ماهو اضطراب الهيئة النفسي وهل أنت مصاب به؟

هل سمعت من قبل عن ديسمورفيا الجسد؟ وتعرف أيضا باضطراب تشوهات الجسد أو اضطراب الهيئة النفسي، وهو مرض عقلي حاد الذي يعاني منه لا يستطيع التوقف عن التفكير في العيوب أو التشوهات الجسدية لديه، وقد تكون تلك العيوب حقيقية أو مجرد تخيل، وفي كلتا الحالتين يشعر المريض بالخجل من جسده لدرجة تجعله يفقد الثقة في نفسه تماما.

 

وهناك بعض المشاهير ومن بينهم "تالولاه ويليس" ( الإبنة الصغرى للنجمين بروس ويليس وديمي مور) التي صرحت في أغسطس من عام 2014 من خلال فيديو بأنها كانت تعاني من مشكلة ديسمورفيا أو تشوه البنية وذلك منذ سنوات.

 

اضطراب تشوه الجسم أو اضطراب الهيئة النفسي ليس مشكلة غذائية، فطبقا لما أقره دليل التشخيص الإحصائي للاضطرابات النفسية تصنف هذه المشكلة الخاصة بتشوهات الجسم على أنها تندرج تحت أنواع الوسواس القهري، فما تتضمنه من تصرفات لايرتبط بعمل تغيرات جسدية أو حتى الخضوع لنظام غذائي قاسي ولا حتى عن العيوب الجسدية، إنما هي عن السلوك القهري المتكرر، فليس بالضرورة أن يكون لدى من يعاني من اضطراب الهيئة النفسي اضطرابا غذائيا أو مشكلة مع الطعام بشكل عام.

 

ينظر كل شخص في المرآة ويتمنى لو كان بمقدوره أن يغير بعض الأشياء، المقصود أن بعضنا تمنى لو كان يملك بطنا مستوية نحيلة أو ثدي أكبر حجما أو حتى ذقن مختلفة الشكل، فرغم أنك بوجه عام لن تفكري في نفس الأشياء كل يوم، فأنت تمزحين بشأنها مع أصدقائك وبالطبع لن تحلمي بأن يكون لديك أنف جديدة على سبيل المثال، هذا بالنسبة للشخص العادي، لكن الشخص الذي يعاني من اضطراب الهيئة النفسي لا يستطيع التوقف عن التفكير في تلك العيوب الموجودة في جسمه مهما صغرت أو كبرت وينتج عن ذلك تأثير سلبي في كل شيء بحياته، فهو لا يقوم بعمله بشكل طبيعي، ولا يستطيع تحسينه ولا حتى بتلقي الكثير من المجاملات يمكن أن يغير رأيه في نفسه.

 

تشوهات الجسم أو اضطراب الهيئة النفسي يمكن أن يظهر من تلقاء نفسه، أو يمكن أن يصحبه توتر واكتئاب، حيث يشعر المصابون بهذه المشكلة شعورا انتحاريا أو يقومون بمحاولات للانتحار بسبب مظهرهم الخارجي، فهم يقضون الكثير من الوقت لتجنب رؤية الناس أو محاولة إخفاء ما لديهم من عيوب جسدية، وأحيانا يتم تشخيص مشكلة اضطرابات الهيئة بطريقة خاطئة كاضطراب أو توتر اجتماعي أو فوبيا اجتماعية لأن أعراضه شديدة للغاية.

 

لم يتوصل الخبراء بشكل مؤكد لماذا يعاني بعض الناس من هذه المشكلة، فقد تكون ناشئة عن تشوهات في بنية المخ، مما يجعل مشكلة تشوهات الهيئة شيء جيني لأنها أكثر شيوعا بين الناس الذين يعانون من هذه الحالة إذا كان هناك أفراد من أسرهم يعانون منها أيضا.

 

لذلك يمكن أن تتأثر بالبيئة التي يعيش الشخص بها، فمثلا إذا عانيت من خبرات سلبية نتج عنها انخفاض في روحك المعنوية، واعلم أنها قد تؤدي في نهاية المطاف إلى مشكلة الديسمورفيا وهي اضطراب الهيئة النفسي، وتعتقد ابنة بروس ويليس أنها عانت من تلك المشكلة النفسية بسبب الأخبار التي تنشر عنها على مواقع الإنترنت والجرائد والتي نشرت قبحها في الشكل أو انتقاد لملابسها، ومن الأسباب الشائعة الأخرى لهذه المشكلة النفسية ما يمارسه الآخرون من ضغوط اجتماعية حتى يظهر الشخص بإطلالة أو شكل معين.

 

لا تعتبر المعاناة من اضطراب شذوذ الهيئة نهاية العالم، فبمجرد تشخيص الحالة يكون أمام المريض سلسلة من المساعدات للسيطرة عليها وأغلبها مساعدات ناجحة طالما لدى المريض استعداد للعلاج وقبول ما يقدم له من مساعدة، وغالبا يشتمل العلاج على مثبطات السيروتونين المعالجة للاكتئاب وبالمثل مع الوسواس والتصرفات القهرية مع جلسات علاجية لتتعلم كيف تتعامل مع أفكارك السلبية وتتحكم في تصرفاتك أوعاداتك.

 

يمثل اضطراب الديسمورفيا ويعني اضطراب الهيئة النفسي شيئا أكبر من مجرد كراهية الشخص لجزء من جسده، لأنه يسيطر على حياة الشخص بالكامل، فمثلا ربما تكرهين ثدييك، وتقولين ذلك صراحة وأنك تشعرين بالإحراج منهما، وتحاولين إخفائهما طوال الوقت.. هذا نوع من التصرفات، وهناك نوع آخر يقوم به الشخص في ارتداء كل شيء والتصرف بطريقة عادية رغم كرهها لثدييها، لكن إن كان الشخص يعاني من اضطراب الهيئة النفسي لن يظهر هذا الجزء من جسده أبدا مهما حدث، والتأكد من تغطيته تماما بعدة طبقات من الملابس ويكون لديه قلق مستمر من أن يرى الناس هذا العيب أو ينقدونه.

 

وكلما أتيحت له الفرصة يظل يحملق على هذا العيب ويفكر فيه لدقائق قليلة ولا يحاول نسيانه أبدا، فإذا وصلت مشاعرك إلى هذا الحد عن أي شيء فأنت تعاني من اضطراب الهيئة النفسي.

 

إذا كان هناك شخص من أفراد أسرتك يعاني من الديسمورفيا أو اضطراب الهيئة النفسي، فهناك أشياء يمكنك القيام بها لمساعدته، ولكي تبدأ بها عليك مقاومة الرغبة في مدح جزء الجسم الذي يسبب إزعاجا لهذا الشخص، فهذا المرض النفسي يشعر الشخص باستحالة إعادة هذا الجزء من جسده إلى شكله الطبيعي أو أنه بخير، وببساطة لن يستطيع تصديقك إذا حاولت مجاملته، ورغم ذلك يمكنك المساعدة.

 

وتكون مساعدته لك بأن تبقى على تواصل معه وتخطط للقيام ببعض الأنشطة التي تساعده على التغلب على هذه الأفكار السلبية معه، فحتى إذا لم تنجح في العلاج فأنت على الأقل ستخفف من حالة الاكتئاب التي تصيبه، وبإمكانك أيضا التحدث معه عن العلاج أو الدواء إذا كانت لديه رغبة في ذلك، وإقناعه أنه ليس مضطرا للتظاهر بأنه سعيد طوال الوقت وأن يتصرف بطبيعته.