الطبق الرئيسي .. هل في طريقه إلى الاندثار؟

الطبق الرئيسي الذي كان دائما جوهرة المطاعم الاميركية اختفى، ربما لم يحن الوقت بعد لكتابة مرثية الطبق الرئيسي ولكن في عدد من المدن الكبرى مثل نيويورك وسان فرانسيسكو وشيكاغو تتعرض الوجبة الرئيسية لهجمات.


وبالرغم من ان مشاكل الطبق الرئيسي بدأت في التسعينات عندما بدأت ظاهرة انتشار الاطباق الصغيرة وسط قائمة الطعام الاميركية التقليدية الا ان الهجوم اصبح اكثر خطورة في الاونة الاخير. فظاهرة الاطباق الخفيفة تهاجم الطبق الرئيس. بينما تزايد انتشار اطباق الاجبان. والمشهيات بدأت تتزايد وسط قوائم الطعام. والأطباق الجانبية والسلطات المدعومة بالمواد الموسمية تعلن وجودها هي الاخرى.

ولكن اخطر التهديدات تأتي من الزبائن انفسهم الذين يبدو انهم فقدوا الاهتمام بالأطباق الرئيسية المليئة بالبروتينات.

وقال الشيف توم كوتشيو «اعتقد ان الطبق الرئيسي يواجه المشاكل منذ فترة طويلة. تناول طبق رئيسي يشعرك بالملل لتناول نفس الطبق وهو امر ممل». وهذا هو السبب جزئيا في ابتعاده عن قائمة الطعام التقليدية المكونة من المشهيات ثم الطبق الرئيسي تعقبها الحلوى في مطعم غرامرسي تافرن عندما افتتح مطعم كرافت عام 2001.

وواحد من اهم المطاعم في نيويورك التي حولت قائمة الطعام الى قائمة طويلة من البروتينات والأطباق والصلصات التي يتم مزجها لتصبح وجبة عائلية الطابع.

وفي المطاعم الجديدة يتم وضع الاطباق الرئيسية جانبا. ففي ويست فيلدج يمكن للزبائن في مطعم سبوتيت بيغ الاختيار بين اكثر من دستين من الاطباق تحت قائمة اطباق خفيفة وجانبية، ولكن قائمة الطعام الرئيسية تضم خمسة اطباق فقط. كما ان ربع الوجبات فقط التي يطلبها الناس في مطعم بوكيريا هي اطباق رئيسية.

وفي مطعم غيما، الذي بدأ عمله في فصل الصيف في بوري، تضم قائمة الطعام الكثير من الوجبات المطهية والمشهيات واللحوم والخبز المحمص بزيت الزيتون، بحيث ان الاطباق الرئيسية تحتل مساحة لا تزيد على بوصتين ونصف البوصة في ذيل قائمة طعام يصل طولها الى 14 بوصة.

والاتجاه الجديد يمثل تحدياً حتى لخبراء للزبائن القدامى الذين يحاولون الاختيار من قوائم الطعام الجديدة. وتقول جيل غرين، ناقدة الطعام المقيمة في نيويورك «لم نختبر الاطباق الرئيسية في ديفينو» فبعدما يطلبون كل انواع الاكلات التي يريدون اختيارها لا يعد في امكانهم تناول الوجبة الرئيسية.

وقد تخلت بعض المطاعم الاخرى عن قسم الاطباق الرئيسية على الاطلاق. فالزبائن الذين يزورن مطعم جين جورج لتناول الغداء يختارون طبقين من قائمة تضم 20 طبقا مقابل 28 دولارا. أما قائمة الطعام في ميز، وهو مطعم غوردون رمزي في فندق لندن في مانهاتن فيختارون من قائمة طويلة تتراوح في السعر من 12 دولارا الى 18 دولارا بدون الاشارة الى ما هو الافضل كوجبة رئيسية او مشهيات.

لماذا يتعرض الطبق الرئيسي لخطر الاندثار؟
واحدة من النظريات هي ان الناس يفضلون تنويع عالمهم. فقوائم الاغاني في ايبود حلت محل الالبومات على سبيل المثال.

