الكنافة في مصر .. أشكال مختلفة والمذاق واحد
للكنافة تاريخ طويل مع المصريين، فهي قصة عشق لا تنتهي. تقول الروايات التاريخية إن المصريين أعدوها في القرن العاشر الميلادي، نحو عام 969م، لاستقبال المعز لدين الله الفاطمي حينما دخل القاهرة، ولطالما كان للكنافة نصيب في الكتابات التاريخية والأدبية، فقد كتب جلال الدين السيوطي رسالة عنوانها «منهل اللطايف في الكنافة والقطايف»، بينما كتب أحد شعراء الطبقة الشعبية المصرية، ويدعى أبو الحسن الجزار (1204 - 1280م):
سقى الله أكناف الكنافة بالقطر
وجاد عليها سكرا دائم الدر
وتبا لأوقات المخلل أنها
تمر بلا نفع وتحسب من عمري
ولم تعد الكنافة مجرد صنف تقليدي من الحلويات عمره آلاف السنين، بل أصبحت لها إطلالتها الخاصة كل عام، ينتظرها عشاق مذاقها اللذيذ بنهم، فلم تعد ربة المنزل تقدمها في شكل صينية بالمكسرات، ومعها الشربات (الشراب الحلو)، أو كنافة بالجبن والبسطرمة، بل أصبحت أشهر محال الحلويات تتنافس لتقديم الكنافة لتصبح «ترند» في رمضان، وعليك أن تقوم بحجز طلبك بشكل مسبق، وإلا فلن تجده.
وتتبارى هذا العام محال الحلويات في مختلف أنحاء مصر لتقديم أحجام وأشكال جديدة من الكنافة، ما بين طبق أو صينية، وهناك ابتكارات وإضافات جديدة للكنافة تجعلك تتذوق كل يوم مذاقا جديدا للكنافة.
وبعد رواج الكنافة بالمانجو والقشطة طيلة الخمس سنوات الماضية، التي كانت بمثابة طبق أساسي في كل البيوت المصرية والمطاعم، ظهرت الكنافة بالنوتيلا لتنافسها، ودخلت على خط المنافسة الكنافة النابلسية والعثمانلية مع انتشار المطاعم ومحال الحلويات السورية نتيجة زيادة أعداد المهاجرين السوريين إلى مصر، ثم تراجعت كل تلك الصرعات «الكنافية»، لتخطف الكنافة بالنوتيلا الأضواء، ومن بعدها كنافة بالريد فيلفيت، كما ظهرت الكنافة «الكب كيك».
أما هذا العام، فقد ابتكرت محال الحلويات الكنافة بالآيس كريم، تماشيا مع ارتفاع درجات الحرارة، والكنافة بالفواكه المجففة باللوز، والكنافة بزبدة الفول السوداني، والكنافة بالتمر، والكنافة بالموز، والكنافة ببلح الشام، والكنافة بالبقلاوة، والكنافة بالمارشيملو والشوكولاته، والكنافة بالبسبوسة، والكنافة بالقشطة والكراميل، والكنافة بالتيراميسو. ويتراوح سعر طبق الكنافة الكبير ما بين 160 إلى 200 جنيه مصري (نحو 20 دولارا).
ويقول محمد حمدي، مسؤول فرع «لابوار» المهندسين، لـ«الشرق الأوسط»: هذا العام تتصدر «الكنافة النوجاستيل» الإقبال، وتلقى رواجا كبيرا بعد أن أعلن عنها المحل على صفحته على «فيسبوك»، وهي مكونة من كريمة وفواكه مجففة وفواكه مسكرة ولوز، وأيضًا الكنافة بزبدة الفول السوداني والكريمة الغنية، لكن لا تزال الكنافة بالمانجو تلقى إقبالا كبيرا، إلى جانب الكنافة الأساور الصغيرة المحشوة بالنوتيلا، أو بمربى الفراولة، أو بالجبنة، أو مربي المشمش والكراميل المملح، لكي يستمتع الزبون بكل نكهات الكنافة في نفس الوقت».
ويضيف حمدي: «أصبح الزبائن يسألون عن جديد الكنافة كل عام، وأصبحنا نبذل ما في وسعنا لابتكار مذاق مختلف ومبتكر، وهذا العام قدمنا أيضًا حلوى الاكلير بمذاقات جديدة، وعادة لا يمكن التكهن بما يرضي الزبون، لكن إذا كان المذاق الجديد جيدا، فإنه يصبح (ترند) رائجا كما حدث مع الكنافة بالمانجو التي يطلبها المصريون والعرب والأجانب المقيمون بمصر».
وفي العام الماضي، سطع نجم الكنافة بالريد فيلفيت، التي لقيت رواجا كبيرا، ويقول محمد حسن، مدير فرع The Batter Half & Co بالزمالك: «أكثر إقبال هذا العام على الكنافة بالريد فيلفيت والنوتيلا، خصوصا في الأسبوع الأول من رمضان، حيث لم تكن المانجو الطازجة موجودة بالأسواق، ويليهما الكنافة بالمانجو التي تنفد من المحل فور وجودها، وهناك أيضًا (كنافة كون) الكنافة القرطاسية المحشوة بنكهات مختلفة، وهناك إقبال كبير على (الكنافة مادنيس) التي تحتوي على المارشملو والنوتيلا والريد فيلفيت والمكسرات».
ويشير حسن إلى أن الحلويات الشرقية بأنواعها مطلوبة جدا بجانب الكنافة التقليدية، فضلا عن أصناف الكريم كراميل والأرز باللبن والمهلبية، وحول التقاليع الخاصة بالكنافة يقول: «الناس في حاجة للتغيير المستمر، ولأن الكنافة طبق حلوى أساسية في رمضان، فالزبون يرغب دائما في تجربة مذاقات مختلفة لها».