عمر أسامة بن لادن في حوار لجريدة «المصرى اليوم» "مستعد للسفر للقاء والدي لوقف العنف"

 أكثر ما يشدك إلي عمر بن لادن هو التشابه الأسري الواضح بين الرجلين.. يمكن لأي شخص يراه للمرة الأولي أن يظنه زعيم القاعدة في زي تنكري، عمر هو ابن أبيه أسامة بن لادن في أشياء كثيرة.. النظرة الساهمة، والضفائر الطويلة التي يجدلها مثل شعر والده الطويل، وعشقهما ركوب الخيل، لكن عمر الذي فارق والده عام 2000 للانفتاح علي العالم يعتني اليوم بتجميل الأظافر، ويرتدي السترة الجلدية، ويحرص علي تتبع خطوط الموضة.


يعيش عمر حاليا في شقة بسيطة ذات ديكورات شرقية، مع زوجته الإنجليزية، التي جمعته بها رياضة ركوب الخيل في ظلال أهرامات مصر، وهو اليوم ابن 26 عاما. بينما هي جدة لأطفال من زيجات سابقة، وأتمت عامها الـ52 .

مسلكه الخاص في الحياة ليس هو أغرب شيء في بن لادن «الابن». فما يخرج من فمه هو بدوره، أشياء غريبة، يعتقد أنها ربما تكون صادمة للبعض، لكنه يقول إن لديه مبررات تدفعه لكسر جدار الصمت منذ ترك إخوته ووالده في أفغانستان. وأن يطلق مبادرات جديدة.. عاد معها لدوائر الضوء وبريق الإعلام. في شقته بإحدي المدن الجديدة خارج القاهرة، التقت «المصري اليوم» عمر وزوجته التي أصبح اسمها زينة الصباح بن لادن.. في حوار مقتضب، لم يخف فيه عمر ضيقه وتبرمه هو وزوجته من بعض الأسئلة التي واجهها بالصمت أو برفض التعليق..

الكثيرون تناولوا زواجك باستغراب وربما استهجان، فما تعليقك؟
كل واحد في حياته حين يقدم علي أمر معين يفكر في ثلاثة أمور، هل يرضي ذلك ربه ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام، ثم هل يضر بعمله هذا أي أحد؟ فإذا كان لا يضر أحداًفلا بأس في أن يقدم عليه، وأنا لم أرتكب محظورا شرعيا حين تزوجت زينة الصباح.

طريقة لبسك كانت محل انتقاد؟
لبسي مثل لبس العوام، لكن الناس تحب «تعمل قصص وأفلام»، المظهر الخارجي لا يعني الكثير بالنسبة لي، المرء لا يؤخذ بشكله، وإنما بجوهره، لو رجعت للسعودية «هلبس الزي السعودي» وهنا ألبس مثل العوام في مصر.

هل أنت أقرب للغرب في طريقة حياتك؟
لا.. عمري ما شفت أجنبي مثلا عامل شعره زي العرب قديما، كانوا يضفرون الشعر ويجدلونه، خاصة أهل البادية.

لفترة طويلة كنت بعيداً عن الأضواء، لماذا قررت أن تخرج عن صمتك؟
بعد زواجي هوجمت في الصحافة العالمية، وكانت هذه الهجمات فرصة لي، لأن أعبر عن رأيي الشخصي، ومع هذا الاهتمام الإعلامي كانت بادرة مني بأن أطلق دعوة عالمية للسلام ووقف الحرب بين والدي والنظام العالمي.

ما دافع اهتمامك بهذه القضية في هذا الوقت تحديدا؟
في الحقيقة، وضع الشعوب في العالم كمدنيين مضطهدين من عدة جهات، هو الذي حركني ودفعني.

أي مدنيين تقصد وما نوع الاضطهاد الذي يلاقونه؟
المدنيون في أي مكان في العالم بغض النظر عن دياناتهم أو جنسياتهم، هم في المقام الأول يجب ألا يوضعوا في ميدان القتال، علي القاعدة وأمريكا أن يبعدا حروبهما عن المدنيين لأنهم ضحايا في كل الأحوال للعنف والقتال بين أمريكا ووالدي.

هناك أماكن في العالم ليست مسرحا للصراع بين والدك وأمريكا، مثل غزة علي سبيل المثال، كيف تنظر للوضع هناك؟
والله أمريكا وإسرائيل بحسب منهج والدي وطريقة تفكيره شيء واحد، وجهان لعملة واحدة لذلك فهو يندد ويشجب أعمالهما دائما، وهذه وجهة نظره.

