موضة الياقات.. تعود بنا الى القرن 16
النظرة السائدة عن الموضة أن الوفاء ليس من شيمها، فهي تتغير في كل موسم بهدف ان تطالعنا بالجديد الذي يجعلنا نتطلع إليها بانبهار، وعلى امل الا نصاب بالملل الذي ينتج عن العادي والمكرر.
لكن مع ذلك فإن للإبداع حدودا، ومهما كانت درجة خصوبة خيال المصممين، يبقى الماضي أحيانا طريقهم السريع إلى المستقبل، إذ هناك تصميمات قديمة يعودون إليها بين الفينة والأخرى يغرفون منها تارة بشكل حرفي، أو يطوعونها بأسلوبهم وأسلوب العصر حتى تكتسب مظهرا جديدا ينسي الاصل أو على الاقل يغطي عليه.
ما يحسب لهم، التقاطهم لجزئية صغيرة أو تفصيل لا يخطر على بال أي منا ويركزون عليه ليجعلوه طبقا شهيا تقبل عليه أي امرأة لا تريد ان يفوتها قطار الموضة. وليس أدل على هذا، من المصمم النيويوركي مارك جايكوبس، المصمم الفني لدار «لوي فيتون» الفرنسية، الذي عاد منذ بضع سنوات إلى السيدة الحديدية مارغريت ثاتشر كمصدر إلهام له، أو بمعنى ادق إلى اسلوبها الكلاسيكي المتمثل في التنورة المستقيمة والقميص ذي الياقة التي تعقد حول العنق على شكل وردة أو ربطة.
وكان هذا التفصيل بالذات ضربة معلم من طرفه، لأنه ولاستغراب الكل لقي قبولا لا مثيل له من قبل الشابات، اللواتي بدون فيه أقرب إلى سكرتيرات تنفيذيات منهن إلى نجمات هوليووديات.
ومع ذلك كان المظهر جذابا ومميزا، مما رفع من اسهمه كمؤثر في اتجاهات الموضة العالمية، خصوصا بعد ان تبنتها المصممة الإيطالية ميوتشا برادا وغيرها من المصممين العالميين، وبعد ان تلقفتها شوارع الموضة وطرحتها بأسعار معقولة لتتحول إلى قطعة اساسية لا تخلو منها خزانة اية واحدة منا إلى حد اليوم، بدليل حضورها القوي على منصات العروض الأخيرة بدءا من «برادا» إلى «فالنتينو» مرورا بشانيل، موسكينو، إيترو، كريستيان سيريانو، زاك بوسن وهلم جرا.
ولا شك ان ظهور هذه الإطلالة ونجاحها في أواخر التسعينات، كانا بداية التغيير الذي طرأ على الموضة «الأنثوية المثيرة» التي انتشرت في الثمانينات على يد الراحل جياني فرساتشي وفي التسعينات على يد مصمم دار «غوتشي» آنذاك، توم فورد، إذ بعدها بدأنا نلاحظ شبه اختفاء للـ«ديكولتيه» من ملابس النهار كما زاد طول التنورات والفساتين والأكمام.
بعبارة اخرى، فإن أواخر التسعينات شهدت نهاية المثير الذي يركز على كشف مفاتن الجسم وبداية الـ«محتشم» الذي يركز على الفنية والتفصيل الهندسي الذي يبرز موهبة المصمم في إبراز جمال المرأة من دون ان يعتمد على مفاتنها، بل إن بعضهم صرح بأن الاسلوب الاول كان غشا واستسهالا. ومن الواضح أننا في الموسمين المقبلين، وحسب مؤشرات عروض الأزياء التي تابعناها من نيويورك إلى باريس مرورا بلندن وميلانو، أن الكشاكش والطيات ستنتقل من التنورة وأسفل الفستان إلى أعلى الصدر وستشمل الياقة. فهذه الأخيرة ستعرف ارتفاعا اكثر، ولن تغطي الصدر والعنق فحسب، بل قليلا من الذقن ايضا في بعض الاحيان، لكي تكون من بين أهم التفاصيل التي ستزين أزياءنا وتضفي علينا المظهر المتميز وتعكس جمال الوجه بشكل كبير، مما يعني اننا سنحتاج إلى ماكياج متقن وتسريحات شعر مرتبة.
