أسبوع خريجي الموضة بلندن في عامه الـ17.. مصدر جديد للمواهب
شهدت لندن ليلة أول من أمس ولادة مصممين جدد، من بينهم السوري نبيل النيال، 22 سنة، الذي فاز بأحسن مصمم للأزياء النسائية في أسبوع خريجي الموضة السنوي. لكن الجائزة الكبرى كانت من نصيب جيسيكا أو، من جامعة رايفنسبورن للتصميم، التي كانت من بين مئات الطلبة الآتين من 48 جامعة ومعهد موضة للمشاركة في هذا الأسبوع، يداعبهم حلم الفوز بجائزة ولفت الانتباه إلى مواهبهم.
وقد أثارت تشكيلة نبيل، المتخرج من جامعة مانشستر للفنون، الكثير من الإعجاب بفنيتها رغم انه اعتمد فيها على اللونين الاسود والابيض فقط. نبيل فسر ذلك في ان الملكة إليزابيث الأولى كانت ملهمته. فعهدها اتسم بالفخامة والأناقة، بدءا من الياقات العالية ببلسيهات وطيات رائعة تغطي معظم الصدر في بعضها، والتنورات الطويلة والواسعة ذات الكشاكش المتدرجة. لكنه أشار إلى انه ركز فيها على اللونين الأبيض والاسود حتى يضفي عليها البساطة وحتى تأتي مكملة للتصميمات الدرامية، التي تغوص في جذور التاريخ.
وكانت النتيجة رائعة تؤكد براعة في التفصيل والتعامل مع التفاصيل. لم يحصل نبيل على الجائزة الكبرى، لكنه فاز باللقب وبـ1000 جنيه استرليني، والأهم من هذا فرصة عرض تشكيلته في واجهات محلات «ريفر آيلند» بفرعها الواقع بمنطقة ماربل آرش إلى جانب دعم المحلات له لمدة عامين. وقال نبيل، إن نجاحه فرصة رائعة ستفتح لها الكثير من الأبواب بلا شك، وإن كان حلمه ان يعمل في دار إيف سان لوران: فأنا أشعر بان اسلوبي قريب من اسلوب الدار.
السوري نبيل النيال أحسن مصمم للنساء والجائزة الكبرى لجيسيكا أو عن تشكيلتها الرجالية
والمدهش بالنسبة لي أن كلا من المصمم جوليان ماكدونالد والعارضة كلوديا شيفر قالا لي أول من أمس إنني أقرب إلى أسلوب دار شانيل. لكن رغم فرحة ونجاح هذا الشاب بلقب أحسن مصمم للأزياء النسائية، إلا ان الجائزة الكبرى كانت من نصيب الشابة جيسيكا أو، بتشكيلتها الرجالية، حيث نجحت في خطف الأضواء بنقوشاتها الاستوائية الجريئة، وقصاتها الرفيعة، وحازت إعجاب لجنة التحكيم المكونة من جوليان ماكدونالد، والمصمم البريطاني لورين كيلي، رئيسة تحرير مجلة «إيل»، ريتشارد برادبوري، الرئيس التنفيذي لمحلات «ريفر آيلند»، وكلوديا شيفر عارضة الأزياء الألمانية.
ولا شك ان فوز تشكيلة رجالية هذا العام كان مفاجأة للجميع، الأمر الذي فسره المصمم جوليان ماكدونالد بقوله، إن التشكيلات الرجالية كانت قوية هذا العام «لو كنت أصمم خطا رجاليا، لوظفت العديد من هؤلاء الخريجين». ويحصل الفائز عموما على 20.000 جنيه استرليني مقدمة من محلات «ريفر آيلند»، بالإضافة إلى فرصة الالتحاق مباشرة للعمل مع فريقها الرئيسي، وطرح تشكيلة خاصة تحمل اسمه.
كما ان هناك إمكانية كبيرة في ان يحصل على الشهرة وينطلق إلى العالمية. لكن اللافت هذا العام، أن جيسيكا حصلت على جائزتين، الجائزة الكبرى كمصممة العام، وجائزة المصممة زاندرا رودس للأقمشة. ورغم المنافسة الشديدة، فإن تشكيلتها كانت لافتة تؤذن بولادة موهبة جديدة وترد الاعتبار إلى جامعتها رايفنسبورن للتصميم التي لم تكن تتوقع الفوز، حيث كانت كل الآمال معقودة على جامعة مانشستر.
وتجدر الإشارة إلى أن اسبوع خريجي الموضة، الذي بلغ عامه الـ17، هو الفعالية التي أطلقت كلا من ستيلا ماكارتني، جوليان ماكدونالد، كريستوفر بايلي، حسين تشالايان، أنطونيو برادي وغيرهم إلى العالمية، ويترقبها الطلبة من كل جامعات ومعاهد الموضة البريطانية، بمزيج من اللهفة والرهبة، لأنها فرصتهم لدخول الحياة العملية من أوسع الأبواب. وأثبت الأسبوع مع الوقت انه فعلا كبر، من حيث السنوات والأهمية في الوقت ذاته، حيث شهد ولادة مصممين، قد لا نعرف أسماءهم، وليسوا بشهرة ستيلا ماكارتني أو حسين تشالايان، لكنهم مؤثرون على الموضة وعلى أذواقنا بشكل أو بآخر، والأهم من هذا انهم لم يذوقوا مرارة البطالة أو طعم الانتظار المضني، بل وجدوا طريقهم إلى بيوت أزياء يحسب لها الف حساب، وبعد التخرج مباشرة.