ماذاعن وجهة نظرك أنت؟
الفكرة نفسها تقريبا، أنا ضد قتل المدنيين في غزة وأي مكان في العالم، لا ينبغي توريط واضطهاد المدنيين في أي مكان في العالم لأنهم من وجهة نظري ليست لهم ناقة فيما يحدث ولا جمل. يجب أن يرفع المدنيون أصواتهم عاليا بأن يجدوا لهم حلا ويبعدوا ساحات القتال عن المدن والضواحي والشوارع والأسواق المكتظة بالأبرياء

إسرائيل تقول إنها تحاصر غزة لكي تحمي المدنيين الإسرائيليين من صواريخ المقاومة الفلسطينية، ما رأيك في هذا الطرح؟
رأيي في إسرائيل كدولة وحكومة.... (يصمت طويلا)، أنا لا أنظر لأحد بنظرة معينة. أنا ضد أي فعل عنف يحدث في أي مكان في العالم، وأعتبره تهجماً علي الضعاف والمدنيين الأبرياء سواء في غزة أو أمريكا حتي لو قام بها بعض ممن يسمون أنفسهم القاعدة.

بشكل واضح كيف تنظر لوجود إسرائيل في المنطقة؟
أنا لست رجلاً سياسي أو رجل دين.. أما مطالبي أنا شخصيا فهي سلامة المدنيين في المقام الأول.

ليست لديك إذن مشكلة في قيام دولة اسمها إسرائيل في المنطقة؟
ليس أنا من بيده أن يفصل في هذه المشكلة. هذه مسؤولية الحكام والزعماء العرب، أنا شخصيا كمواطن عربي لا أحب العنف.

سمعت أنك تعمل في المقاولات، هل لديك مانع في التعامل مع رجال أعمال إسرائيليين؟
إسرائيليون تحديدا.. لم يحدث سابقا أن تعاملت مع إسرائيلي، إنما كتعامل مع مدنيين يهود لم يسيئوا للمسلمين أو العرب فلا مانع عندي من التعامل معهم، كما عاش الرسول في مدينة واحدة مع اليهود والمسيحيين، ومادام الكتاب والسنة لم يوضحا علي وجه اليقين حرمة التعامل مع المدنيين من غير ديانتي فلا مانع عندي من التعامل معهم علي الإطلاق.

ألاحظ أنك ترجع في حديثك معي كثيرا للكتاب والسنة. هل أنت ملتزم دينيا علي المستوي الشخصي؟
نعم بمعني أني لا أشرب الخمر ولا أفعل الكبائر والموبقات وألتزم بحدود الشرع ، والحرية التي يبيحها، وأحاول أن آخذ الطريق السهل الذي لا يغضب ربنا. ومطالبي بتحقيق السلام لا تعني أني تخليت عن ديني، لأن الإسلام هو دين الرحمة والسلام للناس جميعا.

أنت وجهت دعوة لإحلال السلام لوالدك من خلال الصحافة ما مضمونها؟
في الحقيقة لم تكن لوالدي فقط، بل للزعماء الأوروبيين والرئيس الأمريكي بأن يفكروا جديا في الاجتماع علي طاولة المفاوضات مع والدي، ونصيحتي أن يبحثوا جديا في حل الأزمات التي تحدث من قتل الأبرياء، وذلك بالتحدث مباشرة مع أسامة بن لا دن وإيجاد أرضية وسطي بمشاركة أئمة وعلماء في العالم العربي.

مثل منَْ؟
مثل شيخ الأزهر وعلماء السعودية دون تحديد أسماء.. وبمباركة من الملوك والزعماء والرؤساء العرب.

هل تعتقد أن والدك من الممكن أن يستجيب لمثل هذه الدعوة؟
نعم.. وأنا أقول ذلك لعلمي بوالدي، وبرغبته في إحداث السلام، أعتقد أن ذلك ممكن، خاصة أن والدي طلب هدنة مع أمريكا عدة مرات.

متي حدث ذلك؟
مرارا.. لو تتابع قناة الجزيرة ستتأكد من ذلك. وهو قال إنه علي استعداد لقبول حلول عادلة لا تجحف بالمسلمين.

