مجموعة عزة فهمي الجديدة .. أفريقية تتقن اللغة الإنجليزية
12:08 م - الأحد 24 يناير 2016
في عام 1967، وعندما استعان المصمم الراحل إيف سان لوران بعارضات سمراوات للظهور بتشكيلة غلبت عليها الألوان الدافئة، ومطرزة عند الخصر والصدر بالعقيق والأحجار الأفريقية التقليدية مثل الصدف والعاج وغيرها، اعتبر الأمر ثورة في عالم الموضة، وصفته مجلة «هاربرز بازار» آنذاك بأنه «فنتازيا وليدة عبقرية بدائية».
قبله، كان كل المصممين، يتعاملون مع هذه القارة من زاوية ضيقة، لا يرون جمالياتها بقدر ما يبحثون عما يمكنهم استغلاله من موارد، مثل العاج أو جلود التماسيح والثعابين أو الأزياء المنقوشة بجلد النمور وغيرها.
لكن مرت السنوات، وأصبح ما كان ثوريا في الستينات يبدو عاديا الآن، خصوصا بعد أن لفتت القارة السمراء أنظار مصممين جاؤوا من بعده ونجحوا في ترويض «وحشيتها» من ميوتشا برادا، إلى أنطونيو ماراس خلال عمله مع دار «كنزو» وجون بول غوتييه وغيرهم كثر.
وفي حين تعاملوا مع الأزياء بفنية بأخذ عناصر محددة مثل الريش أو الألوان ليلعبوا عليها ويُدمجوها مع عناصر أخرى، فإن الإكسسوارات ظلت أكثر جرأة بحيث جاءت ترجمتها في كثير من الأحيان شبه حرفية، بأحجامها الضخمة وألوانها الصاخبة والمتضاربة.
لكن إلى الآن، قليل منهم تعامل معها في جواهر ثمينة بلسمات عصرية تعبق بسحر ودفء أفريقيا، الأمر الذي يجعل مجموعة عزة فهمي التي طرحتها مؤخرا، مثيرة للاهتمام.
فبعد أن أتحفتنا المصممة بكلمات الأغاني والأشعار بالخط العربي لمست قلب كل امرأة، وجعلت كثيرا من المصممين يقلدونها ويقتدون بخطواتها، غيرت اتجاهها هذه المرة وجعلتها مكتوبة باللغة الإنجليزية، في محاولة واضحة لمغازلة الأسواق العالمية.
تشرح المصممة «كونها بالإنجليزية يساعد على استمراريتها، ورغم أنها غالية الثمن إلا أن قيمتها فيها، ويكفي الجهد الذي استغرقته في دراستها والتحضير لها وكتابتها».
من الواضح أن عزة فهمي، وبعد أن شاركت في أسابيع الموضة العالمية وتعاونت مع مصممين من أمثال ماثيو ويليامسون وجوليان ماكدونالد، وبعد أن دخلت تصاميمها المتاحف العالمية أيضا، لم تعد ترى أن مهمتها الآن تقتصر على صناعة حُلي مصرية أو عربية فحسب، بل هي أكبر من ذلك. فالعالم بات يترقب ما تجود به مخيلتها وورشاتها في كل موسم. أكبر دليل على هذا الضجة التي تثيرها مجموعتها «الأفريقية» الأخيرة. فهي مكتوبة باللغة الإنجليزية، وتقول إنها أمضت أكثر من ثلاث سنوات في دراستها وتصميمها حتى تأتي في المستوى الذي تطمح إليه دائما.
وضحت المصممة أن توجهها لأفريقيا ليس عبثيا، فهي ترى أن جزءا من شخصية جواهرها يعتمد على «استكشاف الجديد والغوص في ثقافات بعيدة».
وتتابع: «كنت دائما معجبة بأفريقيا السمراء إلا أنها المرة الأولى التي أتوجه إليها، والحقيقة أن الأمر أصبح أكثر وضوحا وإلحاحا بالنسبة لي بعد زيارة قمت بها إلى أديس أبابا، حيث شدتني ثقافتها وأشكالها الفنية، وهو ما ألهمني وجعلني أعانق هذه الأشكال والألوان بكل جوارحي وأرغب في ترجمتها بأسلوبي الخاص».
بيد أنها، وبعد عودتها لم تكن عملية التطبيق والإنجاز سهلة، يمكنها أن تعتمد فيها على ما خزنته الذاكرة من ألوان وأشكال فحسب، وكان لزاما عليها أن تبحث أكثر في كتب التاريخ والفن حتى تعطي هذه الثقافة حقها.
كانت تعرف أن تناول ثقافات بعيدة، خصوصا أفريقيا بألوانها الصاخبة وطقوسها الغريبة محفوفة بالمخاطر، ومن السهل على أي شخص كان أن يقع في مطب الفولكلور، في حال اكتفى بالقشور والصورة التي رسمتها أفلام هوليوود في المخيلة.
لهذا ركزت عزة فهمي بمساعدة ابنتها أمينة، على جوهر هذه الثقافة حتى تأتي الصورة مطابقة للواقع ببساطتها الأقرب إلى العذرية. وتفسر: «لقد قضينا ثلاث سنوات في البحث عن العناصر التي تميز مختلف القبائل، بدءا من طريقتهم في العيش إلى أسلوبهم في التعبير عن أنفسهم.
فهم يستعملون أشكالا فنية سواء في الأقمشة، أو الرسومات التي ينقشونها على أجسادهم، أو على الأخشاب والجواهر وغيرها للتعبير عن أنفسهم. كان مهما جدا أن نتعمق في كل هذا، قبل أن نطلق العنان لخيالنا.
في الأخير وبعد نقاشات طويلة بدأنا في ترجمتها بأسلوب عصري باستعمال تقنيات حديثة وأحجار شبه ثمينة تحمل بصمات عزة فهمي التي تعودت عليها المرأة وباتت تترقبها منا».
وبالفعل جاءت نتيجة النقاشات الطويلة بين الأم عزة فهمي وابنتها أمينة، التي ترافقت مع رسومات أولية متعددة أجريت عليها إضافات وتغييرات كثيرة، بأشكال فنية تأخذ بعين الاعتبار العملية، من ناحية سهولة استعمالها، كما تتمتع بفنية ثلاثية الأبعاد تشد الأنفاس، لأنها تعانق أفريقيا السمراء بحنان وخفة من دون أي كليشيهات.