ويقول الطاهي ماريو باتالي «فكرة تناول طبقين فقط فكرة مملة وليست الطريقة التي اود تناول طعامي بها»، وقد الغى قائمة الطعام الرئيسية من اثنين من مطاعمه في نيويورك.

وقال اندرو فريمان، وهو اخصائي في المطاعم في سان فرانسيسكو، ان الزبائن الذين يرون المواد الجديدة المستخدمة في معارض الطعام في المدونات على الانترنت يريدون تذوقها بدون الالتزام بشراء طبق رئيسي. بينما يشعر الشباب بالراحة عندما يطلبون المشهيات بدلا من الطبق الرئيسي بما تحتويه من المواد الدهنية.

كما ان المؤثرات القادمة من الخارج اثرت على الذوق العام، فمزيد من التعرض للمازة وديم سام وسوشي وتابا غيرت كيف يفكر الاميركيون في بنية الطعام. ونتيجة لذلك، يشعر الطهاة بالحرية في التخلص من النموذج الفرنسي التقليدي لتناول الطعام بتقديم اطباق صغيرة ذات مذاق دولي مثلما تقول ايف فيلدر، وهي العميدة المشاركة لمعهد الطعام الاميركي.

ويوضح بول فريدمان استاذ التاريخ في جامعة ييل ورئيس تحرير كتاب جديد بعنوان «الطعام: تاريخ التذوق» انه من الصعب تخيل فترة تاريخية كان فيها الطبق الرئيسي هو الشيء الطبيعي، فإن ذلك يعود الى ما يتراوح بين 75 الى 80 سنة.

فالتقليد الفيكتوري بتناول وجبة متعددة الكورسات مكونة من رأس عجل بالاضافة الى لحم بقري وقطعة من لحم الغزلان بالاضافة الى السمك وعشرات من الاكلات المصاحبة، اختفى بعد نهاية الحرب العالمية الاولى. واضاف «في بدايات القرن العشرين ظهر مطبخ اقل ثراء، ولم يعد هناك وقت كاف للطهو» واشار الى ان اميركا المعاصرة كانت تحب دائما مفهوم الاطباق المتعددة.

وبالرغم من كل ذلك، فإن التحول يشوش الكثير من الناس. فكثيرا ما يسأل الزبائن النادل عما اذا كانوا قد طلبوا ما يكفي من الطعام. وبالنسبة للنادل والمطابخ، فإن الوجبة بدون الطبق الرئيسي تجعل اعداد الطعام اصعب. ففي موراندي، حيث تتولى جودي وليامز الاشراف على قائمة طعام ذات الكثير من الاطباق الصغيرة ممزوجة بأطباق من لحم الاسيتك لشخصين، تم اعادة تصميم الكومبيوتر لكي يتناسب مع تدفق الاطباق الصغيرة.

وفي سوق «سباسي ماركيت» حيث يقدم الطعام بطريقة اسرية في عدد من الاحجام المختلفة، يطلب الناس في المتوسط ما يقرب من ثلاثة اطباق ونصف الطبق، كما يقول جين جورج فونغريشتين. ويوضح انه في يوم مزدحم عندما يدخل المطعم ما يقرب من الف شخص، يعني ذلك ان العاملين عليهم اعداد 3500 طبق صغير.

وبالرغم من كل ذلك، فلا يزال هناك دائما مطاعم «ستيك هاوس»، التي زاد عددها زيادة كبيرة في السنوات الاخيرة. وتقدم قائمة الطعام غير المتغيرة فيها قائمة تواجه الاتجاه الجديد بالتخلي عن الطبق الرئيسي.

ويقول مايكل الطاهي المقيم في سان فرانسيسكو إن الاطباق الصغيرة المتضمنة في طبق رئيس، هي استجابة للاتجاهين. فقد افتتح لتوه مطعم «ستريبستيك» في لاس فيغاس وينوي افتتاح مطعم آخر في سان فرانسيسكو لن يكون فيه طبق رئيسي بل 25 طبقا مقسمة على خمسة انواع .