تضيق الشرايين .. العلاج الطبي الأمثل أم العمليات الجراحية؟
12:00 ص - الأحد 8 يناير 2012
كان من المفترض أن تكون تجربة «النتائج السريرية الناتجة عن إعادة ترميم الأوعية وتقييم التناول المكثف للأدوية» (The Clinical Outcomes Utilizing Revascularization and Aggressive Drug Evaluation) التي تعرف اختصارا باسم (COURAGE)، عنصر تغيير بالنسبة لمن يعانون من الذبحة الصدرية المستقرة «stable angina» (وهو ألم في الصدر يحدث نتيجة لانسداد الشرايين التاجية بالكولسترول) أو يعانون من ضيق بأحد الشرايين التاجية على الأقل.
وفي مثل هذه الحالات أظهرت التجربة أن عملية إزالة تضيق الشرايين angioplasty ووضع دعامة لم تكن أفضل من العلاج الطبي الأمثل في منع حدوث أزمات قلبية أو زيادة فرص البقاء على قيد الحياة. وبصورة أخرى، جعلت التجربة من المفيد تجربة العلاج الطبي أولا - وهو علاج بالعقاقير وتغيير بعض أنماط الحياة - ثم اللجوء إلى عملية إزالة تضيق الشرايين إذا لم يفلح ذلك.
وقد نشرت النتائج في «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين» خلال شهر أبريل (نيسان) 2007، وسيطرت على العناوين الرئيسية في عدد من الصحف المهمة، ومثلت مادة مهمة للتلفزيون ووسائل إعلامية أخرى.
العلاج الطبي الأمثل بالنسبة لمن يعانون من الذبحة الصدرية المستقرة أو من ضيق شديد في الشرايين التاجية، يمكن أن يساعد العلاج الطبي الأمثل على تقليل شدة الذبحة الصدرية، ولكنه لا يكون بالسرعة نفسها لما تقدمه عملية إزالة تضيق الشرايين. كما أنه أقل تكلفة بدرجة كبيرة مقارنة بهذه العملية بالقسطرة (التي تتكلف ما بين 15 ألفا إلى 30 ألف دولار)، ولديه آثار جانبية خطيرة أقل.
والأهم إن العلاج الطبي الأمثل يهاجم تصلب للشرايين بسبب انسدادها على كل الجبهات، وهو شيء لا تقوم به القسطرة، وإذا لم يكن العلاج الطبي كافيا لتهدئة الذبحة الصدرية، حينها تكون القسطرة أو الخضوع لعملية قلب مفتوح الخطوة التالية المنطقية.
ولكن حدث شيء غريب في هذا الصدد.. يبدو أن الأطباء لم ينتبهوا إلى الدروس المستفادة من هذه التجربة جيدة التخطيط والتنفيذ التي تكلفت 35 مليون دولار؛ ففي التجربة، كان العلاج الطبي يعني ما هو أكثر من الحصول على الأدوية التي ثبت أنها تساعد على الحد من تصلب الشرايين، حيث تضمنت التجربة أيضا نصائح بنمط صحي للحياة.
وفيما يلي عناصر .. العلاج الطبي الأمثل:-
- الأدوية: الأسبرين - بلافيكس (للمدة المناسبة من الوقت) - أدوية الستاتين - حاصرات بيتا - النترات إذا تطلبت الحاجة للذبحة الصدرية - مثبط الإنزيم المحول للأنجيوتنسين أو حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين إذا تطلبت الحاجة لرفع الكسر القذفي بالبطين أقل من 35 في المائة.
- الإقلاع عن التدخين.
- الوزن: مؤشر كتلة الجسم أقل من 25 أو فقدان الوزن بمقدار 10 في المائة.
- حمية غذائية: دهون مشبعة أقل من 7 في المائة من السعرات الحرارية وكولسترول أقل من 200 ملليغرام في اليوم.
- تمارين: 30 - 45 دقيقة لمدة خمسة أيام في الأسبوع.
- بروتين دهني منخفض الكثافة: أقل من 100 ملليغرام لكل ديسيلتر. يوصي بعض الأطباء بمستوى مستهدف أقل من 70 ملليغراما لكل ديسيلتر.
- البروتين الدهني عالي الكثافة: أعلى من 40 ملليغراما لكل ديسيلتر.
- الشحوم الثلاثية: أقل من 150 ملليغراما لكل ديسيلتر.
- ضغط الدم: أقل من 120 - 80 من دون أدوية وأقل من 140 - 90 مللم زئبق إذا كانت هناك حاجة إلى أدوية.
- السكر في الدم: الهيموغلوبين A1C أقل من 7 في المائة.