إذا كان والدك كما تقول، هل تعتقد أن الإدارة الأمريكية من الممكن أن تقبل بهذه المفاوضات؟
أمريكا غير جادة في بحثها عن السلام ولا تريد حدوثه. وأنا أناديها أن تبحث هذا الموضوع.

ما الطريقة المثلي لإيصال هذه الدعوة لوالدك؟
أعتقد أنه لو عرض الزعماء الأوروبيون علي والدي السلام فهو سيستجيب.

أسامة بن لادن قال إن القاعدة لن تتوقف عن مهاجمة الأهداف الأمريكية طالما لم تخرج قواتها من المنطقة.. هل تعتقد أن هناك أرضاً مشتركة يمكن أن يلتقي عليها هذان النقيضان؟
يمكن إذا استجاب كلا الطرفين لطرف وسيط هو الزعماء العرب والأوروبيون والعلماء المسلمين. وإذا سألتني هل حدث هذا قبل ذلك فسأجيبك نعم، فبريطانيا قبلت بالتفاوض مع آدم جراي زعيم الحزب الجمهوري الأيرلندي، وتوصلوا لسلام بعد حرب طويلة، فما المانع من تكرار مثل هذه التجربة؟.

هل تظن أن والدك يمكن أن تنطبق عليه الظروف نفسها؟
أنا لا أشبه والدي بأحد.. فقط أردت القول إن الأوروبيين والأمريكيين مبدأ الحوار عندهم قائم، ونجحوا في حل أزمات من خلاله، فلماذا لا يجلسون مع والدي، ويناقشوا حل الأزمة، بما في ذلك خروجهم من أفغانستان والعراق، هذه مطالب والدي والحكم والفيصل فيها هم أئمة وعلماء المسلمين والزعماء العرب الأجلاء.

أسامة بن لادن وهو صغير مع اشقائة في أوروبا

والدك يوصف اليوم بأنه الإرهابي الأخطر في العالم. فما تعليقك؟
ليست لدي رغبة للإجابة عن السؤال.. نحن عرب ومسلمون، ولم يقل أحد منهم علي والدي هذا الكلام. الذين أثاروه ويرددونه هم الغربيون، ولذلك أفضل أن أجاوبهم في حوارات تجريها معي وسائل إعلامهم الغربية.

لكن المواقف الرسمية لحكومات عربية من بينها مصر والمغرب والجزائر تعتبر تنظيم القاعدة وزعيمه منظمة إرهابية؟
أرفض التعليق.

في قرارة نفسك ماذا تسمي الأعمال التي يقوم بها والدك؟
والدي ليس إرهابيا.. كل واحد له وجهة نظره، هو يعتقد أن ما يقوم به مطابق للكتاب والسنة.. ثم أنا أريد أن تبين لي ما هو معني الإرهاب القانوني.

معك حق. ليس هناك تعريف للإرهاب متفق عليه علي مستوي العالم.. لكن هل تري أن والدك إذا لم يكن إرهابيا، فهل هو صاحب رسالة؟
والله.. أنا أعتقد أن علماء الأزهر هم أهل للإجابة عن هذا السؤال أكثر مني، إنما أنا شخصيا الأمر بالنسبة لي وعلاقة واحد عادي بأبيه، لا أكثر ولا أقل.

كيف تتلقي خطابات والدك التي يبثها عبر الفضائيات؟
لا أتابعها.. نادرا ما أشاهد هذه الخطابات.

دعوتك للسلام هل هي طلب شخصي منك، أم يشاركك فيه آخرون قريبون من الوالد؟
هذا طلب لكثير من الناس، وهو لبعض المقربين من والدي -سابقا- وهو أيضا طلب إنساني بحت.. يا أخي أنا أريد العيش في سلام.

حدثني عن طباع والدك حين كان في مثل سنك كان يشبهك في طريقة لبسك، وسافر مرارا للغرب، فما الذي حول حياته كل هذا التحول؟
غير صحيح إنه كان مثلي في صغره، فهو تزوج مبكرا، كان عنده أقل من 20 سنة، لم يدرس في أمريكا، وهو سافر لها عدة مرات لعلاج أحد أبنائه. وهو طيب جدا. يحب أن يخدم الناس خاصة المسلمين والعرب والحرب الروسية التي كانت بموافقة الدول العربية هي التي صقلت شخصيته النهائية ليبقي كما يقول عن نفسه رافع راية الجهاد والتوحيد.

هل تري أنه لا يزال يرفع الراية نفسها في حروبه الجديدة؟
والله أنا لا أريد الخوض في هذه التفاصيل التي تنطوي علي فتوي دينية، اسأل فيها أهل العلم.

