معرض ديكوريكس .. تركيز على السجاد والتكنولوجيا
ألوان ونقوشات تصرخ من عدة أركان .. والخامات والأقمشة تثير الاهتمام
ماذا يخبئه لنا العام المقبل من ديكورات وتصميمات جديدة؟ هذا بالضبط هو السؤال الذي أقيم معرض ديكوريكس العالمي للإجابة عنه أخيراً في «رويال هوسبيتال تشيلسي» بمنطقة تشيلسي، وسط لندن.
ويعتبر هذا المعرض من أهم المعارض التي تهتم بتقديم آخر الخطوط والصيحات في مجال الديكور الداخلي، ويحظى بسمعة طيبة في العالم أجمع. فهو كما يقول دومينيك ماكبارلاند من «برابين أند فيتز» الذي لا يتخلف عن المشاركة فيه منذ ست سنوات، مهم للزبائن لأنه يعطيهم فكرة عن آخر التصميمات وأجودها، كما هو مهم للمصممين واصحاب الشركات، لأنه فرصتهم للتواصل مع بعضهم بعضا، من جهة، ولطرح افكارهم بشكل مباشر على عدد كبير من المشترين والمتخصصين، من جهة ثانية، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار انه يشهد مشاركة حوالي 300 شركة من جهات وتخصصات مختلفة.
ويبدو ان هناك شبه إجماع هنا على ان الوضع الاقتصادي في بريطانيا خصوصا والبلدان المجاورة عموما، لا يشجع على شراء بيوت جديدة، وبالتالي فإن الحل المثالي هو تحسين المتوفر والاكتفاء بتغيير ديكوراته، بل وحتى تصميمه، للحصول إما على مساحات إضافية، أو إلى إدخال بعض التغيير عليه لإسعاد النفس. كل المؤشرات في المعرض تفيد بأن التنوع مطلوب وإن كان هناك تأثر قوي بالفنون والمعمار والموضة، فضلا عن آخر التقنيات في مجالات تطوير الأقمشة والخامات، مما يؤكد ان تصميم الديكور الداخلي يمر بفترة مثيرة تشجع المصممين على تجربة أشياء جديدة، خصوصا ان العديد من الفنون والتأثيرات تتلاقى لتخلق خليطا رائعا.
فالتصميم ككل يتلاقى مع الفن، والموضة دخلت البيوت، والتقنيات المتطورة لا تتضارب مع التقنيات العادية، وهذا يعني ان القواعد التقليدية اصبحت بالية وخبرا من الماضي. ويتنبأ الخبراء أيضا ان العام المقبل، سيشهد عودة الاسود، لكن الغلبة ستكون لألوان الستينات والسبعينات من القرن الماضي، إلى جانب تصميمات هندسية فيما يتعلق بقطع الاثاث والاكسسوارات على حد سواء.
والحقيقة ان الزائر هنا لا يحتاج لخبراء لمعرفة هذا الحقيقة، فالالوان المتوهجة والنقوشات الهندسية والمتضاربة تصرخ من عدة أركان، وقطع الأثاث المعدنية ايضا تثير الاهتمام. أول ما يطالعك عند دخول المعرض، مدخله المصمم من قبل المخضرم جون ستيفانيدس، الذي اطلق عليه اسم «لندن» للدلالة على ما تحتضنه هذه المدينة من تنوع ثقافات وتعدد أعراق. وهذا التنوع والتعدد هو ما ترجمه من خلال مزيج عجيب من الهدوء والسكينة والألوان المتناغمة حتى في اقصى تناقضاتها.
أما شركة «برابين أند فيتز» التي يعمل بها دومينيك، فقد عرضت هذا العام طاولة «كونسول» أخذت عليها جائزة «بيدا» منذ بضع سنوات، إلى جانب مجموعة من الثريات التي تغلب عليها ألوان الفضة والأسود والزجاج والمعدن. وتجدر الإشارة إلى ان اللون الاسود تكرر كثيرا في عدة صور واشكال هذه المرة، احيانا في قطع الاثاث وأحيانا أخرى في الاكسسوارات، كذلك الأمر بالنسبة للنقوشات الانجليزية الجميلة، التي تستحضر بيوت الريف الإنجليزي.
فهذا الاسلوب الذي غاب في فترة من الفترات على اساس انه إرث قديم وبال، تجدد واصبح اكثر رومانسية وجاذبية، وقد يعود الفضل في هذا إلى السلسلة التلفزيونية «كبرياء وتحيز» (برايد اند بريجديس) المأخوذ عن رواية جاين اوستين الشهيرة، التي ألهمت المصممين وأعادت الاهتمام بالبيوت القديمة وديكوراتها الحميمة. يقول كريستوفر شارب، أحد المشاركين المهمين في المعرض والمدير العام لشركة «دي راغ كومباني» انه تحمس جدا في هذه السنة، نظرا للتنوع ودرجة الابتكار في المعرض.
