أمينة الجاسم .. عميدة الموضة المصمات السعوديات
تكاد تكون مصممة الأزياء السعودية أمينة الجاسم، نسيجاً مختلفاً ومتميزاً عن بقية المصممات السعوديات والخليجيات بصفة عامة، رغم نقاط التشابه والشغف بالعباءات العربية التي تميز معظم المصممات الخليجيات.
أمينة الجاسم، الموظفة السابقة بأرامكو السعودية، بدأت هوايتها في تصميم الأزياء مبكراً، في محل صغير خاص بها بمدينة الدمام (شرق السعودية)، تمارس فيه هوايتها بعد انتهائها من ساعات عملها الإداري، لتدخل إلى هذا المجال كمصممة محترفة ربما قبل أي مصممة سعودية أخرى مطلع الثمانينات الميلادية.
وهي تتميز عن البقية، بكونها صاحبة رؤية ثقافية حضارية عربية إسلامية تحاول من خلالها أن تغزو العالم، بأسلوب حضاري متميز، خصوصا بعد أن أدخلت على عباءاتها تصاميم غربية تتباين بين الطويل والقصير، حتى تكاد تنافس كبار المصممين الغربيين في المظهر «الإثني» الذي يسود عالم الموضة منذ سنوات.
رؤية المصممة أمينة الجاسم تركز بشكل أساسي، كما تقول، على استلهام التراث العربي، وثقافته الشعبية المتنوعة في السعودية من شمالها وحتى جنوبها وفي المناطق الشرقية والوسطى والحجاز.
فلكل منطقة مميزاتها الخاصة وثقافتها الفنية الغنية التي يمكن استلهامها بشكل رائع جداً في تصاميم قد تبدو للوهلة الأولى نابعة من التراث، لكن سرعان ما تتجلى حداثتها بفضل لمسات المصممة البارعة. تبريرها لهذا أنها تسعى لتطعيم القديم بروح العصر حتى تنجح في إخراجه من شرنقة الماضي، وتسويقه بشكل يليق به وبتاريخه العريق.
وهي تؤكد بأن من أهدافها الأساسية أن تلبس كل نساء العالم أزياءها العربية ذات اللمسة الأنثوية البارزة، سواء كن في نيويورك أو في طوكيو أو في لبنان أو في السعودية، وتقول: «أهدف إلى العالمية بمعناها الصحيح والإيجابي، لدينا ما نقدمه للعالم، ولديهم ما يمكن أن نستفيد منه. أرى مجال الموضة كساحة مفتوحة للنقاش الجميل بين حضارات وتراث الأمم والشعوب».
خلال مشاركتها الأخيرة في أسبوع أبوظبي، أثارت الكثير من الإعجاب، وكانت أزياؤها من بين أكثر ما نال الإعجاب، وهو الأمر الذي لا يستهان به، لأن أسماء المشاركين ضمت أسماء عالمية كبيرة. أمينة تقدر ذلك، واعترفت بأنها حققت نتيجة تريحها وتدعوها للاطمئنان، خاصة أن الفترة القصيرة نسبياً التي أمضتها في التحضير للعرض والتي لا تتجاوز الـ4 أشهر، كانت محمومة جداً ومليئة بالمشاغل والسفريات والترتيبات لتنفيذ وإنهاء التصاميم في الوقت المناسب وبالشكل الذي خرجت به، مؤكدة حرصها على المشاركة مستقبلاً في عروض أخرى تحمل سمة العالمية دائماً، لأن لديها ما تريه للعالم.
فالعباءة ثقافة بحد ذاتها، ويمكن ان يقرأ منها المرء حضارة أجيال متتالية وتطورها. من هذا المنطلق تنتقد بشدة بعض المصممات السعوديات اللاتي يتوقفن عند نقطة معينة، ويكررن بشكل جماعي نمطا واحدا لا يتغير، مع أن بلدا مثل السعودية معين لا ينضب من الأفكار، وتقول «بالفعل هناك إقبال حقيقي على العباءات العربية، وهو ما دفع عددا كبيرا إلى دخول هذا المجال باعتباره مصدراً جيداً للربح، لكن الحقيقية أنه لا بد من تطوير ولا يكفي أبدا أن نقدم عباءات مستنسخة موسما بعد موسم».
