تطويرات طبية حديثة في جراحة حالات إعتام عدسة العين

يعد «الساد» - أو إعتام عدسة العين - cataract من أسباب ضعف الإبصار والعمى لدى كبار السن. لكن الحالة تعالج بوضع عدسات صناعية.


هل يبدو هذا مخيفا؟ لا خوف من هذا. يقول الدكتور كريستيان سونج، جراح علاجات «الساد» والأخطاء الانكسارية في العين في مستشفى ماساشوستس للعين والأذن في «هارفارد»: «جراحة (الساد) هي شيء سيحتاجه كل واحد منا ببساطة إذا عاش لفترة طويلة بما فيه الكفاية. ونحمد الله أن كثيرا من هذه العمليات أصبح روتينيا مع الأدوات والتكنولوجيا المتاحة لنا. ويحصل الغالبية العظمى من الناس على نتائج ممتازة مع تحسن جودة إبصارهم».

الجراحة النموذجية
جراحة «الساد» هي عملية تُجرى في العيادات الخارجية. ولإزالة «الساد»، يقوم الجراح بعمل شق دائري حول عدسة العين، ثم يستخدم تكنولوجيا الموجات فوق الصوتية لتفتيت وإزالة العدسات المعتمة. وبعد ذلك، يتم إدخال عدسات جديدة إلى العين.

ما زال بعض الجراحين يستخدم مبضعا من أجل تفتيت العدسة. لكن هناك عددا متزايدا من الجراحين يستخدمون ليزر النبضات القصيرة جدا (الفيمتو ثانية) ultra - short - pulse (femtosecond) laser. ويقول الدكتور سونغ: «يتيح لنا هذا أن ندخل العدسات بشكل أكثر دقة عما إذا قمنا بذلك يدويا، كما أنه يعمل على ترقيق العدسة ليصبح استخراجها أكثر سهولة. أشعر كذلك أن هذا جعل الجراحة أكثر أمانا إلى حد ما».

وهنالك ميزة أخرى وهي أن الليزر يساعد على ضمان تمركز أفضل للعدسات المزروعة. كما وأن تقنية التصوير ثلاثي الأبعاد يتم دمجها مع الليزر، وهو ما يسمح بمزيد من الدقة.

أحدث التوجهات
هناك تقنية أخرى متطورة وأكثر حداثة، تعرف بـ«مقياس الزيغ» بجهاز «الويف فرونت» (الجبهة الموجية) أثناء العملية intraoperative wavefront aberrometry. وبمجرد إزالة «الساد»، يقيس جهاز متصل بميكروسكوب خطأ انكسار العين الإجمالي.

وحسب الدكتور سونج فإن هذا «يزيد من فرصنا في الوصول إلى هدفنا. وقد كان هذا مفيدا تحديدا بالنسبة إلى أولئك الذين خضعوا سابقا لعمليات تصحيح إبصار بالليزر، مثل الليزك LASIK أو «بي آر كيه» PRK، حيث لا تعد قياساتنا وحساباتنا العادية أثناء العملية غير دقيقة.

كما عمل الليزر و«مقياس زيغ» الجبهة الموجية أثناء العملية على تحسين الدقة، عند استئصال الرؤية اللابؤرية «الاستغماتيزم» (قصور في شكل القرنية أو العدسات يسبب تشوه أو ضبابية الرؤية). وخلال عملية «الساد»، يستطيع الجراح أن يصحح «الاستغماتيزم» المحدود من خلال عمل شقوق في الأماكن المناسبة في القرنية لإعادة درجة تقوسها إلى طبيعتها. أما في حالات «الاستغماتيزم» المتقدمة، يمكن للجراح أن يدخل عدسات خاصة إلى العين، تعرف بالعدسات ذات النتوء المستدير toric intraocular lenses.

ويوضح الدكتور سونغ: «يسمح هذا للشخص برؤية أكثر وضوحا من بُعد، مع قليل من الاعتماد على النظارات، وإن كانت نظارات القراءة لا تزال مطلوبة بوجه عام للرؤية عن قرب».

وواقع الأمر أن كل العدسات المعيارية البديلة تستلزم أن تستخدم نظارة القراءة بعد الجراحة، سواء كنت تعاني من «الاستغماتيزم» أم لا. ومع هذا، فيمكنك الاستعانة ببدائل من العدسات متعددة البؤر، وهي مشابهة للنظارات ثنائية البؤرة، التي تصحح الرؤية من المسافات البعيدة والقريبة في آن معا. ولا يعد معظم الناس ممن يعانون من درجات متقدمة من «الاستغماتيزم» مرشحين لهذه العدسات.

اعتبارات وتطويرات
رغم عظمة هذه التقنيات فإن برنامج التأمين الصحي «ميديكير» الأميركي لا يغطي تكلفة معظم هذه العمليات. تحدث إلى جراحك عما يمكن أن تدفعه من جيبك الخاص لإجراء جراحة «الساد»، فقد يكلف ذلك آلاف الدولارات.

أمر آخر يؤخذ في الاعتبار: جراحة «الساد» ليست خالية من المخاطر. يقول الدكتور سونغ: «يمكن أن تحدث مضاعفات شديدة مثل فقدان الرؤية الشديد، والنزيف والعدوى. وهي نادرة جدا، ونكون قادرين في أغلب الأوقات على الحد من هذه المضاعفات، من خلال كثير من المناورات والأجهزة».

تذكر أن جراحة «الساد» لن تعطيك بالضرورة درجة الرؤية التي كنت تتمتع بها عندما كنت في سن أصغر بكثير. ولكن من المحتمل أن تتحسن رؤيتك الآن. ويقول الدكتور سونغ إنه «لحسن الحظ أن الغالبية العظمى من المرضى سعداء بنتائج الرؤية التي حصلوا عليها». ومن بين التطويرات الجديدة:

- تراجع إدارة الغذاء والدواء الأميركية عدسات جديدة من شأنها أن تسمح لمزيد من الناس ممن يعانون من «الاستغماتيزم» بأن يصبحوا مرشحين محتملين لاستخدام العدسات ثنائية البؤرة.

- من بين الأشياء الممكنة أيضا: تطوير قطرات العين لمنع أو حتى التغلب على «الساد» من دون جراحة. وتشير دراستان أجريتا على الحيوانات ونشرت نتائجهما مؤخرا إلى أن هذا يمكن أن يصبح واقعا في يوم من الأيام. يقول الدكتور سونج: «إذا نجح هذا على البشر فأعتقد أنه سيكون لهذا تأثير عظيم في الطريقة التي نتعامل بها مع (الساد). لكنه ما زال أمامنا طريق طويل قبل أن نرى أي نوع من علاجات (الساد) في المتناول للاستخدام البشري، إذا تحقق هذا بالأساس. ومن ثم فليس هذا بالضرورة شيئا تنتظره إذا كنت تعاني بالفعل من درجة شديدة من (الاستغماتيزم)».