الحمام .. أصبحت له ثقافة خاصة تناسب تغيرات العصر
في الموروث الشعبي العربي يعرف الحمام بـ «بيت الراحة» أو بـ «بيت الأدب» أو «الكنيف»، التي تعني لغويا الاحتواء. ونظرا لأهميته وحساسيته المفرطة، ولكونه المكان الذي يقضي فيه الإنسان وقتا طويلا، أصبح هناك ما يسمى بـ «ثقافة الحمام».
والمعنى هنا أن العديد من الكتاب والمبدعين، لا يجدون متعة القراءة، بل الإبداع إلا وهم جالسون على «كرسي» الحمام، الأمر الذي دفع دور نشر أوروبية إلى إصدار نمط معين من الكتب يلائم هذه الحالة الثقافية الفريدة.
وفي عرف الديكور الحديث ايضا، تغيرت النظرة التقليدية للحمام، ولم يعد مجرد غرفة مكملة لاحتياجات المنزل، تقوم بوظيفة عملية تفتقد إلى أي لمسات جمالية، وركز المصممون على إدخال مفردات جديدة عليه تتمثل في الأثاث والديكور ليصبح مع الوقت بمثابة بؤرة فنية مستقلة بذاتها، ومرآة شفافة تنعكس عليها الحالة المزاجية وذوق أصحاب المنزل.
صورة الحمام الجديدة، كما تراها مهندسة الديكور الداخلي غادة هاشم، ترتكز ملامحها الأساسية على الدقة في اختيار اللون، الذي «يمكن ان يضفي على المكان إما إحساسا بالاتساع أو بالضيق».
وتتابع:«لأن مساحة الحمام غالبا ما تكون صغيرة، فإنه يجب اختيار ألوان زاهية ومشرقة لتضفي الضوء عليه، مع الابتعاد قدر الامكان عن السيراميك ذي النقوش الكبيرة لأنه يعطي شعورا بالازدحام. وعند اختيار الأرضيات يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار ان تكون قوية بحيث تتحمل المياه والرطوبة.
وللخروج عن المألوف يمكن أن تكون من الخشب المعالج ضد الماء أو من الحجارة أو الغرانيت كنوع من الشعور بالانتماء إلى البيئة الطبيعية».
وتشدد غادة على أهمية الإضاءة، مشيرة إلى أنها يجب أن تتوافق مع الطراز العام للديكور. فالحمامات الحديثة، تحتاج إلى إضاءة عالية تكون في السقف أو مركزة حول الحوض.
أما في الحمامات ذات الأسلوب الكلاسيكي، فإن الإضاءة يمكن أن تكون أخف، وأكثر نعومة من خلال الاعتماد على الإضاءة المختفية أو شبه المختفية في أرجاء السقف.
كذلك الأمر بالنسبة لحوائط الحمام، التي تقول، انها أول ما يجذب النظر عند دخول هذا الجزء من البيت، وبالتالي يجب ألا تترك بلا هوية كمجرد فراغ من السيراميك.
اقتراحات غادة في هذا الشأن، وضع لوحات السيراميك الجاهزة، ومنها ما يمكن إضافته كلمسة شخصية من اصحاب المنزل، إذا كانوا ممن يهتمون بالتفاصيل.
تنعكس جماليات الحمام أيضا على الحوض، لذا يمكن استغلال الفراغ أسفله بصنع دولاب من الخشب الطبيعي مطعم بنقوش يدوية بسيطة، كما يمكن صنعه من النحاس أو الحديد الصلب، كون هذه الأنواع كلها تتماشى مع الطراز العصري والحديث. أما الأحواض السيراميك أو الرخام القديم فهي تتماشى مع الطراز الكلاسيكي أكثر.
من الاقتراحات الأخرى التي تدلي بها غادة، صنع دولاب خاص بالحمام لحفظ علب المناديل والمناشف وأدوات الزينة، على أن يتناسب حجمه وشكله مع نسب الفراغ في المكان، وتفضل ان يكون شباك الحمام عاليا قريبا من السقف لكي يمنح شعورا بالارتفاع والاتساع والحميمية ايضا.
بالنسبة للحمامات الكبيرة، تقول مهندسة الديكور يمكن إضافة بعض الديكورات البسيطة التي تضفي لمسات فخمة عليها، مثل وضع كرسي منجد بلون مريح، وأرفف زجاجية توضع عليها بعض المزهريات والانتيكات، وبجوار الحوض، يمكن وضع شموع معطرة وذات أشكال مميزة. يمكن أيضا وضع طاولة أو دولاب بأبواب زجاجية لحفظ العطور والمستحضرات الخاصة بالعناية بالجسم والبشرة والشعر.
ونظرا لمساحته، يمكن تخصيص أحد أركانه لوضع كتيبات ومجلات للقراءة، أو يمكن تصميم أشكال غائرة في الجدار لوضع تحف تسلط عليها إضاءة خفيفة. ولا مانع من إكمال زينة الحمام ببعض الزهور المجففة، أو نباتات الظل التي تعلق في الأركان أو توضع على منضدة الحوض.
وفي حال كان الحمام الكبير يحتوي على مغطس كبير أو «جاكوزي»، تلفت غادة إلى أن بعض الشركات صممت أجهزة تلفاز وموسيقى لا تتأثر بالماء، يمكن اعتبارها ممتعة لعشاق متابعة المباريات ونشرات الأخبار ممن يميلون إلى قضاء وقت طويل في الحمام.
لكنها تؤكد أن احترام عنصر الاسترخاء بالحمام ليس معناه الإكثار من الاكسسوارات وقطع الأثاث حتى يصبح مزدحما ومكتظا بأغراض لا حاجة لها ولا تضيف إليه سوى الغبار والإحساس بالضيق، بل معناه البساطة.
فهذه هي كلمة السر في نجاح أي ديكور. كما تنصح، عند الاستعانة بالإكسسوارات بمراعاة أن تكون بخامات لا تتأثر بالماء وغير قابلة للكسر، مثل البلاستيك المقوى أو المعادن الخفيفة.