هل يمكن أستخدام العمليات الجراحية لإنقاص الوزن للأطفال والمراهقين؟
مع ازدياد الوعي الطبي بخطورة السمنة المفرطة والتعامل معها على اعتبار أنها عرض مرضي، وليست مجرد عيب في شكل الجسم، بدأ التدخل الجراحي في العلاج كأحد البدائل المهمة للعلاج الدوائي، خصوصا في المرضى الذين يعانون من البدانة المفرطة، ولم ينجحوا في العلاج من خلال الطرق المعتادة لإنقاص الوزن، مثل الحمية الغذائية والرياضة والعقاقير الطبية.
ومنذ بداية إجراء تلك العمليات المسماة «جراحة السمنة أو جراحة تخفيف الوزن» Bariatric surgery، ونظرا للنتائج المبهرة والسريعة التي حققتها أصبحت تتمتع بشهرة كبيرة في الوقت الحالي بالنسبة للبالغين، سواء لعلاج السمنة المفرطة بشكل مرضي، أو نتيجة للهوس بتحسين شكل الجسم واقتناء جسد متناسق.
ولكن الأمر الذي ربما لا يعرفه كثيرون أن هذه العمليات يتم إجراؤها أيضا في الأطفال، وتكون من أجل علاج البدانة. وبطبيعة الحال وفي الأغلب لم تكن هذه الجراحات محبذة بالنسبة للأطفال كخط علاج أولي، ودائما كان يتم العلاج عن طريق النظام الغذائي أو في بعض الأحيان عن طريق الأدوية.
عمليات جراحية
وقد أشارت معظم الدراسات إلى أن استفادة الأطفال من عمليات إنقاص الوزن في الغالب لا تكون بحجم خطورة تعرض الطفل للجراحة إلا في الحالات التي يمكن أن تسبب فيها البدانة مخاطر صحية كبيرة.
ولكن أحدث هذه الدراسات أوضحت أن الأطفال يمكن أن يستفيدوا بشكل كبير من عمليات إنقاص الوزن، وذلك في الدراسة الطولية التي نشرت في نهاية شهر يوليو من العام الجاري في النسخة الإلكترونية من مجلة الرابطة الطبية الأميركية لطب الأطفال التي تعرف اختصارا بـ«JAMA Pediatrics» التي قام بها فريق بحثي من كلية الطب بجامعة مينسوتا بالولايات المتحدة.
وقد أشارت إلى أن عمليات إنقاص الوزن في الأطفال تؤدي إلى تحسين الحركة، وزيادة القدرة على السير من دون متاعب، وتقلل مقدار ضربات القلب بعد العملية، بما يقرب الأشهر الستة، وذلك في الأطفال والمراهقين الذين يعانون من سمنة مفرطة تسبب لهم مشكلات في الجهاز الحركي، وتحد من حركة المفاصل، وتتسبب في حدوث آلام أثناء المشي.
وكما هو معروف فإن هذه العمليات تتم بالكثير من الطرق التي تهدف إلى تصغير حجم المعدة بما لا يؤثر على أداء المعدة لوظيفتها الأساسية، وهي هضم الطعام، وذلك من خلال عدة تقنيات، منها على سبيل المثال عمل ما يشبه الرباط حولها، وهو ما يسمى بالعامية «ربط المعدة» أو من خلال استئصال جزء منها أو من خلال تحويل مسار الطعام، بحيث لا يمكث فترة طويلة في المعدة بعد تقسيمها إلى جزأين وتشريح الأمعاء الدقيقة وربطها بكلا الجزأين.
ومن خلال هذه العمليات يتم تقليل كمية الطعام التي يتم تناولها، وبالتالي كمية السعرات الحرارية، ومن ثم يقل وزن الجسم.
وأشارت الدراسات التي تم إجراؤها على البالغين إلى أن النتائج الجيدة لمثل هذه العمليات ونجاحها في خفض معدلات السمنة بشكل ملحوظ تسببت في زيادة الإقبال عليها، على الرغم من تكلفتها الكبيرة نسبيا، وأنها لم تعد نوعا من أنواع الرفاهية، خصوصا أن الأعراض الجانبية لهذه العمليات تعتبر قليلة ونادرة الحدوث مقارنة بفوائدها ليس للمظهر فقط لكن للضرورة الصحية، خصوصا للأطفال الذين يعانون بالفعل من مشكلات صحية، نتيجة للبدانة، لعل أشهرها مرض السكري من النوع الثاني الذي كان يصيب البالغين فقط في السابق أو الإصابة بالكبد الدهني وغيرها.
تحسن الحالات
وقد قام الباحثون بتتبع الأطفال والمراهقين الذين تم إجراء جراحة لهم لمدة عامين، لمعرفة الآثار المترتبة على تلك العمليات، ولأي مدى يمكن أن تكون مفيدة. وشملت الدراسة 242 من المراهقين الذين تبلغ أعمارهم 19 عاما فأقل من الذين قاموا بإجراء جراحات لإنقاص الوزن من عام 2007 حتى عام 2012.
ومن هؤلاء كان هناك عدد 202 من المشاركين قد أكملوا 400 متر من السير على الأقدام قبل إجراء الجراحة. وبعد إجراء الجراحة بستة أشهر كان عدد الذين تتبعتهم الدراسة نحو 195. وأيضا قامت الدراسة بعد ذلك بنحو عام بتتبع عدد يقدر بنحو 176 من الذين أقدموا على تجربة السير لمدة 400 متر مرة أخرى. وتم قياس ضربات القلب في الحالة العادية قبل المشي resting heart rate، وأيضا أثناء المشي وقياس الفرق بينهما.
كما قام الباحثون بالسؤال عن مدى الألم في الجهاز الحركي والمفاصل قبل وأثناء وأيضا بعد السير، وكان من ضمن 206 مشاركين نحو 156 من الإناث، وكان متوسط الأعمار نحو 17 سنة، بينما كان متوسط محيط كتلة الجسم BMI هو 51.7.
وبعد مرور ستة أشهر على إجراء العملية تم عمل مقارنة بين معدل القياسات المختلفة، وظهر تحسن في فترة استكمال السير، إذ قلت من 6.3 إلى 5.8 دقائق. كما تحسن معدل ضربات القلب أثناء الراحة من 84 ضربة في الدقيقة إلى 74 ضربة فقط. كما تحسنت ضربات القلب أثناء المجهود من 128 ضربة إلى 113 ضربة فقط. كما قل الفارق بين معدل ضربات القلب إلى نحو 34 ضربة بدلا من 40، كما انخفض الوقت المنقضي في مشي المسافة المحدد.
وأيضا انخفضت معدلات الإحساس بالألم، سواء في المفاصل أو العضلات أثناء الحركة، كما انخفض الوقت الذي يحتاجه القلب للعودة للضربات أثناء الراحة، وكان ذلك في أثناء العام، وكذلك أثناء العام الثاني، ولكن الدراسة أوضحت أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسات، لمعرفة إذا كانت هناك آثار تترتب على هذه العمليات بعد العامين من عدمه.