رايتشل غورني، مثلا، وهي فائزة سابقة التحقت بدار دونا كاران كمصممة للأزياء المحاكة بالصوف، وفيكي ويترينغ، أصبحت مصممة الاكسسوارات في دار كالفين كلاين، كما أن الفائزة بالجائزة في العام الماضي، توفقت في بيع تشكيلتها بالكامل لفكتوريا بيكام، عضو فريق سبايس غيرلز السابق وزوجة لاعب الكرة البريطاني ديفيد بيكام. فهذه الأخيرة كانت ضمن لجنة التحكيم، وتحمست جدا للفائزة، إلى حد انها اشترت كل ما صممته مباشرة ولم تطق الانتظار إلى حين طرحها في الاسواق.
بمعنى آخر، اسبوع خريجي الموضة يعتبر المناسبة التي يتحدد فيها مستقبل هؤلاء الطلبة، خصوصا أن العديد من مقاعد الصفوف الأمامية لا تشغلها محررات الأزياء فحسب، بل خبراء متخصصون يبحثون عن المواهب الصاعدة، بالإضافة إلى متخصصين من محلات الموضة البريطانية المعروفة، مثل محلات «ريفر آيلند» التي اصبحت شبه راعية لهذه الفعالية. فقد انتبهت هذه المحلات منذ مدة الى حقن فريقها في قسم التصميم، بدماء جديدة لا يمكن ان يضر بقدر ما يفيد، كون الطلبة يتميزون عموما بفورة الشباب وحماسهم، علاوة إلى معرفتهم الجيدة بما يجري في الشارع.
وبالفعل أثمرت السياسة التي انتهجتها هذه المحلات على الكثير من القطع التي نفذت من الاسواق وحققت لها نجاحا تجاريا كبيرا. إلى جانب تشكيلة جيسيكا المثيرة، فإن صالة معارض «إيرلز كورت» وسط لندن شهدت ومنذ يوم الأحد الماضي عدة عروض ومسابقات. من بين المشاركين نذكر، كارلي وايتهيد، التي قدمت تشكيلة مستوحاة من البحر وألوانه، بعدها عرضت نيكولا كوك مجموعة فساتين مبطنة باللون الاسود بتصميمات هندسية صارمة. أما كارولين رافلي من جامعة ويستمينستر، وهي نفس الجامعة التي تخرج منها المصمم كريستوفر بايلي، فقدمت تشكيلة جد مبتكرة استوحتها من أجواء السيرك، حيث نسقت تنورات مفصلة بروعة وجاكيتات أنيقة مع قبعات المهرجين وألوانها. أما زميلتها كاميلا ستابز فانتزعت الكثير من ابتسامات الرضا بتشكيلتها الخاصة بالتزلج، شملت جاكيتات واسعة بقلنسوات مزينة بالفرو وأخرى بألوان صارخة مثل البرتقالي.
لكن أكثر التشكيلات التجارية، فكانت من الطالبة باو تا، التي انتبهت إلى أدق التفاصيل وقدمت مجموعة مضمونة مائة في المائة. والملاحظ ان لندن التي كانت في يوم من الأيام تشتهر بالجنون الفني أكثر من أي شيء آخر، انتبهت إلى ان الفنية غير المحسوبة لا تغني من جوع، بدليل ان معظم التشكيلات، بما فيها الأكثر فنية، اقتصر جنونها على جوانب صغيرة مثل الاكسسوارات والإخراج، مثل قبعات المهرجين كما هي الحال بالنسبة لكارولين رافلي، فيما حرصوا على تأكيد قدراتها على التفصيل والإبداع في القطع الأساسية.
بعض الفائزين السابقين ممن أصبحوا مؤثرين على الموضة
ليس بالضرورة أن يعمل المشاركون والفائزون كمصممين فقط، فمنهم من يدخل عالم الموضة من أبواب اخرى، مثل الصحافة المتخصصة أو تنسيق الأزياء وما شابه. من بين هؤلاء نذكر اسماء بعض الفائزين ممن اصبحوا مؤثرين على الموضة: كريستوفر بايلي: المصمم الفني لدار «بيربيري» مايكل هورتز: مصمم الأزياء النسائية بدار «أكواسكوتم» ستيوارت فيفرز: مصمم «مالبوري» سابقا و«لويفي» حاليا كايتي هيليير: مصممة اكسسوارات لدى «مارك جايكوبس» كاري مونداين: مصممة «كاسيت بلايير» ماركوس لوفر: مصمم «أرمون باسي» مارك مايدمونت: مصمم «بين شيرمان» صوفي دين: محررة الأزياء بـ«وول بايبر»