استخدم أحد الباحثين المشاركين في التجربة وزملاؤه قاعدة بيانات ضخمة على المستوى الوطني لدراسة استخدام العلاج الطبي الأمثل أو القسطرة قبل الإعلان عن نتائج التجربة، واستخدمت مرة أخرى بعد الإعلان عن النتائج. وفي الأشهر الثمانية عشر قبل ظهور النتائج، كان أقل من نصف الرجال والنساء ممن أجريت لهم قسطرة قد خضعوا للعلاج الطبي الأمثل. ولم تتغير النسبة خلال الأشهر الأربع والعشرين التالية.
ويشير ذلك إلى أن الأطباء يتجاهلون الرسالة المستخلصة من تجربة «COURAGE» (دورية «رابطة الطب الأميركية» في 11 مايو/ أيار 2011).
ومما يثير القلق بالقدر نفسه أن ثلث من خضعوا للقسطرة لم يخضعوا للعلاج الطبي الأمثل بعد العملية، على الرغم من نصحهم بذلك. وبصراحة، فإن العلاج الطبي الأمثل كما جرى في التجربة ليس سهلا.
ومن وجهة نظر المريض، فهي تتطلب التزاما وجهدا. وعلى جانب الرعاية الصحية، لا يحصل الأطباء سوى على القليل، إن لم يكن لا يحصلون على شيء، مقابل تقديم خدمات وقائية واستشارات. وهاجم البعض النتائج وقالوا إنها تؤكد على أن الأطباء يتأثرون بالمال الذي يمكنهم الحصول عليه من القسطرة.
دروس التجربة:-
الدرس المهم المستفاد من تجربة «COURAGE» أن من يعانون من ذبحة صدرية بصورة منتظمة أو من شريان تاجي ضيق أمامهم خيارات، وأن هذه الحالات لا تشابه «قنبلة موقوتة» يجب علاجها فورا، لا سيما إذا كنت تشعر بأنك في صحة جيدة بصورة عامة.
الذبحة الصدرية:-
عبارة عن ألم في الصدر يحدث بسبب التمارين أو الإجهاد عندما تكبر بقعة ممتلئة بالكولسترول بدرجة تجعلها تخرج من جدار الشريان وتصل إلى مجرى الدم. ويمكن لها أن تعوق تدفق الدم. وخلال التمارين أو عند الإجهاد، يمنع العائق جزءا من القلب من الحصول على الدم اللازم له. ويؤدي ذلك إلى عدم توافق بين العرض والطلب ويظهر ذلك في شكل ألم أو ضغط في الصدر.
لماذا لا يعتبر ذلك قنبلة موقوتة؟ لأن تلك البقعة الكبيرة ولو أنها تقود إلى إحداث ذبحة صدرية تكون مغطاة عادة بشيء من غطاء خشن، ويعني ذلك أنها ليس من المحتمل أن تنفجر، وهو الأمر الذي يؤدي إلى معظم النوبات القلبية.
وتقوم القسطرة والدعامة بإزالة العائق من خلال تسوية البقعة، ويساعد ذلك على تقليل الذبحة الصدرية سريعا، ولكن هذا الأمر لا يقدم أي حماية من البقع الأصغر والأكثر نعومة التي تكون عادة غير مرئية الموجودة في شبكة الشرايين التاجية وغيرها. وهذه البقع المعرضة هي التي تتمزق فجأة وتؤدي إلى نوبة قلبية أو جلطة. ويساعد العلاج الطبي الأمثل على تحقيق استقرار في هذه البقع ويمنعها من الانفجار.
ودعم تقرير من مجموعة عمل أوروبية هذه الاستراتيجية. وقال إن أدوية الستاتين الخافضة للكولسترول والأسبرين وحاصرات بيتا ومثبط الإنزيم المحول للأنجيوتنسين يمكن أن تحقق استقرارا للبقعة (ثرومبوسيس آند هيموستاسيس، نُشر على شبكة الإنترنت، 14 يونيو/ حزيران 2011)
ضيق الشرايين:-
بعض الأشخاص الذين لا يعانون من ألم في الصدر أو أعراض أخرى يشخصون على أنهم يعانون من مرض الشريان التاجي عندما يخضعون لاختبار إجهاد أو غيرها من الاختبارات التي ترصد وجود شريان تاجي ضيق.
وبمجرد رصد ذلك، يميل الإنسان إلى علاج، ولكن من دون أي أعراض لا تعد القسطرة خيارا جيدا لأنها لا تجعلك تشعر بأي تحسن. وتظهر نتائج تجربة «COURAGE» أن القسطرة والدعامة لن تمنع حدوث أزمة قلبية أو تطيل من العمر. وينصح بأن يكون العلاج الطبي الأمثل السبيل الأول في هذه الحالة.