والدك لا يثق في أهل العلم هؤلاء.. وكان يصفهم بعلماء السلطان، إلي من يرجع والدك في معرفة فتاواه؟
هو - كما قلت - يرجع عادة طول حياته للكتاب والسنة، ولا أعتقد أن هناك رأياً فقهياً يمليه علي أحد، لكني أدعوه لاحترام الخلاف الفقهي، وأعتقد أن لديه علماء معه يستفتيهم.

مَنْ مِنْ هؤلاء العلماء له التأثير الأكبر في الفتاوي التي يأخذ بها الشيخ أسامة؟
(صمت).. ما اعرفش.

كثيرون يرون أن أيمن الظواهري وكتابات الشيخ عمر هي مرجعه؟
الله يشفي الشيخ عمر. أظنه مريض الآن.. أنا ليس لي فهم في هذه الأمور السياسية والفقهية، ولا أريد الخوض فيها.

هل الوضع مختلف حاليا في حربه مع أمريكا عن حرب الروس من وجهة نظرك؟
ليس لي رأي في هذا الأمر، وأحبذ دائما الرجوع لأولي الأمر في أي بلد يريد فيها أي مسلم أن يتخذ قرارا ما.. والله يقول «أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم». وأنا أسعي دائما للرجوع لله ولرسوله ولحكومتي في كل هذه الأمور.

ما المنهج البديل الذي تقدمه؟
لا منهج ولاحاجة.. أنا أطالبه بالهدنة لا أكثر ولا أقل.

كيف اتخذت قرارك بالانفصال عن والدك؟
اختلفنا في طريقة التفكير، وهذا كان قراري الشخصي.. ووالدي احترمه.

هل اتخذ أحد من إخوتك القرار نفسه؟
لا تدخل إخوتي في الموضوع من فضلك.

من خلال مخالطتك لأيمن الظواهري كيف تصف علاقته بالشيخ أسامة بن لادن؟
ليس لدي أكثر مما تراه في التليفزيون. وأنا لم أخالطه كثيرا، لا أقدر إلا أن أقول إنه صديق حميم لوالدي، وليس مناسبا الآن أن أتكلم في أشياء وتفاصيل لم يحن وقتها بعد. ثم إذا أردت أن تعرف أيمن الظواهري أكثر فاسأل عنه إخوته المقيمين في المعادي.

هل سبق لك أن قابلتهم؟
لا.. ولكن الدنيا كلها تعرف أنهم يسكنون في المعادي، وهم أدري الناس به.

كيف كان خروجك من أفغانستان؟
لا أريد أن أفتح هذه الصفحة، كانت أياماً.. وخلت بحلوها ومرها وتمت بترتيبات لا أود الحديث عنها.

ما شعورك لو تم إلقاء القبض علي والدك؟
سوف أحزن بالطبع.. في النهاية هو والدي.. ما شعورك أنت لو كنت في مكاني، أنا أحبه بالرغم من اختلافي معه.

ما قصة سباق الخيول التي تنوي تنظيمه؟
أردت أن ألفت أنظار العالم بمبادرة أضع يدي فيها مع أي مسؤول أو مدني يريد أن يجلب السلام للعالم. ولذلك أعلنت عن نيتي أنا وزوجتي تنظيم سباق تحمل وقدرة للخيول، يبدأ من القاهرة وينتهي بالمغرب وكلمت بعض السلطات في مصر والدول الأخري.

ما شعار هذا السباق؟
اسمه شعوب السلام.. وأدعو له كل محبي السلام.. وسأبدأ في تنفيذ إجراءاته متي ما جاءتني الموافقة من الجهات المعنية.

هل وجهت دعوات لأندية أخري للخيول لمشاركتك؟
أنا أدعو الجميع عبر وسائل الإعلام للمشاركة في هذه الفعالية.

هل فكرت في مقابلة والدك وعرض هذه الأفكار عليه؟
نعم.. وأنا علي استعداد تام إذا وافقت حكومتي. «ولكل حدث حديث.. ولكل موطن عبرة».

بهذه الجملة التي ربما اقتبسها من أحاديث والده أنهي عمر حواره.. لكن عشرات الأسئلة لم يفصح عنها وإن كان الرأي العام يبحث عن إجابات لها، لكنه قرر أن يحتفظ بحقه في الإجابة عنها في وقت آخر..