تراجع البناء بالحجر الطبيعي في لبنان بسبب ارتفاع تكاليفه
شكلت صناعته جزءاً أساسياً من تاريخ البيت اللبناني وشيدت به قصور مشهورة
شكلت صناعة الحجر الصخري الطبيعي في لبنان المعد للبناء جزءاً اساسياً من تاريخ البيت اللبناني، ولا سيما في البلدات والقرى الجبلية المختلفة.
ولم تكتف هذه الصناعة بتلبية حاجات السوق المحلي، بل اتجهت صوب التصدير، ولا سيما تجاه الدول العربية، في مقابل فتح لبنان سوقه امام الحجر الخارجي، وبالاخص السعودي.
ويقول المدير العام لجمعية الصناعيين اللبنانيين سعد العويني: «ان لبنان صدر في عام 2006 من مصنوعات الحجر والجيس والاسمنت بما قيمته 48 مليون دولار، وفي العام التالي بما قيمته 58 مليون دولار. ولكنه استورد في عام 2006 بما قيمته 148 مليون دولار، وفي عام 2007 بما قيمته 209 ملايين دولار».
ويقول صاحب احد المقالع ربيع ابوسعيد: «ان لبنان يستورد الصخر التركي، واليوناني، والسعودي الاصفر، والسوري، وخصوصاً ما يطلق عليه اسم «رحيباوي» نسبة الى منطقة رحيبة في سورية وهو الحجر المنافس للحجر العرسالي في لبنان، حتى ان بعض الورش في بلدة عرسال الحدودية مع سورية تؤتي بالحجر الرحيباوي من سورية وتبيعه على انه عرسالي.
ثم هناك الحجر السوري الاسود الموجود في «السويداء» وهو يعصى على المنشار لشدة قساوته. ولا ننسى الصخر الايطالي الذي لم يعد منافساً اليوم للصخر اللبناني بالنظر الى ارتفاع سعر صرف اليورو.
اما الاكثر منافسة للصخر اللبناني فهو الصخر السعودي الاصفر، الذي بني به جامع محمد الامين في وسط بيروت، وجامع بهاء الدين الحريري في صيدا.
اما انواع الصخر اللبناني والوانه فيتناولها ابوسعيد بالقول: «هناك الحجر الاصفر و«بولباد» البني والاخضر في بحمدون وبعلشمية والعبادية، وهو الحجر الذي كان معتمداً في الماضي.
والحجر العرسالي (في بلدة عرسال الواقعة على الحدود الشرقية مع سورية) بالوانه الابيض والاسمر والعاجي، وهو الاكثر استعمالاً في الوقت الراهن.
والحجر الشملاني الابيض القاسي الذي قل وجوده، والاصفر الذي يستعمل للافران لانه يتمتع بقدرة تخزينية للحرارة. وهناك الحجر الرعيتي (نسبة الى بلدة «رعيت» في البقاع) الابيض الذي يمتص الماء كما هي حاله في مقلب حمص (في سورية) والذي يتغير لونه مع الايام كما هي حاله في الجانب اللبناني.
وحجر الشيرا الرمادي الداكن الموشح بالبيج والموجود في اقليم الخروب والزعرورية (الشوف) وقوسايا (البقاع)، وحجر «التستا» الابيض الطري الماص للماء والذي يستخدم للديكور من دون البلاط.
وحجر لبايا (البقاع) الزهر الموشح، والجزيني الزهر، وحجر القلعجي الاسمر المائل الى الزرقة (المتن الشمالي)، والحجر الاحمر في بلدة دير الاحمر البقاعية، وحجر عين وزين (في الشوف) العاجي، وحجر دير القمر (الشوف) الذي بني به قصر بيت الدين وقصر المختارة (مقر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط) وهو من الحجارة السهلة النحت، والحجر الصيداوي الكلسي الابيض الطري (بلدة المروانية الجنوبية).
ولا ننسى الحجر الرملي الساحلي (في بيروت وطرابلس) الذي قل وجوده». ويعتبر ابوسعيد ان صناعة الحجر في لبنان مهددة ليس بالمنافسة، وانما بسوء تنظيم المقالع، والملاحقات، وتحول هذا القطاع الى مادة اضافية للتجاذبات السياسية.
فصاحب المقلع اليوم يعمل بالسر، اي اضرب واهرب. والذين يحصلون على رخص اعادة تأهيل للمقالع، لا ينفذون مضمون الرخص مما يعطي الذريعة لمجموعات البيئة بأن تشن الحملة تلو الحملة على المقالع.
«اما الحجر المنحوت يدوياً، فلم يعد له وجود» كما يقول المعلم الشيخ فؤاد طربيه، الذي يضيف: «الآلة اصبحت هي النحات، ومع ذلك يبقى لمن يشغلها القدرة على اضافة اللمسة الفنية الى الحجر، سواء المبوّز منه او المدقوق مثل «بو شرد» او العادي.
والحجر المنحوت، باليد يباع بالسنتيمتر المكعب، اما الحجر المشغول آلياً فيباع بالمتر المربع. وبلوكات الصخر الخام تباع بالمتر والطن الذي يراوح بين 70 و75 دولاراً».
والى جانب صناعة الحجر هناك الاتجار به، كما هي حال اكرم المهتار الذي يجمع حجارة البيوت المهدمة والمنحوتة قديماً ويقول: «لدي ستوك حالياً من حجارة احد القصور التي هدمت في الحرب.
سعر الحجر الواحد 3 دولارات، لكن كلفته اليوم لا تقل عن ثلاثة اضعاف. وانا عازم على بيع هذا الستوك لاستطيع بناء منزل عادي لأن كلفة بناء الحجر باتت مرتفعة التكاليف ولا طاقة لنا على تحملها».