محلات العصير بمصر .. تثور على الأسماء التقليدية للعصائر
هل تحب أن تشرب سيد قشطة ؟، هل جربت رضعة الفيل، أو رضعة الأسد، هل سمعت عن لبن العصفور، هل تحب أن تتذوقه ؟ إذا كنت مقبلا على الزواج فلتشرب «الفياغرا»، وإن كنت تعاني من نزلة برد فعلاجك في «رضعة البرد»، لا تندهش من العبارات السابقة، فكل هذه الأسماء الغريبة هي أسماء لعصائر طبيعية ابتكرها احد محلات العصير في القاهرة، وبدأ يشتهر بها.
نشأت محلات العصير في مصر أساسا لتقديم عصير القصب، الذي يزرع في صعيد مصر، والعاملون فيها أغلبهم يمتهنون عملهم بالوراثة عن الآباء والأجداد، والغالبية منهم يأتون من صعيد مصر نظرا لأماكن زراعته، وبعض محلات عصير القصب الشهيرة يزيد عمرها على 50 عاما.. إلا أنها بدأت أخيرا في البحث عن التطوير لتلائم المتغيرات التي طرأت على تجارة المأكولات والمشروبات في مصر.
وتعتبر محلات العصير امتدادا لبائع العصير الجائل، الذي يحمل على كتفه قارورة كبيرة غالبا ما تحتوي على عصير «العرقسوس»، ويحمل في يده قطعتي نحاس يصدر بهما صوتا مميزا يلفت إليه الأنظار كنوع من أنواع الدعاية، ويتميز أيضا بملابسه التي تتخذ طابعا عثمانيا، وعلى الرغم من كل التطورات التي طرأت على محلات العصير إلا أن بائع العرقسوس بطابعه المميز ما زال موجودا في الأحياء الشعبية، وله حضوره بين الطبقات البسيطة، خاصة الحرفيين منهم، حيث انه يبيع كوب العرقسوس أو التمر الهندي بسعر يتراوح ما بين 25 – 50 قرشا للكوب.
ولا يكاد يخلو شارع أو منطقة في مصر من محل لبيع عصير القصب، يجتمع فيها كل طبقات الشعب الفقير الذي بالكاد يجد قوت يومه، والغني الذي لا يستطيع أن يقاوم الطعم اللذيذ للعصير فيقف بسيارته أمام المحل ليتناول العصير المعروف أحيانا باسم «أبو رغوة».
ومن أشهر هذه المحلات محل «تفاحة» الذي اشتهر أخيرا نتيجة للأسماء الغريبة التي يطلقها على العصائر التي يبتكرها، ولعل أبرز ما يجذب النظر عند دخول المحل هو أن كل قطع الديكور على شكل تفاحة بدءا من اللافتة وحتى اللوحات المعلقة داخل المحل، ووسائل الإضاءة.
ويقول محمود دياب الشهير باسم «محمود تفاحة»، صاحب محل «تفاحة» للعصير: «ورثت هذه المهنة عن والدي، الذي افتتح محلا للعصير عام 1936، وكان أول من انتج عصير البرسيم في مصر عام 1950، وكان محله بمنطقة الأزهر بوسط القاهرة يشتهر بهذا العصير.. وبعد أن توفي والدي، وتوليت إدارة المحل وفكرت في ابتكار أشياء جديدة أستطيع أن أجذب بها زبائن جددا، وأعتقد أنني نجحت إلى حد كبير».
ويضيف تفاحة: «أول مشروب ابتكرته هو «سيد قشطة» الذي يتكون من البلح واللبن وعسل النحل والقشطة، وللعلم كل مكوناته مذكورة في القرآن الكريم في سورة النحل، الآيات من 65 إلى 69، أي أن فوائده كبيرة ومؤكدة»، مشيرا إلى أن هذا المشروب هو الأكثر مبيعا في محلاته.
وعن كيفية ابتكار العصائر الجديدة وأسمائها، يقول تفاحة «يتنافس عمال محلي في ابتكار كوكتيلات العصائر الجديدة، والتي يجب أن تضم فواكه منسجمة مع بعضها بعضا حتى يصير طعمها مقبولا، وأقدم مكافأة مالية للعمال على كل مشروب جديد».
ويضرب تفاحة أمثلة على الكوكتيلات التي يقدمها، فيقول «هناك مشروب «خد الجميل»، الذي يتكون من البرقوق والزبادي ويتميز بطعم لاذع لمن يحبونه، وهناك أيضا مشروب «جميل جمال» وهو مكون من عصير الزبادي مع صوص من المانجو وتوجد به قطع صغيرة من فواكه متعددة، ويتميز عن مشروب الزبادي بالفواكه الذي تنتجه الشركات، ويباع في المتاجر، بأنه منتج من فاكهة طبيعية وليست فيه مكسبات طعم أو لون، كما أنك تستطيع التحكم في نسب كل مكون فيه».
ولم يتوقف الأمر عند تركيب عدة فواكه مع بعضها بعضا لتصبح عصيرا جديدا، حيث يحرص «تفاحة» على تقديم العصائر المفيدة لزبائنه، فمثلا هناك «رضعة البرد» مكون من عصير البرتقال والليمون واليوسفي والجوافة، وكلها عصائر غنية بفيتامين «سي» المقاوم لنزلات البرد، كما يقدم عصير «فياغرا» الذي يتكون من خليط من عصائر الكيوي واللبن والمانجو والبلح والجرجير والعسل الابيض وكلها مكونات طبيعية وتزيد من القدرة الجنسية .
ويضيف «أحرص على تقديم الجديد كل فترة، فمثلا هذا الصيف أقدم عصير «مستر بومبا» وهو عبارة عن عصير بطيخ يقدم مثلجا داخل قشرة ثمرة البطيخ ذاتها، مثل عصير الأناناس الذي يقدم في جزر الهاواي».
ورغم كل هذا التجديد في عالم محلات العصائر في مصر، فإن عصير القصب ما زال هو المشروب الأول في أغلب تلك المحلات بسبب معرفة الناس بمختلف مستوياتهم بفوائده الكبيرة بالإضافة إلى رخص سعره الذي يجعله في متناول كل الطبقات والشباب.
ويقول «تفاحة»: «معظم السائحين سواء كانوا عربا أو اجانب يقبلون كثيرا على شرب عصير القصب من دون باقي العصائر المتوفرة في بلدانهم لانهم يعتبرونه من المشروبات التي لها طابع خاص في مصر بالذات، وأحرص على تقديمه بإضافات مختلفة منها اللبن والليمون والبرتقال والجزر، كما أحرص على تقديم العصائر في أكواب بلاستيكية لأن الأكواب الزجاجية تثير قلق الزبائن بشأن مدى نظافتها».