للنوم، أي الحصول على فترة نوم كاف «صحيحة بالتمام والكمال».
وهذه الفترة هي وبشكل عمومي، تمتد لسبع ساعات لكل ليلة، تبدو وكأنها الرقم الذهبي.
ففي عام 2005 وجد باحثون في كلية الطب بجامعة بوسطن ان معدلات ظهور مرض السكري والاضطرابات في تقبل الغلوكوز (أي مرحلة ما قبل السكري) لدى الخاضعات للدراسة بين اعمار 53 و93 سنة، كانت الاعلى لدى اللواتي نمن لفترة اطول (تسع ساعات في كل ليلة)، واقل (اقل من ست ساعات).
وقد تم ربط كل من النوم القليل، والنوم الزائد عن الحد ايضا، بازدياد مخاطر امراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والموت المبكر.
وفي دراسة نشرت في عدد مايو 2008 من مجلة «سليب» Sleep افاد باحثون يابانيون بوجود علاقة بين فترة النوم ومستويات الشحوم الضارة في الدم.
وقد وجدوا في دراستهم لـ 2329 امرأة من عمر 20 سنة فأكثر، ان مستويات الكولسترول عالي الكثافة HDL (الحميد) كانت اقل، وان مستوى الشحوم الثلاثية كان اعلى لدى النساء اللواتي ينمن في العادة اقل من خمس ساعات لكل ليلة، كذلك لدى النساء اللواتي ينمن ثماني ساعات او اكثر في الليلة.
وفي نفس العدد من مجلة «سليب» افاد باحثون في كلية بتسبورغ للطب ان الدلائل على حدوث متلازمة التمثيل الغذائي (وهي مجموعة من عوامل الخطر التي تتنبأ بالاخطار على القلب والاوعية الدموية، وظهور السكري، والوفاة لشتى الاسباب) تزداد بنسبة 45 في المائة لدى النائمات لفترة قصيرة او طويلة، مقارنة بالنائمات لفترة بين سبع وثماني ساعات لكل ليلة.
العلاقة والأسباب
وليس من الواضح بالضبط، الكيفية التي يؤثر بها النوم الطويل او القصير في خطر التعرض للسكتة الدماغية.
وبعد ان اخذ البحث الاخير المنشور في مجلة «ستروك» في الاعتبار، الكثير من العوامل التي تزيد من الخطر، ومنها العمر، الاصل العرقي، التدخين، الكآبة، وحالات انقطاع النفس، ظلت النتائج متماثلة.
الا ان الدكتور جيو ـ تشيوان تشين الباحث المشارك في الدراسة كان حذرا، عند اشارته الى ان هذا الترابط لا يعني العثور على السبب.
فلا توجد ادلة حتى الآن على ان النائمات لفترة طويلة، بمقدورهن التقليل من خطر النوبة القلبية بتقليل فترات نومهن، او زيادة النائمات لفترة قصيرة لفترات نومهن لتحقيق نفس الهدف.
ومع ذلك فان الدراسة تدعم مجددا الفكرة القائلة بان النوم يرتبط بشكل وثيق بالصحة عموما ـ وان على الاطباء والمرضى الاهتمام بشكل جدي بمشاكل النوم.