كما تظهر هذه الصور المأخوذة من آخر عروض الأزياء، فإن المصممين ركزوا على هذا الجانب وتفننوا فيها لتأتي بأشكال مختلفة وإن كان القاسم المشترك بينها ارتفاعها إلى مستوى الذقن احيانا، سواء كانت بكشاكش أو بطيات وثنيات متعددة، أو على شكل بتلات، تجعل الوجه يبدو وكأنه وردة مغروسة بين اوراق الشجر.
هي اشكال تأخذنا إلى حقب ابعد بكثير من حقب الثمانينات أو التسعينات وغيرها من حقب القرن الماضي، كونها تغوص بنا إلى قرون ابعد، وبالذات إلى عهد الملكة اليزابيث الأولى. فنظرة سريعة لهذه الأشكال تشير إلى انها مستقاة، عن قصد أو غير قصد، من أردية العنق التي كانت تعرف بـ «الطوق» الذي ساد من منتصف القرن السادس عشر الى منتصف السابع عشر. وهو، حرفيا، طوق من القماش الذي يمكن لسمكه ان يكون في سمك العنق نفسه، بعضه من الدانتيل وبعضه مزركش بالتطريزات حسب مكانة صاحبته والمناسبة.
وقد اتخذ له هيئات عدة وبقي موضة لعدة سنوات إلى ان بدأت موجة التذمر عليه بسبب عدم عمليته، كونه يبقى ثابتا في مكانه مما يعيق الحركة على عكس ربطات العنق التي ابتدعت في ما بعد، ولاقت قبولا لسهولة التحكم بها. وكانت هذه الياقات المبتكرة آنذاك مؤشرا لمكانة صاحبها في السلم الاجتماعي قبل أن يصبح الدافع لارتدائها قيمتها الجمالية البحتة ومقدرتها على ان تصبح «حلقة الوصل» بين ياقات المرأة أو الرجل.
أما اليوم فهي مؤشر على الأناقة ومواكبة الموضة، خصوصا بعد ان تغلب المصممون على عدم عمليتها من خلال الاقمشة الطيعة وبعد ان جعلوها مثيرة للنظر بفضل فنيتهم، وطبعا ليست كلها مناسبة للنهار، كما أنه ليست كل اشكالها مناسبة لكل النساء. فالمرأة الناعمة مثلا تحتاج إلى اشكال صغيرة وغير عالية بشكل درامي حتى لا تغطي عليها تماما، كما ان المتعددة الطبقات والطيات والمطرزة قد لا تناسب حفل كوكتيل إلا إذا كانت المرأة واثقة والأهم من هذا طويلة. همسات جانبية
* الياقة العالية تركز على الوجه ومن ثم تبرز جماله، لذا ينصح بماكياج متقن
* كونها من خامات واقمشة طيعة، فهي تعوض على كنزة الصوف عالية الياقة بالنسبة للواتي يعانين من حساسية وحكة نتيجة ارتدائهن الصوف.
* الكنزة الصوفية عالية الياقة تعتبر من الاساسيات والقطع الكلاسيكية، لكن استبدالها بهذه الياقات المبتكرة يعتبر بديلا عصريا عندما تحتاجين إلى جرعة فخامة ومظهر «ملوكي».
* لا تحتاجين مع هذه الأشكال إلى أي اكسسوارات اخرى، فهي تغني حتى عن المجوهرات باستثناء اقراط أذن ناعمة من اللؤلؤ أو الماس مثلا.
* إذا كنت ناعمة وصغيرة الحجم اكتفي بعلو يغطي نصف العنق على الأغلب على ان تكون من الشيفون او الساتان الذي يمكن طيه إلى اسفل والتحكم فيه بسهولة.
* إلى جانب الياقات، هناك القمصان ذات الكشاكش من الجوانب التي تستحضر حقبة السبعينات، لكن تجنبيها إذا كنت تتمتعين بصدر كبير.
* إذا كنت تلبسين تنورة بكشاكش، فتجنبي أي نوع من الكشاكش عند الصدر واختاري ياقة بكشاكش ناعمة جدا أو ملفوفة على العنق بابتكار بعيد عن أي مبالغة.
* إذا كانت الياقة أو منطقة الصدر مزدحمة بالطيات أو الكشاكش، فإنه ينصح تنسيقها مع بنطلون مفصل أو تنورة مستقيمة وبسيطة.
* القاعدة هي البساطة وليست المبالغة.