وكان كريستوفر قد عرض مجموعة جديدة ومبتكرة من السجاد لأول مرة، إلى جانب مجموعات اخرى لمصممين معروفين من امثال كيلي ويرستلر، باربر أوسغيربي وإيفا زايسيل. ويقول انه لاحظ تحولا كبيرا في نظرة الناس إلى السجاد.
فهم يطلبون الآن المزج بين القديم والجديد، سواء تعلق الامر بالخامات أو التصميم. صحيح ان سجادة عصرية تضيف الكثير من اللون على أية غرفة إلى جانب عمليتها، التي تتمثل في سهولة استعمالها وتنظيفها، بل وحتى إمكانية ان يتدخل الزبون في تصميم نقوشاتها وأشكالها، لكن تبقى للقديم قيمته وجمالياته ايضا. وتعتقد لوسي أبوارد من مجلة «مودرن كاربت أند تيكستايل» أن هناك عناصر كثيرة تضافرت لإنعاش سوق السجاد، منها ان الذوق العام أصبح يميل إلى الزينة اكثر من ذي قبل.
وتضيف أنه على العكس من الاقمشة، التي يمكن استعمالها في ورق الجدران أو في الستائر او تنجيد الكنبات، فإن سجادة بجودة عالية مثل الماس..تبقى للأبد. فهي استثمار وترف في الوقت ذاته، مع العلم أنها إذا كانت بتوقيع مصمم معروف ومتمكن، فهي لن تكون رخيصة، لكن اختيارها لا يجب ان يكون على اساس السعر، لأنها يمكن ان تكشف عن ذوق صاحبها.
ويبدو ان موضة القطع الضخمة التي شهدتها الولايات المتحدة منذ فترة قد وصلت إلى لندن وقريبا ستصل إلى باقي العالم، على اساس أن الناس أصبحوا يريدون قطعا قليلة في بيوتهم لكن شريطة ان تكون كبيرة ولافتة لخلق تأثير درامي. بمعنى آخر ان تكون عبارة عن قطع هندسية تضفي على المكان تميزا وفنية. وتؤكد كارين هاويس، من شركة «تايلور هاويس للتصميم الداخلي» هذا الرأي بقولها ان القطع الضخمة من شأنها ان تخلق تأثيرا بصريا قويا.
وكانت شركتها قد طرحت أباجورات يصل طولها إلى مترين ونصف المتر، ومرايا من ثلاثة امتار. وحتى المصممة كيلي هوبين، مصممة الديكور الداخلي المعروفة بتوجهها الهندسي المحدد قالت بأنها بدأت تستعمل قطعا ضخمة وبألوان متوهجة كنقاط مركزية «فهي تضيف الكثير من التميز» حسب قولها. لكن اهم ما سيثير الانتباه في معرض ديكوريكس لهذا العام، هو الأقمشة وغيرها من الخامات وكذلك طرق استعمالاتها.
ألفارو دي فيرانتي مؤسس شركة «دي فيرانتي»، رغم انه اسسها منذ عامين فقط، اصبح معروفا بأقمشته وخاماته المتميزة التي يجلبها من اقاصي العالم. فهو لا يتوقف عن البحث عن جديدها، خصوصا تلك التي تتمتع بقصة أو لها جذور تاريخية. كما يمكن القول ان عالم التصميم يدين له بإحياء تقنيات قديمة جدا في ترويضها وتطويعها، حتى تلبي رغبات زبائنه.
وتشتمل المواد التي يستعملها على أحجار غريبة ملتقطة من الانهار، قطع كريستال، أحجار وصخور قديمة، لؤلؤ، أخشاب الدارسين، الأونيكس وهلم جرا، وكلها مواد يوظفها بشكل رائع في فسيفساء متميزة تغطي اسطح برك السباحة أو الطاولات وغيرهما. بدورها عرضت شركة «سوفار/سو نير» الإيطالية مجموعة من الخامات ذات التقنيات العالية في مجموعة من السجاجيد، بعضها بخامات رحيمة بالبيئة، وبعضها من القطن أو المخمل أو الحرير.
من المشاركين هذه السنة ايضا شركة «أرشر أند سميث» المتخصصة في الأقمشة والتي فازت بجائزة «بيدا» في العام الماضي نظرا لمنتجاتها الرائعة والمبتكرة والحرفية العالية التي توليها لكل قطعة وكل جزئية فيها، سواء تعلق الامر بجلد الماعز، أو الجلد المطرز، أو المعدن المنقوش بأوراق من البلاتين او الذهب، عدا عن العاج أو قشور السلاحف.