وتتابع: «أعمل حالياً على دراسة مشروع لدخول مجال الملابس اليومية والعملية. فأنا أتمنى أن أقوم بتصميم قطع تناسب النساء العاملات في كل مكان، ويمكن أن أنفذ المشروع خلال العامين المقبلين، ربما بالتعامل مع سلسلة متاجر شهيرة، وسيعلن عن هذا المشروع في حينه بالطبع».
وكعادة المصممات الشرقيات المفتونات بسحر الشرق وقصص ألف ليلة وليلة، تفضل الجاسم التعامل مع خامات الحرير الطبيعي الذي يضفي انسيابية وأنوثة على القطعة ومن ثم على صاحبتها، إضافة إلى التصميم المبتكر والدقيق.
ولا تنسى أمينة أن الإكسسوارات تلعب دورا أساسيا في منح أزيائها الكثير من دفء الأمهات والجدات، خصوصا تلك المصنوعة من الفضة، لما لها من خصوصية تراثية أصيلة. وهكذا تستغلها بذكاء ومهارة لتأتي هذه الإكسسوارات تارة على شكل حلية مثبتة في مكان بارز على الثوب، وتارة على شكل قلادة تغطي نصف الرأس أو كله، أو حزام مشغول باليد بحرفية لا يعلى عليها، وتؤكد ان أمينة ليست مصممة فحسب، بل أيضا خبيرة متمكنة في فنون التنسيق.
ولأنها دخلت العالمية من خلال عدة عروض خارج السعودية، ولأنها أصبحت اسما لا يستهان به في عالم الموضة العربية، على الأقل، فإنها تهتم أيضا بحقائب اليد، التي دخلت مضمارها منذ بضع سنوات لكي توفر على عميلاتها حيرة الاختيار في ما يكمل المظهر ككل.
فهي لا تنكر ان طموحاتها كبيرة، ولا تخفي نيتها على التوسع، عما قريب، إلى ما هو أكثر من مجرد تصميم عباءات عربية بلمسات عالمية، أو إكسسوارات من التراث زادها الإقبال المحموم حاليا على كل ما هو «إثني» ومن حضارات بعيدة، سحرا وجاذبية، أو حتى حقائب يد تكمل هذه العباءات. فهي جادة في البحث عن مصممات سعوديات متخصصات في تصميم الإكسسوارات ككل، والأحذية بصورة خاصة، للتعامل معهن في كافة عروضها، وإن كانت لا تخفي صعوبة إيجاد مصممات سعوديات أو عربيات متخصصات في هذه المجالات في الوقت الحالي.
تطور أمينة من البداية إلى اليوم، واضح في عروضها السنوية، فقد تكون نقطة البداية عباءات تراثية طويلة يزيد الإقبال عليها في أشهر رمضان الكريم، لكنها ومنذ منتصف التسعينات، اتجهت لتصميم قطع ملابس عصرية يمكن ارتداؤها كل يوم وفي كل المناسبات، تحمل النكهة الشرقية المعهودة وتحتفي بالقديم بإيقاع شاب. فالعباءة على يدها تتخذ أشكالا مختلفة تلبي كل الأذواق والاحتياجات، سواء كانت على شكل قميص طويل مزخرف أو بنطلون منقوش، أو فستان أنثوي ومناسب لساعات النهار، يكون أحيانا مفتوحا ليطل من تحته بنطلون مستقيم مفصل على طريقة خياطي «سافيل رو» في لندن.
والملاحظ ان حب أمينة للتراث المتجدد لا يضاهيه سوى عشقها للألوان القوية التي توحي بالفخامة، كالأزرق والأحمر وألوان الصحراء والشمس، معتمدة بشكل دائم على النقوش المميزة والتطريزات الغنية. أما جديدها فمجموعة «عباءات تناسب الشهر الفضيل مع حقيبة يد يمكن أن تضع فيها المرأة مصحفها الشريف وسجادة الصلاة».